نحن كما نحن
ليس هناك أكثر بؤساً من أولئك الذين يرفضون أنفسهم، يرفضون أشكالهم، أو قلوبهم، أو عقولهم، أو بعضاً من ذواتهم..
أو حتى يسخطون على حظهم في الدنيا وعلى مقدار رزقهم .
فنراهم يبحثون عن أشكال وعقول وقلوب أخرى، فيبدون كالمسخ في صورتهم الجديدة مهما جمّلوها.
أتصور أنه لا يوجد أكثر منهم تعاسة أولئك الذين يلبسون أثواباً ليست أثوابهم ويفضلون أن يكونوا غير أنفسهم.
في الحقيقة أن الرضا يحقق جزءاً كبيراً من الراحة النفسية، ذلك الرضا الذي لا يتعارض مع الطموح وإنما يدفعنا للتصرف بذكاء مع أمور هي بالأصل خارجة عن إرادتنا، كالرضا بأشكالنا وقدراتنا ورزقنا، والظروف المحيطة بنا.
لسنا ضد التغيير أو التطور إلى الأحسن
لكن علينا أن نعرف جيداً أين نضع جهدنا وتعبنا بحيث لا يكون هباءً منثورا.
يجب أن نفرق بين ما هو قابل للإصلاح وبين ما هو مستعصٍ على التحسين !
لأن العبرة ليست بالجهد والعمل المضني والتضحيات التي نقوم بها ولكن الحكمة في أين ومتى ولمن ولماذا نقدم هذا التعب وذلك الجهد؟
من الجميل أن نعرف متى نصوب على الهدف ومن أية زاوية حتى لا تنطلق سهامنا دون جدوى.
وإذا كان الرضا منظاراً واضحاً وبسيطاً وجميلاً ننظر به إلى أنفسنا، فإن الأجمل منه هو أن نستمتع في أن نكون نحن كما نحن
بحيث نعتز بأن نكون أنفسنا لا غير، تلقائيين بتصرفاتنا.. بالتعبير عن عواطفنا وأفكارنا بلا تكلّف..
فإن أهم ما يميز التلقائية هو الصدق والصدق مفتاح القلوب.
فكونوا تلقائيين مع حولكم
لا تنتقوا الكلمات
دعوها تخرج هكذا دفّاقة من القلب
اتركوها تنساب، تبحث عن مواطنها في قلوب من حولكم
لا تضيئوا مشاعركم متصنعين، فهي متوهجة بنفسها متلألئة بذاتها، قوية بمعانيها.
وإذا كان الرضا هو النبضة الأولى للإحساس بسعادة الاعتزاز بكوننا نحن ، فإن التلقائية هي النبضة الأخيرة في انسجام هذا الرضا مع سلوكنا في الحياة العامة.
فاسعوا للرضا عن أنفسكم
ولا تتقاعسوا وكونوا طموحين
وتعلَّموا أين ومتى وماذا تغيرون وتذكَّروا أنكم لا تستطيعون أن تعلّموا الوردة كيف تتفتح فماعليكم إلا أن تسقوها.
كونوا تلقائيين
ولكن لا تنسوا أن كل شيءبلا حدود يفقد خاصيته، فما كان النهر نهراً لولا حدوده.
وبعد ...
ليس هناك أجمل من أن نكون
نحن كما نحن.
أخوكم بسام الجعفري