تدرس الجهات التشريعية في تركيا حاليًا التعديلات النهائية على مشروع قانون يهدف إلى سحب البساط من تحت أقدام شركات الأموال الإسلامية التي انتشرت في تركيا منذ مطلع الثمانينيات؛ حيث أشارت الصحف التركية إلى أن مشروع القانون قد تم تحويله إلى لجنة برلمانية أدنى لإعادة دراسته وصياغته بشكل أفضل قبل عرضه على اللجنة البرلمانية العليا لحل المشكلات التي ظهرت أثناء مناقشة المشروع، والتي أدت إلى انسحاب رئيس البنك المركزي ومستشار الخزانة التركية من اجتماعات اللجنة المشكلة لدراسته ومناقشة مواده.
ويسعى مشروع القانون الجديد إلى إنشاء نظام خاص بين البنوك الحكومية يقضي بعدم التعامل بالفوائد فيما بينها للحيلولة دون تحول رؤوس الأموال التركية إلى الشركات الإسلامية التي لا تتعامل بالفوائد.
وكان وزير الدولة التركي السيد رجب أونال من حزب الحركة القومية قد اعترف في وقت سابق بأن هناك قصورًا فعليًا في مراجعة مواد مشروع البنوك وشركات توظيف الأموال، وأرجع السبب في ذلك لكثرة المواد الواردة في المشروع الحكومي، غير أنه نفى وجود رغبة لدى الحكومة في تصفية الشركات المالية الإسلامية، مؤكدًا استمرار هذه الشركات في عملها، وقال: إن "كل ما في الأمر أن الحكومة تسعى لسد الفراغات أو التخلص من المشاكل الموجودة في التطبيق القانوني"، كما أكد الوزير المسؤول على وجود إمكانية لدى الحكومة في التراجع الكامل عن مشروعها القانوني الحالي والبحث عن بديله.
وكانت جلسات مناقشة مشروع القانون قد شهدت هجومًا حاميًا من قبل النواب الأتراك على الشركات الإسلامية، وهو ما عبّرت عنه النائبة "نسرين ناسا" -العضوة البرلمانية عن حزب الوطن الأم الشريك في الائتلاف الحاكم- بالانتقادات الحادة لرأس المال العربي قائلة: "بدلاً من تدفق الأموال السعودية كما كان منتظرًا راحت الشركات والبنوك الخاصة تجمع أموال المواطنين" منتقدة في الوقت نفسه الاتجاه الحكومي الذي يسعى إلى جمع مبلغ 3 مليار$ جديدة من الضرائب، ومن ثم أحدثت ضريبة على الفوائد البنكية الرسمية في بنوك الدولة، مما أدى إلى انتقال الأموال من بنوك الدولة إلى الجهات الأخرى، وعلى رأسها الجهات والشركات الإسلامية".
وفي الاتجاه المقابل دافع أعضاء حزب الفضيلة في البرلمان عن الشركات الإسلامية ورؤوس الأموال العربية منددين بوصف النواب العلمانيين لها بالرجعية، وفي هذا الإطار فقد قال النائب على جوشكن -العضو البرلماني عن حزب الفضيلة-: إن الرجعية الحقيقية ليست في رؤوس الأموال الإسلامية، مثلما تدعى بعض الأوساط -يقصد التيار أو الوسط العلماني-، فإذا كان هذا صحيحًا فيمكن القول بأن الدولارات الأمريكية رجعية، لأن لونها أخضر، وعليها كلمة أو عبارة نثق أو نؤمن بالله".
يذكر أن التيار العلماني التركي لديه انزعاج شديد من حركة الأموال الإسلامية التي نشطت في المجتمع التركي منذ مطلع الثمانينات، وزاد انزعاجه في التسعينات بظهور رؤوس الأموال الإسلامية "العربية والتركية" في مجال شركات توظيف الأموال والبنوك الخاصة [مثل: البنك الكويتي التركي- شركة البركة]، وعلى وجه الخصوص حين افتتحت جماعة النور الإسلامية التركية التي يتزعمها الشيخ/ فتح الله جولن شركة كبيرة لتوظيف الأموال في عام 1995 مقرّها مدينة إستانبول حملت اسم "آسيا فينانس"، وهناك شركة بنكية أخرى جديدة تحمل اسم "أناضولو فينانس"، وهي أيضًا من الأموال التي يمكن وصفها بالإسلامية.
والمعروف أن حكومة بولنت أجاويد الائتلافية أخذت على عاتقها تقليص وتحجيم الأنشطة الإسلامية التي تطلق عليها تعبير "الأنشطة الرجعية"، ومن ثم تقدمت بمشروع قانوني لتعديل شكل حركة الأموال بما يسمح لها بفرض قيود وإجراءات صارمة ضد رؤوس الأموال الإسلامية