ومعنى ذلك أن تتعرف على مواهبك التي منحك الله فتوظفها في بابها سواء علما أو عملا أو مهنة والناس أجناس فحق على العاقل أن يمهر فيما يجيد ومن يلاحظ حياة أصحاب الرسول
صلى الله عليه وسلم يجد أن كل واحد منهم أجاد في بابه فأبو بكر ضرب في كل غنيمة بسهم ولكنه برز في الخلافة والقيادة مع العدل والزهد والأخلاص والصدق.
وعمر قوي في ذات الله شديد على أعدائه عادل في حكمه وعثمان رحيم شفوق ذو تهجد وصدقات وبر وحياء ورقة وعلي شجاع صارم وخطيب نجيب فقيه وأبي سيد القراء ومعاذ بن
جبل إمام العلماء وخالد رمز الابطال وابن عباس ترجمان القران وزيد بن ثابت كبير علماء الفرائض وابو هريرة شيخ الرواة وهكذا .
فاكتسب معارفك بنفسك بمهارتك وتجاربك ومزاولتك للاعمال ومباشرتك للحياة .
إن الكتب تلقن الحكمة لكنها لاتخرج حكماء وإن الذين امتازوا في العلوم والفنون لم يتعلموا في المدارس فحسب بل تعلموا في مدرسة الحياة . إن كتابا في فن السباحة يعطي مفاتيح
في هذا الباب لكن لايمنع الجاهل بالسباحة من الغرق لكن أفضل طريقة أن يهبط إلى البحر ليتعلم فيه مباشرة ومثله الخطيب البارع فإنه لم يمهر ويتميز لأنه قرأ مجلدات في فن الخطابة بل لأنه
صعد المنابر وأخطأ وأصاب وفشل ونجح وجرب وتدرب حتى بلغ الغاية في هذه الموهبة . فإذا أردت البراعة في أي عمل أو موهبة فاغمس نفسك فيه وانصهر في معاناته واحترق
في حبه والشغف به إلى درجة العشق وللناس فيما يعشقون مذاهب فلا تظن أن النجاح سوف يقدم لك هبة على طبق من ذهب لكن النجاح الغالي هو ماحصل بجهد وعرق ومشقة
وسهر وتعب وتضحية وفداء فعليك بطريق التعب حتى تصل وإياك ثم إياك والكسل والتواني والتسويف والأماني فإنها رؤوس أموال المفاليس إن الله يحب المجاهدين ويكره العجزة
الفاشلين وإن الذ خبز هو ماحصل بعد عرق جبين وإن أهنأ نوم ماكان بعد تعب وإن أحسن شبع ماسبقه جوع وإن الورد لايفوح حتى يعرق وإن العود لايزكو حتى يحترق .