اليوم الالكتروني
الأحد 1427-09-09هـ الموافق 2006-10-01م العدد 12161 السنة الأربعون
عبدالرحمن الشهيب
تباكى وزير العمل غازي القصيبي على أوضاع السائق الأجنبي في السعودية في لقائه مع ريما الشامخ في قناة الإخبارية واسماه الرقيق الأبيض وتوعد بتحسين أوضاعه! في الوقت الذي التففنا فيه حول التلفزيون لنستمع إلى عزاء وزيرنا المحبوب سابقاً للسعوديين والسعوديات العاملين في القطاع الخاص
.
هذا السائق الأجنبي الذي تباكى عليه معاليه ووعد بتحسين أوضاعه، يأتينا لا يفك الحرف ويسكن في غرفة مكيفة (محفول مكفول مأكل شارب نايم) ويصل راتبه أحياناً إلى 1200ريال سعودي ويعتبر ثروة في بلاده هذا غير الشرهات والصدقات، وترافقه السكن أحياناً زوجته، وتذاكر كل سنتين عودة لبلاده، أعترف بأنه أحياناً تكون فيه تجاوزات ولكنها ليست القاعدة، بينما أبناؤنا وبناتنا يحملون احيانا شهادة جامعية مما يعني أنهم أمضوا ستة عشر عاماً من الكد والجهد وفي النهاية رواتب زهيدة وسوء معاملة ولا وزير يتباكى عليهم!
يا ليت معاليه تباكى على حراس الأمن السعوديين في القطاع الخاص الذين يعملون الساعات الطوال برواتب بخسة وبلا أدنى حقوق وقد يحرسون بنوك أرباحها تنوء بها الجبال ويكون الحارس تابعا لشركة تشغيل تؤخر راتبه الى ثلاثة شهور، ياليت معاليه تباكى على بناتنا المعلمات في المدارس الأهلية خصوصاً رياض الأطفال اللاتي كدحن ستة عشر عاماً من الكد والجهد وانتهين براتب لا يختلف كثيراً عن راتب السائق الأجنبي الذي لا يفك الحرف بالإضافة إلى تكفلهن بمصاريف تأثيث فصولهن والصرف اليومي على الوسائل التعليمية التي لا تدفع منها المدارس الأهلية شيئا بالإضافة إلى سوء سلوك المشرفات اللاتي لا يتورعن عن شتيمة المعلمات بكلمات مثل « تسمموا» على وجبة الإفطار! غير اجتماعات يوم الخميس وغير المرابطة في المدرسة إلى أوقات متأخرة في الليل في أيام احتفالات التخرج والمناسبات الأخرى ولا وزارة عمل ولا تربية وتعليم ولا حقوق إنسان، هل يريد معاليه أن يبكي أم أزيد! أهذا هو الرقيق الأبيض أم الأسود؟ تشابه الرقيق علينا!
الغريب أن قطة قناة الإخبارية والمشاغبة ريما الشامخ تحولت إلى طفل بليد في هذا اللقاء الذي يتلو الأسئلة على معلمه، الطامة الكبرى حديث معاليه عن رواياته في وقت كنا فيه في أمس الحاجة إلى مسح عثرات الكرام من البنين والبنات الذين اضطرتهم الظروف إلى العمل في قطاع خاص لا يرحم أو عدم العثور على عمل أصلاً.
وليس صحيحاً كلام معاليه بأن الحد الأدنى من الأجور سيزيد رواتب الأجانب وبالتالي سيضاعف تحويلات الأجانب للخارج من 60 مليارا إلى 240 مليار ريال في السنة! لسبب بسيط وهو أنه لو وصل راتب المعلمة/ المعلم 4000 ريال على اعتبار فرضية أن الحد الأدنى للأجور 10 ريالات في الساعة، فستسعود المدارس الأهلية في ثاني يوم! علماً بأن السعودي لا تصرف له مصاريف سفر ولا سكن، لا أدري إن كان معاليه يدري أو تلك أعظم! ولسبب بسيط آخر أن هناك معلمات سعوديات في المدارس الأهلية لا يجنين من عملهن شيئا سوى الهروب من شبح الفراغ!
وفي لقائه مع مجلة «هي» عدد سبتمبر 2006م قال القصيبي « البطالة ستكون ذكرى للتاريخ لدى السعوديين» وهذا التصريح يذكرني بتصريحات السياسيين العرب في الستينات! دول عظمى مثل ألمانيا وفرنسا وأمريكا تعاني البطالة حيث تصل في فرنسا 10 بالمائة وفي ألمانيا رابع اقتصاد في العالم الى 8 بالمائة مع أن أوروبا ملزمة بتوظيف مواطنيها أو إعاشتهم.
لا أحد في العالم يستهين بالبطالة، ومع تطور تقنيات الحاسب الآلي الهائلة والاستغناء الكبير عن الموظفين كل يوم في أمريكا وباقي العالم، كل هذه مؤشرات شؤم بأن المستقبل في العالم هو للبطالة، الآن خطوط الطيران في العالم قدمت مكائن آلية لجميع خدماتها مما لا يجعل هناك داعيا للموظفين في المستقبل، أماكن بيع التذاكر في السينما ،في الملاعب في كل مكان ستصبح آلية، الفاتورة التي كان يعمل عليها خمسون محاسباً الآن مع تقنيات نظام الساب أصبح يعمل عليها محاسب واحد، الرسم الهندسي الذي كان يعمل عليه خمسون مهندساً أصبح الآن بتقنيات الحاسب الآلي يحتاج إلى مهندس واحد.
غازي يا من أحببناك وزيراً للصناعة والكهرباء والصحة لن ننسى عطاءاتك للوطن ماحيينا، أعذرنا لو أتى عتابنا قاسياً هذا ليس إلا لأننا نحبك أكثر مما تتصور، وبدون خط ساخن لوزارة العمل تسمع فيه شكاوى أبنائنا وبناتنا العاملين في القطاع الخاص وبدون حد أدنى للأجور لن تكون هناك سعودة، ختاماً يقول نيتشة « الطريق إلى الجحيم مليء بالنوايا الطيبة» وسامحونا
تحياتي لكم ,,,