( بســــــــــــم الله الرحــمــــــــــن الــــــرحـــيـــــــــــم )
الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الهدى محمد صلى الله عليه وسلم ,,,,,,,,, أما بعد
أخواني أداريين ومراقبين ومشرفين وأعضاء وزوار منتدى شبكة ويلان العربية ، يطيب لي أن أنقل لكم كتاب أبطال من الصحراء للشاعر المرحوم الامير محمد بن أحمد السديري ، على أجزاء متتاليه ، ليتمكن القارئ من الاطلاع عليه دون ملل ، وأوردناه كما جاء في الكتاب دون نقص أو زيادة أو تحريف وخلافه .
نبذه مختصرة عن الكتاب والمؤلف
الكتاب من الحجم المتوسط يحتوى على 251 صفحة طبع مرتين الطبعة الثانية كانت عام 1420هـ
وهو الذي بين أيدينا الآن .
يحتوى كتاب ابطال من الصحراء على الإهداء و مقدمة عن الكتاب ومؤلفه بقلم الأديب عبد الله بن خميس عام 1398هـ ،ومقدمة المؤلف ، ثم يتحدث عن سعدون العواجي وأبنائه عقاب وحجاب، وساجر الرفدي ، وشالح بن هدلان ، ومحدى الهبداني ، وخلف الأذن ، ثم الفهارس ، وإيضاح لبعض الكلمات العامية .
اما مؤلف الكتاب غنى عن التعريف فهو الأمير الشاعر محمد الأحمد السديري رحمه الله .
اولأ : { سعدون العواجي }
الشيخ سعدون العواجي هو شيخ عموم قبيلة (ولد سليمان ) التي هي من أفخاذ قبيلة عنزه الكبيره ، له شأن بين قبائله ، ورئاسته لهذه القبيله عريقه، مطاعاَ بين افراد القبيله ، شجاعاَ ومشهوراَ بفروسيته، وشاعراَمجيداَ، اشعاره حماسيه....وكثيرة الفخر وكان محترماَ حتى عند أعدائه ، وله أبناء كثيرون ولكن لم يشتهر منهم سوى أبنيه عقاب وحجاب، وهما شقيقان.... أما بقية أبنائه فلم يشتهروا. وشهرة عقاب قد زادت على شهرة أبيه ، وكان من الابطال القلائل بنجد.
ولكن قبل أن يبرز أبناه وقبل أن يبلغا سن الرجوله ، حصل بين الشيخ سعدون وبين زوجته والدة عقاب وحجاب خلاف أدى الى طلاقها ، وذهبت الى أهلها في بلاد سوريه ، ومعها ابناها ، وهي من قبيلة الفدعان من عنزه الموجودين في سوريه ، وكان أخوال الشابين –عقاب وحجاب – مشهورين بين أفراد قبيلة الفدعان ، وقد تربيا في اخوالهما أحسن تربيه ، وبعد ان بلغا سن الرجوله خيلوهما وأصبحا فارسين يضرب بهما المثل ، رغم أنهما بعيدان عن والدهما ، وقد ألتف حولهما بعض من جماعتهما (ولد سليمان) من النازحين الى سوريه مع قبيلة الفدعان ،واصبح عقاب وحجاب يترأسان قسماَ من عشائرهما في سوريه ، أما الشيخ سعدون فقد بقي شيخاَ لجماعته (ولد سليمان ) في نجد ، الى أن برز شخص من أبناء عمه يسمى شامخ العواجي ،وأخذ ينازع سعدون الزعامه ،ويعرقل نفوذه على قبيلة (ولد سليمان ) ، مستهتراَ بأوامر الشيخ ، وأخذ يتحداه في كل مناسبه ن ويقـلل من قيمته عند القبيله ، ويضع العراقيل في وجهه ، واخيراَ أخذ مكان سعدون ،وتزعم القبيله ، وأخذ يعامل الشيخ سعدون معامله سيئه ، وقد وصل به الامر الى حقره وحظر عليه أن يورد أبله على أي منهل ترده قبائل (ولد سليمان ) قبل أن ترد أبل شامخ وأبل كل القبيله، ولم يجد الشيخ سعدون من قبيلة (ولد سليمان ) أي نصير ،أو سند يدفع عنه الضيم ، وبقي بينهم محتقراَ يتجرع ويلات الذل ...... وقد قال أشعاراَ بهذا كثيره ، سأورد منها البعض ..وهو الذي استقيته من رجال عنزه الطاعنين بالسن ، وهذه من بعض أشعاره :
الله مــــن هـــم بكــبـــدي ســعــرهـــا=دلَـــى يـمـل الـقـــلـب مــــل الــــشـــــواتـــــي
وش خـــانــة الــدنـيا ســـريــع دورهـا =لو أقـــبــلــن ســنــيــنــهـا مـقـــفـــيـاتـــــي
ومن عـقـب مـاني مـقـفـيٍ عـن نحرها=الــيــوم بــيــن الـــقــيـــن هو والــحــذاتــي
ومن عـقـب مانـلـبـس غرايب شـهرها=مــــن فــوق قــبٍ عــنــدنا مــكــرمــاتــــــي
يــوم أن خــيــال الــنــدم ماقـــصــرها=عــمــن جــــذت بــه نــفــهـــق الاولاتــــــي
والــيـوم طــيــبـنـا عــلى الشـيل مرهـا=ياحـيـــف مانــســتــاهــل الــمــعــســراتـــي
حــلال عـــقـــدات كــبـــار عـــبــرهـا=وخــالــق نــجــوم بـالـسـمـا ســاهــراتــــــي
مامــال الا فـــارغ مـــن زبـــــرهـــــا.=ولا حـــــي الا مــقــتــفــيــه الــمــمــاتــــــي
يــارازق الــلــي مــابــعــشــه ذخــرها=طـيــور الــهــوى فــي قــدرتــك عـأيـشــاتي
تــفــرج لــمــن عــيــنـه تزايد سهـرها=ألــطـــف بــنــا يــاعـــالــم الــــخــافــيــاتـــي
يــالـلــي خــلـقــت أقــفارها مع بحـرها=يــامــن بــحــكــمــك تــجــري الــكــايــنــاتـي
أوجــســت مــن حـر اللــيالي سـعــرها.=وذكــرت طــيــب أيـامــنــا الــفــايــتــــاتـــــي
ونــشــدت ويــن اللـــي يـنـثـر حـمـرها=وقــمــت أتــذكــر ويــن حــروة شــفــاتـــــــي
اللــي الــى الــخــيــل خــبــث كــدرهـا=صــوتـه ذعــار الـــقــرح الــصــافـــنــاتـــــي
عــقــاب الــسبــايا كـان جـاهــا ذعـرها=عــوق الــعــديـم ومــشــبــع الـــحــايـمـاتـــــي
لقد تألم بهذه القصيده ،وذكر الدنيا وميلاتها ، وتذكر ركوبه للجياد ، وأنه يرجع على الخيل الكاره ، ويهزم السابقات من خيل الاعداء ،وينقذ من تخلفت به جواده من رفاقه ، أنه لايستحق المعسرات ، لأنه اصبح العوز به ضاراً، حتى انه لا يستطيع ان يجد ما يحمل عليه امتعته ، ثم رجع الى ربه وطلب منه الفرج ، وقال هو الذي سبحانه يرزق الطير بأوكارها ، وهو الذي بأمره تجري الكائنات، ثم تذكر أبنه عقاباً ، وأشاد به ، وأخذ يسأل عنه وقال : من الذي ينثر الأحمر ؟ يقصد دماء الأبطال . أين الذي يرعب الخيل ، ويكدر صفوها ؟ أين الذي من زأرته تنفر الصافنات , ويدخل الرعب في قلوبها ، وقلوب فرسانها ؟ أنه عقاب الخيل ، ومشبع الطير من لحومهم ثم أردف بهذه القصيده الأخرى ، بين فيها أنه قد عزم على الرحيل ، ليفارق شامخاً وغطرسته ، وعندما لاحظه بعض الذين يعطفون عليه ، يجمع أمتعته ويحملها على رواحله أخذوا يلومونه وحاولوا أن يثنوا عزمه ، ولكنه أصر على الرحيل ، وقال في قصيدته أن شامخاً لاينصاع للحق ، لذلك فهو سيبتعد عنه ، ويعالج آلامه بالفراق، لأن في البعد سلوى له :
قـــالوا تــحــورف قــلــت يالــربع نــجــاع= وقــالــوا تــقــيــم وقــلــت يــالــربـع مـا قــيــم
قــالــوا عــلامــك قــلت من قــل الأفـــزاع=صــيــحــة خــلا مــاعــنــدي الا الــهــذاريـــم
والــى بــغــيــت الحــق من شامـخ ضـــاع=يــطــرم عــلـي دايـــخ الــــراس تــــطــريـــــــم
يــبــعد عــن الــفــالات طــقــه بالاصـباع=مــن قـــلــة الــلــي يــضــربــه بــالــلـهــازيـــم
ليــا صــار ما تـوفـي عـمـيـلك من الصاع =ما يـنــقـعــد لـك عــنــد حــصــن الــنــواهــيـــم
شــبــرٍ مــن الــبـيـدا يــعــوضك الأفــزاع=وســـود الــلـيـالــي يــبــعــدنـك عــن الـضــيــم
ولكن هذا لم يكن به حل لامره ، فهو اذا ابتعد عن قبيلة (ولد سليمان ) سيكون لاجئــاً عند أحدى القبائل ، وهذا يرى ان فيه نقصاً عليه بعد العز الرفيع الذي كان عايشاً فيه ، واذا أنفرد وحده في فيافي نجد فسوف يكون لقمه سائغه لبعض الغزاة من الصعاليك ، وهو لايستطيع وحده حماية نفسه ، ولذالك فقد رجع بعد ان رحل مرغما ، بهذه الظروف زاد شامخ بطغيانه وتجبره على سعدون ، الرجل الطيب الوقور الشجاع ، جرى هذا كله على سعدون ، وأبناه عقاب وحجاب عند أخوالهما بالاراضي السورية ، ولهما (مخصصات ) عند الدوله العثمانية ، مثل بقية مشائخ عنزة الموجودين بسورية . والمواصلات بينهم مقطوعة ، وأخيراً لفت نظر سعدون شخص من الذين يعطفون عليه ، ان يكتب لأولاده ويشكو اليهم ويخبرهم بأعتداء شامخ على جميع سلطاته ، فكتب سعدون لأبنيه هذه القصيدة :
يــاراكـب مــن عــنــدنا فـــوق مــــهـــذاب=مـــامــون قــطـاع الــفـــيــافـي الى أنــويــــت
عــنـد الــفـضــيـلة عـد يـومـيـن بـحــســاب=أول قــراهــم قــول يــاضــــيـــف حــيــيــــت
حـــرٍ صــغــيــر وتــوما شــــق لـه نــــاب=وعــقــب الــقــرا ودع رجــالٍ لــهــم صـيـت
وليــا ركــبـتــه ضـــربـه خــل الاجــنـــاب=وأنـحــر لـنـجــم الـجــدي وان كــان مــديـــت
وأسـلـم وسـلـم لي عـلي عـقـاب وحـجـــاب=ســلــم عـلـى مــضـنـون عــيـني الـى ألـفـيــت
بـالحــال خـص عـقـاب فـكـاك الأنــشـــاب=يـنـجــيــك كـان أنـك عــــن الــحــق عــديـــت
قـل له ترى شامـخ شـمـخ عـقـب ما شــاب=ويـا عــقـــــاب والله ذلــلـــــونـــي وذلـــــيـــت
ويا عـقـاب حــدونـي على غـيـر ما طـــاب=وقــالــوا تــودر مـن ورى الــمـاء وتــعــديـت
مـن عـقـب مـاني سـتـرهم عـنـد الأجــنـاب=ولــيـا بــلــــتــهــم قـــالـــةٍ مـــا تـــتــقـــيــــت
مــا دام شــامــخ مــالـكٍ جــرد الأرقـــــاب=لــو زيــن الـفــنــجــال لـي مـا تــقــهــويــت
يـاعـقـاب حـط بـثـومـة الـقـلـب مــخـــلاب= مــن الــعـام فــي نــوم الــعـرب مــاتهــنـيــت
عـقـب الـمـعـزة صـرت ياعـقـاب مرعـاب=والــنـاس حـــيــيــن وأنــا عـــقـــبـكـم مــيــت
من الضيم ياعـقـاب الـسرب عارضي شاب=واذويـت مـن كـثـر الــعــنـا وأســتـخــفــيــت
فــاتــن ثـلاث ســنــيــن والــنــوم مـاطــاب=وشـكـواي مـن صـدري عــبـار وتـنـاهــيـت
الــبــيــت مــا يــبـنـى بـلا عــمـد وأطـنـاب=مــتـى يــجــيــنـا عــقـاب يــبــي لـنا الـبـيـت
مــالـي جــدا الا عــضــة الــبــهـم بـالــنـاب=وراعـيــت كـثـر الحـيـف بالعـيـن وأغـضيـت
أرجــي بــشــيـر الـخــيـر مـع كـل هــبــاب=ومـتى يجـونا أخــوان نـمــشـه عـلى الـصيـت
ولا بد أن القاري لاحظ مرارة شكوى سعدون لأبنيه ، وحرارة الذلة، وكيف أنه أصبح مهاناً بين قومه، بعد ماكان يحمي حماه ويقوم بنائبات القبيلة ، وقد شكى لأولاده وبين كل ما يلاقيه من شامخ ، ثم أثنى على عقاب ، وناداه ليجلي الضيم عنه ، ويفرج كربته ، وأخيراً قال أنه يرجو البشير الذي يبشره بمقدم أبنيه مع الرياح المنطلقه
وتساءل متى يصل أخوان أبنته نمشه اللذان كان لهما صيت .
والى جزءٍ اخر ان شالله ودمتم