:: المركز الإخباري :: الديوان المقروء :: الديوان المسموع :: قناة ويلان :: مركز التحميل :: للمميزين فقط ::

مركز ويلان الاخباري
الرياض - حي الندوة (اخر مشاركة : نافع العطيوي - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          قصيدة باللواء : سطام بن داخل الحربي . (اخر مشاركة : سنجــار - عددالردود : 1 - عددالزوار : 62206 )           »          بعض قصايدي المسموعه (اخر مشاركة : غازي العايد - عددالردود : 0 - عددالزوار : 89759 )           »          علمتني الحياة (اخر مشاركة : طلال الفقير - عددالردود : 0 - عددالزوار : 91164 )           »          جديدي قصايدي غازي العايد (اخر مشاركة : غازي العايد - عددالردود : 0 - عددالزوار : 85667 )           »          بعض قصائدي المسموعه 2023 (اخر مشاركة : غازي العايد - عددالردود : 0 - عددالزوار : 82900 )           »          بعض قصائدي المسموعه 2023 (اخر مشاركة : غازي العايد - عددالردود : 0 - عددالزوار : 87613 )           »          ஐღإهداء عبارات من القلب إلى القلبஐღ (اخر مشاركة : عابر احساس - عددالردود : 7195 - عددالزوار : 1967997 )           »          تفعيل الحساب (اخر مشاركة : أبوجابر - عددالردود : 3 - عددالزوار : 14 )           »          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته (اخر مشاركة : جميل السويلمي - عددالردود : 2 - عددالزوار : 13 )           »         
آخر المشاركات




منتدى التاريخ والتراث العربي قصص من الماضي -تاريخ القبائل العربيه

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24/04/08, (04:39 PM)   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
عساف دخنان
اللقب:
عضو نشيط جدا
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية عساف دخنان

البيانات
التسجيل: 06/04/05
العضوية: 16
المشاركات: 424
بمعدل : 0.06 يوميا
معدل التقييم: 60
نقاط التقييم: 160
عساف دخنان متميزعساف دخنان متميز


الإتصالات
الحالة:
عساف دخنان غير متصل
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عساف دخنان المنتدى : منتدى التاريخ والتراث العربي
افتراضي رد: :::كتاب أبطال من الصحراء :::

نرجع الى الصبي ذيب بن شالح بن هدلان ، فعندما بلغ سن الرابعة عشر ، وكان بهذا السن قد تدرب على ركوب الخيل ، وقد رباه أبوه أحسن تربية ، وذات يوم أجتمع مشايخ الحي من أقارب شالح ، وهم أبناء عمه السفارين ، أجتمعوا لرأي ، ولم يدعوا شالح لحضوره ، وفي آخر اجتماعهم أرسلوا اليه رسولاً يدعونه ، وكان عنده علم بأجتماعهم ، فقال لرسولهم : أخبرهم أنني لن أحضر أجتماعهم ، لأنهم أجتمعوا قبل أن يخبروني ، وأنا سأرحل حالاً الى قبيلة الدواسر ، وقد رحل فعلاً وحاولوا أن يرضوه وأن يعدل عن رأيه ، ولكنه أصر على الرحيل وأرسل

لهم هذه القصيدة :


أنا ليا كثرت لشاوير ما شير = وحلفت ما تي بارزاً ما دعاني
وأنا صديقه في ليالي المعاسير = والا الرخا كلٍ يسد بمكاني
وشوري ليا هجت توالي المظاهير = شلفا عليها رايب الدم قاني
شلفا معودها لجذع المشاهير = يوم السبايا كنها الديدحاني
ماني بخبل ما يعرف المعابير = قدني على قطع الفرج مرجعاني
أن سندوا حدرت يم الجوافير = وأن حدروا سندت لمريغاني
ناخذ بخيران المريبخ مسايير = وما دبر المولى على العبد كاني

فرحل الى قبيلة الدواسر ، وعندما وصل اليهم أكرموه وأعزوه ، فصادف ذات يوم وهو عندهم أن أغار عليهم فرسان من قبيلة عتبة آخر النهار ، وكان ذيب بن شالح قد بلغ من العمر أربعة عشر عاماً ، ولكن والده قد أعد له جواداً من الخيل ، وقد دربه على فنون القتال ، لأنه يعلق على ذيب آمالاً جساماً ، وعندما علم الدواسر بغارة الفرسان على أبلهم ، ركبوا خيولهم وكروا على القوم المغيرين ، وكان جارهم الصغير ذيب معهم ، وعندما تجاولوا على الخيل عند الأبل ، منع الدواسر أبلهم ، وراحوا يطاردون المغيرين من قبيلة عتيبة ، وكانت الشمس قد غربت ، فدفع ذيب جواده بسرعة البرق على فارس من قبيلة عتيبة كان في مؤخرة الفرسان ،يدافع عن جماعته فلكزه برمحه الصغير ، فرماه عن جواده ، وأخذ الجواد غنيمة ، وكانت صفراء اللون ، أي بيضاء ، وكانت غريبة الشكل ، لا يعادلها من الخيل شئ ، فرجع فرسان الدواسر منتصرين ، بعد أن هزموا القوم ، وأخذوا منهم عدداً من الخيل ، ورجع ذيب مع جيرانه منتصراً ، وغانماً أجود جواد في نجد وكانت هذه أول وقعة يحضرها ذيب ، فأسرع أحد فرسان الدواسر ليبشر جارهم شالح أن أبنه بخير ، وأنه غنم جواداً لا يعادلها جواد في نجد ، ولما وصل الفارس الى شالح وجده واقفاً أمام بيته يترقب أخبار أبنه الغالي ، الذي يعلق عليه آمالاً كبيرة ، فبشر الدوسري جاره بما فعل أبنه ذيب ، وأثنى على ذيب بما هو أهل له ، فتهلل وجه شالح بشراً ولما وصل أبنه ذيب ترجل عن الجواد الذي غنمه من القوم ، وجاء يمشي نحوأبيه بخطوات ثابته كأنه النمر فسلم عليه وقبل جبينه ، وسلم له عنان الجواد الغنيمة فشكره أبوه وقال : هذا ظني فيك ياذيب ، وعندما رأى شالح الجواد عرف أن له شأناً عظيماً0 وفي الصباح أعاد النظر في الجواد ، فاذا هي التي يضرب بها المثل عند قبيلةعتيبة ، وقبائل نجد ، وكانت تسمى ( العزبة ) وعندما علم بها الأمير محمد بن سعود بن فيصل ، وعلم بها أمير حائل محمد بن رشيد ، أرسل كل منهما رسله يطلبون الجواد من شالح ، فأعتذر من الرسل ، وقال لهم بصريح العبارة : أن هذه الفرس أخذها ذيب من الأعداء ، وهي لا تصلح الا له ، وأنشد :

يا سابقي كثرت علوم العرب فيك = علوم الملوك من أول ثم تالي
لا نيب لا بايع ولاني بمهديك = وأنا اللي أستاهل هدو كل غالي
وانتي من الثلث المحرم ولا أعطيك = وأنتي بها الدنيا شريدة حلالي
ياما حلا خطوى القلاعة تباريك = أفرح بها قلب الصديق الموالي
وياما حلا زين الندى من مواطيك = في عثعثٍ توه من الوسم سالي
وياحلو شمشولٍ من البدو يتليك = بقفر به الجازي تربي الغزالي
الخير كله نابتٍ في نواصيك = وأدله ليا راعيت زولك قبالي
بالضيق لوجيه المداريع نثنيك = وعجله وريضة خلاف التوالي
حقك علي أني من البر أبديك = وعلى بدنك الجوخ أحطه جلالي
أبيه عن برد المشاتي يدفيك = وبالقيظ أحطك في نعيم الظلالي
يا نافدا اللي حصلك من مجانيك = جابك عقاب الخيل ذيب العيالي
جابك صبي الجود من كف راعيك = في ساعةٍ تذهل عقول الرجالي
يا سابقي نبي نبعد مشاحيك = والبعد سلم مكرمين السبالي
يم الجنوب وديرته ننتحي فيك = لربعٍ من الأوناس قفرٍ وخالي

وبعد أن قال هذه القصيده رحل الى الربع الخالي كما ذكر في القصيدة ، وابتعد عن الأمير أبن
سعود ومحمد بن رشيد لئلا يأخذا جواد أبنه قسراً ، وعاد بعد أن أطمأن على جواد أبنه ، وبهذه الفتره بدأ يلمع نجم ذيب الخيل أبن شالح ، فأخذت الأنظار تتجه الى الفارس الشاب ، وزادت أخبار شجاعته أنتشاراً ، وأخذ الناس يتحدثون عنه ، وكان ذيب يسأل أباه ورجال الحي من قبيلة الخنافرة عن مصدر الخطر الذي يتوقعونه ومن أي جهة يمكن للعدو أن يفاجئنا منها ؟ فيقولون له من ناحية قبيلة عتيبه ، من الناحية الشمالية ، حيث تكون قبيلة عتيبه شمالاً عن الجهات التي تقطنها قبيلة قحطان ، فيقول ذيب لراعي أبله : أذهب بأبلي الى الشمال أي الى ناحية الخطر الذي يمكن أن يكون من قبيلة عتيبه ، ويتفوه بفخر وأعتزاز قائلا : سأحمي أبلي وأبل قبيلة الخنافرة من أي غاز كائناً من كان ، سواء من قبيلة عتيبة أو من غيرها 00 فتذهب أبله وترجع سالمه ، ولا يمكن لأحد أن يتجرأ عليها مادام ذيب موجوداً عندها 0 ومما قيل عن شالح والد ذيب أنه اذا جلس في مجلسه وحوله رجال القبيلة ينادي أبنه ذيب فيأتيه الأبن البار المطيع مسرعاً ، ثم يقبله الأب الطيب كأنه طفل صغير ، وبعدما يقبله ينفجر باكياً ، وقد لامه قومه مراراً قائلين له : كيف تقبل ذيب بين الرجال كأنه طفل ثم تبكي ؟ فيجيبهم : دعوني أقبل ذيباَ وأبكي عليه وأودعه كل يوم ، لأنني أتخيل أن الدنيا ستحرمني منه ، لأن من كان يخوض غمار الحروب الطاحنة ويندفع مثل أندفاع ذيب المعركة لا يمكن أن يكون من أصحاب الأعمار الطويلة ولابد أن تختطفه يد المنون0 ثم قال قصيدته المشهورة :


ما ذكر به حي بكى حي يا ذيب = واليوم أنا بابكيك لو كنت حيا
وياذيب يبكونك هل الفطر الشيب = أن لا يعتهم مثل خيل المحيا
وتبكيك قطعانٍ عليها الكواليب = وشيال حمل اللي يبون الكفيا
وتبكيك وضحٍ علقوها دباديب = أن رددت من يمة الخوف عيا
ويبكيك من صكت عليه المغاليب = ان صاح باعلى الصوت ياهل الحميا
تنزل بك الحزم المطرف لياهيب = ان رددوهن ناقلين العصيا
انا اشهد انك بيننا منقع الطيب = والطيب عسرٍ مطلبه ما تهيا

ويلاحظ القارئ بيتاً من قصيدة أبيه حيث يقول :

تبكيك وضحٍ علقوها دباديب = أن رددت عن يمة الخوف عيا

فالواضح هي أبل ذيب بن هدلان ، ولونها أبيض ويسمونها الوضح ، أما الدباديب فهي شئ من الزينة يضعونه على سنام كل حائل من الأبل ، لقد زادته قصيدة أبيه شهرة في نجد ، وسارت بها وبأشعاره الأخرى الركبان ، وبعد أن أستفاض ذكر ذيب في نجد ، أخذت الغزاة يتحاشون الغارة على قبيلة الخنافرة خوفاً من ذيب حتى أن الأمير محمد بن هندي بن حميد قال لفرسان قبيلة عتيبة
أنا أوصيكم بأنكم اذا أغرتم على أبل العدو وسمعتم عندها من يعتزي بقوله : خيال البلها وأنل أبن دراج فلا تطمعوا بالأبل أنجوا بأنفسكم ، لأن هذه هي نخوة قبيلة الخنافرة من قحطان ، التي هي قبيلة ذيب بن هدلان ،وهذا دليل واضح بأن ذيب حامٍ لقبيلته ، مثل ما كان عنترة العبسي حامياً لقبيلة بني عبس 0



ويقال أن الملك عبدالعزيز (طيب الله ثراه ) أغارت فرسانه على شالح بن هدلان ولم يعرف أن هذه أبل شالح ، وأبنه ذيب ، وكان فرسان الملك عبدالعزيز يعدون بالمئات ، أغارت هذه الفرسان على ظعينة شالح وأبنه ولم يكن حاضراً من القبيلة سوى ذيب ووالده وأخوته ، فأخذ ذيب يصد الخيل ببسالة متناهية بل وشجاعة فذة ، وقد أغارت عليه الخيل قبل بزوغ الشمس ، وأخذ ذيب يدافع عن ظعن أبيه وأبله000 الى بعد صلاة العصر ، وهزم الخيل ، بعد أن قتل الأمير فهد بن جلوي ، أبن عم الملك عبدالعزيز ، الشجاع المعروف ، والأمير فهد بن جلوي هو صاحب
( الشلفا ) التي حربتها لا زالت في باب قصر عجلان المسمى ( المصمك ) بمدينة الرياض ، في اليوم الذي هاجم فيه الملك عبدالعزيز قوة بن رشيد التي بالقصر المذكور 0
وأيضاً رمى ذيب بالأمير تركي بن عبدالله آل سعود أبن عم الملك عبدالعزيز رمى به على الأرض وجرحه بجنبه ، وجندل معه تسعة من الفرسان ، وكان ذيب في أوج المعركة يأمر رعيان أبله بأن لا يصلفوا بهجيجهم لئلا يتأثر أبوه ، وكان أبوه طاعناً في السن 0
تخلص ذيب من فرسان الملك عبدالعزيز بفروسية لا يضاهيها أية فروسية ، فمن الذي يستطيع أن يحمي نفسه من فرسان الملك عبدالعزيز منفرداً حمى ظعينة أبيه بقوة ساعده ، وبضرباته الهائلة ، لا شك أن هذه المعجزة تجلت بصحراء نجد ، سجلها شاب من قبيلة قحطان ، القبيلة العريقة ، لقد نشأ هذا الشاب وترعرع بصحراء نجد القاسية ، وسجل هذه المفخرة وعمره لا يتجاوز الثانية والعشرين سنة ، على أول طرة شاربه ، لا شك أنه ينطبق على هذا الشاب بيت عنترة العبسي حيث يقول :


خلقت من حديد أشد قلباً = وقد بلى الحديد وما بليت


وعندما رجعت خيول الملك عبدالعزيز التي أغارت بدون علمه وأخبره رجالها أنهم رجعوا تحت ضربات ذيب الهائلة ، تأسف الملك عبدالعزيز وقال : لو عرفت أن الظعينة هي ظعينة شالح بن هدلان لأمرتهم بالرجوع عنها ، لأنه شخص طيب ، ولا أحب أن أفاجئه هو وأبناؤه عند محارمهم وعند أبلهم ، وأرسل الى شالح كتاباً يقول فيه : أنني قد عفوت عنه ، وله الأمان ، وعليه أن يرجع بالسمع والطاعة ، فرجع شالح بعد أن أمنه الملك عبدالعزيز وحماه ، وحذر أقاربه من آل سعود بأن لا يفكروا بأخذ الثار من ذيب بن شالح ، وسمح لذيب أن يأتي ويسلم عليه وفعلاً حماه وأكرمه ، ولم يمس بسوء ، وقال الملك عبدالعزيز : أنني كنت أود أن أرى هذا الشاب العجيب ، ولا شك أنه دافع عن والده ، وعن محارمه وأبله ، وكان مظلوماً 0 هذه عبقرية الملك عبدالعزيز ، لقد عفا عن ذيب قاتل أبناء عمه ، وهازم فرسانه ، نعم عفا عنه وقال : أنه مظلوم ، مظلوم ، لأنه لم يبدر منه أي ذنب يستحق التأديب عليه 0 ان الملك كان منصفاً ، فهو يقول الحق ولو كان على نفسه ، ويعترف بالفضيلة ويسعى اليها ، لا شك أن عبدالعزيز عظيم ، ويعفو عن العظائم ، لقد ضرب مثلاً رائعاً للعفو ، ولا شك أن ما قاله أبو الطيب المتنبي يتطبق على الملك عبدالعزيز :


على قدر أهل العزم تأتي العزائم = وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها = وتصغر في عين العظيم العظائم


وقد أكد لي بعض الحاضرين أن الملك عندما أغارت خيله على شالح وأولاده ، ما كان عنده علم
بهم ، بل يظن أنهم من الأعداء الأخرين 0 وعندما أنتهت المعركه بين ذيب وفرسان الملك عبدالعزيز ، أناخ ذيب ظعينة أبيه وقبله بين عينيه ، وهنأه بالنصر ، وقال له الوالد الطيب : هذا بمشيئة الله ثم بساعدك ياذيب ، بارك الله فيك ، وأسأل الله أن لا يفجعني بك ، وأخذ شالح ينشد أبياتاً قائلاً : انك يا عبدالعزيز أفرحت علينا أعدائنا ، قاصداً قبيلة عتيبة ، لأنه يشعر أنهم هم أعداؤه وأعداء قبيلة قحطان ، لأن الحروب كانت بينهم مستمره آنذاك ، والأبيات هي :


ياشيخ فرحتوا علينا العداة = اللي بذمة حكمكم ما يدارون
غرتوا علينا الفجر قبل الصلاة = وحنا عددنا خمسةٍ أو بعد دون
من صلب أبوي وباللوازم شفاة = ماهم فريق هديهدٍ يوم يأتون
يانا فدا اللي ما يضيع وصاتي = ما يسند الا عقب طاعن ومطعون
سو على ركابة المكرمات = وبظهورهن يروي شبا كل مسنون
ويلكد ملاكيد العديم الزناة = وياويلكم يللي بوجهه تقيفون
خلي عشا للجوع الحايمات = من فعل ذيب أهل الرمك عنه يقفون
وياشيخ لا تسمع كلام العداة = أسفه كلام المبغضه لو يقولون
أطلب لحكمك بالسعد والثبات = بجاه معبود لبيته يحجون
لعل ما يبكنك النايحات = ياللي على عورات أهل نجد مامون
ولم ينسى ذيب الأبن البار أباه ، فعندما حط رحالهم بعد المعركة ، عمد الى أبله وعقر حائلاً منها وأخذ يشوي من طيب لحمها لأبيه ، ولجاره الدوسري ، ويقدمه لهما وهما يحتسيان القهوة ، وكان
هذا الدوسري صديقاً لشالح بن هدلان منذ عهد بعيد ، وكان شالح لايحب أن يفارقه ، والصداقه بينهما قوية الروابط ، وفي أثناء المعركة ، عندما يكر فرسان الملك عبدالعزيز على ذيب يصيح شالح بأعلى صوته وينادي أخيه الفديع ، الذي مضى على وفاته أكثر من عشرين سنة ، وينخاه ولم يتكلم عن ذيب ، وفروسيته الفذه ، وعندما أنتهت المعركة جعل الدوسري يلوم شالحاً ويقول له : كيف تنخى أخاك وهو ميت منذ عشرين سنة ولا تنخى أبنك الذي أبلى بلاء حسناً ، وهزم خيول الملك عبدالعزيز ؟ فيجيبه شالح قائلاً : أن ذيب حتى الأن لم يلحق ما لحقه عمه من الشجاعة ، لذلك فأنا سأبقى ذاكراً أخي الفديع في كل ملمة الى أن أقنع بشجاعة أبني ذيب ، ويثبت لي أنه أكفا من عمه ، هذا ما يقوله شالح 0 أما أنا فأقول للقارئ : ان الذي دافع عن ظعينته وأبله وحماها من فرسان الملك عبدالعزيز أنه لا يعادله أي فارس من الفرسان في زمانه 0


















عرض البوم صور عساف دخنان  

قديم 24/04/08, (04:41 PM)   المشاركة رقم: 16
المعلومات
الكاتب:
عساف دخنان
اللقب:
عضو نشيط جدا
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية عساف دخنان

البيانات
التسجيل: 06/04/05
العضوية: 16
المشاركات: 424
بمعدل : 0.06 يوميا
معدل التقييم: 60
نقاط التقييم: 160
عساف دخنان متميزعساف دخنان متميز


الإتصالات
الحالة:
عساف دخنان غير متصل
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عساف دخنان المنتدى : منتدى التاريخ والتراث العربي
افتراضي رد: :::كتاب أبطال من الصحراء :::

وهنا يطيب لي أن أذكر طرفاً من بر ذيب بوالده : ان بر ذيب بوالده شالح لم يسبقه أحد اليه ، ولابد أن القارئ قد عرف أن ذيباً قد ذبح لأبيه حائلاً ليشوي من لحمها له ، ولم يثنه عن ذلك عناء المعركة وما لحقه من الأجهاد ، والآن أحدث القارئ عن سيرته التي أستقيتها من المعاصرين لذيب ، كان ذيب لا ينام أبداً وأبوه لم ينم ، وكان يجلب لأبيه الحليب من الأبل وعندما يأتي به اليه ويجده نائماً يبقى واقفاً وواضعاً الاناء على يده وربما حام حول أبيه وذكر الله بصوت منخفض
الى أن يستيقظ أبوه ، ثم يقبل جبينه ، ويناوله الحليب ، ولا يرضى أحد غيره يقدم أي شي من الغذاء بل هو المسئول الوحيد عن تقديم طعام ابيه وخدمته ، ويقال أنه عندما يرحل الظعن يركب مطيته ويذهب أمام ظعينة أبيه ، وعندما يصل الجهة القابلة للمنزل يصطاد من الغزلان أو من الأرانب أو من الحباري ثم يعده لأبيه قبل أن يصل وكذلك يعد له القهوة ، وكان دائماً يحمل أنية طعام أبيه وآنية القهوة على راحلته وعندما يقبل الظعن يستقبل أباه ويهلي ويرحب به كأنه ضيف عزيز عليه ، ويمسك بخطام راحلته وينيخها عند محل جلوسه المعد مسبقاً ، وعندما يترجل والده يقبل جبينه ثم يجلسه تحت ظل شجرة قد أختارها ، واذا لم يجد شجرة يقال أنه يعمل مظلة من الأعشاب لتظل أباه من حرارة الشمس ، الى أن يعدوا بيوتهم ، وعندما يجلس شالح يقدم له أبنه القهوة وبعدها يقدم له لحم الصيد ويقول لأبيه بهذه اللهجة تناول يا أبن هدلان حياك الله فيجيب شالح أبنه : بارك الله فيك ياذيب ،
وذات يوم لم يصطد من الصيد شيئاَ ، وقد أقبل أبوه يتقدم الظعينة ، وبقي ذيب حائراً متحسراً بماذا يقابل أباه وأخيراً أستقر رأيه على أن ينحر مطيته ( الأصيل ) التي يعادل ثمنها خمساً من الأبل ، وفعلاً أخفاها بين الشجر لئلا يراها والده ونحرها ، وأخذ من طيب لحمها وطهاه بالاناء الذي عاده يقدم به لحم الصيد لوالده ،وعندما وصل شالح وأستقبله أبنه كعادته قدم له الأكل ، بعد أن صب له من القهوة ، وعندما تصاعدت رائحة لحم البعير عرف شالح أن هذا ليس بلحم صيد ، فقال لأبنه : ماهذا يا ذيب ؟ قال ذيب : ( شبب يابه ) وهذه لغة قحطان ،أي أن هذا رزق من الله يا أبت ، فكرر أبوه السؤال وكرر الأبن الأجابة ثم عرف الوالد النتيجة فقال لأبنه : ذبحتها يا ذيب
فقال ذيب : هي تفديك يا أعز والد وعوضها سيكون من حلال القوم آتي به اليك ، ثم قال لأبيه : أنا لا أستطيع أن أستقبلك مالم أقدم لك شيئاً من الأكل ، وأقسمت على نفسي أن أستمر على هذه الحالة الى أن يتوفاني الله ، فتأوه والده ثلاث مرات وقال : يا لهفي بعد فرقاك يا ذيب ،
لقد أشتهر ذيب ببره لوالديه ، ووفائه مع أصدقائه ، وعطفه على جيرانه ، وكرمه الحاتمي ،
وذات ليلة كان هو ووالده ساهرين ، وكان والده يداعبه ويلقي عليه بعض الأشعار
فأنشد عليه هذه الأبيات :


ياذيب أنا يا بوك حالي تردى = وأنا عليك من المواجيب يا ذيب
تكسب لي اللي لا قح عقب عدا = طويلة النسنوس حرشا عراقيب
تجر ذيل مثل حبل المعدا = وتبرى لحيرانٍ صغارٍ حباحيب
وأشري لك اللي ركضها ما تقدا = ما حدٍ لقى فيها عيوب وعذاريب
قبا على خيل المعادي تحدى = مثل الفهد توثب عليهم تواثيب
أنا أشهد أنك باللوازم تسدا = وعز الله أنك خيرة الربع بالطيب
ياللي على ذيب السرايا تعدا = لو حال من دونه عيال معاطيب
ليثٍ على درب المراجل مقدى = ما فيك يا ذيب السبايا عذاريب
وبعد أن قال والده هذه الأبيات بطريقة المزاح أسرها الأبن ذيب في نفسه ، وعندما نام والده وأطمأن ذيب أنه قد أخذ في النوم ، ذهب خفية وركب قلوصه ، وذهب لبعض أصحابه من الشبان وأمر عليهم أن يرافقوه ، فشدوا مطاياهم وركبوا مع ذيب ، وعددهم لا يتجاوز خمسة عشر شاباً وكلهم يأتمرون بأمر ذيب ، وبعد ذلك سألوا ذيب الى أين نحن ذاهبون ؟ فقال : الى ديار القوم ، وأشار الى قبيلة عتيبة لنكسب منهم أبلاً لأهلنا ، وقال : لا بد أن آتي لوالدي من خيار أبل عتيبة ، وأستمروا بسيرهم ، وبعد ثلاثة أيام قصدوا بئراً في ديار عتيبة ليستقوا منها الماء ، ويسقوا رواحلهم ، وهذا البئر يسمى ( ملية ) وهو يقع غرباً عن جبل ذهلان ، بأواسط نجد ، وعندما أنحدروا عليه من جبل يطل عليه ، رأوا عليه ورد من عتيبة يستقون ، فأراد ذيب ورفاقه أن
يرجعوا لئلا يروهم فينذروا القبيلة بهم ، وكان من السقاة صياد أخذ بندقيته وتوجه الى الوادي الذي أنحدر منه ذيب ورفاقه باحثاً عن الصيد ، وعندما رأى ذيباً وجماعته أختفى تحت شجرة وأطلق عليهم عياراً نارياً ، فأراد الله أن تصيب ذيب أصابة مميته ،
لقد حلت الكارثة الكبرى على الشيخ الطاعن بالسن شالح بن هدلان ، أنه فقد كل أمل في الحياة ، فقد كل ركن على وجه الأرض ، فقد الشجاعة الفذة ، فقد الكرم الحاتمي ، فقد الأبن البار ، فقد الأبن المطيع ، لقد خر ذيب صريعاً وودع الخيل وصهيلها ، وودع الأبل وحنينها ، وودع أباه الذي هو بحاجة الى بره وعنايته ، ترك ذيب شالحاً حزيناً ، وودع ذيب قحطان المجيدة ، وودع سنانه ورمحه وبندقيته ، ونقع الخيل وهزج الأبطال ، ودع ذيب نجداً العزيزة ورياضها ، وودع غزلان الريم والأرانب وطيور الحباري التي كان يصطاد منها لوالده ، لقد أنقشعت هالة الفضل التي كانت تحيط الشيخ شالح بالحنان والبر والفضيلة التي ضربت أروع مثلاً بين الأبناء والأباء ، بعدما سقط ذيب على الأرض أناخ رفاقه مطاياهم وتسابقوا اليه وضموه على صدورهم ، فوجدوه جسماً بلا حياة ، وأنهالوا عليه بالقبل ، وودعوه بدموعهم الساخنة ، ثم وضعوه بكهف بجانب الوادي ، وقفوا راجعين الى أهليهم ،
أما الصياد الذي أطلق النار على ذيب فقد ظل مختبئاً تحت الشجرة ، الى أن رأى الركب قد ولى فأتى الى مكانهم ووجد الدم يلطخه ، ثم عمد الى ذيب وهو بكهفه ، وعندما رآه وجده شاباً وسيم الطلعة ، وفي خنصره الأيمن خاتم فضي ، وكانت رائحة الطيب تعج منه ، وكان لباسه يدل على أنه شخصية بارزة فرجع الى جماعته الذين يستقون من البئر ، فسألوه عن الرمية التي سمعوها عنده ، فقال أن ركباً من الأعداء أنحدروا من الوادي وبعد أن رأوكم نكصوا راجعين فأطلقت عليهم عياراً نارياً قتل منهم شخصاً تبين لي أنه زعيمهم ، وقد وضعوه في كهف بجانب الوادي ، فقالوا ما دلك على أنه زعيم ؟ فبين لهم أوصافه ولباسه الذي عليه ، وأن في خنصره خاتماً فضياً فقالوا : هيا بنا لنراه ، وكانوا من قبيلة برقا أحد جذمى عتيبة ، وكان معهم فتاة فد جلا أهلها منذ سنة الى قبائل قحطان لأسباب حادثة وقعت بينهم وبين بعض قبائلهم من عتيبة ، وعندما رأوا ذيب بالكهف ورأته الفتاة صاحت بأعلى صوتها وقالت : ويحك هذا ذيب بن شالح بن هدلان الذي كنا بجواره بالعام الماضي ، فشتموها وقالوا ربما أن بينك وبينه صداقة ولهذا السبب صحتِ بأعلى صوتك ، فقالت : لا والله لم يكن بيني وبينه أي شي من هذا ، ولكن أكرمنا وأعزنا وأجارنا وكان لا يأتي من الفلا الا ومعه صيد ويأتي بقسمنا نحن جيرانه حامله بيده ، وعندما يقترب من بيوتنا يغض نظره الى الأرض ثم يضع ماجاء به من الصيد ويدبر دون أن يرفع طرفه بأمرأة من جيرانه ، وهذه طريقته بالحياة ، وعليكم أن تسألوا عن خصاله ، وينبئكم عن ذلك من عرفه ، فهو بعيد كل البعد عن الرذيلة ،
ما أكبر المصاب على شالح ، لما وصل رفاق ذيب وأخبروه بما حدث ، لاشك أن خطب شالح عظيم ، وأن وقع نبأ مصرع أبنه على قلبه أشد وأنكى من طعن الحراب ، ولا شك أنه سيجرع ويلات الحزن ومرارته ، ومآسي الفراق ولوعاته 00


واذا المنية أنشبت أظافرها = ألفيت كل تميمةٍ لا تنفع

أنها كارثة كبرى ، ليست على شالح فقط ، بل على عائلة آل هدلان وعلى قبيلة الخنافرة وعلى قبيلة قحطان الكبرى ، وقد قال شالح أشعاراً كثيرة بعد وفاة أبنه ، وأول ما قال هذه القصيدة :




يا ربعنا ياللي على الفطر الشيب = عز الله أنه ضاع منكم وداعه
رحتوا على الطوعات مثل العياسيب = وجيتوا وخليتوا لقلبي يضاعة
خليتوا النادر بدار الأجانيب = وضاقت بي الأفاق عقب أتساعه
تكدرن لي صافيات المشاريب = وبالعون شفت الذل عقب الشجاعة
يا ذيب أنا بوصيك لا تأكل الذيب = كم ليلةٍ عشاك عقب المجاعة
كم ليلةٍ عشاك حرش العراقيب = وكم شيخ قومٍ كزته لك ذراعه
كفه بعدوانه شنيع المضاريب = ويسقي عدوه بالوغى سم ساعه
ويضحك ليا صكت عليه المغاليب = ويلكد على جمع العدو باندفاعه
وبيته لجيرانه يشيد على الطيب = وللضيف يبني في طويل الرقاعه
جرحي عطيب ولا بقى لي مقاضيب = وأفخت حبل الوصل عقب أنقطاعه
كني بعد فقده بحامي اللواهيب = وكني غريب الدار مالي جماعه
من عقب ذيب الخيل عرج مهاليب = ياهل الرمك ما عاد فيهن طماعه
قالوا تطيب وقلت وش لون أبا طيب = وطلبت من عند الكريم الشفاعه
وأردفها بهذه القصيدة وعلى نفس البحر والقافية ، وقد رويتها عن الأمير عمر بن سلطان أبا العلا وأكد لي أنه رواها عن والده سلطان الذي عاصر شالح وأبنه ذيب ، وبهذه القصيدة الأخيره لم يخف آلامه ولواعجه ، فجاوب الذئاب بعويلها ، ثم رجع الى خالقه وطلب منه الفرج ، ثم لام نفسه وأعترف بأنه هو السبب بتحريض أبنه على غزوته المشؤومه ، وبعد ذلك عزى نفسه بركوبه الهجن ، وأنه يتقدم بها على أعدائه حتى ينيخها على مقربة من بيوت الكبار ، ويتخطى الأطناب ، ويكسب الناقه الحائل التي تهاوي الجمل ، وتجعل منه خليلاً لها ، وأخيراً أخذ يوصي جماعته بأن يختاروا ( المناسب ) الطيبة ليأتيهم أولاد طيبون نجباء وقال لهم : ان الردي تأتي بولد لا يهمه أكثر من نفسه ، وأن يشبع بطنه ، ردي الهمه ميت الأنفه ، تافه الشخصية ،
وهذه هي القصيدة :


ذيب عوى وأنا على صوته أجيب = ومن ونتي جضَت ضواري سباعه
عز الله أني جاهل ما أعلم الغيب = والغيب يعلم به حفيظ الوداعه
يالله يا رزاق عكف المخاليب = يا محصي خلقه ببحره وقاعه
تفرج لمن صابه جروح معاطيب = وقلبه من اللوعات غادٍ ولاعه
ان ضاق صدري لذت فوق المصاليب = مانيب من يشمت فعايل ذراعه
صار السبب مني على منقع الطيب = ونجمي طمن بالقاع عقب أرتفاعه
يا طول ما هجيتهن مع لواهيب = ولاني بداري كسرها من ضلاعه
ويا طول ما نوختها تصرخ النيب = وزن البيوت اللي كبار رباعه
وأضوي عليهم كنهم لي معازيب = اليا رمى زين الوسايد قناعه
أضوي عليهم وأتخطى الأطانيب = وآخذ مهاوية الجمل باندفاعه
أبا أنذر اللي من ربوعي يبا الطيب = لا ياخذ الا من بيوت الشجاعة
يجي ولدها مذرب كنه الذيب = عز لبوه وكل ما قال طاعه
وبنت الردي يأتي ولدها كما الهيب = غبنٍ لبوه وفاشله بالجماعة
ياكبر زوله عند بيت المعازيب = متحري متى يقدم متاعه
وبقي شالح حزيناً كظيماً يسهر أيامه ولياليه ، ولا يفارق نار قهوته ، وذات ليلة وهو ساهر مع أحزانه ، كان شخص من قحطان يسمى الهويدي قد ضاع صقره ، وأخذ يبحث عنه بالليل ويسأل رافعاً صوته كلما مر بنار قطين منادياً ( من عين الطير ) فعرفه شالح وسكت عنه أول مرة ، ثم عاد اليه مرة ثانية ماراً ببيته ، بعد أن مر بنيران الحي وسأل عن طيره ، ثم أستمر بسؤاله ماراً بكل نار يراها ، وعاد لشالح للمره الثالثه فناداه شالح والهويدي لا يعرف أن النار هي نار شالح ، وعندما دعاه لكز هجينه بعقب رجله وجاء مسرعاً ظناً منه أن المنادي سيبشره بصقره ، وعندما أناخ هجينه وأقترب من المنادي ، تبين له أنه الأمير شالح بن هدلان والد ذيب ، الذي لا زال يصارع أحزانه ، فأعتذر الهويدي لشالح ، وأقسم له بالله أنه لا يعرف أن هذه النار هي ناره ، ثم قبل جبينه معتذراً وطالباً السماح ، فأذن له بالجلوس من حوله ، وأخذ شالح يصب له القهوة ، ثم قال هذه الأبيات :


أن كان تنشد يالهويدي عن الطير = الطير والله يالهويدي غدا لي
طيري عذاب معسكرات المسامير = أن خل عند قطيهن الجفالي
أن جا نهار فيه شر بلا خير = وغدا لهن عند الطريح أجتوالي
ان دبرن خيل وخيلٍ مناحير = وغدن مثل مخزمات الجمالي
على الرمك صيده عيالٍ مناعير = وشره على نشر الحريب الموالي
يضحك ليا صكت عليه الطوابير = طير السعد قلبه من الخوف خالي
خيالنا وان عرجدن المظاهير = وزيزوم عيراتٍ طواها الحيالي
غيثٍ لنا وان جت ليالي المعاسير = وبالشح ريفٍ للضعوف الهزالي
يسقي ثراه من الروايح مزابير = تمطر على قبرٍ سكن فيه غالي
لا شك أن طير شالح يصيد أفذاذ الرجال ، كما قاله في أشعاره ، اما طير الهويدي فهو لا يصيد الا الأرانب والكروان ،
رحم الله شالحاً وأبنه ذيباً ، لأنهما سجلا مفاخر قيمة لكل من يقطن نجد ،، أننا نودعهما بالرحمة ودعوات الغفران ، ونشيعهما بما يشيع الأبطال المغاوير ، الذين أبقوا لهم ذكراً في الآخرين ، شجاعة وكرماً وشمماً وطيب أحدثوه .


















عرض البوم صور عساف دخنان  

قديم 24/04/08, (04:44 PM)   المشاركة رقم: 17
المعلومات
الكاتب:
عساف دخنان
اللقب:
عضو نشيط جدا
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية عساف دخنان

البيانات
التسجيل: 06/04/05
العضوية: 16
المشاركات: 424
بمعدل : 0.06 يوميا
معدل التقييم: 60
نقاط التقييم: 160
عساف دخنان متميزعساف دخنان متميز


الإتصالات
الحالة:
عساف دخنان غير متصل
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عساف دخنان المنتدى : منتدى التاريخ والتراث العربي
افتراضي رد: :::كتاب أبطال من الصحراء :::

رابعاً : محدى الهبداني



نسبه – حياته – فروسيته – شخصيته القوية – طموحه – شعره وهجائه لقومه – أبتعاده عن قومه ولد سليمان – غارته على الشوايا – حربه مع بن قعيشيش – لجوؤه لأبن سمير – شعره فيه – أنتقاله الى أبن مهيد وآل غبين – صلته بالسيد حجو وتأليبه اياه – ثورة السيد حجو – الشعرفي ذلك – رحيله الى الشيخ عبدالكريم الجربا واكرام الجربا له – قصته مع الشمري في مجلس الجربا – وفاء عبدالكريم معه وعدوله عن مهاجمة قوم محدى من اجله – عودته لجدعان بن مهيد بدعوه منه ورجاء للعودة – انابته – حجه ......الخ


هو محدى بن فيصل الهبداني عاش الى تاريخ 1300 هجرية تقريباً ، وهو من قبيلة الفضيل التي يرأسها الشيخ أبن رشدان وهي فخذ من أفخاذ قبيلة الجعافرة من ولد سليمان ( من ضنا عبيد )
من بشر ، وبشر هو أبن عناز بن وايل وهو شقبق مسلم بن عناز الذي تتفرع منه قبيلة
( ضنا مسلم ) ، نشأ هذا الشاعر وترعرع بين قبيلة ولد سليمان المشهورين بالشجاعة ، وكثرة العدد ، شيخها العواجي وعائلته ، والعواجية لا زالوا هم شيوخ هذه القبيلة ، نشأ في وقت التطاحن بين قبيلته والقبائل المحيطه بها ، وأمه ( ذكر ) بنت مشل العواجي الفارس المشهور ، ووالده فيصل الهبداني ليس مرموقاً بين أفراد هذه القبيلة ، ولكن أبنه ( محدى ) نشأ ثائراً وذكياً وطموحاً ، يطمع بالزعامه ، ولكنه لم يلق مجالاً لزعامته مع وجود أخواله الأبطال العواجيه ، وبعد أن لاحظ أخواله طموحه وتدخله بالقبيله وتحريضه لهم وترفعه عن مسلك أبيه ضغطوا عليه ، لهذا لم يستطع أن يبرز بينهم ، وضاقت به الأرض بما رحبت ، أخذ يتألم ويقول الشعر محرضاً أقاربه من آل فضيل وهاجياً لهم أحياناً ، وقال قصائد كثيرة بهذا المعنى ، لم أعرف منها سوى القليل ومنها :


هنيكم ياهل القلوب المريحة = يالدالهين على بركة الله
هنيكم بقلوبكم مستريحة = وياليت قلبي كل ماجاه ينساه
ينسى هواجيس الضمير المشيحة = ويرضى على غوال حلقه الى أرخاه
خطو الولد يرضى العلوم القبيحة = ويقفي ويقبل كالهنوف المرضاه
وانا دليلي ما يطيع النصيحة = يا ناس عياني دليلي وأنا أنهاه

ثم قال هاجياً قومه :

يا فضيل يا قلوب الغنم ما تحامون = يا ليتها والله تحسن لحاكم
يا طولكم يا عرضكم يوم تاتون = يا قل حمراكم على من بغاكم
اليا اجتمعتوا للمراجل تذيبون = والناس عرفوا طيبكم من رداكم
الكل منكم دائماً يتبع الهون = يا لعن أبوكم كيف توخذ نساكم
ترضون بالذله عساكم تهبون = واشوف بالرجلين كل ٍ وطاكم
يا فضيل بالورور بغيتوا تباعون = ويلقى المذله خائف وان نصاكم

ثم قال هذه القصيدة متبرئاً من قومه :


ليتني من الصلبان والأصل ما بيه = لا سايل عني ولاني بسايل
أقعد على مقرٍ خفيٍ مواريه = برهراهةٍ ما ياصله كود حايل
من الوسم رويان مع الصيف مطغيه = تلقى الخصاب مكومٍ للزمايل
ألوذ عن دحشٍ كبارٍ علابيه = يهوش كنه باشةٍ للقبايل
متباركين بالمولد بني خيه = على النزول يكثرون الضوايل
أنا أن بغيت الصبر قلت مشاحيه = ونفسي عيوف ولا رضيت الفشايل
نويت أهوم وكافل العبد واليه = والبعد طب للقلوب الغلايل


فاجابته أمه (ذكر) أخت مشل العواجي بالقصيده الآتيه :

أشوف سلم أبليس (محدى) يسويه = يلعب على ظهر اللعين القوايل
عزي لنزلٍ قام (محدى) يشظيه = لعب بكم يا ذاهبين الحمايل
مطاوعٍ لبليس وبليس مغويه = لا تتبعونه يا القلوب الهبايل
هذا جزا خالٍ يعزه ويغليه = لا واحسايف قولةٍ : يا بن وايل

لقد قرر محدى أن يبتعد عن أخواله ، وعن قبيلة ( ولد سليمان ) ورحل من نجد مع قسم من قبيلته آل فضيل الذين ألتفوا حوله ، أتجه الى قبيلة الفدعان من عنزة ، لأن الفدعان أقرب قبائل عنزة لولد سليمان ودخل الأراضي السورية وقد أنشأ هذه القصيدة :
يا راكب سربالةٍ تقطع البيد = حمرا ولا فوقه رديفٍ محنها
أول نهاره خل مشيه تفاديد = وفهق الى البردين عقبيك عنها
مثل النعامه يوم تقفي مع الحيد = أو تقل شيهانٍ دنا الليل منها
تلفي لمن جيشه سواة المعاويد = كم عزبةٍ ذوق ربوعه لبنها
يا خال ياللي ما بفعلك مناقيد = رفعت ناسٍ ما عرفنا لحنها
لا أكراد لا هم ترك لا سلم أجاويد = يبون يقزون العرب عن وطنها
يا خال لولا نصف ربعي لهاميد = أن كان جاكم صادق العلم منها
أخترت عن دار المهونات بالبيد = وخليت دار الذل للي سكنها
دارٍ بدار ولا علينا تحاديد = وأرزاقنا رب الخلايق ضمنها
نروح عن دار العنا للاجاويد = لا هل بيوتٍ من تجلوى زبنها
عيال الغبين المنتخين المواريد = على ظهور الخيل يذكر طعنها
ان جاء نهارٍ فيه فهق وتوريد = يسنى على كل الموارد شطنها
ولما دخل الأراضي السورية قاصداً آل غبين قال هذه القصيدة :

الله من قلبٍ بدا فيه عمسي = يميع لو باسه حجر قرطياني
يميع ميعة شمعٍ من حر شمسي = والا الشحم من فوق جمر أضهياني
نصبح مكاظيم وبالهم نمسي = وكن الطعام ملوثٍ ديدماني
يا راكبٍ من عندنا فوق عنسي = سحوان قطاع الفيافي عماني
عنسٍ سبرس بالسواد الوغطسي = قطاع دوٍ هوذلي سوسحاني
هزته بعود اللوز من غير لمس = وياما قطع من نازح السهمداني
قطعى قطا ومذيره حس ونسي = من اللال ورد ديرة الريهجاني
فوقه دلالٍ نسج من كل جنسي = القرمزان مخالطٍ بازرقاني
يمد من حفرة خنيصر ويمسي = لأهل بيوتٍ شيدت بالبياني
ياما عطوا من سابقٍ قود خمسي = غبينات يعطونه ولا به مثاني
وان صار بالفرسان طعنٍ وغمسي = ما مثلهم يركب بنات الحصاني

وفي أثناء طريقه هو ومن معه من قبيلة آل فضيل ، صادفوا قبائل من ( الشوايا ) الذين يربون الأغنام ، في حماية الشيخ أبن قعيشيش ، يأخذ عليهم الأتاوه ويتكفل بحمايتهم من نائبات الزمن ، وعندما رآهم محدى الهبداني وجماعته أرادوا نهب أموالهم لضعفهم ، فأغاروا عليهم وأخذوا أموالهم ومواشيهم ، وعندما علم الشيخ ابن قعيشيش شيخ الخرصة من الفدعان ثارت ثائرته وأغار على محدى الهبداني وجماعته بفرسانه ورجاله وقصدهم تخليص الغنائم التي أخذوها من الشويان ، ولكن محدى وجماعته أبوا أن يسلموا ما غنموا فحصلت معركة بينهم وبين ابن قعيشيش هزم فيها ابن قعيشيش هو وقومه ، ثم أنحرف محدى الهبداني عن قبيلة الغبين ، لأن الغبين أقارب قبيلة ابن قعيشيش والجميع من قبيلة الفدعان من بشر الكبيرة ، واتجه محدى وقومه الى الشيخ محمد بن سمير الذي هو من قبيلة ( ضنا مسلم ) بن عناز ، وقبل أن يصل الى الشيخ أبن سمير أرسل اليه هذه القصيدة موضحاً فيها المعركة التي حصلت :


يا راكبين مقولمات الخفافي = ما دنقوا عن الحفا يرقعونه
يلفن أخو خزنه زبون المقافي = اللي بوقت العسر تندى صحونه
الروم جتنا جردةٍ يا السنافي = يبون ستر بيوتنا ينهبونه
صاح الصياح وقال : ما من عوافي = وحتى جواب المنع ما يذكرونه
صكوا علينا ناهضين الشلافي = فزعة وكلً مجرب يزهمونه
وصحنا عليهم صيحةٍ مع كشافي = ولعيون (صيته) جيشهم يسهجونه
الشيخ (ثامر) مرتكٍ تقل غافي = يا حيف سلبت جوخته مع زبونه
( جعافره ) ما يشتهون العوافي = والشر لو هو غايبٍ يحضرونه
وردوا علينا مار صرنا عيافي = مانا هماج وربعنا يملحونه
لا عاد ما ناخذ من الحق وافي = اللي تحلوى الناس ما يرحمونه
وأتبع ذلك بقصيدة أخرى طالباً فيها من محمد بن سمير لجوءه اليه وحمايته وهي كالآتي :



دنوا بعيدات المماشي ركابي = عرندساتٍ يقطعن المحاويل
عروات لين أسهيل بين وغابي = حتى غدا فوق الأباهر زهاميل
يرعن من الربلة ورجل الغرابي = با طرافهن تلقى الخزامى تقل نيل
حثوا مناكب جيشكم بالعقابي = قلايصٍ ما لاغمن المخاليل
أن روحن مع سهلةٍ له سرابي = عوصٍ يشادن روس ربد الهراقيل
لمحمد بن سمير ريف التعابي = بدر الدجا نوار عشب الهماليل
لصديقه أحلى من هتوف السحابي = ولعداه مفتول الحديد الزناجيل
يا شيخ لو شال الجمل مثل مابي = أزرا بليهي الرحايل عن الشيل
ويا شيخ من دبت عليه الدوابي = يعاف لذات الونس والتعاليل
أن حط بالغليون مثل الخضابي = وصينيةٍ تلعب بوضح الفناجيل
عده من الأوناس خلو الجنابي = أن لافه الداكوك بالعدل والميل
ويا شيخ يا مدمي لروس الحرابي = جينا لكم يا كاسبين التنافيل
نبي جنابك يا نزيه الجنابي = يوم الرفاقه صار منهم غرابيل

فأجاره محمد بن سمير هو وقبيلته الفضيل ، وحماه من ابن قعيشيش ، ومكث فتره طويلة في جوارأبن سمير ، الى أن عفت عنه قبيلة الفدعان بما فيهم آل قعيشيش والغبين ، بعد أن أرسل هذه القصيدة لجدعان بن مهيد شيخ قبيلة ( الولد ) من الفدعان :

يا راكب حمرا كتومٍ رغاها = ممشى ثمان أيام تطويه مشوار
جدعيةٍ قطع الفيافي مناها =تشدي لشاحوفٍ مع الشط عبار
يا رسل ياللي لايذٍ في قراها = خلك مع أول فجة الصبح نشار
والعصر أبو تركي محاري مساها = لغضى البخيل لغالي الزاد دمار
عيني قزت من نومها وش بلاها = كن النويفج لا يفه عقب ذرار
قزت وقزاها عظايم بلاها = عوجٍ نمضيهن وهن كارهن كار
وكبدي من الرهوند يخلط عشاها = أو تقل يقرض من معاليقها فار
على نجوعٍ فرق الله شظاها = ناخذ بها حق ونذري بها جار
يا مدبر السلقا عليك التقاها = تفرج لعبدٍ تايه الفكر محتار
يوم أخرجوه وقربته قد ملاها = عندك لها ياوالي العرش تدبار
أطلبك نفسي لا تخيب رجاها = ياعالم باحوالها وانت جبار
والروح مني مسعلاتٍ حذاها = حذوه رجل ما قاضبه كود مسمار
نجدٍ يعزي عن غثاها عذاها = لوهي مقر ابليس في ماضي الأذكار
نركض ومن صاد الجرادة شواها = وللنار من عقب من المال دينار

بعد ذلك دعاه شيوخ الفدعان آل غبين وآل مهيد ، فرحل من عند أبن سمير شاكراً له ما لاقاه من حماية واعزاز واكرام ، وتوجه لقبيلة الفدعان لأنه أقرب الناس اليه ، وبقي بين ابن غبين وابن مهيد معززاً مكرماً الى أن حصل بينه وبين أبن غبين بعض الخلاف ، يعود ذلك الى نفسه الطموح ، التي لا تقف عند حد ، فقال القصيدة الآتيه في آل غبين هاجياً لهم :


عساك يا دارٍ بك الحيف تلوين = عسى الولي يسعى لساسك بالاخراب
يسقي جنابك مثل دارٍ بدارين = سهساه رملٍ من سمهلات وتراب
لا عاد ما ناخذ وفا حقنا زين = الا بسل مصقل الهند وحراب
عساك يادار المذلة تخيبين = وعسى الولي يسعى لنزلك بالأذهاب
ناسٍ تشيل البغض ما هم خفيين = القلب فيه الريب لو يضحك الناب
يا حليسس وان ما شفت انا شافٍ شين = أشوف ناسٍ قوم بهدوم الأصحاب
يا حليس صاب القلب ما تنظر العين = شوف البغيض بنونها تقل مشهاب
ان كان ربعك ما لحقك وفيين = مسمارهم يبخص بلا قاز وكلاب
عنهم تنحوا يا قلوب البعارين = في دبرة الخلاق فتاح الأبواب
عن المهونة نجعل النار نارين = نبعد عن الأصحاب لديار الأجناب


















عرض البوم صور عساف دخنان  

قديم 24/04/08, (04:46 PM)   المشاركة رقم: 18
المعلومات
الكاتب:
عساف دخنان
اللقب:
عضو نشيط جدا
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية عساف دخنان

البيانات
التسجيل: 06/04/05
العضوية: 16
المشاركات: 424
بمعدل : 0.06 يوميا
معدل التقييم: 60
نقاط التقييم: 160
عساف دخنان متميزعساف دخنان متميز


الإتصالات
الحالة:
عساف دخنان غير متصل
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عساف دخنان المنتدى : منتدى التاريخ والتراث العربي
افتراضي رد: :::كتاب أبطال من الصحراء :::

ثم انحا ز عن ابن غبين كليا إلى جدعان بن مهد ، وبقي صديقاً
حميماً لجدعان بن مهيد ، وكان هناك شخص من شيوخ الفلاحين يدعى
السيد ( حجو ) بن غانم وله قرى كثيرة ، وقبيلة كبيرة ورغم ذلك فهو يدفع أتاوة لجدعان بن مهيد وكان السيد حجو على جانب من القوة بقبيلته كثيرة العدد ، وحصل بينه وبين محدى الهبداني صداقة ، وبعد أن رآى محدى دفع الأتاوه لجدعان بن مهيد ، وهو على هذا الجانب من القوة أبت نفسه الثائرة الا أن يوغر صدر حجو على بن مهيد وقال له : لماذا ترضى هذا الخنوع وهذه الذلة وأنت رجل عربي ، وعندك من العدد والعدة ما يفوق ابن مهيد ، وعندك القصور الشامخه التي تستطيع فيها أن تحمي نفسك بالسلاح وتعز قومك من دفع الأتاوة ، وأتبع كلامه هذه القصيدة :


قولوا لحجو ريف هزل الركايب = عندي لهم عن لمسة الخشم حيله
قصرٍ يشادي نايفات الجذايب = ورصاص قبسٍ مولعٍ له فتيله
والا أصبروا صبر على غير طايب = صبر الجمال اللي ثقلها تشيلهٍ
وألا أزبنوا للروم شقر الشوارب = وفضوا عن الويلان طرقا طويله
ما يترك الهسات لو قال تايب = ما طول مسحون الدوى ما عبي له
أنتم عرب من روس قومٍ عرايب = وش لون ترضون الخنا والرذيله
هذي عليكم يالسنافي غلايب = وش لون ترضون الردى والفشيله
من مالكم يوخذ خراف وحلايب = يا خونكم يا كسبين النفيله
لو هم بني عمي ولو هم قرايب = ممشي الخطا نشوف به كل عيله

بعد ذلك ثار السيد ( حجو ) وأعد عدته ، وأطلق النار على رسل جدعان بن مهيد اللذين جاؤوا ليأخذوا الأتاوة ، ورفض أن يستجيب لمطلب بن مهيد ، وبعد أن عرف جدعان بن مهيد أن السبب لذلك هو محدى الهبداني عرض أمره على موظيفي الدولة العثمانية الذين يحكمون البلاد آنذاك ، وقال أن هذا رجل شرير جاء من نجد ليفسد البلاد ، فألقوا القبض عليه ، وزجوه بالسجن ، وبعد أن مكث مدة طويلة به ، قال هذه الأبيات بالسيد حجو صديقه الحميم :

قولوا لحجو قبل يسعى بنا الدود = حيثه فهيم الطيبة ما تفوته
يالله يا خلاق يا خير معبود = يا مظهر ذا النون من بطن حوته
ترحم غريبٍ دونه الباب مردود = توازنت عنده حياته وموته
أطلبك ترزقنا بيسرك عن الكود = هذا زمانٍ شيبتني وقوته
أشوف أنا بالناس حاسد ومحسود = ولقيت لي ناسٍ تضيع سموته
العدل ضاع وزايد الحيف ماجود = ومن صاح يبي الحق ما سمع صوته

فأخذ السيد حجو كمية من الذهب على غفلة وراح للموظفين الأتراك ورشاهم فأطلق محدى الهبداني من السجن ، ولكن محدى بعدما حصل له من الشيخ جدعان بن مهيد ما حصل ، أبت نفسه أن يسكن بينهم ، فقال هذه الأبيات بالشيخ محمد بن سمير صديقه القديم ، الذي أجاره من آل قعيشيش في أول الأمر وهي كما يلي :



ياراكب سمح المذرع من القود = أشعل طويل المتن نبه شناحي
يشدي لهيقٍ جفله حس بارود = عليه زعر منومل الملح فاحي
وشديده من عاج والنطع ماهود = ومفصلٍ باجواز ريش المداحي
تلفي أخو عذرا من الربع مقصود = زبن الهليب اللي له المنع شاحي
قل له ترى دنياي ما تازن العود = مر بيات ومر كونه صباحي
وافطن ترى دنياك خوانة عهود = صفاقةٍ عرقوبها با رتماحي
ويا شيخ ما دامت لكسرى وداود = كم دور ربعٍ كيفوا به وراحي
ياما صبرنا ياخو عذرا على الكود = نصبر ولا نطلب ايدينٍ شحاحي
عزي لمن مثلي من الغبن ملهود = وعما تريد النفس يقصر جناحي
من يوم بانن المغاتير بالسود = بطل جهلنا يوم بان الوضاحي
ويا شيخ با مبعد عنا كل مضهود = يا مزبنه وان ضاق فيه البياحي
ياما لجينابك عن الحيف والزود = يوم أنها قلت علينا المشاحي
والله مادامي على القاع ماجود = منساك يا طير السعد والفلاحي


ثم قال قصيدة أخرى بالشيخ عبدالكريم الجربا شيخ قبائل شمر بالعراق :



يالله يا خلاق صبحٍ بثر ليل = باذنك عسى تسمع لعبدك سواله
تفزع لمضهودٍ وطا راسه الشيل = ما بين كاف ونون تنعش حواله
يا دارنا عفناك من زايد الميل = عيفة عديمٍ شاف نقص لجلاله
يا دار يا دار الخطا والتهاويل = حقك لمقلول الرفاقه نواله
يا دار ما يسكن بك الا قوي حيل = يقضي لحاجاته بسيفه لحاله
يا ربعنا هيا نوينا المحاويل = نروح عن دار العيا والضلاله
سموا وطيعوني على الزمل ونشيل = لعبدالكريم اللي تذكر فعاله
للشيخ نطاح الوجيه القبابيل = ومن صكته غبر الليالي عناله
الدار دار وكل دارٍ بها كيل = والرزق عند اللي عظيم جلاله

ثم رحل الى الشيخ عبدالكريم الجربا ، والتجأ اليه فأكرمه الشيخ اكراماً بالغاً ، وذات يوم وهو جالس عند الشيخ عبدالكريم في مجلسه ، أهدي للشيخ عبدالكريم جواد من الخيل الأصايل وقبلها وفي الحال قدمها الى محدى الهبداني وكانت جواداً من أحسن جياد العرب ، فقام واحد من الجالسين من شمر الى محدى وقال له : أسألك بالله يامحدى أن تخبرني أي من عبدالكريم الجربا اوجدعان بن مهيد أحب الى نفسك ؟ فقال محدى : ويحك لا تسألني بالله ، فكرر عليه الشمري ثلاث مرات ومحدى يتهرب من السؤال ، وبعد ذلك قال محدى : أقسم لك بما سألتني به أن (غليون ) جدعان بن مهيد عندما ينفث منه الدخان ويعطيني أمزه يسوى عندي عبدالكريم الجربا وقبيلة شمر ، وعندما سمع ذلك الشيخ عبدالكريم ثارت ثائرته وقال للشمري الذي سأل محدى : أنا أحرم عليك أن تسكن منازل شمر ، وان علمت أنك ساكن في منازل شمر سوف أقطع راسك ، وطرده من مجلسه ، والتفت الى محدى وقال له : أشكرك على ما قلت ، ولو قلت غير ذلك لاستهجنتك ، فأمر رجاله أن يحضروا خمسة عشر ناقة من الأبل الوضح ، أي البيض ، وقال هذه هديه مني لك مع الجواد الأبيض ، تقديراً لموقفك من شيخك جدعان بن مهيد ، الذي هو شيخ الفدعان ، وبقي عند الشيخ عبدالكريم الجربا معززاً مكرماً ،، وذات يوم كان الشيخ عبدالكريم الجربا غازياً قبيلة عنزة التي هي قبيلة الهبداني وكان محدى برفقته ، وأثناء سيرهم لحق بهم شخص من شمر على قلوصه ، مبشراً عبدالكريم أنه رزق بمولود ، فقال له بعض أصحاب عبدالكريم أذهب وبشر محدى الهبداني بالمولود ، وكان محدى منتحياً من طرف القوم ، وعندما بشره الرسول أجابه قائلاً : لا بشرك الله بخير ، وأسأل الله أن المولود الذي بشرتني به لا يبلغ سن الفطام ، فقال البشير ويحك يامحدى لماذا تقول هذا بأبن الشيخ عبدالكريم ؟ فقال : نعم أقول ذلك لأنني أخشى أن يترعرع وينمو وتكتمل رجولته ثم يكون مثل ابيه فيقضي على البقية الباقية من عنزة ، فضحك القوم من قول محدى ففي الكلمة نكته وأعجاب ، وعندما علم الشيخ عبدالكريم كلام محدى مع الذي جاء يبشره بالمولود ضحك كثيراً وقال : ما يقوله محدى مقبول عندي ، وقد دار الحديث هذا وهم في مواطن عنزة ، وكانت قبائل عنزة قبل سنة تقطن هذه الأماكن ، وصدفه أمر عبدالكريم على القوم أن يحطوا الرحال ، ويناموا ليلتهم لأنهم كانوا آخر النهار ، وعندما نزلوا لا حظ الشيخ عبدالكريم أن محدى لم يقر له قرار ، وكان يسير على قدميه من حول القوم وكأنه يبحث عن ضالة ، فدعاه الشيخ عبدالكريم قائلاً له تفضل يا محدى لأن القهوة والشاي قد حضرا فأتى محدى عابس الوجه ، تبدو عليه علامات التفكير والذهول ، لاحظ منه ذلك الشيخ فقال له : ما بك يامحدى ؟ فقال : لا شئ يا سكران المجانين ، وكان هذا الأسم يطلق على الشيخ عبدالكريم عند قبيلة شمر ، وقبيلة عنزة ، فكرر عليه الشيخ السؤال ، فقال : هل تعرف هذه الأماكن التي نحن الآن بها ؟ فقال : نعم أعرفها ، قال محدى : أنها منازل عنزة بالعام الماضي ، وهذه حدودهم ، وكنت بالعام الماضي أقطنها معهم ، وقد عرفت منزل كل شيخ منهم حولنا ، فقال الشيخ عبدالكريم : وهل قلت شيئاً يا محدى بذلك ؟ فقال : نعم قلت ، فأنشد هذه الأبيات :


يا دار وين اللي بك العام كاليوم = ما تقل مرك عقب خبري نجوعي
خالٍ جنابك بس يلعي بك البوم = ما كن وقف بك من الناس دوعي
شفت الرسوم وصار بالقلب مثلوم = وهلت من العبرة غرايب دموعي
وين الجهام اللي بك العام مردوم = وظعون مع قدوة سلفها تزوعي
أهل الرباع مزبنة كل مضيوم = وأهل الرماح مظافرين الدروعي
راحوا لنا عدوان وحنا لهم قوم = ولا ظنتي عقب التفرق رجوعي
وان صاح صياحٍ من الضد مزحوم = تجيك دقلات السبايا فزوعي
صفرٍ يكاظمن الأعنه بهن زوم = يخلن سكران المجانين يوعي
يركب عليهن باللقى كل شغموم = فريس والله ما تهاب الجموعي
خيالهم ينطح من الخيل حثلوم = يوم الأسنه بالنشامى شروعي
ويا شيخ أنا عندك معزز ومحشوم = ويمضي علي العام كنه سبوعي
لا شك قلبي بالوفا صار ما سوم = لربعي وأنا يا شيخ منهم جزوعي
وعيني لشوف الحيف ما تقبل النوم = والقلب يجزع بين هدف الضلوعي
ويا شيخ ابا وصفك يا مفني الكوم = يالصاطي القطاع حسن الطبوعي
حلياك حرًيفني الصيد ملحوم = متفهق الجنحان حر قطوعي
حر علم بالصيد من غير تعلوم = يودع بداد الريش شت مزوعي

وعندما أكمل الهبداني قصيدته ، قال الشيخ عبدالكريم أطمئن ياصديقي ، أننا في الصباح راجعون الى ديارنا لأنني لا أحب أن أجد قبيلة عنزة ويحصل بيني وبينهم صطدام وأنت معي ، لأنك منهم ولأنك جار عزيز عندنا وأنني أقدر هذه الحمية فبك ، ولا ألومك بما قلت بقومك ، وعندما بلغ الشيخ جدعان بن مهيد ما حصل من سؤال الشمري في مجلس الشيخ عبدالكريم الجربا ، وعن هذه القصيدة الأخيرة التي قالها عند عبدالكريم الجربا ، أرسل الى محدى وفداً يدعونه ليرجع اليهم وأن له كل ما يطبه ، وأنه سيبقى عندهم معززاً مكرماً ، ولن يعصوا له أمراً ، ولا توجه اليه اهانة ، فاعتذر محدى من الشيخ عبدالكريم الجربا ، واستأذنه بالرحيل ، فسمح له بعد أن أنعم عليه وأكرمه ، ورجع الى الشيخ جدعان بن مهيد شاكراً لعبدالكريم الجربا فضائله وكرمه وأخلاقه ، وبقي عند جدعان زمناً طويلاً مكرماً الى أن تذكر بلاده نجد وحن اليها ، واشتاق أن يحج لبيت الله العتيق ، ويزور مسجد نبيه الكريم ، فاستأذن من الشيخ جدعان ورحل من بلادهم الى بلاد نجد مع قبيلته آل فضيل ، ورجع الى موطنه ومسقط رأسه نجد العزيزه ، وحج بيت الله وزار مسجد نبيه بعد أن قال هذه الأبيات :


يالله ياللي ما دخيلك يضامي = ياللي عفيت وحل لطفك على أيوب
أطلبك يا محيي هشيم العظامي = والي ولا غيرك ولي ومطلوب
يالله تجمع شملنا بالتمامي = يا عاقل يوسف على أبوه يعقوب
بجاه من صلى لوجهك وصامي = تفتح لنا من باب لطفك لنا بوب
وبجاه من لبى ولبس الحرامي = ورقى على الجبل قاضي النوب
يا عالمٍ باللي خفى من كلامي = تبهج فواد اللي على البيت منعوب
يالله يا مسقي كبود ظوامي = من مي زمزم نافل كل مشروب
هيا ودنوا لي ركابٍ همامي = نبي نزور اللي على القلب محبوب
نبينا نضفي عليه السلامي = وحنا علينا الحج فرضٍ ومكتوب

هذه ترجمة محدى بن فيصل الهبداني أستقيتها من الطاعنين بالسن من رجال قبيلة عنزة وغيرهم كم بها من جوانب عامره وفضائل معجبة .


















عرض البوم صور عساف دخنان  

قديم 01/05/08, (04:21 PM)   المشاركة رقم: 19
المعلومات
الكاتب:
عساف دخنان
اللقب:
عضو نشيط جدا
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية عساف دخنان

البيانات
التسجيل: 06/04/05
العضوية: 16
المشاركات: 424
بمعدل : 0.06 يوميا
معدل التقييم: 60
نقاط التقييم: 160
عساف دخنان متميزعساف دخنان متميز


الإتصالات
الحالة:
عساف دخنان غير متصل
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عساف دخنان المنتدى : منتدى التاريخ والتراث العربي
افتراضي رد: :::كتاب أبطال من الصحراء :::

خلف الأذن



نسبه – فروسيته – شعره – الوضيحي مع خلف وشعره في ذلك – الشاعر بن قويفل – خلف الأذن مع مشائخ قومه آل شعلان – حروب قبيلته مع أبن مهيد – قتل تركي بن مهيد – أبن مهيد من أبرز الشخصيات وأكرمها – الشعر في مقتل بن مهيد – أسر محدى الهبداني – شعر في ذلك – قتل مشائخ بني صخر – فهد بن جزاع وعداوته لخلف الأذن – قصة جواد خلف – خلافه مع النوري – شعره في ذلك – وفادته على سعود بن رشيد – قصته مع زامل وشعره في ذلك – قتله من قبل غزاة من شمر – لجوء أبن عدلان من شمر الى خلف وأكرامه له وهو مقطوع الأيدي – اغارة آل زيد من آل شعلان قبيلة خلف على التومان من شمر وقتلهم فيصل بن سند الربع زعيم التومان ........ الخ .

هو الفارس الصنديد والشاعر المجيد ، خلف الزيد الأذن الشعلان من عائلة آل شعلان الكبيرة رؤساء قبيلة الرولة المشهوره من عنزة ، هذه العائلة تنقسم الى أربعة أفخاذ ، آل نايف والرئاسة متسلسله فيهم الى الآن ، وآل مشهور وآل مجول وآل زيد الذين منهم خلف الأذن ، وعائلة الشعلان مشهوره بين القبائل وقد برز منهم عدد من الأبطال كانوا مضرباً للامثال بالشجاعة ، وقد قال شاعر شمر بصري الوضيحي متحدياً معرضاً هذه الأبيات وذكر فيها مجولاً والدريعي ، مجول جد آل مدول ، والدريعي جد آل مشهور ، والأبيات كما يلي :


أبا أتمنى كان هي بالتماني = صفرا صهاة اللون قبا طليعي
وسروال تومان ومثل الشطاني = ومصقلٍ مثل الثغب له لميعي
أبي ليا لحق الطلب له غواني = والخيل معها مجول والدريعي
أردها وان كان ربي هداني = من المعرقة ياتي على الخد ريعي
أردها لعيون صافي الثماني = بيض النحور مهلكات الرضيعي
قدام شمر مثل زمل الصخاني = اللي يخلون المخالف يطيعي


وقد قدر للوضيحي أن يغزو مع بنيه الجربا شيخ شمر على الرولة من عنزة ، قبيلة آل شعلان التي منها مجول والدريعي ، فقد أغار (بنيه ) هو وفرسانه على أبل الرولة وأخذوها ، ولحقهم الدريعي ومجول كما تمنى الشاعر بصري الوضيحي ، ومعهم فرسان من قبيلة الرولة ليخلصوا الأبل من شمر ، ففكوا الأبل وراحوا يطاردون الجربا وفرسان شمر وقد حمي الوطيس بينهم ، ويقال أن الدريعي بن شعلان ضرب فارساً من فرسان شمر بالسيف وطار رأسه من على منكبيه وعندما رآه بصري الوضيحي دهش من هول الضربة ، فولى هارباً وترك قومه ، وقد دافع فرسان شمر دفاعاً بطولياً وتخلصوا من فرسان الشعلان ، وعندما وصل ( بنيه ) الجربا مضارب عشيرته ، كان غاضباً على بصري الوضيحي لما رآه من جبنه وفراره ، فدعاه ليحقق معه وليؤنبه على فراره ، وعندما سأله أجاب الوضيحي بهذين البيتين على بحر وقافية الأبيات
التي قبلها :
أنا بلاية لا بسين القطاني = اللي يخلون المخالف يطيعي
من فوق قب مكرمات سماني = يشدن شياهين تخطف مريعي


وبعد أن سمع كلامه ، حكم عليه أن يغسل جواده بالصابون ثلاث مرات بين فرسان شمر ، ليطهر جسمها ، لأنه لا بستحق ركوبها ، وكانت هذه الفرس من الخيل الخاصة ( لبنيه ) الجربا ، ثم قال فيهم أحد شعراء شمر المسمى أبن قويفل :


يا مزنة غرا تقافي رعدها = تمطر على دار الدريعي ونايف
خله على الوديان تذهب ولدها = بديار مكدين المهار العسايف
تملا الخباري للدريعي بردها = بقطعان عجلات على الما زهايف
يا ذيب يا شاكٍ من الجوع عدها = كان أنت لرماح الشعالين ضايف
تلقى العشا صفراً صخيفٍ جسدها = من كف ستر معطرات العطايف
وكم سابقٍ بالكف عاقوا جهدها = مضرابها بالجوف ما هو مسايف
من كف شغموم ورد من هددها = أو شايبٍ شيبه من الخيل هايف
كم قالةٍ قفوا بها ما بعدها = راح يتولاها الدريعي ونايف
حالوا وراها ودونها هم لددها = وقد عوضوا طلابها بالحسايف
تنشبت محدٍ يحلل عقدها = ومن دونها يروون بيض الرهايف


ثم قال فيهم أبن قويفل أيضاً هذه القصيدة وذكرهم جميعاً :


اللي يكفون الشوارب بالأيمان = هبيت يا حظٍ تنحيت عنهم
أقفيت عن ربعك عيال أبن شعلان = اللي كما شل الروايا طعنهم
ما ينتخون الا بعليا وعليان = وأن حل ضرب مخلصٍ جيز منهم
لباسةٍ عند المظاهير شيلان = صديق عينك ما يطيح بحضنهم
نزل الخلا ما هم فراقين سكسان = ما سقسقو للعنز تتبع ظعنهم
قطعانهم وان شرقت تقل غزلان = وان غربت مثل البرد هاك عنهم
القلب ما ينسى طويلين الأيمان = اللي يقزون العدو عن وطنهم


وقد قيل في آل شعلان أشعار كثيرة ، ولهم تاريخ حافل بالبطولات والكرم الفياض .
ونرجع الى الشيخ خلف الأذن ، فالمذكور عاصر ثلاثة من أبناء عمه آل نايف الذين فيهم الرئاسة وهم سطام الحمد ، وفهد الهزاع ، والنوري الهزاع ، وقبل هؤلاء المشايخ وفي مطلع شبابه كان قد ادرك آخر حياة الشيخ فيصل بن نائف الشعلان شيخ قبيلة الرولة ، وغزا معه مرة واحدة ، قتل فيها الشيخ العواجي ، وكان هؤلاء المشايخ لم ينسجم معهم خلف الاذن ، ودائماً والخلافات قائمة بينهم ، والسبب لذلك هو شخصية خلف الفذة وطموحه وشجاعته ، فأبناء عمه الرؤساء يأمرون احياناً بأوامر لايستسيغها ويرفضها ، ولذلك فهم يحقدون عليه وليس باستطاعتهم ان ينفذوا أوامرهم عليه بالقوة ، لانه لايمكن ان يتجرأ عليه احد ، ثابت الجنان ، وشجاع فذ ، وصارم فتاك ويلتف حوله ابناء عمه آل زيد ، وكلهم ابطال ، ومن ناحية اخرى فهم يحترمونه لهذه الخصال التي ذكرناها ويذخرونه للملمات ، لانه برز بشجاعته وتفوق بفروسيته ، وجندل من اعدائه عدداً كبيراً ، وكان لا يقتل إلا الفارس الذي له شهرة وقد قتل عدداً من شيوخ القبائل وسوف نأتي بذكرهم ، وبعد أن قتل هؤلاء المشائخ سميي بأبي الشيوخ ، أي قاتل الشيوخ ، ولازال معروفاً بنجد بهذا الاسم ، فإذا قيل الشيخ خلف الأذن ، أضافوا إليه أبا الشيوخ .
وفي عهد مشيخة سطام بن شعلان أغار الشيخ تركي بن مهيد شيخ قبيلة الفدعان ، على إبل عائلة الزيد الشعلان ، وهم غائبون عنها ، وأخذ أبلاً كثيرة منهم ، ومن ضمنها ، إبل ابن عم خلف الأذن ، المسمى ( عرسان أبو جذلة ) آل زيد ، وهذه الإبل مشهورة بنجد ، وتسمى ( العلي ) وألوانها وضح أي بيض ، وقد تأثر عموم الشعلان لهذا الأمر، إلا أن الشيخ سطام بن شعلان رئيسهم يعارضهم بذلك ، لأنه مصاهر للشيخ تركي بن مهيد ، زوجته تركيه أخت الشيخ تركي بن مهيد ، ولا يحب أن يقع بينه وبين أصهاره خلاف ، ويود أن يفاوض تركي بن مهيد ويحل القضية حلاً سلمياً ، ولكن تركي بن مهيد رفض كل عرض عرضه سطام الشعلان ، وتأزمت القضية وأصر خلف الأذن وأبن عمه عرسان أبو جدله وبقية آل زيد على أن يأخذوا ثأرهم من أبن مهيد بالقوة ، وأخيراً أنضم إليهم عموم آل شعلان ، وأنضم إليهم عموم مشائخ الرولة ، وقد تحير في الأمر الشيخ سطام ، لأنه يكره أن يهاجم صهره الشيخ تركي بن مهيد ، بصفته هو رئيسهم ، وإن لم يعمل بذلك فليطلبوا من النوري بن شعلان أن يقودهم لمهاجمة تركي بن مهيد وأخذ الثأر منه ، وأسترجاع الأبل منه ، ولابد من تنفيذ أحد الأمرين .. وعندما أتوا الشيخ سطام وعرضوا عليه ماقرروه ، وعرف أن الأمر جد ، وكان الشيخ سطام من أدهى الرجال وأذكاهم ، ومن أحذرهم وأحذقهم وكان مخفياً لأسراره ، وقد قال به أبن عمه محمد بن مهلهل بن شعلان قصيدة هذا بيت منها :

يمشي مع الضاحي ويخفي مواطيه = ويكمى السحابه وأنت توحي رعدها


يعد أن لاحظ تصميم عموم آل شعلان أبناء عمه قرر أن يكون معهم ، وأن يكون زحفهم الصباح ، وكان بن مهيد على مقربة منهم ، وأرسل شخصاً بصفة سريه لينذر أبن مهيد ، ولكن ابن مهيد عندما وصل إليه الرسول وأخبره بكلام صهره سطام قال له أرجع إلى سطام وأخبره بأنني لست ممن يقعقع له بالشنان ... فلن أبرح مكاني هذا حتى أردهم خاسرين ، وكان شجاعاً ومقداماً ، وقد سبق السيف العذل ، وحصل الهجوم الكبير من قبائل الرولة ، وظهرت كراديس الخيل ، وفي مقدمتهم فرسان آل شعلان ، وأولهم النوري الهزاع ، وخلف الأذن أبا الشيوخ ، وحصلت المعركة وحمي الوطيس ، وكان تركي بن مهيد لابساً درعاً وخوذة ، وقد وقف بالميدان موقف الأبطال ، وعجز الفرسان أن يتغلبوا عليه ، وقد أختار خلف الأذن تلاً عالياً ووقف عليه ، على صهوة جواده المسماة ( خلفة ) ولم يشترك بالمعركة إلا بعد أن لاحظ عجز الفرسان عن التغلب على تركي بن مهيد ، عندها أنقض عليه واختطفه من فوق جواده وترجل به على الأرض وضربه بسيفه ( شامان ) على أنفه ، إلى أن طار أنفه ، وتركه وراح يطارد بقية الفرسان ، بعد أن قال لمن حوله من فرسان قبيلة الرولة : إن هذا تركي بن مهيد ، وقصده من ذلك أن يقتله من كان حاقداً عليه ، وقد تداعى عليه فرسان الرولة وقتلوه وكان خسارة كبرى على قبيلة الفدعان ، وهو من أشجع الرجال ، وكان يضرب به المثل بالكرم الحاتمي ، ويسمونه ( مصوت بالعشا ) ، أي أنه بعد المغرب يأمر أحد رجاله فيعلو مرتفعاً من حوله ثم يرفع صوته منادياً من كان يريد العشا فليتفضل ، هذه من خصال المرحوم الشيخ تركي بن مهيد ، وبعد أنتصار الشعلان وقتلهم أبن مهيد وأخذهم جميع أمواله ، وأموال قبيلة الفدعان ، وسترجاع الإبل ( العلي ) إبل
( عرسان أبو جذلة ) أبن عم خلف الأذن قال خلف هذه القصيدة ، مفاخراً بها ، وملمحاً بها عن الموقف :


حنا عصينا شيخنا من جهلنا = الشيخ شيال الحمول الثقيله
وارخص غلاهم واشتري به زعلنا = الله يمهل به سنين طويله
وأنا أحمد الله طار عنا فشلنا = جعل مصبه فوق راس الغليله
إن قدم المركب وعنده حقلنا = كم راس شيخٍ عن كتوفه نشيله
هذي فعول جدودنا هم وأهلنا = بالسيف نقدي تايهين الدليله
ما ننعشق للبيض لو ما فعلنا = ولا تلكد بعقوبنا كل أصيله


وعندما علم محدى الهبداني الشاعر المشهور بمقتل الشيخ تركي بن مهيد ، وكان محدى من أصدقاء والد تركي الشيخ جدعان ، قال هذه القصيدة يتوعد خلف الأذن بأخذ الثأر :


يا خلف الآذان بالك تغبا = يذكر لنا عندك قعودٍ جلابه
بالحرب عندي لك حمولٍ تعبا = وبيني وبينك يالرويلي طلابه
إن ما خذينا الثار وإلا نهبا = ويبقى علينا عقب تركي جنابه
نصبر ولا بد الهبايب تهبا = ونجيك فوق القحص مثل الذيابه
نريد ثار اللي ببطنك مسبا = شيخ الشيوخ اللي عزيزٍ جنابه


فأجابه خلف الأذن بهذه القصيدة :


كان أنت يا محدى لعلمي تنبا = عيبٍ على اللي ما يثمن جوابه
أنشد وتلقاني على سرج قبا = مع سربة الآذان والا الشيابه
قب لعصمين الشوارب تربى = يا ما غدا بظهورهن من طلابه
كم شيخ قومٍ من طعنا تكبا = وعدونا سم الأفاعي شرابه
أشبع عيالك جعل قلبك يهبا = شاعر نور تلعب على أبو عتابه
لو أنت من حصن الرمك ما تشبا = من عذرة الساجور واللي ربابه


ومن الصدف الغريبة أن محدى الهبداني غزا قبيلة الروله مع غزية من قبيلة الفدعان ، وهاجموهم وأخذوا منهم عدداً من الإبل ، وهبت قبيلة الروله لتخليص أبلهم ، وفعلاً هزموا قبيلة الفدعان المغيرين ، وخلصوا ابلهم ، وأسروا عدداً من فرسان الفدعان ، ومن بين المأسورين
( محدى الهبداني ) ، أسره أحد فرسان الروله ، وأخذ جواده منه ، وكان محدى الهبداني صديقاً للشيخ محمد بن سمير شيخ قبيلة ( ولد علي ) من عنزة ، وبعد أن علم بذلك خلف الأذن أرسل إلى محمد بن سمير هذه القصيدة :


يا راكبين أكوار حيلٍ عراميس = يقطعن ميد مساهمات الحزومي
حيلٍ تذب أكوارها بالنسانيس = ياحلو مرواح الضحا عقب نومي
إن روحن مثل الحمام المماريس = ركابهن ما يستضف الهدومي
صبح أربع في غيبة الجن وابليس = يلفن لبيوت الرفاقه لزومي
يلفن محمد زبن خيل المراويس = الوايلي زبن الحصان العزومي
قل له ترى حنا خذينا النواميس = بسعود مولانا قوي العزومي
وتجارتك يا شيخ ضاعت من الكيس = تفرقت لمقطعين الخرومي
وراحن عليمات الهبيدي بسابيس= خلوه بقياع الشجر تقل بومي
كيف الوهم يرمي عرود القرانيس = ما به صواب وعاجزٍ لا يقومي
عاقوه ربعٍ يبعدون المناطيس = أهل المهار منزحين الخصومي
وان جا نهارٍ فيه جدع الملابيس = يابنت عن مثله هاك اليوم شومي


















عرض البوم صور عساف دخنان  

قديم 19/05/08, (02:19 PM)   المشاركة رقم: 20
المعلومات
الكاتب:
عساف دخنان
اللقب:
عضو نشيط جدا
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية عساف دخنان

البيانات
التسجيل: 06/04/05
العضوية: 16
المشاركات: 424
بمعدل : 0.06 يوميا
معدل التقييم: 60
نقاط التقييم: 160
عساف دخنان متميزعساف دخنان متميز


الإتصالات
الحالة:
عساف دخنان غير متصل
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عساف دخنان المنتدى : منتدى التاريخ والتراث العربي
افتراضي رد: :::كتاب أبطال من الصحراء :::

وحيث أن الخلاف بين خلف الأذن والشيخ سطام بن شعلان لا زال قائماً ، وبالرغم مما بينهم من جفوه ، فعندما حصل بين الشيخ سطام بن شعلان وبين مشائخ بني صخر خصام أدى إلى أن زحف عليهم سطام بقبائل الرولة من الأراضي السورية ، وكان مشائخ بني صخر مع قبائلهم بأراضي البلقا ، والسبب لذلك أن آل فايز رؤساء بني صخر أخذوا إبل النيص عبد أبن شعلان بطريق الغدر ، ومشائخ بني صخر كانوا أعداء ألداء للشيخ خلف الأذن ، فقد أعجبه تصميم أبن عمه سطام على زحفه على بني صخر ، وكان به شئ من تحقيق رغبته وقد حصلت المعركة بين آل شعلان وبني صخر وهزم بني صخر وشردوا عن بلادهم ، وبعضهم هرب إلى جهات الغور وفي هذه المعركة قتل خلف الأذن عدداً من مشائخ بني صخر ، ومن المعروفين منهم الشيخ طه ، والشيخ مناور ، والشيخ سطعان ، وقد قال خلف الأذن بهذه المعركة قصيدتين ، الأولى أثنى على الشيخ سطام بن شعلان ، رغم ما بينهما من الجفوة ، ولكنه كان راضياً عنه ، لأنه شفى غليله من أعدائه آل فايز وآل زبن رؤساء بني صخر ، وهذه القصيدة الأولى :


عيا الفهد ما كل الأشوار طاعه = قصَار من شارب خصيمه ليا زاد
من صافي البالود فيه القطاعه = مفراص بولاد الدول هم والأكراد
علمان زاع وسمَح الله ذراعه = قواطر يهز الريش من غير قواد
بين الفدين وبين بصري مزاعه = غصبِ على شبلي وعسمٍ على طراد
نبي ندور اعويس راع البياعه = إن جو من الكروه على الملح مداد
يا عويس لك عندي بالأيام ساعه = يوم يعيف سابقك كل الأفواد
اللي نحر حوران حط الرتاعه = واللي تقلع من ورا الهيش من غاد
أبا الظهور اللي يحفظ الوداعه = مثل صباح ارميح والطرش ما قاد
سرنا على نزلٍ تلافح رباعه = للطرش قهار ولللم جلاد
باولاد عم كل أبوهم جماعه = عاداتهم بالكون ضكات الأضداد
كم سابقٍ جتنا بالأيادي قلاعه = وكم راس شيخ طاح بسيوف الأولاد
وقطعانهم صارت لربعي طماعه = وقمنا نعزَل بيننا شقح الأذواد


أما القصيدة الأخرى فقد ذكر فيها مقتل الشيوخ من بني صخر ، وقال : إنكم يابني صخر شجعان وكرماء ولكنكم تمتازون ( بالبوق ) والغدر والخيانة ، وهذه صفات غير محموده بين العرب ، ثم قال : إن جديكم فرج وأسعد عثر حظهم وما فادوكم رغم أنكم تتباركون بهم ، وهاهم شيوخكم قتلى على الأرض ، ولم ينجدكم أجدادكم ، وهو يقصد من ذلك أن بني صخر كانوا يعقرون العقائر على قبور أجدادهم ومنهم فرج وأسعد ، ويتباركون بهما ، ويدعونهما بالملمات أن يفرجوا كربهم ، ويستنصرون بهم على أعدائهم ، وهذا شرك ولا شك فالمعين هو الله سبحانه وتعالى ، وهذه هي القصيدة :


يا رميح لولا البوق ما أنتم رديين = بذبح العديم وصبكم للأدامي
يا رميح وضح النيص ما عقبن شين = هنف الخشوم ونابيات السنامي
بنيت بيوت الحرب حد اللبابين = وشقح تنازي بالمشاتي مظامي
وثار الدخن ما بين كل القبيلين = بمزربط يكسر متين العظامي
وجبنا حلي الريش زين على زين = وبنت الشيوخ يصدغه بالخزامي
وطه ومناور والشيوخ المسمين = ذباحهم ما هو بحال الأثامي
ياذيب صوت للنسور المجيعين = أرع الشيوخ مجدعه بالكزامي
وفرج مع أسعد لا يعوهم شياطين = ويا رميح حظ أجدودكم بانخدامي
جوكم هل ( العليا ) عيال الشعالين = فوق المهار مثورات العسامي
ياما فجوا غرات بدوٍ عزيزين = وياما وقع بنحورهم من غلامي
على طراد الضد يا رميح قاسين = ومكللين سيوفهم بالهوامي
دجنا بوسط دياركم يا مساكين = ومنا تقلدتم قلوب النعامي
تقلعوا للغور يم العداوين = وعيونكم من همنا ما تنامي


وبعد هذا لم يترك شيوخ بني صخر خلف الأذن ، بل أخذوا يتربصون به لعلهم يأخذون ثأرهم منه لأنه ذبح عدداً من شيوخهم ، وكان من عادة الشعلان إذا رحلوا من نجد الى الأراضي السورية لا يمشون مجتمعين بل كل عائلة منهم يكون معهم قسم من قبيلة الرولة ، وكان من عاداتهم أن أول من يتقدم بالمسيرة هم عائلة آل مجول ومعهم قسم من الرولة ، ثم عائلة آل المشهور ومعهم قسم منهم ، ثم عائلة آل نايف الرؤساء ومعهم قسم منهم ، ثم عائلة آل زيد ومعهم قسم منهم وهذه عائلة خلف الأذن ، وكان شيوخ بني صخر بقيادة الشيخ طراد بن زبن قد فهموا عنهم هذه الطريقة في المسير فكمنوا في موقع قرب آبار ميقوع ، المنهل المعروف في وادي السرحان لأخذ الثأر من خلف ألأذن ، وقد أستنجد طراد بن زبن بفرسان قبيلة السردية ، بقيادة الشيخ الجنق ، ومعه الشيخ شلاش بن فايز ، وشلاش المذكور شجاع مقدام ويسمى الضمان أي أنه يضمن إبل قبيلة بني صخر من الأعداء ، إذا كان حاضراً عندها ، وعندما قرب خلف الأذن من الماء المذكور في طريقهم إلى سورية سبقتهم الأبل لتشرب وكان الشيخ خلف على أثرها بالظعينة ، ومعه أبناء عمه آل زيد ومن معهم من قبيلة الرولة ، وكان كل واحد منهم على هجينة مستجنباً جواده آمنين وهم يتقدمون الظعائن ، وقد مروا على نسر قشعم نازل الأرض وعندما قربوا منه راح يمشي على رجليه عاجزاً عن الطيران من شدة الجوع ، فألتفت إليه خلف الأذن وقال : كم أتمنى لو يكون معركة قرب هذا النسر العاجز عن الطيران من الجوع ليعتاش من القتلى ليطير فضحك رفاقه ، وبعد مضي دقائق من كلامه أشرفوا على آبار ميقوع ، وإذا بالخيل قد أخذت إبلهم وحالت بينهم وبين الإبل فنزلوا عن هجنهم وراحوا يلبسون دروعهم وركبوا خيلهم ، وأغاروا على الفرسان الذين أخذوا إبلهم وتبين لهم أنهم من بني صخر وآل سردية غرمائهم المشهورين ، وقد حمي الوطيس ، ودارت رحى المعركة بضراوة، وكان يوماً عبوساً ، وبعد عناء طويل خلص الشعلان إبلهم من العدو ، وراحوا يطاردونهم ، إلى أن قتل خلف الأذن الشيخ شلاش ، ثم قتل الشيخ الجنق أما الشيخ طراد فقد نجا لأن جواده كان سريعاً جداً فلاذ بالفرار ، وعجز الشعلان عن اللحاق به ، وقد غنموا خيولاً كثيرة ، وقد أنتصروا أنتصاراً رائعاً على بني صخر وأعوانهم ثم قال خلف الأذن هذه القصيدة بعد أنتصارهم :


الله يكون جرى عند ميقوع = كونٍ ينشر به غيارات واقماش
يوم التهينا نلبس الجوخ ودروع = واعرض لنا الطابور من دون الادباش
المنع يا ركابة الخيل مرقوع = من نيش باطراف المزاريج ما عاش
كم راس شيخ من تراقيه مشلوع = وأول سعدنا وطية الحمر لشلاش
والجنق أخذ من رايب الدم قرطوع = من عقب شربه للقهاوي على فراش
خللي عشاً لمهرفل الذيب مجدوع = والضبعه العرجا تدور به عراش
والشايب اللي قفونا يشكي الجوع = لو هو حضرنا نفض الريش وعتاش
زيزومهم عقب الصعاله غدا طوع = عقب الهدير أستثفر الذيل ونحاش
وأنا على اللي تكسر الذيل مرفوع = تشوش وان سمعت مع الخيل شوباش
لقد تحققت أمنية الشيخ خلف الأذن حينما تمنى أن تقع معركة حتى يأكل النسر القشعم ، وفعلاً سقطت الضحايا على الأرض وما أكثرها ومن بينها الشيوخ .
أما الشيخ طراد بن زبن فهو لم ييأس من أخذ الثار ، وقد تابع عدوانه على قبيلة الرولة ، ويقال أنه غزا وهاجم الرولة في أرض الحماد ، بالقرب من حرة عمود الحماد التي تقع شرقاً من وادي لسرحان ، وصادف أن غارته في صباح أحد الأعياد وقد هزمه الرولة وأثناء رجوعه صادفه النوري بن شعلان وخلف الأذن ومعهم عدداً من الفرسان فطاردوه وقتلوا وأسروا قسماً كبيراً من الفرسان ، أما طراد فقد نجا في المعركة ، وقد قال خلف الأذن في هذه المناسبة هذه القصيدة :


يالله يالمطلوب يا عادل الصاع = إن كان عندك للأجاويد ثابه
أنك تمشينا على درب الأسناع = ياللي لداع الخير ما صك بابه
الضرس يعباله عن السهر مقلاع = حتى تنام العين ما هي طلابه
يا طراد حلوا بك مواريث هزاع = عايدت قومٍ وعايدوك الشيابه
صغيرهم لو هو على الديد رضاع = سنه شطير يكسر العظم نابه
يا طراد راحت بك طويلات الأبواع = والشيب حل بسربتك والتهى به
وردوا هل العليا كما ورد الأقطاع = على غديرٍ ما كفاهم شرابه
ذيب المحيضر مخصب عقب ما جاع = مكيف يلعب على أبو عتابه
يبون جل بكارنا شقح الأقطاع = وشرهوا على هاك البيوت المهابه
وصحنا عليهم صيحةٍ تبري الأوجاع = وصارت قلايعهم بالأيدي نهابه
وطراد عقب سيوفنا صار مطواع = ضاعت عزومه عقب هاك الصعابه
ياما عملنا الطيب لا شك به ضاع = ماشٍ على درب الردا والخيابه


وأردف خلف الأذن قائلاً هذه القصيدة :


حرً شلع من راس عال الطويلات = للصيدة اللي حط خمسه وراها
غز المخالب بالثنادي السمينات = وتل القلوب وبالضماير فراها
يلعن أبو هاك الوجيه الرديات = أبرد من الزرقا على صقع ماها
وفنخور أبو جبهه كبير المطيرات = رجلٍ قطع من شقته واكتساها
بايع منيعه بالثمن للحويطات = من العيب وافر لحيته ما حماها
وابن جريد من هل المقعديات = ما حاشت الصفحه لعينٍ ثواخا
يا طراد ما عيت ذود النصيرات = عيت سواعد لحيتك من رداها
أجيك باللي يدركون الجمالات = ربعٍ معاديهم طوالٍ خطاها
إلى تنادوا بينهم بالمثارات = كم قالةٍ وقفوا على منتهاها
شعلان فاجوكم على الخيل عجلات = فوق المهار اللي تساعل حذاها


وبعد هذه المعركة لم تقم لطراد وجماعته قائمة ، خاصه مع قبائل الرولة .


















عرض البوم صور عساف دخنان  

قديم 19/05/08, (02:41 PM)   المشاركة رقم: 21
المعلومات
الكاتب:
عساف دخنان
اللقب:
عضو نشيط جدا
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية عساف دخنان

البيانات
التسجيل: 06/04/05
العضوية: 16
المشاركات: 424
بمعدل : 0.06 يوميا
معدل التقييم: 60
نقاط التقييم: 160
عساف دخنان متميزعساف دخنان متميز


الإتصالات
الحالة:
عساف دخنان غير متصل
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عساف دخنان المنتدى : منتدى التاريخ والتراث العربي
افتراضي رد: :::كتاب أبطال من الصحراء :::

وبهذه الفترة تولى الشيخ فهد الهزاع شقيق النوري ، بعد أن توفى الشيخ سطام بن شعلان ، وورث كراهية خلف الأذن عن سطام ، وقد حصل خلاف بين خلف الأذن وجماعة من الرولة ، أستفحل إلى أن قتل خلف أثنين منهم ، ولم يستطع غرماؤه أن يتجرأوا عليه ، ويأخذوا ثأرهم منه عجزوا عن ذلك ، وأخيراً توسط الشيخ فهد الهزاع على أن خلف يدفع دية لأقارب المقتولين ، وأشترط أن يدفع على الديه جواده ( خلفه ) وقبل خلف أن يدفع ديتين ، ولكنه رفض أن يدفع فرسه ( خلفه ) ولاحظ خلف من أبن عمه فهد ميلاً مع غرمائه ، وأنه لم يشترط دفع الفرس إلا ليأخذها لنفسه ، عندما حصل ذلك وهم بالأراضي السورية أمر خلف جماعته آل زيد بأن يرحلوا لنجد ، وبعد أن تحرك ظعنهم من سورية إلى نجد ركب جواده ( خلفه ) بعد أن لبس لباس الحرب وجاء إلى بيت الشيخ فهد الهزاع وكان فهد جالساً في مجلسه ، فوقف على جواده أمام البيت ، وأرتجل هذه الأبيات موجهها إلى الحارس المقرب للشيخ وهو ( أبو دامان ) وقال :

البدو عنا شرقوا يابو دامان = وكل من النقرة تقضى حواله
إن جيت ملعون الكديد أبن جدلان = إن ما رضي والله فلاني بحاله
أدخل على الله يوم مكنونها بان = ورزقي على اللي سامكات جباله
مانيب أنا ولد الحدب وابن ضبان = اللي يتالونه على شان ماله
ربعي هل العليا طويلين الأيمان = أهل النقا والطيب إن جا مجاله
معهم بني عمي عيال أبن شعلان = ياما كلوا من عين قالة وقاله
فهود الزراج ليا غشى الجو دخان = إن ضيعت وضح العشاير عياله
(خلفه) معديها مع أولاد جمعان = اللي يعرفون الثنا والجماله
باغ عليها يوم روغات الأذهان = وكلٍ هفا به فعل جده وخاله
ألكد عليها واجعل العمر ما كان = والشيخ وأن شافن يصيبه جفاله
أنا على (خلفه) وبالكف (شامان) = وكم راس شيخٍ عن تراقيه شاله

قال هذه القصيدة غير مبالي بأحد ، ثم لحق بظعينته ، وقد سكت الشيخ فهد كأن شيئاً لم يكن .
هذه من نوادر خلف الأذن وما أكثرها ، وعندما عرف غرماء خلف أنه تجرأ على الشيخ بهذه القصيدة ،عرفوا أن الحق ليس بالسهل تحصيله من خلف ، أرسلوا له صاغرين وطلبوا منه أن يدفع دية رجالهم بالطريقه المتبعه بين قبائلهم وتنازلوا عن طلبهم للجواد ( خلفه ) .
وفي بعض الأيام مرضت جواده خلفه وأخذ مدة لم يستطع ركوبها ، فأنشد هذه الأبيات :


أنا برجوى الله ورجوى العبيه = أنا على ركبه غشيشٍ رعا كبس
وبالكف من صنع الهنادي قضيه = عليه من دم المخالف تقل دبس
أجي مع أول سربةٍ مرعضيه = واصير بنحور النشامى لهم حبس
قدام ربعٍ كل ابوهم دنيه = الكد ملاكيدٍ لفارس بني عبس
الله على يومٍ ضحاه اعشويه = عج السبايا في نهاره تقل قبس
قلبي عليهم واردات دليه = والكبد من ضيم الرفاقه بها يبس

ولابد للقارئ أن يلاحظ آخر بيت في القصيدة حيث يقول :

قلبي عليهم واردات دليه = والكبد من ضيم الرفاقه بها يبس

فهو بذلك يشير إلى الشيخ فهد لأنه شعر بحيفه عليه ، ولذلك فهو يحس بالضيم منه ، لقد طالت الكراهيه والجفوه بين فهد الشعلان وأبن عمه خلف الأذن ، الى أن أخذ خلف يبتعد عن الشيخ فهد حتى تولى الشيخ النوري الشعلان رئاسة قبائل الرولة ، وأستمر الخلاف والكراهية بينه وبين خلف الأذن ، وعندما رأى خلف أن الشيخ النوري بن شعلان يبتعد عنه ولا يأخذ الرأي منه قال
هذه القصيدة :

يا شيخ يا شيخ الشيوخ أبن شعلان = عندك صليب الراي ما تستشيره
خمسين سيف ما يسدن بشامان = خله لعجات السبايا ذخيره
إنشد هل العادات ذربين الأيمان = ويخبرك عني من يعرف السريره
إن ثار عج الخيل في كل ميدان = تلقى علومي يابن عمي كبيرة
أقلط على الفارس بروغات الأذهان = واخوض غبات البحور الخطيرة
أشيل راسه من مزابير الأمتان = ولا عاد يذكر كل شره وخيره
السيف يشهد لي ويشهد لي الزان = ويشهد بفعلي من سكن بالجزيره
ما يختفي فعلٍ تقفاه برهان = والعين ما شافت بليا نظيره
ربعي هل العليا اليا ثار دخان = مثل الزمول اللي تقاصف هديره
إن رددوا بالكون عليا وعليان = حريبهم ترجع علومه صغيره
ربعٍ على جرد الرمك شانهم شان = ويرعون بحدود النمش كل ديره

وقد تطور الخلاف حتى أن أحد أبناء خلف الأذن المسمى ذياباً أطلق النار على النوري بن شعلان والأسباب هي كما يلي :
أدعى الشيخ النوري أن خلف الأذن تعدى على شئ كان بوجهه ، وأخذ يطالب خلف الأذن بإرجاعه ، وخلف أصر على العصيان ، ثم جاء النوري ومعه جماعه على خيولهم جاء الى خلف وهو في بيته ، ولم يكن عنده أحد من أبنائه ، أو أبناء عمه ، وقد وصل إليه النوري بدون أن يشعر به ، وغير متأهب له ، فوقف النوري على جواده بالقرب من خلف ، وأخذ يوبخ خلفاً ويتهدده ، وكان أبنه منتحياً بعيداً عن البيت ، ولكنه عندما رأى الخيل واقفه بالقرب من بيت ابيه ، ولاحظ أن الرجال الذين على ظهورها لم يترجلوا وأنهم مسلحون فقد أرتاب منهم وجعل البيت بينه وبين أهل الخيل متقياً به ، وأسرع إلى أن دخل البيت من خلفه وتناول بندقيته ، وسمع توبيخ النوري لوالده ، وكان والده بغاية الحرج ، فظهر عليهم من البيت وعندما أبصره والده ناداه ناخياً له ، وقال : أذبح الرجال يا ذياب ، فأطلق النار على النوري مصوباً البندقية إلى جبينه ، ولكن الطلقة أصابت عقال النوري من فوق رأسه ، فولى النوري على جواده مسرعاً ، وأتبعه رفاقه ، ومر بخيل خلف الأذن وهن يرعن بعيداً عن البيت ، فأخذهن وذهب بهن ، وعندما أراد ذياب أن يلحق النوري مسلحاً قال له أبوه : لا تلحق النوري لأننا لا نحب مداماة أبناء عمنا ، ويمكن أن نسترجع الخيل بطريقة أسهل من هذه ، وعندما وصل النوري إلى بيته أرسل بعض خدامه بالخيل التي أخذها من خلف إلى خيوله لترتع معهن ، وكان ذياب بن خلف قد لاحظ ذلك عن بعد ، وعندما رأى خدم الشيخ النوري ذهبوا بالخيل تقدم قبلهم وأخذ لهم الطريق الذي يمكن أن يسلكوه هذا وهم لم يشعروا به ، وعندما قربوا منه رفع راسه إليهم وقال : هل تعرفونني ؟ قالوا : نعم أنت عمنا ذياب ، وكان مشهوراً بالشجاعة ، وبإصابة الهدف ، فقال لهم : أقسم بالله أن تنزلوا مع مؤخرة الخيل مرغمين وإذا حاول احداً منكم أن ينزل مع جنب جواده فسيلقى منيته ، فاعتمدوا أوامره ونزلوا مع مؤخرة الخيل وذهب بها لوالده خلف ، وبعد هذه المشكلة ابتعد خلف عن النوري ، وبقي أكثر من ثلاث سنين لم يرى النوري وقال هذه القصيدة :

البارحه والعين عيت تغفي = عيت تذوق النوم لا واغليله
النار شبت ما لقت من يطفي = أوجس على كبدي سواة المليله
تبينت ما عاد فيها تخفي = ومن ربعنا شفنا بالأيام عيله
خسران من يتبع رفيقٍ مقفي = والقلب يجفل كل ما شاف ميله
ما ينفع الخايف كثير التخفي = واللي قسم للعبد لازم يجي له
كم سربةٍ خليتها تستخفي = وأرويت عطشان السيوف الصقيله
وأقلط على اللي بين ربعه مشفي = والخيل من فعلي تزايد جفيله
يالله لا تقطع مرادي بشفي = صفرا صهاة اللون تنهض شليله
ومحضرٍ صنع العجم ما يعفي = الراس من فوق المناكب يشيله
ومزرجٍ يالقرم يصلح لكفي = منقيه من سبع الكعوب الطويله
مع ربعةٍ بالبيت دايم تهفي = يجوز للربع النشامى مقيله
ودلال ما عنهن سنا النار كفي = حميلهن بالبيت مثل النثيله
وذودٍ مغاتير على الحوض صفي = بين الأباهر خططوهن بنيله
مع بنت عم ٍ أصلها ما يهفي = إن درهم المظهور فأنا دخيله


















عرض البوم صور عساف دخنان  

موضوع مغلق


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
شركة استضافة: استضافة رواد التطوير
الساعة الآن (11:09 PM)


مايكتب في هذا المنتدى لايعبر بالضروره عن وجهة نظر ادارة الموقع وانما يعبر عن وجهة نظر كاتبه