أشهر القصص في حماية الدخيل.
وهو أحد انواع الجوار الا أن الغرض منه حماية المجار من الضرر ؛ مع المعرفة المسبقه
بذلك من كلا الطرفين المجير والمجار من خطر محدق بالمجار (الدخيل) .
باختصار الدخيل : هو الطريد بسبب جرم ارتكبه .
وقد يكون هذا الدخيل .. دخيل حق .. كمن أخذ بثأر ابيه ... مثلا ً ,
أو دخيل عق ... أي اعتدى على أحد بالقتل او ماشابه بدون وجه حق
وهذا لاتـدخله الا الحمولة الكبيرة والقوية.
وعلى المجير ( المدخل ) أن يحمي من هو في جوارة ( الدخيل) بنفسه وماله
وولده وبأعز مايملك .
فان رأى الدخيل أن مجيره لايستطيع الدفاع عنه يعني على بلاطه .. ماحولك أحد ...!!
يقوله : " انفض عني " ..!!
هنا يتركه ويستجير بغيره ممن يقدرعلى حمايته... فيدخله في حماه .. فيصبح
دخيله..!! .. وعليه حق حمايته..!!
وكيفية الدخالة أنواع منها :
1) - دخالة ساعة ، وهي عندما يحضر رجلاً ما عراك ،
فيلوذ به أحد المتخاصمين , ويقول له ( أنا بوجهك ) فيلزمه أن ينصره حتى
يبلغ مأمنه, وعادة ً لايتعرضون للذي يدخل ويستجير بأحد ٍ منهم.
ومن أشهر القصص في هذا الصدد : قصة محمد بن مهلهل الشعلان .
كان على ابن مهلهل دم بسبب قتله لأحد ابناء عشيرته .. فجلا عن قومه ( أي رحل عن قومه بعيدا ً )
مده طويله من الزمن عند احدى القبائل المجاورة , ثم أن اهل القتيل سامحوه
ورضوا بالديه .. فعاد فرحا ً مشتاقا ً الى أهله بعد طول غياب ....
ويوم وصل لمشارف قبيلته شاف ظول( الظول او الظلاله هم الجماعه من الناس ) عند مارد الما .
ويسمع اصواتهم عالية فتوجه لهم ..... يبي يشوف وش عندهم بدافع الفضول ؟
ويوم قرب لقى ناس متهاوشين ..!!
وهم يجونه اثنين منهم يركضون واحد يطرد الثاني؟
ويوم وصله الاول قاله : بوجهك تراني بوجهك يارجل!؟
وهو يصير ورى ابن مهلهل ويحتمي به؟
وجا الثاني معه سيف يبي يذبحه ..؟
قاله ابن مهلهل : دخيلي يارجل ... عين خير دخيلي؟
لكن هذاك جاي ذبــّــاح؟ وماطاع يبي يضرب دخيله من وراه!؟
وهو يسل ابن مهلهل سيفه وهو يقتله ..دفاعا ً عن دخيله..؟!
وهو يرجع مع اثره...!!
جلا عن ربعه وتغرب مره ثانيه!؟
وقال هالقصيده الجميلة اللي اخذت اصداء واسعه في وقتها :
يــامـن لـقـلـب ٍ كـل هم ٍ يمسـه ::: مـس الـحبال مهاوزات الأظـــلــه
ولي عجوزٍ كل حين ٍ تعسـه ::: حـتـى سـفـيـه الـعـرب جـايـز ٍ لــه
طس السبيل من اصفر اللون طسه ::: الشاوري يجلي عن القلب عله
من كيـس قرمٍ دايم ٍ مايدســه ::: تـلـقـاه مـقـروط ٍ عـلـى جـال دلـه
لاشفت ظول الناس بالك تعسه ::: لاجنـبـك شـر المخاليـق خـلـه؟
لو عندنا من غيب الايام رسه ::: الآدمي مـصـلـوح نـفـسـه يدلـه
يالله ياللي كل صوتٍ تحسه ::: عقد الـبـلـش غير انـت محدٍ يحـله
تفرج لمن مثلي زمانه يرسه ::: علـيـه من بعض الـمعاني مـمـلـه
عليه من بعض المعاني محسه ::: ساعة خرج من عـلـة ٍ جـاه عله
البوم يفرس والفهد صار بسه ::: تـبـدلـت دنـيــــــــاك يافـطـن ٍ لـه
سبع الخلا كيف الضواين تنسه ::: والصلح من راع الغنم ماحصل له
الـقبس يورد والظوامي تلسه ::: والمـزن عطشان والوطـى مايـبله
لاصار عن حقك سلاحك تدسه ::: ماينقعد لك في حضون الـمـذلـه ..!!
وابن مهلهل نفسه .. ذهب الى قوم بعيدين ليصبح دخيل عندهم!؟
وهي من النوع الثاني . .وهو :
2) - دخالة قاعة : وفيها يجلي( أي يرحل) الرجل عن قبيلته ..
الى قبيله أخرى ... ويظل الدخيل بحماية أحد افرادها سنين طويله
حتى يصفح عنه غريمه ...!!
وقد يكون هذا الغريم شخص عادي .. وقد يكون شيخ قبيله ... وقد يكون
دولة !!
وأشهر من حمى الدخيل هم : ال سمير شيوخ الولد علي من عنزة (أخوان عذرا) ,
وهم مع ذلك قليلي العدد لأن نصفهم في خيبر والنصف الآخر في سوريا .
استجار بهم والي دمشق يوسف باشا حين هرب من دمشق في زمن الشيخ
دوخي بن سمير ورفض تسليمه .. مما دفع الدوله للتفاوض معه ومن ثم الوصول
لحل سلمي تم بموجبه دفع مال للدوله من قبل الشيخ دوخي بن سمير وتم العفوا
عن دخيله .
(روى هذه الحادثه أحد المستـشرقين).
وأشهرهم هو محمد بن دوخي بن سمير المعروف بـ محمد حريب الدول..!!
الذي تولى مشيخة قبيلته سنة 1248 هـ بعد وفاة والده ,
والذي أقام حروب امتدت لسنين عديده بسبب من استجاروا به ولاذوا في حماه .
وكان محمد بن سمير شاعرا ً وفارسا ً..... مشهورا ً في عصره.
ويوصف بأنه : فارس سريع الغضب , لايبذل جهدا ً في حل الأمور بالطرق
السلميه , ويرى في السيف الحل الأمثل والأسرع ... فلقب ( بمسواط بقعا!؟)
المسواط : تستخدمه النساء لتحريك الطعام في القدر عند الطبخ
وبقعا : الموت والمنيه .
قصص محمد بن سمير مع الدخيـــــل وحروبه بسببه:
1)- أسرة الخديوي : استجار بمحمد بن سمير بعض افراد اسرة الخديوي
هربا ً من الدولة العثمانيه , واستجار البعض الآخر بالشيخ سطام الشعلان , فأرسلت
الدوله مندوب لكل منهما .. فأمتـثـل سطام الشعلان لأوامر الدولة العثمانيه ,
رغبة ً منه بعدم العوده للحروب معها.(1)
أما محمد بن سمير فقال للمندوب : لن نسلمهم وفينا احد حي !؟
وقال محمد بن سمير هذه القصيدة :
قولوا لريف الجار ماني مخاشيه ::: أنا الذرنوح اللي بعينه يذوبي
عذروبنا بس الجوق ماندانية ::: نقب قبة ولعة في شبوني
دخيلنا هيهات يالقرم نعطيه ::: يلقى الامان ولايعود مغصوبي
أخوان عذرا مطوبرين حواليه ::: وعدونا يرجع كسير مغلوبي
عاداتنا نقدي المعادي عن التيه ::: ومن لايبرهن عن كلامه كذوبي
قله بظف محمد كان يبغيه ::: واللي يقرب للدخيل امهزوبي
فجردت الدولة حملة كبيرة لتأديب ابن سمير وأخذ دخيله بالقوة .
فوقعت بين محمد والدوله العثمانية معركة طاحنه استبسل فيها قومه , وهزم
الأتراك هزيمه ساحقة, وافنوا من الجيش التركي كتيبه عن بكرة ابيها,
كما قتل يومها 150 رجل من جيش محمد بن سمير!!
فعاد مندوب الدولة بعدها يطلب الصلح .. والعفو عن اسرة الخديوي مقابل دية
تدفع عنهم .. فدفعها وتم الصلح , وسمي بمحمد ( حريب الدول ) ...!!
واشتهر بهذا اللقب ... حتى طغى على لقبه القديم مسواط بقعا..!!
2)- الشيخ شلاش العر : هو أحد شيوخ قبيلة العمور في البادية السوريه .. طلبته
الدوله العثمانية ؛ فهرب من عشيرته التي لم تستطع حمايته, ولصيت ابن سمير
في تلك الفترة , وهزيمته للعثمانين , وحمايته للمستجيرين به
دخل عليه شلاش العر .
فألحت الدولة في طلبه .. واخذت ترسل المندوبين لأبن سمير تهدد وتتوعد ..
فخاف شلاش ان يسلمه ابن سمير للدولة .. !!
فقال محمد بن سمير هذه القصيدة يطمن فيها دخيله :
ياشلاش مانعطيك حمر الطرابيش ::: لو جمعوا كل العساكر عــليـنــــا
دونك نسوق المال والخيل والجيش ::: وان لزموا ياشلاش نرهن حدينا
اخوان عذرا مابهم ماكر كديش ::: يرجـع معيف وخـاسـر ٍ من يـبـينــــا
حنا بني وايل بعاد المطاويش ::: حامينها من النقره الى حد سينـــــا (*)
مركاضنا يشبع به ناقض الريش ::: نرهب عدانـا كان حنــا مـشـينـــــا
ستر العذارى ناقضات العكاريش ::: يـامـا تسـلطـنا ويـامــا عــفـينــــا
(*) النقره : هي نقرة الشام التي تسكنها قبيلة الولد علي وتقع شرق الجولان
وسينا الصحراء المصريه المعروفه , وهذه هي الحدود التي تحكمها قبيلتة.
وانتهت المفاوضات بين الطرفين بأن يدفع ابن سمير الفين راس وميتين ناقه
مقابل العفوا عن شلاش .. وتم ذلك وعفت الدوله عنه .
3)- محمد بن معبهل الشعلان وحرب دامت عشرين عام :
قتل محمد بم معبهل الشعلان أحد بني عمومته من الشعلان .. ولكن المقتول كان
يتصل بنسب قريب الى الشيخ سطام الشعلان..!!
وكان محمد من عموم الشعلان وليس من بيت الرئاسة فيهم .. وهم خلق كثير !!
فجلا الى بني عمومته الولد علي (الروله والولد علي ابناء عمومه) .. وشيخهم
ابن سمير واستجار به.
فأراد محمد بن سمير ان يختبر أولاده فأحضرهم وسأل أكبر أولاده
هل ندخل محمد بن معبهل الشعلان؟
قال : لو أدخلناه .. يمكن تصير لنا مشاكل مع بني عمنا , وتصير حروب , وحنا
مانبي هالشي يصير للقرابه اللي بيننا .. و و ..., ولو يجلي للسبعة او الفدعان ,
أحسن لنا واحسن له يبعد عن اللي يطلبونه الدم ... الروله قريبين لنا!؟
وسألهم كلهم وردوا نفس الرد .
وأخيرا ً سأل ولده الصغير وعمره 13 سنه واسمه رشيد .؟
قال : هاه وش رايك انت يارشيد ؟
قال : دخل علينا مادخل على غيرنا؟ يبونه الروله ولا الباشا دخيلنا مانعطيه!؟
ابتسم ابوه وقال حيه من ولد .. ولدي!!
ثم ارتجل هالقصيدة :
يارشيد مانعطي دخيل ٍ نصانا ::: لو جمعوا كل العساكر والأروام
نبي الحرايب والحرايب منانا ::: ودخيلنا ماهو دخيل ٍ ( لسطــام )
عيت على الشيمه سواعد لحانا ::: دخيلنا هيهات يجبر وينظــام
حنا لياسرنا بعيد ٍ معدانا ::: حنا الذي من نطلبه حق مانــــــام!؟
يابعد عن ضيم الرجال قصرانا ::: ماننثني لو يطلب الجار حكام
أولاد وايل مرهبين ٍ اعدانا ::: نعفي الضعيف وللخصيمين ظلام...؟!
ويوم سمع سطام الشعلان بيت محمد اللي يقول فيه :
نبي الحرايب والحرايب منانا ::: ودخيلنا ماهو دخيل ٍ ( لسطام )
قال : مدخله علي...ويقول كذا!؟
وقامت الحرب بينهم .. لمدة عشرين سنه بسبب بيت شعر!؟
وقعت فيها حروب طاحنه .... وقيلت فيها اشعار كثيره!؟
منها قصيدة لأبن سمير يوجهها للفارس المعروف خلف الاذن :
ياخلف لاتحـيد عن الفوج نهــــــام ::: يقـطـع معاليق الرسـن واللــجامــي
من ديرة اسطنبول الى ديرة الشام ::: ندعس على فرش الوزر بالكزامــي(*)
ملبوسنا ديباج مانـلـبـس الخــــــام ::: ومركابنا من فوق راس الـسنـامــي
أي الذي يسرح على خد وانعام؟ ::: واي الذي يـفـلا مـداح النــــعامي؟
(*) الكزامي : هي الجزم جمع جزمه اكرمكم الله يسمونها الكزامي.
ومن اسطنبول الى الشام حدود ديارهم من الشمال الى الجنوب.
وله اشعار كثيره في هذه الحرب , وبينهم وقعات كبيرة مشهوره . قتل فيها
خلق كثير .
وفي احدى هذه المعارك كاد محمد ابن سمير ان ينتزع من الشعلان عطفتهم المشهورة ..!!
وذلك بعد ان هزمهم وثبت عند العطفه الدغمان(قسم من الروله) ورفظوا
تسليمها .. فقتل منهم أربعين جوز اخو .. اي ثمانين رجل .. اخوين اخوين..!!
لكنه لم يستطع انتزاعها لاستماتـتـهم عندها... !!
ويقال ان عند جميع شيوخ القبائل عطفه مثلها ... مزينه بريش النعام .. تركب
عليها بنت الشيخ وتشجع رجال قبيلتها ...!!
وانتزعت منهم كلهم .. ولم يستطع احد من الشيوخ ان يحافظ عليها سوى
الشعلان.
وهذه العطفه اذا اخذت اخذت...!!
لايصنع بدلا ً عنها .... ولا يستخدمها في حروبه من أخذها.........!!
هذا منذ قديم الزمان حسب ماسمعت ... والله أعلم.