أثبتت الدراسات والبحوث أن 85% من سلوك الطفل نابع من علاقته بأمه ، وأن الطفل المتزن ، المنسجم الشخصية ؛ لا يكون إلا في أسرة متحابة متفاهمة .
وفي عام 1920 لاحظ المسؤولون وفاة ما يقارب من 37% من أطفال الملاجئ في أميركا دون أسباب مرضية ظاهرة . ولم يكن هناك تفسير علمي لهذه النسبة التي تعد مرتفعة إزاء ما يتلقاه أطفال الملاجئ من رعاية صحية عالية : يتناولون غذاء صحيا ، ويلبسون ملابس نظيفة ، ويلعبون ويلهون . حتى الذين يعيشون كان عندهم ضعف في العلاقات الاجتماعية وضعف في النمو العقلي وظلت الحيرة مسيطرة حتى لوحظ أن أحد الملاجئ تنعدم فيه نسبة الوفيات بين أبنائه من يتامى ومجهولي الأبوين . وبعد البحث تبين أن هناك سيدة متقدمة في العمر ، تقطن قريبا من الملجأ، تأتي كل يوم ، وتمر على سرير كل طفل ، الواحد تلو الآخر ، وتحتضنهم بالقرب من قلبها ، وتربت عليهم ، وتحرص أن تضع يدها على جلدهم مباشرة ، أو تضع أجسادهم الصغيرة على جسمها . و لقد لفتت هذه السيدة انتباه الموجودين في الملجأ إلى هذه الحركة . ولما سئلت عن سرها قالت : أنها تجعل الأطفال أصحاء . وحين قام العلماء بدراستها تبين أن الطفل يولد ونبضات قلبه سريعة ، وغير منتظمة أحيانا، لكن ملامسة الطفل لأمه تجعل قلبه ينتظم ونبضاته تصبح طبيعية.
ومن الملاحظات الطبية الجديرة بالاهتمام أيضا..أن الطفل الذي يحرم من أمه بعد الولادة ، ولا يحصل على احتضان وملامسة كافيين ، ينزل وزنه ويفقد حيويته.. ولذا يدعو أطباء بريطانيا إلى تواجد الأم، التي وضع طفلها في غرف العناية الخاصة ، أن تمتد يدها إليه لتلامسه .. وإذا سمحت الظروف أن تلصقه إلى صدرها حتى ولو لدقائق ، ولو اضطر الأمر إلى إزالة الأسلاك الموصولة به مؤقتا، فإن كانت هذه الأسلاك تلعب دورا في رعايته فإن احتضان الأم يلعب دورا أكبر.
ولنعد الآن أربعة عشر قرنا من الزمان ، ولنتأمل في بعض الأحاديث التي تحكي لنا عن مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم لرؤوس الأطفال بيده الشريفة في حديث صحيح رواه النسائي عن أنس رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزور الأنصار ويسلم على صبيانهم ويمسح رؤوسهم . وعن مصعب بن عبدالله قال : ولد عبدالله بن ثعلبة قبل الهجرة بأربع سنين ، وحمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فمسح وجهه وهكذا عزيزتي ، تدركين ماذا يحمله هذا المسح برأس الطفل ، وماذا يترك ضمه إلى صدرك من آثار عظيمة في نفسه وراحة كبيرة في في خاطره ؛ تعمل على نموه نموا سليما وعلى تقدم صحته تقدما ممتازا ، وزيادة مقاومته للأمراض وخلوه من الإحباط الذي يسببه الفقر العاطفي عادة .