أحبتي :
اسمحوا لي أن أرجع بأسماعكم إلى الوراء آلاف السنين ، ولكن آمُل أن يكون هذا الرجوع فيه استصحاب لعيني البصيرة .
إنها اللحظات التي تسبق وجود الإنسان في هذه الدنيا .
انظر هذا راكع وهذا ساجد .
الكون كله يوحد الله ... كله طائع لمولاه .
اسمع زجل التسبيح يسمع في كل الأرجاء .
تسبـحه نغـمات الطيــور * * * يسبـحه الظـل تحت الشجـر
يسبحه النبـع بين المـروج * * * وبين الفــروع وبين الثـمـر
يسبحه النور بين الغصون * * * يسبحه المساء وضوء القمر
الله
الشمس والبدر من أنـــوار حكمتـه * * * والبر والبحر فيض من عطاياه
الطيــر سبـحـه والوحــش مـجــده * * * والمــوج كبــره والحـوت ناجاه
والنمل تحت الصخور الصم قدسه * * * والنحل يهتف حمــدا في خلاياه
الله
{وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم } .
أحبتي :
حدث أذهل البشرية .. هذا آدم قد خلقه الله من طين ثم أمر الله الملائكة بالسجود له إذا نفخ فيه الروح { فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين } .
قبحك الله يا إبليس لقد عصيت ملك الملوك وتكبرت على من خلقك ولم تك شيئا فحق عليه اللعنة إلى يوم الدين .
إنها المعصية وعلى رأسها الكفر بالله .
ولكن منذ ذلك اليوم تسمع في دنيانا هذه عن معاص ٍ في حق الملك ما يشيب من هوله الولدان .
آدم عليه السلام يسكنه ربه الجنة فيوسوس إليه اللعين إبليس فيقع آدم في المعصية .
نعم عصى آدم ثم ماذا ، { وعصى آدم ربه فغوى } إنها الغواية بعيدا عن الله ، ولكن آدم الذي اجتباه ربه تلقى كلمات من ربه فتاب عليه وهدى .
أخي :
عينا البصيرة التي حدثتك عنها قبيل قليل تظهر خروج آدم من الجنة بمعصية واحدة ، فيا ويح من هو خارجها ثم يوالي المعصية تلو المعصية .
من نعصى ؟
ثم ليت شعري من نعصى ؟ !
إنه الله
الذي خلقنا من العدم وأسبغ علينا وافر النعم .
أيها العاصي
ألا تستحي ؟ !!!
حياتك كلها هبة من ؟ نَـفـَسُـك من أعطاك إياه ؟ و كم و كم تعرضنا للهلاك فحفظنا والفضل له ، و نعمه تغمرنا والفضل له .
ألا استحى المرء من كثرة نعمه علينا ؟ .
هب البعـث لم تأتنـــا رسله * * * وجاحمة النار لم توقــدِ
أليس من الواجب المستحق * * * حياء العباد من المنعــم
الله
فيا عجبا كيف يعصى الإ له أم كيف يجحده الجاحد
وفي كل شــيء له آيـــــة * * * تدل على أنــــه واحــــــد
فإن لم يقنع الترغيب فإن نذر الله إلينا تترى :
{ إن بطش ربك لشديد * إنه هو يبدئ ويعيد * وهو الغفور الودود * ذو العرش المجيد * فعال لما يريد }
ولو شاء ربك لما أبقى على ظهرها من دابة { ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة }
وإلا فأين عاد الشداد الذين جابوا الصخر بالواد ؟ أين فرعون ذو الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد ؟ أين ثمود؟ أين القياصرة ؟ أين الأكاسره ؟ .
والجواب : { فلما آسفونا انتقمنا منهم أجمعين } أي فلما أغضبونا انتقمنا منهم .
{ فصب عليهم ربك سوط عذاب * إن ربك لبالمرصاد } .
ولماذا نقلع ؟
أخي إما أنك تستشعر حرارة المعصية أو أنك لا تشعر بها .
، فإن كنت لا تشعر فويحك أسرع لأنه الران ، وهل تدري ما الران ؟
طبقة تغطي القلب لكثرة المعاصي فلا يشعر بعدها بحرارة الذنب .
قال تعالى { كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون } .
أي أنه حصل هذا الران بسبب كسب الذنوب والمعاصي .
رأيت الذنوب تميت القلوب * * * وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب * * * وخير لنفسك عصيانها