بالصراخ والحركات المصطنعة
شعراء يحولون الامسيات إلى "حراج "
للحضور المنبري آدابه وأصوله التي يجب على الشعراء تعلمها والالتزام بها
انتشرت في الآونة الاخيرة ظاهرة صراخ الشعراء أثناء الأمسيات الشعرية وهو الأسلوب الذي حير وأزعج الكثير من المتابعين في الساحة الشعبية حيث أصبح بعض الشعراء يعتمدون أسلوب الصراخ والانفعال المصطنع أثناء إلقاء قصائدهم وكأنهم في ( حراج سيارات ) , وربما ارادوا بذلك محاكاة الشاعر الكبير خلف بن هذال الذي تميز بإلقائه الناري لقصائده الوطنية , غير أنهم نسوا أن طريقة إلقاء خلف لها ما يبررها لأن قصائده في منابر المناسبات الوطنية حماسية الطابع ولا يمكن أن تلقى إلا بهذه الطريقة وإلا فإنها تفقد بريقها .
أما الصراخ الذي نسمعه من بعض الشعراء في الأمسيات التي تقام هنا وهناك لا يمكن أن نجد له مبررات تجعلنا نتقبله بسهولة , فالقصائد الغزلية والوجدانية من المفترض أن تلقى بطريقة مغايرة لا يمارس فيها الشاعر الصراخ أثناء إلقائها , والملاحظ أيضاً وبشكل كبير على هذه الفئة من الشعراء هو استخدامهم المبالغ فيه لحركات اليد والبعض منهم يذهب الى أبعد من ذلك سواء بتحريك رأسه بقوة لإزاحة ( غترته أوعقاله ) من على رأسه أو القيام بحركة أخرى مفاجئة بطريقة مسرحية معينة قاصداً بذلك ممارسة الخداع البصري للجمهور لصرف انتباههم عن عيوب قصائده سواء من ناحية الألفاظ أو المعاني و حتى الوزن والقافية .
المشكلة الحقيقة هي أن هؤلاء وجدوا تشجيعاً من منظمي الأمسيات خاصة الجهلة منهم الذين يعتبرون أن هذا النوع من الشعراء هم الشعراء الحقيقيون وأنهم جاذبون للحضور , فكلما كان الشاعر كثير الهيجان على منصة الأمسية ويتحرك بطريقة لا شعورية كانت له الأولوية في توجيه الدعوات , ولهذا السبب بات الآخرون من الشعراء ينحون هذا المنحى طمعاً للوصول إلى النجومية والحضور المكثف في الأمسيات .
هناك شعراء رائعون بحق وحضورهم رائع توجه لهم الدعوات أحياناً في مهرجانات لها ثقلها وبمقابل مادي محترم يرفضون هذه الدعوات بعد أن يعلموا بأنهم سيجلسون بجانب شاعر من شعراء ( الصراخ ) وهذا الرفض لا يرجع لعدم ثقتهم بأنفسهم ولكنه راجع لاحترامهم للشعر وللجمهور لذلك يرفضون المشاركة في أمسية أحد أطرافها يمتهن الشعر ويستخف بعقول جمهور الشعر , ومن رابع المستحيلات أن يتحولوا هم الى شعراء ( مسرحيين )!
من الواجب هنا ان يتم وضع حلول سريعة لهذه الظاهرة من قبل منظمي الأمسيات وأن يتم تنبيه شعراء ( الصراخ ) من قبل المقربين منهم بأن مثل هذه الأساليبت باتت مكشوفة للمتلقي ولا تخدم الشعر ولا الشاعر نفسه فالشعر له معان شاعرية جميلة وراقية حملتها من اسمة تتطلب من الشاعر أن يراعي ذلك وألا يندفع في الإلقاء ليتحول الى صراخ والكف عن الحركات غير المبررة ويريد بها ابهار الجمهور والتي ستنعكس بكل تأكيد سلبياً لتصبح هناك حالة من الفوضى بالقاعة ربما كان هو والمنظمون والجمهور وحتى الساحة الشعبية بأكملها في غنى عنها , ومن المهم أيضاً أن نقول ان رفضنا للصراخ لا يعني قبولنا للإلقاء الضعيف الذي يقتل القصيدة , ويبقى الشاعر الجيد والمتمكن هو من يستطيع إمساك العصا من النصف فلا صراخ مزعج ولا ضعف في الإلقاء ممل يجعل الجمهور يندم على حضوره ويفقد الأمسيات الشعرية توهجها وتميزها.
مع شكري وتقديري واحترامي لجميع الشعراء
&&&&&&&&&&&&