هل انت مجنون
مساكم الله بالخير جميعا
اليكم هذا المقال لعله يحوز على اعجابكم
/ هل أنت مجنون؟
عادة ما يتجاهل الناس القضايا ذات التأثير البطيء، أو بمعنى أصح ذات التأثير على المدى البعيد، ولا ينظرون إليها بنظرة جدية بل يتركونها للزمن وما يفعل. ولو ألقينا نظرة سريعة على سلوك وتصرف البعض في مجتمعنا لوجدنا فرقاً شاسعاً في تلك التصرفات بين فترة ما قبل الغزو وما بعده، فالنفوس قد تغيرت، ولم يعد هناك صدور تتسع لأخطاء الآخرين، وتلاحظ ذلك السلوك وتلك النرفزة والعصبية الزائدة عن الحد سواء كنت في الشارع، في البيت، في العمل، في الديوانية. فهناك من يثور لأتفه الأسباب، وأصبحت هناك استغلالية للفرد والشعور بالاستغناء عن الآخرين، وقل ارتباط الفرد بالجماعة، وأصبحت علاقته بمن يحيط به تحصيل حاصل، بمعنى من يخطئ يترك ويهجر، ومن وقع في وحل الظروف لا ينتشل، ومن يأفل وهج منصبه ينسى ولا يسأل عنه، كما أصبح الواجب المفترض منة... فالموظف يذهب لوظيفته وكأنه يساق إلى السجن، وعندما يباشر عمله فكأنما له المنة والفضل على إدارته وعلى المراجعين، لا يحمد ربه على نعمة الاستقرار الوظيفي الذي يوفر له الحياة الكريمة، وعلى أن هناك الآلاف يتمنون وظيفته، وحتى المراجع فانه يتذمر لأتفه الأسباب.
ومن ضمن التغيير في السلوك الذي نلاحظه، اللا مبالة وعدم الاحساس بالمرضى والمعاقين وكبار السن، فلم يعد ذلك النمط الفطري الذي جُبلنا عليه على المستوى والاهتمام نفسه الذي عهدناه. والسؤال هنا ما الأسباب التي أدت إلى طغيان الأنا على المصلحة العامة، وقلة الصبر والتذمر في مقابل سعة الصدر، وسوء الخُلق في مقابل حُسن الخُلق، والاكتئاب بدل السعادة؟ وهنا لا أقصد التعميم ولكن كما قلت بدءا انها ظاهرة لعدد لا يُستهان به من المجتمع. وهنا نتساءل أيضاً هل هذه بداية لأمراض نفسية نتيجة خلل في الأعصاب؟ وهل ربما السلاح الذي استخدم في حرب التحرير قد خلف آثاراً أثرت على سلوك الناس من حيث لا يعلمون؟ أم أن هناك خللا في طريقة الحياة العصرية وتوغلنا بها أكثر من اللازم؟ وجرفنا تيار الأنانية وحب الذات ليبعدنا عن الهدف الذي خُلقنا لأجله؟ والدواء هنا «ألا بذكر الله تطمئن القلوب».
في النهاية لا بد من الانتباه إلى ما ذكرته في المقال عن أن أسباب مشاكلنا قد تعود إلى تأثيرات السلاح الذي استخدم في الحرب، ما الذي تركه من اثار على أعصابنا، هنا يجب الانتباه جيداً، واعطاء الموضوع حقه من الدراسة، فوجود أكثر من 20 ألف مراجع في الطب النفسي مؤشر خطير، لا ينبغي أن تترك الأمور تسير على البركة، وهي كذلك حالياً، فلا أعتقد أن هناك من يلتفت لمثل هذه الأمور، فالمجنون لا يعترف أنه مجنون... هل تتقبل لو سألك أحدهم: هل أنت مجنون؟ إن كانت الإجابة بنعم أرجو تكسير أقرب شيء أمامك!
للكاتب بجريدة الراي الكويتيه
عبدالرحمن ناهي