طالبوا بفتح ملف المخالفات ليتمكنوا من مقاضاة المسؤولين والحصول على تعويضات
سعوديون:تعليق تداول الشركات الخاسرة إجراء مبتور ويخلق سوق سوداء للأسهم
فيما يخيم شبح الشركات الخاسرة على الأجواء في سوق الأسهم السعودية وتزداد احتمالات انضمام بعضها إلى قائمة "المعلقات" -أي تعليق تداول أسهمها - طالب مستثمرون سعوديون هيئة السوق المالية وجميع الجهات المعنية بالانتقال من مجرد "التعليق" إلى "التحقيق" لكشف ما إذا كانت هذه الخسائر مصحوبة بمخالفات أم لا ، معتبرين أن "التعليق" بحد ذاته لا يمكن أن يكون سبيلا "لإحقاق حقوق المساهمين"، وأن فتح ملفات "التحقيق" هو الذي يستطيع أن يكشف مدى مسؤولية بعض الإدارات عن خسائر شركاتها، ويمنح المساهمين فرصة المطالبة بالتعويضات المناسبة.وفي الوقت ذاته سادت مخاوف من ظهور سوق سوداء لأسهم الشركات المعلقة .
فرص التعويض
وقال المحامي عبد الرحمن الجنوبي من مكتب المقبل للاستشارات بعد أن استطلعت "الأسواق.نت" رأيه كخبير قانوني في مطالب التعويض المفترضة "أن خسارة شركة ما لا تعد مسوغا للادعاء على إدارتها، ما لم يثبت أن هذه الإدارة ارتكبت مخالفة جنائية أدت إلى هذه الخسارة، مشيرا إلى أن عدم ثبوت الدعوى العامة (الجنائية)، يغلق الطريق أمام أي دعوى تعويض (مدنية)، وفقا للقاعدة التي تقول إن الجنائي يقيد المدني.
ورأى الجنوبي أن هيئة سوق المال وعبر لجنة فصل المنازعات في الأوراق المالية بمستوييها الابتدائي والأعلى، هي المخولة في تحريك دعوى ضد أي مجلس إدارة من شركات السوق، أو قبول طلبات الدعاوى العامة من المساهمين والنظر فيها، نافيا أن يكون لوزارة التجارة أي اختصاص في هذا المجال.
أما بخصوص الضرر اللاحق بالمساهمين من جراء إيقاف التداول على شركات يمتلكون فيها حصصا، فقال الجنوبي أن نظام هيئة السوق أعطاها سلطة رقابية عامة وغير مقيدة في موضوع تعليق التداول وهذا عيب من عيوب النظام الذي لم يسم حالات بعينها تستدعي تطبيق هذه العقوبة، لافتا أن دعوى التعويض من الضرر جراء تعليق التداول، يجب أن يسبقها طلب برفع عقوبة الإيقاف أولا.
سمك في بحر
وفي موضوع ذي صلة قال رئيس شركة الإدارة والتطوير محمد الضحيان إن نشوء سوق سوداء لتداول الأسهم المعلقة هو احتمال وارد، لكنه لا يبرر لنا أن نحمل هيئة السوق وزره، لأنها أدت واجبها ضمن الصلاحيات المعطاة لها، قائلا إن الكرة هي في ملعب المستثمرين، فمن أراد منهم "شراء سمك في بحر" والدخول في معاملات غير شرعية فإن عليه تحمل تبعات تصرفه كاملة.
وشدد الضحيان على أن قرارات التعليق التي اتخذتها الهيئة هي قرارات صحية لا غبار على فائدتها للسوق، مضيفا أن نصوص تلك القرارات واضحة في ربط عودة التداول بزوال سبب التعليق، ومن هنا فلا داعي للنقاش في طول فترة التعليق أو قصرها وما قد يلحقه من خسائر بالمساهمين، كون هؤلاء هم الذين اختاروا شراء أسهم لا تساوي واحد أو اثنين بالمئة من قيمتها الدفترية، معرضين عن قراءة الميزانيات والتدقيق في القوائم المالية لأي شركة قبل اتخاذ قرار الاستثمار فيها، وفقا للضحيان.
السيف المصلت
التدقيق لا يجب أن يقتصر على الشركات الخاسرة، وإنما ينبغي أن يكون مبدأ ثابتا تطبقه الهيئة على نتائج جميع الشركات بكل حزم وصرامة، لأن الذي يتلاعب في الخسائر فيحولها إلى أرباح أو يقلصها، هو كالذي يضخم الأرباح أو يضيف إليها ما ليس منها أصلا
المستثمر محمد فرج
من جهتهم وصف مستثمرون سعوديون تعليق التداول على الشركات الخاسرة بأنه "إجراء مبتور"، فقد أضر بمساهمي هذه الشركات من جهة، وترك المسؤولين عن خسائرها خارج دائرة المساءلة من جهة أخرى، مبدين قلقهم مما أسموه "سيف التعليق المصلت على رقاب الشركات" والذي قد يدفع بعض إدارات الشركات "للتدخل المكشوف" في القوائم المالية، تجنبا لعقوبة التعليق، وذلك بتعديل الخسائر إلى أرباح عبر بيع بعض الموجودات والممتلكات، ما يضر في النهاية بمصالح المساهمين.
ورأى بعض من التقتهم "الأسواق.نت" أن هذا الاتجاه أخذ فعلا في التبلور، ضاربين مثلا بإحدى الشركات التي ضاعفت أرباحها المتواضعة عبر بيعها لأحد ممتلكاتها، ومعتبرين ذلك نوعا من "الهروب للأمام" ينبغي على هيئة السوق أن تضع حدا له.
وقال المستثمر بدر العمر إن صدور قرار بتعليق بعض الشركات لأجل غير مسمى، فتح على المستثمرين أبوابا جديدة من الشائعات، كان أشدها تلك الشائعات التي بدأت تروج لتعليق أكثر من شركة وكأنه بات أمرا واقعا، وتحت هذا الضغط حصل "هروب جماعي" من بعض الشركات، لابد أن البعض أحسن استغلاله لمصالحه الخاصة، وأشار العمر إلى نوع آخر من شائعات التلاعب بالأعصاب والتي تتحدث عن مصير الشركتين المعلقتين، وتترواح بين من يجزم بأنها ستحل، ومن يؤكد بأنها ستنهض بشكل قوي.
وتساءل المستثمر طلال العسكر لماذا لا تفتح الجهات المعنية بالسوق تحقيقا في ملف الشركات المتعثرة، تضع فيه النقاط على الحروف، وتثبت فيه للمستثمرين سعيها الحثيث لتطبيق الشفافية بأجلى صورها، كما تقطع من خلاله كل الأقاويل التي تثور حول بعض الشركات، منبها إلى أن هذه الخطوة بالذات هي في مصلحة مجالس إدارات عديدة تتعرض خلال هذه الفترة لوابل من الاتهامات الظنية حسب قول العسكر، الذي لم يستبعد أن تُستغل هذه الأجواء لتصفية الحسابات بين مضاربي بعض الشركات.
أما المستثمر محمد فرج فقال إن التدقيق لا يجب أن يقتصر على الشركات الخاسرة، وإنما ينبغي أن يكون مبدأ ثابتا تطبقه الهيئة على نتائج جميع الشركات بكل حزم وصرامة، لأن الذي يتلاعب في الخسائر فيحولها إلى أرباح أو يقلصها، هو كالذي يضخم الأرباح أو يضيف إليها ما ليس منها أصلا، لافتا بأن تفاقم أزمة الشركات المتعثرة ووصول بعضها إلى التعليق يشير بكل وضوح إلى حجم التقصير والتساهل في التدقيق على نتائج معظم الشركات، ما شجعها على إصدار بيانات مشوشة وعائمة عن أرباحها فيما مضى، بعكس التفصيل الذي بات المستثمرون يشهدونه في الإعلانات الأخيرة، لاسيما المتعلقة منها بنتائج الربع الرابع للعام الماضي 2006.