بسم الله الرحمن الرحيم
وقد نشب الخلاف بين ساجر وشيخ من الخرصة من الفدعان يسمى السمن ، ويقال ان هذا الشيخ قام لدهام بن قعيشيش شيخ قبيلة عموم الخرصة من الفدعان محرضاً اياه على أن يغزو ساجر الرفدي وجماعته السلقا ، لسلب أموالهم وتحويلهم الى فلاليح ، يزرعون بالأرض ، هذه الكلمات أثارت ساجر فشن الحرب على السمن ، وقال هذه القصيدة :
يالسمن ما ربعي لربعك فلاليح = ربعي مقزين العدو بالفعايل
ربعي هل الطولة على الفطر الفيح =مستردفين مبشمات الفتايل
ان درهم الصابور ما من تصافيح = منا ومنكم يرملن الحلايل
والله ما تسرح على الحمض وتريح = ما دام ما حطوا علي النثايل
مادام ماغزت علي الصلافيح = ما نشرب الفنجال والحق مايل
حنا بعون الله عداة مفاليح = تشهد لنا بالطيب كل القبايل
على النضا والخيل دايم مشاويح = ما نتقي برد الشتاء والقوايل
نسعى بدنيانا نبي هبة الريح = ونخوض غباة ونكسب جمايل
ياما عدينا يم أبا الهيل وشبيح = وياما وطن فينا قفار وحايل
ومن الشعب جبنا نياق المصاليح = وردن واغرنا يم بيضا نثايل
وهل الحفر فاجيتهم بالمصابيح = وجبنا حلال الطيبين الحمايل
يوم العفون أهل السوالف مدابيح = أنا على الطفقات صايل وجايل
وبعد ذلك تطورت القضية وثار الشيخ دهام بن قعيشيش ، والشيخ نايف بن غبين ، وكذلك مشايخ قبيلة سبيع ، ثار كل هؤلاء متالبين ضد ساجر الرفدي ، ولكن ساجر أخذ يشن عليهم الغارات المتتابعه ، وحاصرهم حصاراً شديداً ، حتى حمى عليهم الرعي بالفلوات التي ينبت بها الحمض ، وقصد بهذه المناسبة الشاعر البليعان الذي هو من ضنا عبيد ( السبعة) والفدعان خصوم ساجر الرفدي ، وقد أثنى على ساجر ثناء عاطراً ومدحه بما يستحقه ، وهذه من فضائل العرب ، ولاشك أن الشاعر البليعان من المعجبين ببطولة ساجر ، وقد طلب له البليعان بالقصيدة التوفيق والعز ، وأشار الى كراهية المشايخ لساجر ، وقال : أن ساجر أغنى قومه بالغزوات ، وأن كل بلاد من بلاد الاعداء شرب مائها ، ووصل اليها ، وقال : أنه يكسب الأبل الوضح أي البيض في الوقت الذي كان الزعماء غيره نايمين عنها ، الى أن قال بقصيدته : أن ساجر يمتطي الخيل والأبل بغزواته الى أن يسيل الدم من خفاف الأبل ، من شدة الهجير بالصيف ، ثم ذكر أن ساجر حرم على ضنا عبيد المرتع في أراضيهم التي كانوا يملكونها من قبل ، وقد بينها في قصيدته وحددها ، وقال : أن أبناء وايل لايقربونها خوفاً من ساجر ووصفه بالأسد المطل على الذئاب من فوق مرتفع ، وهذه هي القصيدة :
: [/size]
يا راكب حمرا تذب الطواريق = جدعية قطع الفيافي مناها
مدت من الضلعان وقت التشاريق = تلفي لساجر هو محاري عشاها
عساه مع ربعه بعز وتوافيق = اللابه اللي كل شيخ جفاها
ساجر جموعه عاشها بالتصافيق = كم ديرة قد وردوا برد ماها
كم ديرة جوها العيال المطاليق = هدوا رواسيها وداسوا حماها
فوق الرمك ومجاذبات الخنانيق = كم طامح فكوا حبال وراها
الوضح جابوها تذب الطواريق = يوم أن كل نايم ما نصاها
من فوق قب من طوال السماحيق = وهجن بحر القيظ يدمي حفاها
الله يا عشب بالأكوام ما ذيق = في قفرةٍ راعي البويضا حماها
التنف وأرض شبيح وأرض الزرانيق = أولاد وايل ما تقرب حماها
من خوف ساجر يدب القوم ويويق = سبع الذياب اللي ظهر مع شفاها
[size=4]وعندما تبين لساجر أن ضنا عبيد قد أجمعوا أمرهم على حربه قال قصيدة لم أظفر منها بسوى الخمسة الأبيات التالية : : [/size
يا عيال يللي فوق النضا مواريد = خوذوا سباياكم وخوذوا قراكم
خوذوا مهانيد النمش والبواريد = الله لا يخيب رجا من رجاكم
يا لابتي ما عاد فيها تصاديد = والعز بتالي خطوةٍ من خطاكم
يا لابتي نبي نطارد ضنا عبيد = حتى يبين طيبكم من رداكم
اللي يلفون الضماير على الكيد = بين خطاهم واستحقوا خطاكم
لقد أستحث ساجر فرسانه وأمرهم بأخذ قلائصهم وخيولهم ، وأمرهم بأخذ سلاحهم من السيوف والبنادق ، وقال أن الحرب واقعه لا محالة بيننا وبين ضنا عبيد ، وأكد لهم أن عزهم عندما ينجزون مهمتهم ، بأتلى خطوة من خطاهم الثابتة ، وقال أننا سنتجاول نحن وضنا عبيد على الخيل ، حتى تثبت لهم شجاعتكم ، ويعرفونكم تماماً بميدان الحرب ، وأكد لجماعته أن خصومهم تنطوي ضمائرهم على الكيد والخبث ، وأنهم بدأوكم بالخطا ولذلك فقد أستحقوا خطاكم فيجب تأديبهم ، وبعد ذلك شن ساجر غاراته على ضنا عبيد ، بعد أن تجهز هو وفرسانه ، وأخذ أبلا لأحد كبارهم ، وعندما علم بذلك ضنا عبيد الذين هم السبعة والفدعان ركبوا خيولهم ولحقوا
بساجر ليخلصوا أبلهم منه ، فاحتدم الصراع بينهم وبينه عند الأبل ، وقام فرسان ( ضنا عبيد ) بمجهود كبير ، وهاجموا بشجاعة المستميت ، ولكن ساجر وأبطاله صمدوا وأثخنوا فرسان
( ضنا عبيد ) بالضربات القاتلة وتراجعوا عاجزين بعد أن قتل منهم عدد كبير ، وتم أستيلاء ساجر على الأبل . وبهذه المناسبة قال شاعر ساجر سليمان اليمني هذه القصيدة ، وقد فصل فيها تفصيلاً وافياً :
:
حرٍ شلع من راس سفان وأنهام = يهوي على ناحٍ ويصطي على ناح
هام العراق وقالوا الدرب قدام = وطالع على يمناه خلفات ولقاح
ونوى على درب المقادير جزام = براس اللوى أدلى على المال سراح
وأقفوا هل الطوعات عجلات الولام = بقطعان ابن كردوش كساب الأمداح
صكوا بهن صكت على الزاد صيام = حل الفطور وقال سموا بالأفلاح
ولحقوا هل العرفا وطابور الأروام = فزعة قطين وبه عشاشيق طماح
وهازوا وردوا والدخن ينهم زام = وشافوا سهوم الموت من دونهم لاح
وتلافتن حرش العراقيب سجام = شرهن على مركاض مهدين الأرواح
وغدا لهم عقب النوادية نمنام = وأنيابهم من حامي السو كلاح
وقفوا معيفينٍ بعد ضرب وزحام = كم من عديمٍ باللقا قفوهم طاح
أنذرتكم يا بشر في عامنا العام = عن طاري الفزعة ليا صاح صياح
مادام ساجر كنه السيع ضرغام = عن صيدتة ما نزحه كل نباح
مصطور قطاع الفيافي وجزام = عيى عنيد للطوابير نطاح
من راس البلقا الى نقرة الشام = منه الدول خافت على كل فلاح
وهنا أكد الشاعر سليمان اليمني وصف وصف سيده وزعيمه بالصقر الذي أعتلى مرتفعاً من الأرض ، وأخذ يتحفز لأقتناص صيدته ، وأوهم أعداءه أنه يريد غيرهم لينقض عليهم على غرة ، والحرب خدعة ، وقال أنه فاجأهم وأخذ أبل بن كردوش ، وشهد له الشاعر أنه من الذين يكسبون المدح ، أي من الرجال الطيبين ، ثم ذكر أنهم أحاطوا بالأبل من كل جانب أحاطة السوار بالمعصم ، أو كأحاطة الصائمين بفطورهم بعد أن غربت الشمس وحل الفطور ، ثم انه قال : أنهم لحقوا أهل ( العرفا ) وطابور الأروام ، اما هل العرفا فهم قبيلة السبعة وكانوا ينتخون بالعرفا ، والعرفا المذكورة هي الأكمه الصغيرة التي تقع شرق مطار الطائف ، أما الأروام فهم الخرصة من قبيلة الفدعان جماعة بن قعيشيش وهم ينتخون بالروم وهذه عادتهم , وفي نفس البيت قال : انهم هبطوا من القطين أي من المنهل الكبير الذي تجتمع فيه قبائلهم ، وهنا يبين أنهم ليسوا بقلة ، بل أن عددهم كثير ، وقال أنهم هاجموهم بعد تردد وبعد ان ثار ملح البارود من بنادقهم ، وكذلك رأوا الموت يحول بينهم وبين أبلهم ، ثم قال أن الأبل ألتفتت اليهم ساجمة أي ذاهلة حسيرة وكانت مؤ ملة أن أصحابها يخلصونها ، ولكن أنيابهم كلحت ، وظهر عجزهم ، وأخذوا يتقهقرون ، ورجعوا يائسين من فكها ، بعد أن شاهدوا عدد القتلى على الأرض دونها ، ثم قال الشاعر أنني نصحتكم بالعام الماضي ولم تقبلوا نصيحتي ، وقلت لكم أن شيئاً يغنمه ساجر لا تفكروا بأرجاعه ، وأنه لا يضيره نباح الكلاب ، وقال أن ساجر مصطور أي صلب القناة ، وأنه يقطع الفيافي الموحشة ولا يرهبها ، وعنيد بالحروب ويقابل الطوابير أي الكراديس من الخيل ، ثم قال بالبيت الأخير أن دولة الأتراك أخذت تخشى على كل فلاح من ساجر ، لأنه أخذ يتوغل بين قرى العراق وسورية ، وقام بغارات قرب المدن .
لقد نجح ساجر في أول معركة على ( ضنا عبيد ) وأخذ يوالي غاراته عليهم ، وفي أحدى المناسبات قال هذه القصيدة في خصومه ( ضنا عبيد ) :
:
يامن لعين كلما قلت نامت = فزت وقامت ماتريد منام
ويامن لقلب كل ماقول داله = يجيه من بين الضلوع وهام
يحس ضيم من الرفاقه وغدرهم = ربعٍ عليهم كل يوم ملام
تشاوروا بالغدر ناوين حربنا = نايف وبلاص الرجال دهام
يبون غرتنا وحنا عذابهم = ومن قال أنا ضيم الرجال يضام
عليهم مشاويل السبايا نجرها = بربعٍ على خوض الحروب هيام
ياما وردنا عقلةٍ جاهلية = وطيرت من جال القليب حمام
حريبنا يشكي مصاطي سيوفنا = أن ثار من تحت الكتام كتام
وعدونا نسقيه كاسٍ من الطنا = ونجيه فوق الراهمات شمام
كم غارةٍ وجهتها يمة العدا = وخذت من عقب الجهام جهام
كمٍ خيرٍ شاف العنا عقب فعلنا = تذكر لعزه بالمنام حلام
ما دام أنا حي فهذي فعايلي = وأن مت للجنة برد وسلام
بين ساجر بهذه القصيدة أنه يشعر بأن ( ضنا عبيد ) يتآمرون عليه وخص بذلك الشيخ نايف والشيخ دهام بن قعيشيش ، ولكنه قال اذا كانوا يهتمون بغدرنا فنحن على أهبة الأستعداد لهم ، ومن أعتقد أنه سيضيم الرجال ، فالرجال سيضيمونه ، وسوف نقابلهم على صهوات الجياد ، ثم أخذ يفخر بنفسه وبقومه ، ويوضح أعمالهم ، وقال في آخر بيت أنه سيواصل أفعاله ما دام حيا ، الى أن قال : وان توفاني الله فأنا أرجوا رحمته وجناته .
وبهذه الفتره أحس ساجر أن أبن هذال شيخ العمارات لا يطمئن له ، وأنه أخذ يعمل ضده ، ورفض أن يساعده على حربه مع ( ضنا عبيد ) وقال هذه الأبيات :
:
أن بعتنا ياشيخ حنا ذكرناك= بالخير يا رامي عباته لغيره
ياشيخ ما حنا هذولا وذولاك = حنا معادينا على كل ديره
صابورنا ياطا على حوض الأدراك = وخيل مكامين وخيل مغيره
كانك تبي فضخة عيونك بيمناك = أضرب عليها يا قليل البصيره