الله نشد يا حمود عن معرفة يوم.. القصة والقصيدة

[خلف الغريب]

الله نشد يا حمود عن معرفة يوم=وحنا ثمان سنين يا حمود جيران
يا حمود يظهر لك رفيق من القوم=ويظهر من الربع الموالين عدوان

نظرا لكثرة السؤال والاختلاف حول هذين البيتين الشهيرين ومناسبتهما وقائلهما احببت ان ابين حقيقة
هذه الأبيات
ومناسبتها وشاعرها في هذا الموضوع فأقول :

الأبيات السابقة من اشهر ابيات الشعر عموما لما تحتويه من حكمة وجمال وقد اخطأ الكثير من الرواة
في نسبتها لعدد من الشعراء ومنهم الشاعر الكبير نمر بن عدوان حيث نسبوها له متوهمين لأن له
قصيدة على نفس الوزن والقافية يسند فيها على الشيخ جديع بن قبلان بن ملحم امير المنابهة من
عنزة واشتهر هذا الخطأ حتى اعتقد الكثير بصحته غير ناظرين لموضوع الأبيات الذي يختلف جذريا
عن موضوع جديع بن قبلان الذي هو رثاء في زوجته وضحا ....
نمر يرثي زوجته ويسند على جديع بن قبلان فيقول :

البارحة فزيت من غيهب النوم=جاني حبيبي واختفا عقب ما جان
فزيت مذهول من العقل معدوم=مالي بعد وضحا خليل وخلان
طيف تصور لي خياله مع حلوم=واصبحت من حلمي جثيم وحيران
يلومني بموالفي كل مليوم=قالوا سفاهة زاد نمر ابن عدوان
عسى توطا لا يمي دولة الروم=ولا عسى يبلاه رهط من الجان
يا جديع يا مشكاي يا مفني الكوم=فقد الخليل مصيبتي يا ابن قبلان
يا جديع طير الحظ ما يدرج الحوم=الله لا يجزا طير حظي بالأحسان
بكيت انا وعقاب يوم بأثر يوم=جار الزمان وباغت اليتم سلطان

وكان رد الشيخ جديع بن قبلان على نمر بن عدوان بقوله:

يا نمر ما صابك من الله مقسوم=أصبر وعالج ضامرك يابو سلطان
ان مات حي قيل يا نمر مرحوم=اطلب لمفقودك من الرب غفران
الا ولا حي من الموت معصوم=اعرف ترى دنياك ما فوقها فان
دنياك هذي بين هازم ومهزوم=ما أنت الوحيد بفقد غالي وخلان
ما قدر المولى على العبد محتوم=الله جعل للروح حد وديان
كل عليه من أسود الوقت مثلوم=من ظيم بقعا يشتكي جان وانسان
الله يجيرك يالسنافي عن اللوم=عزاه يا مروي شبا لامع الزان
يا نمر من ضيم الولي مانت مضيوم=الله بخلقه ماين يابن عدوان
الصبر زين وينفرج كل مكتوم=كم واحد مثلك توطته الازمان
الحلم يجعل صاحب العقل مهموم=طيف الليالي مابها غير نقصان
لا عاد عند الناس يا نمر محشوم=دور عوضها عند حضر وبدوان

نلاحظ فيما سبق ان القصيدتين لم يحتويا على أي شيء من الجيرة والعداوة بل هي رثاء للزوجة وتوجد ونصيحة من جديع له ..
كما ان الديوان الذي اصدره الباحث الاردني روكس العزيزي لم يحتوِ على الأبيات الشهيرة ابدا وهذا هو الحق ...






الأبيات المسؤول عنها هي للشاعر مفضي بن ولمان الأحمدي الحربي وقد جاور العليان من من عبده من شمر
( ربع معشي الذيب )
وتزوج منهم وانجب ولده حمود وبعد ان كبر حمود حصل مضايقة له من ابناء خاله اثناء لعب او ما شابه
فرحل مفضي عائدا الى قبيلته بعد ثمان سنوات من الجيرة وقال قبل ان يرحل :

ياحمود عن ديرة خوالك جلينا=شف دلوهم من يمنا تزحم الجال
ليا صار ما قربك يحشم علينا=شوري عليك نقلط الزمل نشتال

ولكن لم يرق الجو لمفضي هناك فقرر الرجوع الى العليان الذين يسكنون ضواحي جبل رمان فرجع لهم وقال هذه الأبيات الشهيرة :

يا حمود هات الزمل نبعد عن الدوم=نبي عربنا يم اطاريف ( رمان )
يا حمود والله ما علينا بها لوم=ما استانس الا وسط نزل ( العليان )
ما كني الا عندهم باشة الروم=ارجح بميزاني على كل ميزان
( الله نشد يا حمود عن معرفة يوم=وحنا ثمان سنين يا حمود جيران
يا حمود يظهر لك رفيق من القوم=ويظهر من الربع الموالين عدوان )

والقصيدة تدل على الحدث بوضوح ...
وبعد عودته وسماع هذه الأبيات قام العليان بمنحه عدد من النخيل ( حير نخل ويسمى حوطة ) من نخيلهم الواقعة
قرب الروضة جنوب شرق حايل ولا زال يسمى بــ( حير الأحمدي ) كما افادني بموقعه اخوي فواز الغسلان ..

اتمنى اني قدمت ما يفيد ...