لوح وزراء الخارجية العرب أمس بسحب المبادرة العربية للسلام، وإعادة النظر في موقفهم من عملية السلام مع إسرائيل نظرا لعدم تجاوبها مع تلك المبادرة التي تم إعلانها في قمة بيروت منذ 6 سنوات.
وجدد وزراء الخارجية العرب مطالبتهم للفرقاء اللبنانيين بعدم تفويت اجتماعهم المقبل وحسم تسمية الرئيس اللبناني الجديد العماد ميشال سليمان، خصوصا أنه محور اتفاق، كما وجه الوزراء نداء إلى السلطة الفلسطينية وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) طالبوهما فيه بنبذ كل خلافاتهما والتوحد في تلك المرحلة الحاسمة في النضال الفلسطيني.
ترك الأمين العام لجامعة الدول العربية الباب مفتوحا أمام زيارة جديدة إلى بيروت، ودافع بشدة عن البيان الصادر بخصوص عملية السلام على المسار الفلسطيني، والتلويح بإعادة النظر في المبادرة العربية للسلام في ضوء المواقف الإسرائيلية، كما أكد انعقاد القمة في موعدها ومكانها المقررين في سوريا يوم التاسع والعشرين من الشهر الجاري.
وامتنع موسى في مؤتمر صحفي عقده مساء أمس في ختام جلسة مغلقة لوزراء الخارجية العرب - استمرت ثماني ساعات - عن الكشف عن تفاصيل الخلافات التي دارت بخصوص القضية اللبنانية وتأثيراتها على مستوى المشاركة في القمة العربية المقبلة، وقال موسي إن كل الدول العربية ستشارك في القمة، ومستوى المشاركة تحدده كل دولة.
وتعرض الأمين العام للجامعة إلى انتقادات من الصحفيين لجهة غموض البيان الصادر عن فلسطين، إلا أنه أصر على موقفه بأن البيان واضح وأن الأمر برمته سيحال إلى القمة العربية، مشيرا إلى التزام الدول العربية بمساندة الشعب الفلسطيني في مواجهة الحصار والجرائم الإسرائيلية التي يتعرض لها، وقال " قمة دمشق ستقيم إستراتيجية عملية السلام في الشرق الأوسط بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على المؤتمر الأمريكي للسلام "أنابوليس".
وعلمت "الوطن" أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم أصر في الجلسة المغلقة لوزراء الخارجية على موقف بلاده أن القمة قائمة بمن يحضر من القادة العرب، في الوقت الذي أصر فيه عدد من وزراء الخارجية من بينهم المصري أحمد أبو الغيط على مطالبة دمشق بتقديم يد العون للأمين العام للجامعة العربية في تنفيذ المبادرة العربية الخاصة بلبنان، وقال موسي إنه حقق تقدما مهما في لبنان وإن الغموض الذي تطالب بعض الأطراف اللبنانية هو "غموض إيجابي"، مشيرا إلى أن القمة العربية ستعمل على وضع العلاقات السورية- اللبنانية على الطريق الصحيح، داعيا اللبنانيين إلى حسم مسألة تنصيب العماد ميشيل سليمان رئيسا للبنان، وقال إن سوريا ستنتظر إلى ما بعد الجلسة المقبلة لمجلس النواب اللبناني لتحديد الجهة التي ستوجه إليها دعوة المشاركة في القمة، مشيرا إلي إن تسمية الرئيس اللبناني ستساعد في عقد اجتماعات بين الفرقاء اللبنانيين، مشيرا إلى أن التبكير في حل المشكلة اللبنانية أمر يصب في خانة إنجاح القمة العربية.
ورفض موسى استخدام لفظة إزالة إسرائيل من الوجود، وتمكن من احتواء الخلاف الذي نشب بين أحد الصحفيين ورئيس الدورة وزير التعاون الجيبوتي محمد علي يوسف بسبب استخدامه لفظة دولة إسرائيل بدلا من تصويرها بالمحتل، أو تنكيرها، كما رفض الاتهام القائل بأن البيان لا يرقى إلى مستوى المطالب الشعبية العربية، وكرر مقولة إن العرب لا يستجدون السلام مع إسرائيل وامتنع عن التعقيب على تواجد المدمرة الإقليمية كول قبالة الشواطئ العربية.
واستحوذت الأزمة اللبنانية والأوضاع في فلسطين على اجتماع وزراء الخارجية، فيما ترأس وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل اجتماعا للجنة المتابعة العربية المعنية بتنفيذ مقررات القمة العربية، في الوقت الذي أعلن فيه وزير الخارجية السوري وليد المعلم على هامش الاجتماع أن بلاده ستوجه الدعوة للبنان لحضور القمة العربية التي تستضيفها بلاده . وقال إن من حق لبنان تسمية رئيس وفده إلى القمة، معربا عن أمله أن يتمكن الفرقاء اللبنانيون من اختيار رئيسهم وإنهاء حالة الفراغ السياسي قبيل موعد قمة دمشق نهاية الشهر الجاري.
وكان مجلس الجامعة العربية عقد دورته التاسعة والعشرين بعد المئة في مقر الجامعة العربية بمشاركة غالبية وزراء الخارجية العرب، وشهدت الجلسة الافتتاحية للاجتماع انتقال رئاسة المجلس إلى وزير التعاون الدولي الجيبوتي محمد علي يوسف من وزير خارجية الجزائر، وركزت كلمات الجلسة الافتتاحية التي تحولت إلى مغلقة على تشخيص الوضع العربي والتركيز على الأزمتين اللبنانية والفلسطينية، وفجر الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى مفاجأة بإعلانه أن وزراء الخارجية سيعدون تقريرا خلال الاجتماع لرفعه إلى قمة دمشق بخصوص عملية السلام في الشرق الأوسط في ضوء تقييمهم للنتائج التي تحققت منذ مؤتمر أنابوليس الأمريكي للسلام قبيل أشهر.
كما كرر موسى انتقاداته إلى اللجنة الرباعية الدولية المعنية بعملية السلام في الشرق الأوسط ومجلس الأمن الدولي بسبب موقف الرباعية وامتناع المجلس عن إصدار قرارات إدانة واضحة لإسرائيل بسبب استمرار اعتداءاتها الوحشية على الفلسطينيين. وقال "الرباعية الدولية ومجلس الأمن يتحملون مسؤولياتهم حيال ما يحدث في الأراضي الفلسطينية وعليهم أن يتوقفوا عن سياسة الكيل بمكيالين، والتصدي لسياسة الإبادة والتطهير التي تمارسها إسرائيل بحق الفلسطينيين".
وخاطب موسى الوزراء بكلمات حماسية حاول من خلالها تذكيرهم بأن خلاصهم من مشاكلهم الحالية لن يتأتى إلا بتضامنهم في إطار مصالحة قومية واضحة المعالم، وتلا على مسامعهم الآية الكريمة "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، واصفا الوضع في المنطقة بأنه "شديد التشابك" .
ودافع موسى بشدة عن دور الجامعة في الأزمات العربية، معددا الأدوار التي قام بها في الأزمة اللبنانية وعلى الجانب الفلسطيني وقضايا السودان والصومال وجزر القمر.
وفيما كان موسى يلقي كلمته كان وزير الخارجية السوري وليد المعلم يتابع بنظراته وزيري الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل ونظيره المصري أحمد أبو الغيط اللذين عقدا محادثات سريعة على هامش الجلسة العلنية، وقال أحد أعضاء الوفد السوري المرافق للمعلم" إننا نأمل أن يشارك كل القادة العرب في قمة دمشق" في إشارة واضحة إلى تطلع سوريا لمشاركة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس المصري حسني مبارك في تلك القمة وعدم ربطها بمسألة التقدم على الساحة اللبنانية.
وتجنب وزير الخارجية السوري تحديد الجهة اللبنانية التي سترسل إليها دعوة الرئيس بشار الأسد لحضور القمة محفزا القادة العرب على المشاركة بقوله " إن المشاركة ستفوق مستوى التمثيل في قمم عربية أخرى "، وانتقد المعلم الموقف المصري الرابط بين حضور الرئيس مبارك وتنفيذ المبادرة العربية الخاصة بلبنان، وتساءل قائلا " أليست التطورات الخطيرة في غزة مقنعة للقادة العرب بالمشاركة في قمة سوريا؟".
وكان الأمير الفيصل كشف في أعقاب جلسة وزراء الخارجية مساء أول من أمس أن وزراء الخارجية العرب حولوا جلستهم التشاورية إلى جلسة استثنائية لمناقشة الأوضاع المتردية في الأراضي الفلسطينية، وأصدر وزراء الخارجية قرارا انتقدوا فيه الجرائم الوحشية لإسرائيل التي أودت بحياة المدنيين وخلفت المئات من الجرحى وتدمير الممتلكات والمنشآت، وطالبوا بمحاسبة مرتكبي تلك الجرائم بوصفهم مجرمي حرب خصوصا بعد اعتراف إسرائيل بسياسة " المحرقة" ضد الفلسطينيين. وجدد الوزراء مطالبتهم لمجلس الأمن الدولي بالتدخل الفوري وإصدار قرار يلزم الإسرائيليين بوقف تلك المحرقة والمجازر، ورفضوا إدخال أية تعديلات على مشروع البيان المعروض على المجلس لإدانة إسرائيل وهو ما سيفتح الباب أمام استخدام الولايات المتحدة لحق النقض" الفيتو" لإجهاضه مرة أخرى على غرار البيانات السابقة التي عرضت على المجلس وتحفظت عليها الإدارة الأمريكية.
وقبيل التئام مجلس الجامعة العربية عقدت هيئة متابعة تنفيذ القرارات والالتزامات التابعة للقمة العربية اجتماعاً ترأسه الأمير الفيصل شارك فيه وزراء خارجية سوريا والسودان وتونس والجزائر وجيبوتي والأمين العام للجامعة العربية، وتلا الأمير الفيصل على الحضور تقريرا عما تم إنجازه منذ قمة الرياض العربية الأخيرة، وهو الأمر الذي حظي باستحسان ودعم وزراء الخارجية الحضور.
أما باقي جدول أعمال وزراء الخارجية فكانت غالبية مواضيعه الثمانية والعشرين مكررة ومنها قضايا فلسطين والجولان والأمن المائي العربي واغتصاب إسرائيل للمياه العربية والوضع في العراق والصومال وجزر القمر والاحتلال الإيراني لجزر الإمارات العربية المتحدة، وتقرير مكتب المقاطعة العربية ومخاطر التسلح الإسرائيلي على الأمن القومي العربي والسلام الدولي، والاستخدام السلمي للطاقة النووية في الدول العربية، والعلاقات بين العرب وأفريقيا ومع أمريكا اللاتينة وآسيا وأوروبا والشراكة الأوروبية المتوسطية.
06/03/08, (01:32 PM)
وزراء الخارجية العرب يلوحون بسحب مبادرة السلام
العرض العادي
