قال الله تعالى (قل تعالوا أتل ماحرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحسانا، ولاتقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولاتقربوا الفواحش ماظهر منها ومابطن ولاتقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق،ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون، ولاتقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفساً إلا وسعها ،وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا . ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون ، وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ) الأنعام
قال عبدالله بن مسعود رضى الله عنه (من أراد أن ينظر إلى وصية محمد صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمه فليقرأ قوله تعالى :( قل تعالوا أتل ماحرم ربكم عليكم ـ إلى قوله ـ وأن هذا صراطي مستقيماً) الأنعام
هذه الوصايا هي الطريق الوحيد لإنقاذ البشرية المعذبة واللإنسانية الحائرة فما أحوجها إلى هذه المبادىء السامية.
لقد وصلت الإنسانية في تسخيرها للطبيعة وسيطرتها على كثير من أسرار الحياة مبلغاً لم تكن تحلم به ولكنها للأسف تراجعت خطوات قاتلة إلى الوراء في إيمانها وعقيدتها وأخلاقها ونظام حياتها وتركت أمر دنياها فوضى لاتحكمه إلا قوانين البشر تلك التي ثبت بالتجربة قصورها وفسادها بل وضررها.
وهذه الوصايا هي كالمشعل الذي يستنير به من مشى على هديها في ظلمة الليل البهيم قال تعالى:( أومن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها )الأنعام
الوصية الأولى: (ألا تشركوا به شيئاً )
هذه هي القاعده الاولى والركيزه الاساسيه التي يجب الاعتناء بها قبل الدخول في التكاليف والفرائض فاخلاص العباده من شوائب الشرك والوثنيه امر لابد منه ولاتقبل أي عبادة من العبادات مالم تكن العقيدة سليمه
قال تعالى: ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ) النساء. قال تعالى:( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولايشرك بعبادة ربه أحدا) الكهف .فيجب ابتداء أن يعترف الناس بربوبية الله وحده لهم في حياتهم كما يعترفون بألوهيته وحده في عقيدتهم لايشركون معه أحداً في ربوبيته وألوهيته ولا يلحدون في أسمائه وصفاته ويعترفون له بأنه المتصرف في شؤون هذا الكون وأنه المتصرف وحده في شؤون العباد كلها وأن له الحاكمية على خلقه أجمعين. والشرك هو أعظم الذنوب ولا يغفر الله لمن مات عليه كما قال تعالى :(ان الله لايغفر أن يشرك به ) النساء.
الوصيه الثانيه : (وبالوالدين إحساناً)
الإحسان أرقى درجات الأعمال وأعلاها منزلة وهو ثمرة اللإيمان وقمة اللإسلام. والإحسان مطلوب في كل شئ
فكيف إذا كان الأمربالإحسان إلى الوالدين, فإن ذلك أمر توجيه الشريعة الإسلامية ,وهو صفة من صفات الأنبياء
قال الله تعالى عن يحيى عليه السلام: (وحناناً من لدنا وزكاة وكان تقياً وبراً بوالديه ولم يكن جباراً عصياً )مريم
وهذا رسول الهدى محمد صلى الله عليه وسلم يبين منزلة الوالدين ويؤكد ما جاءت به وصايا القراَن الكثيره
باللإحسان إليهما فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم " لا يحزي ولد عن
والده إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه " رواه مسلم وقال رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف من أدرك أبويه عند
الكبر أحدهما أو كلاهما فلم يدخل الجنه . رواه مسلم واللإحسان اليهما قرين الصلاة والجهاد في سبيل الله " أي العمل أحب إلى الله ؟ قال: الصلاة على وقتها قال ثم أي ؟ قال: بر الوالدين. قال ثم أي ؟ قال: الجهاد في سبيل الله ".أخرجه البخاري ومسلم .
والإحسان إلى الأم يزيد عن اللإحسان إلى الأب نظراً لما عانته من مشقة أثناء الحمل والولادة والرضاع والسهر
ولذلك يحرم عقوق الوالدين أو اللإساءة إليهما بالقول أوالفعل قال تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلاياه وبالوالدين
إحسانا , إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أوكلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولاتنهرهما وقل لهما قولاً كريماً, واخفض لهما
جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً ) الأسراء .
الوصية الثالثة : ( ولا تقتلوا أولادكم من إملاق)
أي ولا تقتلوا أولادكم خشية الفقر لأن الله يرزقهم وإياكم قال البغوي في معالم التنزيل :( أي لا تئدوا بناتكم خشية العيلة فإني رازقكم وإياهم)تفسير البغوي 2/141 وفي معنى القتل قطع النسل وتحديده خوف الفقروكثرة العيال
الوصية الرابعة:( ولا تقربوا الفواحش ماظهر منها ومابطن ).
ماظهر منها يعني : العلانية وما بطن يعني : السر , وكان أهل الجاهلية يستقبحون الزنا في العلانية ولا يرون
به بأساً في السر، فحرم الله تعالى الزنا في العلانية والسر.وقال الضحاك: ماظهرالخمر, ومابطن الزنا.وليس الخمر والزنا
هما جميع الفواحش الظاهرة والباطنة وإنما هما جزء منها فالفواحش كل ما قبح وفحش فعله من القول أوالفعل
الوصية الخامسة:( ولا تقتلوا النقس التي حرم الله إلا بالحق)
حرم الله تعالى قتل المؤمن والمعاهد إلا بالحق، أي إلا بما أبيح قتله من ردة أو قصاص أو زنا يوجب الرجم.
عن عبدالله بن مسعود رضى الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لايحل دم امرئ يشهد أن لا إله إلا
الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث :الثيب الزاني،والنفس بالنفس،والتارك لدينه المفارق للجماعة)رواه مسلم.
والقصاص وإقامة الحدود تكون عن طريق ولي الأمر.
الوصية السادسة:(ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن)
يعني بما فيه صلاحه وتثميره. قال مجاهد:هو التجارة فيه, وقال الضحاك هو أن يبتغي له فيه ولا يأخذ من
ربحه شيئاً . تفسير البغوي 2/141 حتى يبلغ أشده : يعني الحلم. وبلوغ الأشد أن يؤنس رشده بعد البلوغ وهو استحكام
قوة شبابه وسنه . وقد حذر القراَن الكريم من أكل مال اليتيم, قال تعالى: ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً
إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً).النساء.
الوصية السابعة:( وأوفوا الكيل والميزان بالقسط).
القسط: هو العدل, والله سبحانه لا يكلف نفساً إلا وسعها وطاقتها في إيفاء الكيل والميزان فلم يكلف المعطي أكثر
مما يجب عليه ولم يكلف صاحب الحق الرضا بأقل من حقه حتى لا تضيق نفسه عنه بل أمر الله كل واحد منهما
بما يسعه مما لاحرج عليه فيه . وقد توعد الله سبحانه الذين يطففون الكيل والميزان بالعذاب الشديد يوم القيامه
قال تعالى :( ويل للمطففين, الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون)المطففين.
الوصية الثامنة:(وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى)
العدل والصدق مطلوب والشهادة بالحق أمر مطلوب وواجب على الأنسان أن يقول الحق ولا يحابي أحدا ًعلى
حساب اَخر حتى وإن كان الذي عليه الحق أقرب قريب لقوله تعالى:( ولو كان ذا قربى) وإن كانت النفس تبغض
صاحب الحق.قال تعالى:(ولايجرمنكم شنآن قوم على ألاتعدلوا )المائده . وإن كانت الشهادة على النفس أيضاً.
قال تعالى :( ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين) النساء.
الوصية التاسعة:( وبعهد الله أوفوا).
أي بوصية الله تعالى التي وصاكم بها أوفوا, وإيفاء ذلك بأن يطيعوه فيما أمرهم به ونهاهم عنه وأن يعملوا بكتابه
وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. ومن عهد الله قول الحق والعدل, ومن عهد الله وفاء الكيل والميزان بالقسط ,
ومن عهد الله أن لايقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن, ومن عهد الله حرمة النفس إلا بالحق, وقبل ذلك من عهد الله ألا يشركوا به شيئاً فهذا هو العهد الأكبر المأخوذ على فطرة البشر بحكم خلقتها .قال تعالى:( وإذ
أخذ ربك من بني أدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم
القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ) الأعراف. وعهد الله يكون بين العبد وربه ويكون بينه وبين الناس والوفاء بالعهد
واجب في كلتا الحالتين, ونقضه من كبائر الذنوب.
الوصية العاشرة:)وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله)
إنه صراط واحد وسبيل واحد يؤدي إلى الله فهذا هو صراط الله وهذا هو سبيله وليس وراءة إلا السبل التي تتفرق
بمن يسلكونها عن سبيله ( ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ) . فالتقوى هي مناط الأعتقاد والعمل والتقوى هي التي تهدي القلوب إلى السبيل الوحيد الذي هو صراط الله المستقيم الذي لاعوج فيه.
فاحرص على تنفيذ هذه الوصايا والتأدب بها فإن فيها السعادة في الحياة الدنيا وفي الاخرة
وفي عدم التمسك بها الشقاوة والخسران المبين.........
15/04/05, (02:46 AM)
الوصايا العشر
العرض العادي
