السيناريو الكارثي.. قراصنة « الهندي » عملاء إرهاب دولي
ميرغني معتصم - جدة
تستيقظ أقدم الجرائم في التاريخ، لتطالع العالم بسحنة جديدة تتبنى أساليب مستحدثة. القرصنة وممتهنيها، أولئك من لم نعتد مشاهدتهم إلا في أفلام السينما القديمة، يفاجئوننا اليوم على نحو فعال وحيوي في السواحل الصومالية. والأنكى ثالثة الأثافي، أن أعمال القرصنة هذه تقتات على السفن المحملة بالمساعدات لشعب الصومال الأكثر عوزا في العالم. وتصاعدت النداءات للقيام بعملية بحرية دولية تستأصل القراصنة الصوماليين في المحيط الهندي وذلك لمواجهة هجماتهم شبه اليومية التي تعرقل التجارة البحرية وتشل صناعة الصيد. وأفصح مدير مركز مكافحة القرصنة في المكتب البحري الدولي ومقره كوالا مبور، نويل شونغ، ذات حدث شبيه "نحن نحث الأمم المتحدة والمجتمع الدولي على وقف تهديد القراصنة الذي يلحق أضرارا كبيرة بالتجارة وبحياة البحارة". وأتى هذا النداء إثر هجمات ضد سفن فرنسية وأسبانية لصيد الأسماك ما أثار حنقا متعاظما، خصوصا من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي. تكمن فلسفة النهب البحري بالنسبة للقراصنة في أن الصومال البلد الممزق فوضى واحترابا منذ بداية الأزمة المزمنة والتي أخذت طابع المعترك الأهلي في 1991 ، يتمتع بموقع مثالي إذ تحاذي حدوده خليج عدن وهو أحد أهم الطرق التجارية البحرية العالمية المتصلة بالمحيط الهندي حيث تعمل أساطيل صناعة الصيد على تتبع تنقل الأسماك باختلافها. وتشكل سفن الشحن وسفن الصيد واليخوت صيدا سهلا لعصابات البحر التي تعتمد أسلوبا أضحى مطروقا وهو اقتحام السفن واحتجازها مع ركابها رهائن بغية غنيمة الفدية. إن استوطنت القرصنة، منذ سنوات، المناطق الواقعة قبالة السواحل الصومالية، فإن وتيرتها قد تصاعدت واعتمدت أساليب متباينة. وبحسب مسؤول الفرع الكيني لبرنامج مساعدة البحارة، آندروموانغورا، فالقرصنة الصومالية لم تعد تلك الممتهنة إبان ثمانينات القرن الماضي، حين كانت ممارسات آنية ذات مقاصد محدودة لصيادين بسطاء. ويعمد القراصنة إلى نهب طواقم السفن الأجنبية المتهمين بالصيد على نحو غير مشروع في المياه الصومالية. ويذهب موانغورا إلى القول إن هؤلاء- أي القراصنة - يملكون على الأقل سفينتين مركزيتين في اليم ومنهما يطلقان زوارق سريعة لتنفيذ الهجمات. لافتا إلى تزايد كبير في عدد القراصنة في السنوات الأخيرة مقدرا أن عددهم ارتفع من مئة في 2005 إلى 1100 حاليا. وفيما وافق الاتحاد الأوروبي على إنشاء خلية تنسيق مكلفة بالحماية من القرصنة قبالة سواحل الصومال بانتظار مهمة بحرية فعلية في الأشهر المقبلة، اقترحت فرنسا في ديسمبر الماضي إطلاق مهمة عسكرية جوية بحرية تناهض أعمال القرصنة في هذه المنطقة.
وأفاد تقرير صدر حديثا أن القراصنة يستخدمون أنظمة دفاع جوي وقذائف صاروخية وأنظمة توجيه مرتبطة بالأقمار الصناعية وهواتف فضائية، منتقدا في ذات الوقت ضعف رد الفعل الدولي رغم وجود سفن حربية أمريكية وفرنسية في المنطقة، وغياب فاعلية التعهد الذي قطعه مجلس الأمن الدولي للتحرك ضد القراصنة.
وخلص التقرير إلى أن السيناريو الكارثي هو إمكانية أن يصبح القراصنة عملاء للإرهاب الدولي، مرجحا أن تكون الأموال المستحلبة من جرائم الفدية التي حصل عليها القراصنة تستخدم لتمويل المسلحين المعارضين في الصومال الذين يخوضون حربا شرسة منذ 2007 ضد الحكومة الصومالية.