هجرة بعض قبائل عنزة من نجد والحجاز وأسبابها
الجزء الأول
من المعروف أن ما يستدعي هجرة القبائل البدوية هو أسباب عديدة ولكنها لاتخرج عن الاسباب الاتية :
1- عدم وقلة توفر مراعي الكلأ وموارد المياه
2- كثرة الجدب والقحط والامراض والاوبئة في إقليم المنطقة التي بها القبيلة
3- ضيق الديار والبحث عن ديار أوسع تسع القبيلة وحلالها
4- ضغوط سياسية من سلطة الدولة التي تجبر القبائل أو ترغمها على أمور لا تريدها القبيلة ، وخاصة اذا كانت القبيلة من القبائل الكبيرة والتي ترى أن سلطتها بيدها هي لا من غيرها كأخذ الزكاة .
والمتتبع لتاريخ قبائل عنزة يجد أن أسباب الهجرة لبعض قبائل عنزة من منطقة نجد إلى الشمال في أواخر القرن الثاني عشر والثالث عشر ماهي إلا لأسباب شظف العيش التي كانت سائدة في إقليم نجد وكذلك ضيق الديار وكثرة قبائل عنزة وكثرة أدباشها وحلالها مما يستدعي لها البحث عن موارد مياه أوفر ومراعي للكلأ أخصب من التي كانت في نجد.. وما دعانا لهذا البحث إلا كثرة ما يتردد من مغالطات وإدعاءات ليست لها أساس من الصحة حول هجرة قبائل عنزة ، وأنها أرغمت بالقوة على ترك ديارها وأنه تم إجلاؤها إلى الشمال بسبب معارك مع بعض القبائل ، وفوق كل ذلك أنه لم يتم تناول هذه المسألة بطريقة توثيقية من المراجع بالشكل الذي يرضي ويشبع الباحث عند قرائته لمسألة الهجرة ، كذلك الرد على من أسموا أنفسهم بمؤرخين وهم من المتأخرين ورسموا صورة غير دقيقة عن هجرة قبائل عنزة خاصة ً ، وعن القبائل الاخرى عامة ً فاعتمدوا على أبيات قليلة من الموروث الشعبي وجعلوها دليلا ً ولم يقروها بالمصدر التاريخي حيث إن أهم جانب في مناولة ومناقشة هذه المسائل أن يقترن الموروث الشعبي مع ما تقوله المصادر والمراجع التاريخية حتى تكون الصورة دقيقة جدا ً عند الحديث عن الهجرة وهذا ما سوف نفصله بإذن الله .. أما مسألة المزاعم وتهجير وإرغام قبائل عنزة بالقوة من ديارها ، ومن تلك المزاعم ما يدعيه البعض بأن قبيلة مطير هي التي أجلت قبائل عنزة الى الشمال ، بالاضافة إلى إدعاءات أخرى يدعيها كتاب قبيلة حرب بأن قبيلة حرب أجلت قبائل عنزة إلى الشمال وسيتم توضيح أسباب الهجرة .
أولا: سنين القحط والجدب التي ذكرت في المراجع التاريخية المعاصرة في حقبها الزمنية.. سنستعرض هنا سنين الجدب والقحط التي مرت على الجزيرة العربية من منتصف القرن الحادي عشر الهجري وحتى بدايات الربع الأول من القرن الرابع عشر الهجري ، من بعض كتب التاريخ لمؤرخي نجد أمثال ابن بشر وابن عيسى والمنقور وابن عباد وابن ربيعة وذلك للدلالة على وجود القحط والجدب الذي ينكره الكثيرون .. أحداث الجدب والقحط التي وقعت في نجد وغيرها من أقاليم جزيرة العرب، وأسماء السنين المشهورة لها :
• أحداث الجدب في القرن الحادي عشر هجري :
1032هـ وفيها جلدان وهو وقت عظيم* ..
المصدر – تاريخ ابن عباد – صفحة 55
وقت عظيم* : يقصد بذلك ما أصاب البلاد من قحط وجدب ومجاعة ، وتسمية سنوات الاوبئة والحروب وأعوام الرخاء أمر مألوف عند العرب ، وما يزال كذلك وبخاصة في بلاد نجد ، وابن ربيعة يؤرخه عام 1030هـ أما المنقور فيشير في النسخة المخطوطة إلى أنه كان عام 1031هـ . 1046هـ وفيها بلدان وقت عظيم..
المصدر – تاريخ ابن عباد – صفحة 55
1047هـ وفيها وقع غلاء ومحل في البلدان وكان وقت شديد سمي بلادان...
المصدر – صفحة 88 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر
1063هـ وفي هذه السنة الوقت الشديد المعروف بهبران..
المصدر – صفحة 107 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر
1065هـ وهي أول سنة هبران وهي شديدة الوشم ..
المصدر – صفحة 42 – تاريخ المنقور
1066هـ وفي أولها شرايد هبران..
المصدر – صفحة 43 – تاريخ المنقور
1070هـ وفيها ظهر جراد كثير بأرض الحجاز واليمن ثم أعقبه دبى أكل جميع الزروع والاشجار ، وحصل بسببه غلاء بمكة وغيرها وأرخه بعضهم بقوله : غلا وبلا ... المصدر – صفحة 108 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر
1076هـ وهذه السنة هي أول المحل الوقت المشهور بصلهام الذي هتل فيه البوادي ، وماتت مواشيهم كعدوان وغيرهم..
المصدر – صفحة 110،111 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر
1078هـ وفيها صلهام وهو وقت عظيم ..
المصدر – صفحة 60 – تاريخ إبن عباد
1085هـ وفيها جرمان وحدرة الفضول للشرق ..
المصدر – صفحة 45 – تاريخ المنقور
ويقول إبن عباد : وفيها جرمان وهو وقت عظيم وهو أول جرادان المصدر – صفحة 62 – تاريخ إبن عباد
1086هـ وفيها القحط الشديد المسمى جرادان..
المصدر – صفحة 54 – تاريخ بعض الحوادث الواقعة في نجد لابن عيسى
1087 وفيها كثر الجراد ، وكثر موت الناس من أكله من شدة الوقت والغلاء والجوع ، وهي منهى الوقت المعروف بجرادان ، وجلى مانع بن عثمان رئيس آل حديثة وذويه أهل القارة المعروفة في سدير ، وقصدو الاحساء ... المصدر – صفحة 134 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر
1091هـ وقع بمكة سيل عظيم أغرق الناس قال العصامي في تاريخه : وأخرب الدور وأتلف من الاموال ما لا يحصى ، وأغرق نحو مائة نفس وهدم نحو ألف بيت وغلا على مقام إبراهيم وعلى قفل باب الكعبة ، وشاهدت وأنا على باب المسجد وأقطار من الجمال عليها الركبان دهمها السيل ، ورأيت الماء وصل من الجمل وهو قائم إلى منخره ، ثم زاد واقتلع القطار بما عليه ، وسبح بعض الجمال حتى أتى المنبر فارتفع عليه ، وصار يداه وعنقه مرتفعان .. المصدر – صفحة 140 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر
1096هـ وفيها غلا الطعام من الحنطة وغيرها.. المصدر – صفحة 151 – عنوان المجد في تاريخ أهل نجد1 لابن بشر
1097هـ اسمها سنة البطين ودويغر غلا فيها الزاد وصل التمر ثلثين وزنة بالمحمدية والعيش الصاع بثلاث ولم يبطيء.. المصدر – صفحة 65 – تاريخ إبن عباد
تعليق : عند إستعراضنا لسنين الجدب في القرن الحادي عشر هجري نجد أنها ذكرت كخبر 15 مرة على مختلف سنين هذا القرن بمعنا أن الجدب والقحط في هذه الفترة لازال وكان موجوداً ، وفي نفس الوقت كانت قبائل عنزة موجودة ومسيطرة على قلب نجد ولها تواجد قوي فيه والقاريء للاحداث هذه الحقبة الزمنية يجد لها اصطدامات كثيرة مع القبائل وذكر وفي نفس الوقت كانت هناك قبائل منها قد هاجرت مع توالي الجدب مثل بعض قبائل المنابهة والخماعلة والشراعبة والحسنة وهذا سنأتي على تفصيله لاحقا ً..
يتبع