الحركة الشعرية المعاصرة إلى أين المصير ؟؟
سؤال يفرض نفسه ويتلهف بشوق الى الإجابة العلمية المقنعه !!
من شاهد الحلقة التي حضر بها الشاعر المبدع ناصر الفراعنة ، لابد إن كان مهتم بالأدب و الشعر خصوصا
أن يتسائل إلى أين تتجه الحركة الشعرية المعاصرة ؟؟ و إلى أي المذاهب الأدبية تنتمي لكي نميز بين
النصوص المطروحة فليس من المعقول ان تكون المسابقة في الشعر الشعبي و تكون النصوص المطروحه تنتمي
الى مذاهب أدبية لاتمت للأدب الشعبي بصلة !! بل هي من نتاج أوربا وما حصل فيها من ثورة فكرية في عصر
النهضة !!
ثم هل المسابقة ( شاعر المليون ) للمحافظة على الهوية الشعبية لمنطقة الخليج أم هي مسابقة للتجديد في
الشعر الشعبي ؟؟ ان كانت الاولى فبها ونعمت وان كانت الأخرى فلماذا انتقد الشاعران المبدعان ( نزهان
الركاد الشمري و خلفان العماني) أليست اللجنه هي من اعترض على الرمزية وان المقام لا يصلح للرمزية و
ان واقع المسابقه هو المحافظة على الهوية الخليجية !!
الا تلاحظ معي ان الشاعر ترك موهبته الفطرية في وصف الجمال و بث الاشجان و تحريك العواطف و ضرب
الامثال و الحكم إلى استعراض العضلات في مسرح الرمزية و الالغاز و قفز حواجز الثقافة لبيان مدى اللياقة التي
يتمتع بها الشاعر .
اخشى ان يأتي يوم ونحضر امسيات شعرية تكون ( بلا كلام ) بل مجرد اشارات من الشاعر و حركات
بهلوانية وما علينا الا فك الطلاسم و الرموز لكي نعرف ما ارد الشاعر الفطحل من هذه الاسقاطات و الارتفاعات
و الصعود و الهبوط و الشقلبة الى اخر ما سمعنا من جمل متلاصفه !!
كلنا يعرف الكتاب العربي الشهير ( الف ليلة و ليلة ) وما أحدث في اوربا و الغرب من ثورة ادبية خلاقة
حتى قيل ان اكثر المذاهب الادبية الغربية خرجت من ثنايا هذا الكتاب الخطير وهذا الكتاب حوى كل
اصول فن الرواية و مباحثها ولكن ابز سمة جعلته يحدث هذه الثورة هي - اقحام عنصر الجن كأبطال في
القصة و كذلك الشطحات الخيالية التي يمجها المنطق السليم ونحن لا نلقي باللوم على المجتمع الاوربي
لانه مجتمع مصاب بهزال فكري ومجاعه ادبية سيطرت عليه قرون طويلة حتى سميت ( بعصور الظلام ) بينما
الامة الاسلامية العربية كانت بين المتعه و الفائدة عندما كانت تستمع الى قصائد المتنبي في مجلس سيف الدولة
الحمداني !!
هل ناصر الفراعنة ثورة شعرية جديدة ام تكرار لما سبق ؟؟
ناصر شاعر مبدع ومتميز ولكل شاعر ( خصوصية يعرف بها ) مثل ما عرف ابو نواس بشاعر الخمريات
و النابغة بشاعر الاعتذاريات استطيع ان اقول ان ناصر الفراعنه شاعر ( الجنيات ) !!
عندما استمعت الى مطلع قصيدته في شاعر المليون اصبت بالدهشه كيف اتى بهذ المطلع بكل جرأة !!
أين اللجنة عن هذا المطلع ؟؟ أين الجمهور ؟؟ و اخيرا اين الذين هم خلف الشاشات !!
لقد نقل ناصر الفراعنة قصيدة الشاعر الجاهلي عبيد بن الأبرص شاعر المعلقة العاشرة !! بحذافيرها ولكن
بلا شك زخرفها باسلوبه المتميز وطرزها بلغته الخاصة التي انفرد بها عن كل شعراء جيله واليك المقارنه
وعليك الحكم و الابانه
يقول عبيد بن الابرص وهو يصف (( رحلته ))
وهو يتحدث عن رحلته فهو قد ورد ماء آسنا وسلك طريقا مخوفا قفرا ، يحلق في سمائه الحمام ويسرى الخوف
في فؤاد سالكه ، وهو قد اجتازه صباحا وكان مجدا في قطعه غير متوان ومطيته ناقة ضخمه تخب في سيرها
وهي قوية متماسكة وحاركها مشرف ملس فكأنه الكثيب وهي ليست مسنه وليست صغيرة ولا تقدر على الصمود
أمام مخاطر الصحاري فكأنها حمار جون في جنبه آثار عض ، أو كأنها ثور قوي يرعى نباتا يدعى
الرخامى وهو يجري وتحيط بهمن كل مكان ريح قوية :
بل رب ماء وردته آجن = سبيله خائف جديب
ريش الحمام على أرجائه = للقلب من خوفه وجيب
قطعته غدوة مشيحا = وصاحبي بادن خبوب
عيرانة مؤجد فقارها = كأن حاركها كثيب
أخلف ما بازلا سديسها = لا حقة هي ولا نيوب
كأنها من حمير عانات = جون بصفحته ندوب
أو شيب يرتعي الرخامى = تلفه شمأل هبوب
الوجيب = الخفقان
صاحبي بادن = ناقة ذات بدن وجسم
خبوب = تخب في سيرها : تسرع
ويعود عبيد الابرص ويصف لنا في اثناء رحلته المرعبه ماذا راي من منظر يقشعر منه البدن خوفا
فيقول :
فأبصرت ثعلبا سريعا = ودونه سبسب جديب
فنفضت ريشها وولت = فذاك من نهضة قريب
فشتال وارتاع من حسيس = وفعله يفعله المذؤوب
فنهضت نحوه حثيثة = وحردت حرده تسيب
فدب من رأيها دبيبا = والعين حملاقها مقلوب
فجدلته فطرحته = فكدحت وجهته الجبوب
فعاودته فرفعته = فارسلته وهو مكروب
يضغو ومخلبها في دفه = لابد حيزومها منقوب
في اثناء رحلته و البرد يحيط به يصف عقاب بصرت بثعلب يركض نحوها وهو يقطع الصحراء
فرفرفت بجناحيها و ازاحت ما علق على جناحيها من جليد واستعدت للطيران فاحس بها الثعلب
فرفع ذنبه خائفا من صوت العقاب وفعل ما يفعل الفزع حين يدركه مالم يكن بالحسبان وركض الثعلب وقد جحظت
عيناه لما حل به من فزع ولكنها حطت عليه وطرحته وبات من تحتها يعاني الكربات ثم حطت عليه ثانية وانتزعته
وارتفعت به وهو كئيب يستغيث وقد غرست مخالبها في جنبه وثقبت صدره .
اما الشاعر ناصر الفراعنه فيقول :
ناقتي ياناقتي لا ربـــاع ولا ســـــديس ... وصليني لابتي من وراء هاك الطعوس
حايلاً رابع سنه من خيار العيس عيــس ... خفها لا درهمت كنه بالنار محسوس
في دجى خالي خلا لاحسيس ولانسيـس ... تنوخذ من شدة البرد طقطقة الظروس
في عيوني يكفخ الطير ويطيح الفــــريس ... وانتهض جساس من دون خالته البسوس
وفي خقوقي فرخ جنيتاً يضرس ضريـــس ... يوم اوردها هجوس واصدرها هجوس
في الختام : ناصر الفراعنة لم يأتي بشيء جديد يهز المتلقي كما اهتزت له جنبات شاطئ الراحة
والكلام يدور حول الحركة الشعرية المعاصرة ولايعني الشاعر ناصر الفراعنة بشخصه الكريم
هذه وجهة نظري وقد اكون مخطئ !! والعصمة لمن عصمه الله عزوجل .
واتمنى من اي شخص لديه رأي آخر او وجهة نظر اصوب ان يدلني
على الصواب فكل من علمني حرفا صرت له تلميذ بارا !!
وربما يصدق قول الشاعر :
ما بالقرايه راية(ن) بيضا ولا منها ذبيل=لا روحت خيل الطرد تبكي على هذابها
ودمتم بخير