-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كلنا نعلم مدى أاهمية الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى المملكة العربية السعودية . ومدى أهميتها خصوصا للسعودية بعد إنقطاع دام فترات طويلة ...
فبحثت لعلي أجد مايهم القارئ على تلك الفترات وما هي مسبباتها وأحداثها ..
قام فلاديمير بوتين بزيارة تاريخية يوم 11 فبراير / شباط 2007 الى السعودية للقاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز مفتتحاً بذلك صفحة جديدة من العلاقات بعد فترة طويلة من علاقات تأرجحت بين التوافق الخجول والخلاف الجذري .
ويعود الفضل في اعادة تصويب العلاقات بين البلدين الى الملك عبدالله بن عبد العزيز الذي زار موسكو عام 2003 عندما كان ولياً للعهد معبداً بذلك الطريق لسياسة خارجية سعودية جديدة تعتبر ان غناء العلاقات الدولية يكمن في تعددها وتنوعها .
والمعلوم ان العلاقات السعودية ــ الروسية قد بدأت بافتتاح قنصلية في جدة عام 1924، وكان الاتحاد السوفياتي الدولة غير العربية الأولى التي تعلن اعترافها في عام 1926 بأول كيان سعودي سيادي موحد (مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها)، وسلم القنصل السوفياتي آنذاك كريم حكيموف إلى الملك عبد العزيز آل سعود مذكّرة الاعتراف بالسلطة الجديدة
وفي عام 1930 تم تحويل القنصلية السوفياتية في جدة إلى سفارة. وفي عام 1932 زار نائب الملك الأمير فيصل بن عبد العزيز الاتحاد السوفياتي، حيث طلب تقديم مساعدات اقتصادية إلى المملكة، لكن الزعيم السوفياتي جوزف ستالين لم يلب هذا الطلب وعمد فيما بعد إلى استدعاء السفير السوفياتي عام 1938، ولم يتم تعيين بديل عنه حتى عام 1990.
وأزدادت العلاقة تفاقماً بين الرياض وموسكو بسبب تباين المواقف من افغانستان ومن الشيشان .
وشنّت وسائل الإعلام الروسية، التي كان يسيطر على معظمها آنذاك المليارديران اليهوديان فلاديمير غوسينسكي وبوريس بيريزوفسكي، حملة شعواء على المملكة، ووصل الأمر ببعض الصحافيين الروس في نهاية التسعينيات إلى اتهام السفارة السعودية في موسكو بأنها مركز لدعم المتطرفين الإسلاميين في روسيا. واضطرت السفارة من حين لآخر إلى إغلاق المسجد الصغير الملحق بها أمام المصلّين من الدبلوماسيين العرب في العاصمة الروسية.
وعادت العلاقات الى البدء بالتحسن بعد التحول الكبير الذي حصل في المعسكر الأشتراكي بداية تسعينات القرن العشرين .
ولكن وبعد عمليات 11 أيلول 2001 في الولايات المتحدة عادت وساءت العلاقات لأن القيادة الروسية استغلت هذه الحادثة للنيل من الدعم السعودي للشيشان ، وعوّلت موسكو على تغيير الإدارة الأميركية لموقفها من النزاع الشيشاني، ورفعت الصوت عالياً ضد «الإرهاب العالمي»، الذي وقعت ضحيته أميركا. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن خمسة عشر من بين خاطفي الطائرات الأميركية كانوا سعوديين. وكان بوتين من بين القادة الأوائل، الذين عبّروا للرئيس الأميركي جورج بوش عن تعاطفهم واستنكارهم لما حدث. وأرسل وزير خارجيته آنذاك إيغور إيفانوف إلى واشنطن في 19 أيلول 2001.
وأصبح المفكرون الروس يتشككون بجدوى العلاقات مع العالم العربي، وتساءل نائب مدير معهد الاستشراق الروسي أناطولي يغورشين «ما هو الأهم بالنسبة لنا؟ الشرق الأوسط أم أميركا؟ بالطبع، أميركا».
لكن سرعان ما خيّمت خيبة الأمل على أحاديث كبار الموظفين الروس في أروقة الكرملين من مواقف الولايات المتحدة، التي لم تتغير من روسيا بعد 11 أيلول. وهذا ما شكل لروسيا دافعاً لإعادة النظر بسياستها الخاطئة من السعودية فعادت لتغازل الرياض وتمدح موقفها القيادي على المستوى الأقليمي والدولي .
وبنتيجة ذلك قام في الثامن عشر من نيسان / ابريل عام 2002 وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل بزيارة عمل إلى موسكو، تركزت مباحثاته فيها مع نظيره الروسي إيغور إيفانوف على الوضع في المنطقة وفي العراق وفلسطين وسبل تحقيق مبادرة بيروت السعودية بشأن الشرق الأوسط. والتقى سعود الفيصل الرئيس الروسي أيضاً.
وزار الفيصل موسكو مجدداً في الثامن من أيار / مايو عام 2003 للتحضير لزيارة ولي العهد آنذاك الأمير عبد الله إلى روسيا، والتي تمّت في 3 أيلول / سبتمبر 2003. وكتبت في حينه صحيفة «كوميرسانت» الروسية المطلعة أن الجانب السعودي عرض توظيف 200 مليار دولار في الاقتصاد الروسي. وبعد أشهر من ذلك، لبى الرئيس الشيشاني الموالي لموسكو أحمد قديروف دعوة رسمية من الأمير عبد الله، وقام بزيارة مفاجئة إلى الرياض في منتصف كانون الثاني / يناير 2004.
في هذا الوقت، بدأت جهود رئيس غرفة التجارة والصناعة الروسية يفغيني بريماكوف الجبارة لإرساء تعاون اقتصادي جدي بين السعودية وروسيا، تؤتي ثمارها، بعد تأليف مجلس الأعمال الروسي ــ السعودي وعقد أولى جلساته في موسكو في عام 2003، حيث وقعت شركة «لوك أويل» النفطية الروسية في عام 2004 مع السلطات السعودية عقداً حول التنقيب عن الغاز في حقل «أ» في الربع الخالي ومدة سريان مفعوله 40 سنة.
وفي 9 أيلول / سبتمبر 2004، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لصحيفة «فريميا نوفوستي» أن بلاده ترفض «محاولة إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام والعرب». وذكر أن «روسيا تؤكد باستمرار أنْ لا قومية للإرهابيين». وأشاد بدور السعودية في مكافحة الإرهاب.
وزار وزير الخارجية الحالي سيرغي لافروف الرياض في أيار / مايو 2006 للتحضير لزيارة فلاديمير بوتين للرياض، حيث أعلن لافروف أن «مواقف الاتحاد الروسي والولايات المتحدة متطابقة من الناحية الاستراتيجية تجاه غالبية المشكلات، غير أن هناك اختلافات تكتيكية كثيرة، ويرى العرب أن الموقف الروسي هو الأقرب إليهم».
ولتهيئة الأجواء الملائمة للزيارة ولتبديد تهمة التطرف نهائياً، أعلن رئيس هيئة جائزة الملك فيصل العالمية وأمير منطقة عسير السعودية، الأمير خالد الفيصل، في 13 كانون الثاني 2007، أن اللجنة قررت منح جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام إلى رئيس تتارستان منتيمير شايمييف، كما ذكرت صحيفة «عكاظ» السعودية، التي اعتبرت «تتارستان مثالاً للتعايش الاجتماعي السلمي ورمزاً للتسامح».
وقد تطرّق بوتين، في مؤتمره الصحافي السنوي في 1 شباط / فبراير الجاري في موسكو، إلى زيارته المتوقعة إلى السعودية وقطر والأردن، فأشار إلى أن الاهتمام الروسي بمنطقة الشرق الأوسط كان دائماً كبيرا،ً وعلاقات روسيا معها تاريخية.