السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعجبني اليوم وصف لحال بعض التصرفات اريد منكم التعليق للكاتب
يوسف المحيميد بعنوان
نزهات
حكاية الأخوين حسيب ورقيب!
أن يكتب مدير تربية وتعليم لنفسه طلب انتداب إلى بريطانيا لمدة عشرين يومًا، ثم يوافق عليه، ثم يصادق عليه، وأخيرًا يوقع على أمر الصرف في يوم واحد، وبعد التحقق من مباشرة المهمة التي يفترض أن تكون بدأت في الثاني من ذي الحجة الماضي، يتبين أنه تأخر في السفر، وعاد قبل انتهاء المهمة، فهذا نص مسرحي بامتياز، بالمعنى الصريح أن أخانا الذي يقوم بمهام أربعة موظفين في وقت واحد، قد تمتع بجزء من إجازة حج مدفوعة التكاليف والأرباح، بعد أن ذبح أضحيته، وذبح وطنه من الوريد إلى الوريد، وهذا جزء صغير من مشهد كاريكاتوري ينتشر في بعض الوزارات والمؤسسات الحكومية، وملمح عابر من ملامح الفساد الإداري المعروفة والمسكوت عنها، ولعل أيًّا منكم يستطيع أن يتذكّر حالات عديدة مشابهة في عمله، لمن جعل من القطاع الحكومي مؤسسة «أبوه» يعبث بمقدراتها في غياب الأخوين حسيب ورقيب!
الأخ رقيب اصطاد رئيسة جمعية حماية في جدة، وهي تقوم بتعميد مؤسسة إعلامية بإنتاج فيلم بـ 300 ألف ريال، لصالح زوج ابنتها، كما اكتشف الأخ رقيب أن الرئيسة ذاتها أسندت ترميم المبنى إلى شركة مقاولات دون مناقصة بـ 500 ألف ريال، لصالح زوجها، فغضب رقيب ورفع السماعة على أخيه حسيب، وأخبره بحالة الفساد الإداري والمالي تلك، فهدأه أخوه حسيب وطمأنه بأنه سوف يتصرف: لا تقلق يا أخي سوف نستبعدها من الجمعية! تهكّم الأخ رقيب على أخيه وهو يقول: «لا يا شيخ! تعبت حالك والله، اتخذت قراراً خطيراً وأنت تستبعدها؟!». صاح به حسيب: يا أخي اركد، وارتح من مراقبة الناس، فمن راقب الناس مات همَّاً!
جلس الأخ رقيب يومًا ما على البحر وبجواره حسيب، فقال له: تخيّل مدير تعليم بنات انتدب نفسه 22 يومًا دون تحديد الوجهة، وفي الفترة ذاتها وضع اسمه في آخر خانة من جدول مسير الموظفين المستحقين لخارج الدوام عن 13 يوماً! لا وأزيدك من الشعر بيت، مسجل اسمه ضمن لجنة مقابلة المرشحات للوظائف التعليمية حتى يأخذ مكافأة اللجنة، مع أنه الذكر الوحيد بين 7 مشرفات تربويات، هيّا قل لي، كيف تجيء هذه، ونحن نعرف أنه لا يمكن للذكور في إدارة التعليم إجراء المقابلات مع النساء المتقدمات؟. كان الأخ حسيب غارقًا في تأمل هدوء البحر، فلكزه رقيب وهو يسأله: «أبو حسب» أنت ما تسمع إيش قلت؟
أجاب رقيب: نعم سمعت وفهمت! صاح رقيب: طيب ما تتصرّف يا أخي؟! التفت حسيب ببطء شديد نحوه: شايف البحر كيف هادئ وجميل ومريح للنفس؟. أجاب رقيب: نعم شايفه!. قال حسيب: وتعرف طبعًا أن عمق البحر مليء بالصراعات والحروب والدم والقتل! لذلك لماذا تشغل نفسك بالنبش في الأعماق الكريهة، انظر إلى السطح واستمتع!
يقول رقيب لأخيه حسيب: تعرف ليه تشم أحيانًا رائحة «معفنة» إذا دخلت مكتب شؤون الموظفين في بعض الجهات الحكومية؟ أجاب حسيب: لا، يمكن رائحة الفول أو الكبدة أو الشكشوكة؟ هزّ رقيب رأسه بالنفي وهمس: لا طبعًا، إنما بسبب أدراج المكاتب!. صاح حسيب: يا هوه تبغى تجنني؟ إيش فيها الأدراج؟. ابتسم رقيب: أنت ما تسمع عن موظفين مساكين، ترقياتهم متجمدة سنوات، وعلاواتهم السنوية متوقفة! صاح حسيب بنفاد صبر: أسمع، وإيش دخل هذا بذاك؟. قال رقيب: لأن كبار الموظفين أصحاب المراتب العليا مقفلين أدراجهم على وظائف، يحجزوها لأقاربهم ومعارفهم، حتى تعفّنت، وفاحت الرائحة!.
تثاءب حسيب واضطجع قائلاً: ما رأيك ننام؟!. ثم علا شخيرهما معًا.