الخنساء
24هـ _646م
هي تماضر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد والخنساء لقب غلب عليها لقبّت تشبيهاً لها بالبقرة الوحشية في جمال عينيها خطبها دريد بن الصّمة فارس هوزان وسيد بني جشم فردته لكبر سنه فهجاها فلم تردّ عليه فسئلت بذلك فأجابت : لا أجمع عليه أن أردّه وأهجوه
تزوجت أوّلاً رواحة بن عبدالعزيز السلمي وسماه الأغاني والعقد الفريد عبدالعزّى ولعلّ هذا الإسم الوثني كان له قبل إسلامه فلمّما أسلم استبدل به اسم رواحة أو أنه كان لقباً يعرف به فولدت له عبدالله ويكنى بأبي شجرة ثمّ خلف رواحة عليها مرداس بن أبي عامر السلمي فولدت له يزيد ومعاوية وعمراً وعمرة
وامّا ظهر الإسلام أسلمت الخنساء مع قومها بني سليم وانبعثت مع المسلمين لفتح بلاد فارس ومعها أولادها الأربعة فقتل أولادها في وقعة القادسية سنة 16هـ فقالت لما بلغها خبر مقتلهم : الحمد لله الذي شرفني بقتلهم وأرجو من ربّي أن يجمعني بهم في مستقر الرحمة
والخنساء من شواعر العرب المعترف لهنّ بالتقدم أجمع الشعراء ورواة الشعر القدماء على أنه لم تكن امرأة قبلها ولا بعدها أشعر منها في الرثاء وعدّوها في الطبقة الثانية
قيل سئل جرير من أشعر الناس فقال : أنا لولا هذه الخبيثة يعني الخنساء , وقال بشار فيها : لم تقل امرأة قطّ شعراً إلاّ تبيّن الضعف فيه . فقيل له :أو كذلك الخنساء ؟ قال : تلك فوق الرجال
وكانت الخنساء في أول أمرها تقول الشعر ولا تكثر حنى قتل أخواها معاوية وصخر فحزنت عليهما حزناً شديداً وخصوصاً على صخر وكان أحبهما إليها لما كان عليه من الحلم والجود والتقدم في عشيرته والشجاعة وجمال وجه ففتق الحزن أكمام شاعرتها فنطقت بشعر هو آهات نفس لائعة ونفثات صدر متألم حزناً ودموع قلب جريح
وعلى سذاجة معانيها وتكّرها ومغالاتها في وصف حزنها ومناقب أخيها صخر فشعرها محبّب , قريب إلى القلوب بما فيه من عاطفة صادقة , ملتهبة لوعة وبما فيه من وفاء أخويّ صحيح
/
\
/
\
ومن مقتطفات شعرها
لهفي على صخر
لهفـي علـى صخـر فإنـي أرى لــه
نـوافـل مــن معـروفـه قــد نـولـت
ولهفي على صخر لقد كان عصكـة
لـمــولاه إن نـعــلّ بـمــولاه زلّـــت
يـعـود عـلـى مــولاه مـنـه بـرأفــة
إذ ا مـا الموالـي مـن أخيهـا تخلـت
زكـنــت إذا كـــفّ أتـتــك عـديـمـة
ترجـي نــوالاً مــن سحـابـك بـلّـت
ومختنق راخى ابـن عمـرو خناقـه
و غـمـتـه عـــن وجــــه فـتـجـلـت
وظاعنـة فـي الحـيّ لـولا عـطـاؤه
غـداة غـد مـن أهلهـا مــا استقـلـت
وكـنـت لـنـا عيـشـاً وظــل ربـابـة
إذا نحـن شئنـا بالـنـوال استهـلـت
فتًـى كـان ذا حـلـم أصـيـل وتــؤدة
إذا ما الحبى من طائف الجهل حلت
ومـــا كـــرّ إلاّ كـــان أوّل طـاعــن
و لا أبصـرتـه الحـبـل إلاّ اقـرشـت
فيـدرك ثـأراً ثـم لـم يخطـه الغـنـى
فمثل أخـي يومـا ً بـه العيـن قـرت
فـإن طلـبـوا وتــراً بــدا بترابـهـم
ويصبـر يحميهـم إذا الخيـل ولّــت
فـلــســت أرزاً بــعـــده بــرزيّـــة
فــأذكـــره إلا ســلـــت وتــجــلًــت
ضاقت بي الأرض
ضاقت بي الأرض وانقضت محارمها
حـتــى تـخـاشـت الأعـــلام و الـبـيـد
و قائـلـيـن تــعــزّي عــــن تــذكــره
فالصـبـر ! لـيـس لأمــر الله مــردود
ياصخر قـد كنـت بـدراً يستضـاء بـه
فقـد ثـوى يـوم مـتّ المـجـد والـجـود
فاليـوم أمسيـت ل ا يرجـوك ذو أمـل
لمـاّ هلكـت وحـوض المـوت مــورود
ورب ّ ثغـر مـهـول خـضـت غمـرتـه
بالمقـربـات عليـهـا الفتـيـة الـصّـيـد
نصبـت للـقـوم فـيـه فـصـل أعينـهـم
مثـل الشهـاب وهــى منـهـم عبـاديـد
قراءة ممتعة أتمناها لكم