غزة تعيش «العصور الوسطى» بانقطاع الكهرباء
غرق 80 بالمئة من قطاع غزة في ظلام دامس في الساعة الثامنة ليلا بعد أن توقفت محطة توليد الكهرباء عن العمل بسبب نفاد الوقود اللازم لتشغيلها جراء وقف إسرائيل إمدادات الوقود يدعمه إغلاقها المعابر والحصار المفروض من نحو 6 شهور، ودعت حركة المقاومة الاسلامية «حماس» العرب والأمم المتحدة الى الوقوف أمام مسؤولياتهم للجم العدوان مشددة على أن الشعب الفلسطيني لن يركع أمام محاولات تجويعه وقتله. كما دعت اللجنة الشعبية في القطاع المجتمع الدولي إلى إجلاء المرضى والنساء والأطفال الذين أمسوا يواجهون الموت على أسرة المستشفيات. فيما نقل مسؤول عن وزير الحرب ايهود باراك قوله أمام اجتماع حكومة الاحتلال أمس «إننا نجعل الحياة اليومية في غزة أكثر صعوبة .. نحاول ان نظهر للمجتمع الدولي اننا نستنفد كل الخيارات قبل ان نقرر عملية (حربية) واسعة».
وحذر رئيس سلطة الطاقة كنعان عبيد في مؤتمر صحفي في غزة، من تعاظم الكارثة الإنسانية، مؤكداً «عدم مقدرتنا على توفير الكهرباء للمستشفيات والعيادات الصحية وآبار المياه ومحطات الصرف الصحي وذوي الاحتياجات الخاصة»، مهيبا بالمجتمع الدولي والدول العربية والصليب الأحمر ووكالة الغوث الدولية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي «التدخل سريعاً لرفع الإغلاق والحصار واستئناف إدخال الوقود فوراً».
يذكر أن قطاع غزة يتزود بالكهرباء من محطة التوليد الوحيدة فيه والتي تغطي نحو 40 بالمئة من احتياجاته، اضافة لطاقة تصله من إسرائيل تغطي نحو 25 بالمئة من مناطقه (الشمالية) وتم انقطاعها، كما تصله نسبة 10 بالمئة من مصر تغطي جزءا بسيطا من مناطقه (الجنوبية). ويعيش 400 ألف نسمة في مدينة غزة لوحدها بين مليون ونصف المليون نسمة مجموع سكان القطاع.
وقد قررت حكومة الاحتلال الإسرائيلي خلال جلستها الاسبوعية امس مواصلة العدوان على القطاع في ظل الحصار المفروض من شهور طويلة. وقال إيهود باراك وزير الحرب ان قواته ستواصل هجماتها ضد القطاع فيما ستستمر الاستعدادات لتنفيذ عملية حربية أوسع.
وشن الطيران الحربي غارة أصيب فيها 4 فلسطينيين في منطقة السودانية شمال القطاع، كما افاد مصدر طبي وشهود. وقال المصدر الطبي ان احد الجرحى الاربعة في حالة خطرة. وأعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي، ان مجموعة من عناصرها نجت من الغارة. وكان العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة قد أسفر خلال الأيام الخمسة الماضية عن استشهاد نحو 40 فلسطينيا وإصابة العشرات بينهم العديد من المدنيين والأطفال. واستعرض باراك أمام أعضاء الحكومة الاسرائيلية نتائج العدوان على قطاع غزة بما فيها تكثيف عمليات الاغتيال ضد مطلقي الصواريخ وضرب البنية التحتية للمقاومة إضافة إلى إغلاق المعابر. وقال بحسب ما نقل عنه مسؤول «اننا نجعل الحياة اليومية في غزة أكثر صعوبة .. نحاول ان نظهر للمجتمع الدولي اننا نستنفد كل الخيارات قبل ان نقرر عملية واسعة» عسكرية.
ومنذ نحو 6 شهور، يعيش أهالي قطاع غزة وضعا إنسانيا متدهورا، في ظل إحكام الحصار الذي يفرضه الاحتلال الصهيوني وعزله عن العالم الخارجي بشكل كامل.
وحذر مصدر بوزارة الصحة من ان انقطاع التيار الكهربائي «يؤثر سلبا على عمل المستشفيات والمراكز الصحية في قطاع غزة ويهدد حياة عشرات المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة»، مشيرا الى أن هذا الانقطاع أدى إلى تعطيل عمل غرف العمليات والعناية المركزة.
الناطق باسم اللجنة الشعبية لفك الحصار رامي عبده قال قبل قليل من اعلان وقف عمل محطة توليد الكهرباء «الآن هناك ما يقارب 450 مرضى الكلى مهددون بالوفاة وهناك عشرات الأطفال في الحاضنات مهددون بالموت المباشر .. نحن لا نناشد الآن من أجل ادخال الدواء .. نحن في قلب الكارثة المحققة .. الآن الآبار ومحطات معالجة المياه على وشك أن تتوقف مضخات المياه وعلى وشك أن تتوقف المستشفيات». وأضاف «المستشفيات أوقفت كل عملياتها الجراحية المتخصصة .. نحن نناشد من أجل إرسال المهمات الطبية الأساسية وبشكل عاجل، نداءنا اليوم الآن أن يفتح معبر رفح وبشكل فوري وعاجل لإدخال الأدوية والاحتياجات الإنسانية الضرورية لإغاثة المواطنين في قطاع غزة، المخابز الآن شبه توقفت عن العمل بشكل كامل».
وطالب عبده كل المؤسسات الدولية بالتحرك الفوري والعاجل، وقال «إذا لم تتحرك المؤسسات الدولية الآن فمتى تتحرك المطلوب من المؤسسات الدولية عادة عندما تحدث الكارثة، متسائلا .. لماذا تعجز المؤسسات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة إذا لم تتحرك عند وقوع الكارثة فمتى تتحرك».
ودعا عبده الشعب الفلسطيني للصمود في وجه هذا الظلم، وقال «نحن الآن لا نعول إلا على شعبنا وعلى صمود شعبنا وعلى تحرك شعبنا، وأعتقد أن شعبنا سيتحرك كالمارد وكالطوفان في وجه من يحاصره، ولا يمكن لشعبنا أن يموت ويرى أطفاله ونساءه تموت بين ناظريه، نحن لا نطالب بإخراج مقاومين للعلاج في الخارج نحن نطالب بإخراج المدنيين والنساء والأطفال للعلاج».
كما حذّرت حركة المقاومة الإسلامية «حماس» الحاكمة في قطاع غزة، من كارثة إنسانية ودعت العالم إلى تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية أمام ما تتعرض له غزة بفعل الحصار.
ووصف المتحدث باسمها الدكتور سامي أبو زهري الوضع في غزة بأنه «حُكم دولي بإعدام سكان غزة بالكامل»، وقال: «الجرائم الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة سواء من خلال مسلسل القتل أو إغلاق المعابر الذي يعني حكماً بالإعدام وقتلاً بطيئاً للشعب الفلسطيني، وهي جريمة ترتكب أمام مرأى من المجتمع الدولي الصامت حينا والمتواطئ حينا آخر».
وانتقد أبو زهري الموقف العربي مما تتعرض له غزة، وقال: «الأخطر أن هذه الجريمة تجري في ظل صمت عربي تام .. فغزة تعيش الآن كما لو أنها في العصور الوسطى في ظلام دامس وتفتقر إلى أدنى مستويات الحياة من الدواء والطعام وحتى المياه .. فالأوضاع كارثية كيفما تم تقليبها». واعتبر قيادي «حماس» أن الهدف من هذه الضغوط هو تركيع حماس والشعب الفلسطيني، وقال: «حركة «حماس» والحكومة في غزة تجري كل الاتصالات اللازمة مع جميع الأطراف المعنية بالوضع في غزة، ولكن الحركة لن تقبل بأي حال من الأحوال الاستسلام للشروط الصهيونية، ونحن نؤكد مع هذا المستوى الخطير للأوضاع في غزة إلا أن الشعب الفلسطيني لن يرفع الراية البيضاء ولن يستسلم، وعلى الأمة العربية أن تجيب على السؤال أمام ربها وأمام التاريخ جراء صمتها على هذه الجريمة. أما نحن في «حماس» وفي غزة عموما فإننا أكثر صلابة من أي لحظة مضت، ونرفض الخنوع لأي إملاءات سواء من الاحتلال أو من أي أدوات فلسطينية تخضع له».
وبعد انقطاع آخر موجة كهرباء مباشرة، خرج الآلاف في تظاهرة في غزة في مسيرة شموع نظمتها اللجنة الشعبية للتنديد بالحصار ومطالبة المجتمع الدولي بالضغط على اسرائيل.
وطالب نبيل أبو ردينة الناطق باسم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، إسرائيل، بأن ترفع «فورا» الحصار المفروض على قطاع غزة وقال ان عباس «دعا الى عقد دورة خاصة لمجلس جامعة الدول العربية لبحث الامر بشكل عاجل وبعث برسائل عاجلة الى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون واعضاء اللجنة الرباعية الدولية، كما ناشد اعضاء المجتمع الدولي بضرورة التحرك السريع والفوري».
لكن عباس دعا المقاومة الفلسطينية الى وقف إطلاق صواريخها اليدوية على المستوطنات الإسرائيلية، واعتبر المتحدث باسمه أنه ينبغي «عدم اعطاء اسرائيل العذر لاستمرار عدوانها واقتحاماتها وحصارها».