أرجو التكرم بعدم الرد حتى أضع القسم الأخير من البحث (المصادر).
1- مقدمة:
يسلط هذا البحث الضوء على جانب مهم من تاريخ مملكة المنتفق ( المشهورة لدى الكتاب المتأخرين بامارة المنتفق مابين 1530م – 1918م) وتاريخ الأسرة الحاكمة فيها أسرة السعدون (الأشراف) ، هذا الجانب يتعلق بمظاهر الحكم المدني في هذه الدولة وبقضاتها تاريخيا وببعض الآثار العمرانية لأسرة السعدون مثل تأسيس المدن والمساجد والمدارس والأوقاف وببعض الآثار الاجتماعية لأسرة السعدون مثل تعيين القضاة في مملكة المنتفق ، ويبرز هذا البحث دور القضاء الشرعي في هذه الدولة: مثل تصديق قاضي مملكة المنتفق للاتفاقية التجارية بين هولندا ومملكة المنتفق عام 1705م وتصديقه ايضا على اتفاقية حماية المسيحيين في البصرة واعفاؤهم من الجزية والخراج ، ومثل حمل قاضي مملكة المنتفق (الذي كاد يعدم في قصر الخليفة العثماني) للخطاب السياسي الذي أرسله حاكم مملكة المنتفق الأمير ثويني بن عبدالله عام 1787م والموجه للخليفة العثماني والذي صرح فيه بأول اعلان لاستقلال العراق بأكمله تاريخيا وطلب من الخليفة انهاء التواجد العثماني في العراق وما تبع ذلك من معارك ضخمة استخدمت فيها المدافع من قبل الطرفين (مملكة المنتفق والدولة العثمانية). ويعطي القسم الأخير من هذا البحث نبذة موجزة عن أسرة السعدون وعن مملكة المنتفق وعن قبائل اتحاد المنتفق الذي يمثل أكبر اتحاد للقبائل والعشائر مختلفة الأصول شهده العراق تاريخيا وتحت مشيخة شيخ مشائخ فعلي.
يذكر مملكة المنتفق و قبائلها والأسرة الحاكمه فيها (أسرة آل سعدون الأشراف والتي كانت تعرف سابقا بـ آل شبيب) ، المؤرخ والمستشرق الألماني البارون ماكس فرايهير فون أوبنهايم ، في كتابه البدو ، ويقارن أهمية اتحاد قبائل المنتفق (اكبر اتحاد للقبائل والعشائر شهده العراق تحت مشيخة شيخ مشائخ فعلي) بالقبائل الأخرى في العراق كما يقارن أهمية أسرة المشيخة فيه (أسرة آل سعدون الأشراف والتي كانت تعرف سابقا بـ آل شبيب) بأسر المشيخة الأخرى بالعراق ، وذلك عند بداية حديثه في قسم المنتفق من نفس الكتاب، ج:3 ، ص:590 (((مامن قبيلة عراقية تضاهي المنتفق في الأهمية ولا عائلة شيوخ تضاهي عائلة سعدون - شبيب التي أسست في أواخر القرن السابع عشر مملكة المنتفق على الفرات الأدنى والتي جلبت في الحرب العالمية الأولى - عندما كانت تلك المملكة قد سقطت - لاسم المنتفق الفخر والاعتزاز مرة أخرى))).
يذكر قبائل المنتفق المؤرخ والشاعر السعودي خالد الفرج ، المولود في الكويت عام 1898م والمتوفى عام 1954م، في كتابه الخبر و العيان في تاريخ نجد ، ص: 203 (((المنتفق خليط من قبائل شتى تجمعهم رابطة التحالف والمجاورة والمصاهرات، إلى أن كونوا قبيلة كبيرة تحكمت في نواحي العراق، وكادت تستقل بحكمه))). يذكر مؤرخ العراق الكبير عباس العزاوي ، الوحدة العظيمة بين قبائل المنتفق والتي يرجع الفضل فيها الى آسرة آل سعدون الأشراف ، وهي الوحدة التي جعلت مملكة المنتفق وقبائلها وحكامها اللاعب الرئيسي في تاريخ العراق وجعلت معظم أحداث العراق مما يخصها ، وذلك في كتابه عشائر العراق ، ج4، قسم امارة المنتفق، ص27 (((كانت بينها وحدة عظيمة يرجع الفضل فيها إلى أمراء المنتفق، ومواهب القدرة والجدارة فيهم بادية وغالب وقائع العراق مما يخصها))). يذكر هارولد ديكسون ، الوكيل السياسي البريطاني والذي عمل كسياسي بالعراق بعد الحرب العالمية الأولى ، في كتابه عرب الصحراء ، وذلك عند حديثه عن الأسرة الحاكمة في مملكة المنتفق وأسرة المشيخة في اتحاد قبائل المنتفق – أسرة السعدون الأشراف وعند حديثه عن قبائل اتحاد المنتفق وعن شهرة اسم المنتفق في المجتمع العربي في تلك الفترة وعن بادية العراق (((وتاريخ تحالف المنتفق يرتبط ارتباطاً لا ينفصم بالسعدون ، واسم المنتفق ذاته كما يستخدم في العراق يشير فقط إلى العائلة الحاكمة وإلى عبيدها وأتباعها والذين يعتبرون جزءاً لا يتجزأ منها. ولا يوجد أحد من رجال القبائل في العراق يدعو نفسه منتفقي مع أنه قد يستخدم الكلمة عندما يكون في مكة أو دمشق حيث لا تعرف قبيلته الصغيرة في حين أن شهرة المنتفق على كل لسان في المجتمع العربي. ومكانة السعدون والتي تتمتع بأهمية سياسية كبرى في جنوب ما بين النهرين تعتمد بشكل رئيسي على أصولهم وبشكل جزئي على الجهل التركي الرسمي أو تجاهلهم بعلاقتهم بالقبائل. كما لا يجب أن يغرب عن البال أن السعدون يرتبطون بالنظام الاجتماعي للصحراء ولم يخضعوا لتأثيرات المحلية التي خضعت لها قبائل العراق ، والتي كانت مثلهم من المهاجرين من الجزيرة العربية والذين سبقوهم بالهجرة وهم لذلك أكثر اتصالاً بتقاليد وعادات ما بين النهرين. وقد حافظ آل السعدون على السمات التي تميز بدو الجزيرة العربية ، فهم من السنة ومن أهل البعير أي الإبل وديرتهم هي منطقة الحماد غربي الحي أو جنوب الفرات حيث حفروا أو أعادوا حفر الآبار في منازلهم القبلية المعتادة وإليها يعودون بعد هطول المطر المبكر وحيث يتمتعون بسلطتهم كزعماء مستقلين للصحراء))).
2- العلماء والقضاة المعينين من قبل آل سعدون في دولتهم - مملكة المنتفق:
حرص حكام مملكة المنتفق أسرة آل سعدون الأشراف ( التي كانت تعرف بـ آل شبيب سابقا) على منصب القضاء في عواصم دولتهم سواء في مدينة سوق الشيوخ التي أسسها حاكم مملكة المنتفق وشيخ مشائخ قبائلها الأمير الشريف ثويني بن عبدالله أو مدينة البصرة حينما انتزعوها من العثمانيين وجعلوها عاصمة لمملكة المنتفق ، وفي هذا القسم نذكر العلماء والقضاة الذين عينهم آل سعدون الأشراف في المدينتين والذين وصلنا ذكرهم في كتب ومراجع التاريخ. يذكر المؤرخ النجدي عبدالله بن محمد البسام التميمي (المولود عام 1858م والمتوفى بعنيزة عام 1927م ) ، في كتابه تحفة المشتاق في أخبار نجد والحجاز والعراق ، وذلك عند حديثه عن قبائل المنتفق في البصرة ... وعن المنطقة الواقعه في وسط مملكة المنتفق (مابين مدينة البصرة ومدينة سوق الشيوخ) ... وعن الأسرة الحاكمة في مملكة المنتفق ( آل سعدون الأشراف) ، ص: 338(((وصار كل قبيلة منهم لهم نخيل معروفة وقرى معلومة من البصرة وأيديهم عليها . واستمرت بعدهم في أيدي أولادهم ثم أولاد أولادهم , وجعلوها ملكا لهم وعجز عنهم صاحب بغداد , وكانت الرئاسة على المنتفق لآل سعدون من آل شبيب وصاروا ملوكا وملكوا البصرة وسوق الشيوخ ومابينهما من باد وحاضر فهو تحت ايديهم))).
أولا- مدينة البصرة:
وصلنا ذكر اثنين من القضاة الذين عينهم آل سعدون الأشراف في مدينة البصرة ، وذلك عندما انتزعوها من العثمانيين في فترتين مختلفتين وجعلوها عاصمة لدولتهم (مملكة المنتفق). الفترة الأولى كانت في عهد الأمير الشريف مغامس بن مانع بن شبيب آل شبيب ( عم الأمير سعدون بن محمد الذي عرفت الأسره باسمه لاحقا) ، وهو الذي واجهه الدولة العثمانية عام 1708م بأكبر جيش عربي يقابلهم تاريخيا في العراق والجزيرة العربية ( مائة ألف مقاتل أكثر من نصفهم من القبائل الخاضعه لحكمه المباشر) ، يذكر جيش الأمير مغامس بن مانع مؤرخ العراق الكبير عباس العزاوي ، في كتابه موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين , المجلد الخامس , ص: 206 ((( وكان جمع الأمير مغامس يبلغ نحو مائة ألف أو يزيدون. انتشروا في الصحاري والمواطن المجاورة))). يذكر اتساع مملكة المنتفق في عهد والد الأمير مغامس (الأمير الشريف مانع بن شبيب آل شبيب) .. المؤرخ الإنجليزي ستيفن هيمسلي لونكريك ، في كتابه (أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث) ، وذلك عند حديثه عن اتساع مملكة المنتفق وحدودها (الشمالية والشرقية) .. وعن حاكم مملكة المنتفق (مابين عام 1668م – 1703م) الأمير الشريف مانع بن شبيب آل شبيب وعن نفوذه ومناطق حكمه بالعراق وخارجه .. ويقارن هذا النفوذ بنفوذ الحكام الأتراك في بغداد وشمال العراق ويبين كيف أن الأمير مانع يفوقهم نفوذا ، ص: 150 (((ولم يدر في خلد أي باشا غريب أن يأمل نفوذا شاملا مثل نفوذه. فقد امتلك قسما من عربستان، وكان مسيطرا على ما بين دجلة وعربستان من سهول وأهوار، وأطاعته بدرة وجصان ومندلي، وقد غطت سطوته يومئذ على سطوة الحويزة، اما على الفرات فقد استولى على العرجة والسماوة والرماحية))). علما بأن الأمير مانع بن شبيب آل شبيب حاكم مملكة المنتفق كان قد انتزع مدينة البصرة من العثمانيين ثلاث مرات أخرها لمدة تقارب الأربع سنوات ولم تستطع الدولة العثمانية أن تستردها منه الا بعد تعاونها مع الدولة الفارسية ضده في سابقه تاريخيه بين الدولة العثمانية والدولة الفارسية ، حيث اضطرت الدولتان الى التعاون ضده وذلك للحد من نفوذه. يذكر المؤرخ حسين خلف الشيخ خزعل ، في كتابه تاريخ الجزيرة العربية ، حدود مملكة المنتفق (الجنوبية والغربية) في نفس الفترة التي ذكرها ستيفن لونكريك ، , ج1 ، ص: 39 (((وماكاد يحل القرن الثاني عشر حتى انتشرت الفوضى في نجد وعم الانقسام , وتوسعت الفرقة , وتفرقت الكلمة , وتعددت الامارة والمشيخات , فكانت الأمارة في العيينة لآل معمر , وفي الدرعية لآل سعود , وفي الرياض لآل دواس , وفي الأحساء لبني خالد , وفي نجران لآل هزال , وفي حائل لآل علي , وفي القصيم لآل حجيلان , وفي حدود نجد الشمالية وجنوب العراق لآل شبيب))).
الفترة الثانية كانت في عهد الأمير الشريف ثويني بن عبدالله بن محمد بن مانع آل شبيب ( ابن أخ الأمير سعدون بن محمد الذي عرفت الأسرة باسمه لاحقا) ، يذكر امتداد مملكة المنتفق في عهد حاكم مملكة المنتفق الأمير ثويني بن عبدالله ، العالم الشيخ محمد بن العلامة الشيخ خليفة بن حمد بن موسى النبهاني الطائي (كان هو ووالده مدرسين بالمسجد الحرام.. وهو معاصر للحرب العالمية الأولى وسبق له تولي قضاء البصرة)، في كتابه التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية ، وذلك عند حديثه عن بداية عهده بالحكم وعن كرمه ، قسم المنتفق ، ص: 401 (((وكان لما تولى ثويني بن عبد الله رئاسة المنتفق كما تولاها من قبله أبوه وجده وأبو جده. وجه في بادئ الأمر سطوته ونفوذه نحو الأعراب المنبثين من جنوبي بغداد إلى حدود الكويت. وكان يعد من أجود العرب في زمانه وأسخاهم. فاستتب له الأمر كما أراد))). ينقل أحمد الحجامي عن الرحالة أبو طالب خان (المعاصر للأمير ثويني) تعداد القوات التي يستطيع جمعها حاكم مملكة المنتفق الأمير ثويني بن عبدالله ، وذلك في رسالته للماجستير بعنوان: ســوق الشيوخ مركز إمارة المنتفق ( 1761 – 1869 م) دراسة في أوضاعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وهو نص من كتاب رحلة أبي طالب خان إلى العراق وأوربا سنة 1213هـ /1799م (((أن الأمير ثويني العبدالله يستطيع أن يجيش جيشاً عدته بين الاربعين والخمسين الفاً))).
1-الشيخ سلمان:
لانعرف الا اسمه الأول وهو قاضي مملكة المنتفق في عاصمتها مدينة البصرة في عهد حاكمها الأمير الشريف مغامس بن مانع بن شبيب آل شبيب (عم الأمير سعدون بن محمد الذي عرفت باسمه الأسرة لاحقا) ، يذكر مؤرخ العراق الكبير عباس العزاوي عند حديثه عن حكم مملكة المنتفق للبصرة في تلك الفترة , موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين , ج 5 , ص 210 (((ان حكم المنتفق على البصرة لم يكن عشائريا . وانما كان هنالك قاضي شرع . وان من بقايا أعمال الأمير مغامس المدرسة المغامسية منسوبة اليه . ولانعرف عنها تفصيلا أكثر من أنها كانت في أقاصي البصرة أسست لتدريس العلوم وأطعام الطعام للطلاب ))).
يظهر اسم هذا القاضي في كتب التاريخ من خلال تصديقه الشرعي على وثيقتين تاريخيتين مهمتين في تاريخ مملكة المنتفق والمنطقة الأقليمية . الوثيقة الأولى هي اتفاقية تجارية بين الهولنديين في الخليج العربي وميناء البصرة وبين مملكة المنتفق وأدت هذه الاتفاقية الى طرد بضائع الأنجليز (حلفاء العثمانيين في تلك الفترة) من البصرة ، والوثيقة الثانية وهي صك حماية لكنيسة الكرمليين في مدينة البصرة واعفاء المسيحيين من الجزية ، وكلا الوثيقتين تم تصديقهم من قبل قاضي مملكة المنتفق بتاريخ 1705م .
وكان الأمير الشريف مغامس بن مانع بن شبيب آل شبيب (عم الأمير سعدون بن محمد الذي عرفت الأسره باسمه لاحقا) قد ضم مدينة البصرة لحكمه لما يقارب 4 سنوات (بعد أن انتزعها من العثمانيين) وأسس فيها حكم مدنيا وجعلها عاصمة لمملكة المنتفق، وعين قاضي للشرع (الشيخ سلمان) وأنشأ المدرسة المغامسية، واخذ الرسوم الجمركية على التجار الأجانب الاوربيين وغيرهم، وقد قام الأمير مغامس بن مانع وتأكيدا منه على انهاء أي مظهر لما تبقى من نفوذ العثمانيين في الخليج العربي بتوقيع اتفاقية تجارية مع الهولنديين ازاحت الإنجليز (حلفاء العثمانيين في تلك الفترة) من أسواق البصرة، وصدق هذا العقد من قبل قاضي مملكة المنتفق الشيخ سلمان، حيث حضر إليه في 7 تشرين الثاني في عام 1705 م الربان الهولندي (بيتر مكاره Peter Makare) لتوقيع عقد اتفاق تجاري يتعلق بالبواخر الهولندية وبالتجارة بين هولندا ومملكة المنتفق ممثلة بحكومة الأمير مغامس بن مانع في عاصمة مملكة المنتفق (مدينة البصرة). يذكر المؤرخ حامد البازي في كتابه البصرة في الفترة المظلمه، ص:117 (((وبعد هذه المقابلة أصدر الأمير مغامس براءة وحماية بتاريخ 22 رجب 1117 هـ - 1705 م وعلى أساسها أصبح للهولنديين امتيازات خاصة كما قويت العلاقات بين الجانبين إلى درجة أصبحت اسواق البصرة لاتجد فيها غير البضائع والسلع الهولندية))). وقد كانت مدينة البصرة في الفترة السابقة لخضوعها لمملكة المنتفق قد شهدت تنافسا تجاريا حادا بين بريطانيا وهولندا، استطاع الإنجليز حسمه بالطرق السياسية، مماأدى إلى تكبد الهولنديين لخسائر كبيرة، واستمر الوضع حتى دخل الأمير مغامس بن مانع إلى البصرة وقلب موازين القوى في المنطقة، يذكر المؤرخ حامد البازي، في كتابه البصرة في الفترة المظلمه، ص:117 (((قيل ان خسارة الإنكليز بلغت عشرة آلاف ليرة في شهر واحد حيث اقبل الناس على شراء البضائع الهولندية ولكن الإنكليز عرفوا كيف يتدبرون الأمر فاتصلوا بالحكومة في استنابول حيث فرضت الضرائب الكمركية على الحاجيات الهولندية بمقدار خمسة وعشرين بالمائة بينما خفضت الضريبة على البضائع الإنكليزية إلى ثلاثة بالمائة حتى بعد مرور شهرين فقدت البضائع الهولندية من أسواق البصرة لعدم إقبال الناس عليها بسبب غلائها. ثم عاد الهولنديون إلى البصرة بعد احتلال الشيخ مغامس بن مانع للبصرة))).
وقد قام الأمير مغامس بن مانع أيضا بتوقيع اتفاقية تتضمن صك حماية للمسيحيين في البصرة ، وهو ماكانوا يحصلون عليه تحت الحكم العثماني الا ان الأمير مغامس زاد على ذلك بإعفائهم من الجزية والخراج في سابقة تاريخية في الحقبة العثمانية ، ويوضح الخطاب التالي مظاهر الحكم المدني في مملكة المنتفق في تلك الفترة خصوصا اذا ماعلمنا أن الخطاب صدق من القاضي الشرعي قبل اعتماده. يذكر مؤرخ العراق الكبير عباس العزاوي ، نص خطاب حاكم مملكة المنتفق الأمير الشريف مغامس بن مانع بن شبيب آل شبيب لحماية كنيسة الكرمليين والاعفاء من الجزية , موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين , ج 5 , ص 196 (((توكلت على الله، تعلمون به الواقفون على كتابنا هذا من كافة خدامنا وعمالنا وضباطنا، بأنا أعطينا حامل الورقة (البادري حنا) على موجب ما بيده من فرمانات أولياء الدولة القاهرة، ومن أوامر الوزراء العظام، والأمراء الكرام، وله منا فوق زيادة الحشمة والرعاية، وقد أسقطنا عن خدامه وترجمانه الجزية والخراج، وكتبنا له هذا الكتاب سنداً بيده يتمسك به لذي الحاجة إليه، وعلى كتابنا هذا غاية الاعتماد، والله تعالى شأنه ولي العباد، وبه كفى.
حُرّر في ثاني وعشرين من شهر رجب الفرد سنة سبعة عشر وماية ألف.
الفقير مغامس آل مانع))).
وهذه صورة الوثيقة التاريخية:
2-الشيخ عبدالوهاب بن محمد بن فيروز التميمي:
ولاه القضاء في مدينة البصرة عام 1787م (عاصمة مملكة المنتفق في تلك الفترة) حاكم مملكة المنتفق وشيخ مشائخ قبائلها الأمير الشريف ثويني بن عبدالله بن محمد بن مانع آل شبيب ( ابن أخ الأمير سعدون بن محمد الذي عرفت باسمه الأسرة لاحقا) ، يذكر الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن آل بسام ترجمة للشيخ عبدالوهاب بن محمد بن فيروز ، كتاب علماء نجد خلال ثمانية قرون ، ج : 5 ، ص: 60 ((( الشيخ عبدالوهاب بن محمد بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب ابن عبدالله بن فيروز بن محمد بن بسام بن عقبة بن ريس بن زاخر بن محمد بن علوي بن وهيب الوهيبي التميمي النجدي ثم الأحسائي بلدا ... وقال والده وشيخه الشيخ محمد بن فيروز مانصه: وأما من كان قد أخذ من علماء الحنابلة عن الفقير فجماعة ، منهم ابني عبدالوهاب بن محمد بن عبدالله بن فيروز ، أخذ عني علم الفقه ، والحديث ومصطلحه ، والأصلين ، والمنطق ، وعلوم العربية من نحو وصرف ، وبيان الفرائض والحساب .. وغير ذلك))). يذكر المؤرخ العثماني الشيخ عثمان بن سند البصري ( المعاصر للأحداث ) ، عند حديثه عن الشيخ عبدالوهاب بن محمد بن فيروز التميمي ، كتاب سبائك العسجد في أخبار أحمد نجل رزق الأسعد ، ص : 96 ((( ورحل الى البصرة وحصل له فيها اتم الشهره وولاه ثويني بن عبدالله زمام احكامها وعرى حلها وابرامها حين تولى عليها ونزع سوار ملك حاكمها من يديها))). وكان الأمير ثويني بن عبد الله قد انتزع مدينة البصرة عام 1787 م من العثمانيين وجعلها عاصمة لمملكة المنتفق وطرد جميع موظفينها الأتراك ورحلهم للهند عن طريق البحر واستبدلهم بموظفين عرب من قبله، يذكر المؤرخ الإنجليزي ستيفن همسلي لونكريك، في كتابه أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث، ص: 244(((وارسل ثويني في اليوم التالي قسما من خيالة المنتفك، فدخلت البصرة واستولت على السراي ثم فرقت الحامية وشتت شملها. ومع ذلك كله بقي البلد سالما من الاضطراب إلى أن دخل ثويني مع خمسة آلاف من رجاله في اليوم الثالث. فعادت حكومة البصرة عربية قبيلية))).يذكر الدكتور عماد عبدالسلام رؤوف وسهيلة عبدالمجيد القيسي ، في هامش كتاب مطالع السعود بطيب أخبار الوالي داود ، عند حديثهم عن الأمير ثويني بن عبدالله وعن عدل حكومته التي أقامها في البصرة، ص: 82 ((( ويعد من اقوى أمراء هذه القبائل واكثرهم كفاءة، وتجلت كفاءته الإدارية حين انتزع البصرة من حكم العثمانيين سنة 1202هـ / 1787 ليقيم فيها حكومة عربية وصفها المعاصرون بالعدل))).
ولا نعرف اذا كان الشيخ عبدالوهاب بن فيروز التميمي هو الذي حمل الخطاب الموجه للخليفة العثماني بأول اعلان لاستقلال العراق بأكمله تاريخيا أو أن قاضي البصرة السابق هو الذي حمله ، حيث أنه بعد احتلال البصرة قام الأمير ثويني بن عبد الله آل شبيب (ابن أخ الأمير سعدون بن محمد، الذي عرفت الأسرة باسمه لاحقا) باعلان نفسه حاكما على كامل العراق (وبتأييد من قبائل مملكة المنتفق وقبائل الخزاعل وقبيلة العبيد) ، يذكر المؤرخ العثماني الشيخ عثمان بن سند الوائلي البصري (المعاصر للأحداث)، عند حديثه عن الأمير ثويني بن عبد الله، في كتابه مطالع السعود بطيب أخبار الوالي داود، القسم المقتطع من خزانة التواريخ النجدية، مختصر الشيخ أمين الحلواني، ص: 281 (((فوصل البصرة، فأخذه الغرور وحدثته نفسه أن يملك العراق أجمع، فحاصر البصرة حتى ملكها))). وقد كان هذا الحدث هو أول اعلان تاريخي لاستقلال العراق بأكمله في العهد العثماني، حيث كانت أسرة السعدون في تلك الفترة تحكم نصف العراق الجنوبي وتتقاسم السيطرة على مدينة البصرة مع العثمانيين بعد أن قامت بتحريرها من الفرس ، بينما كان العثمانيين يحكمون نصف العراق الشمالي. وقد سعى الأمير ثويني بن عبد الله لضم القسمين كلاهما تحت حكمه وطرد الأتراك من العراق بشكل كامل في سابقة تاريخية لم يسبقه اليها أحد ولم يكررها أحد بعده، وأسس أيضا مجلسا استشاريا للحكم لكامل عرب العراق في سابقه تاريخيه أيضا ، وقد أرسل خطابا سياسيا بذلك للخليفة العثماني (خطاب موقع من قبل وجهاء العراق في تلك الفترة وحمله قاضي البصرة الذي كاد يعدم في قصر الخليفة العثماني) ويتضمن هذا الخطاب حفظ كرامة الدولة العثمانية بالإضافة إلى وصول الأمير ثويني بن عبد الله إلى هدفه (طرد العثمانين من العراق)، حيث يشمل قبول الأمير ثويني بن عبد الله بتبعية العراق الجديد الأسمية للدولة العثمانية مقابل أعترافها بحكمه للعراق رسميا وبدون أي تواجد عثماني فيه أو الحرب في سبيل طردهم منه، يذكر وصول مفتي البصرة لمقر الخليفة العثماني وهو يحمل هذا الخطاب، العالم الشيخ محمد بن العلامة الشيخ خليفة بن حمد بن موسى النبهاني الطائي (كان هو ووالده مدرسين بالمسجد الحرام.. وهو معاصر للحرب العالمية الأولى وسبق له تولي قضاء البصرة)، في كتابه التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية، قسم المنتفق، ص: 406 (((فلما وصل (الآستانه) عرضها على أعتاب السلطنة فغضبت غضبا شديدا وكادت أن تأمر بصلب المفتي لولا تدارك بعض العلماء ذلك اكراما للعلم))).
وقد تبع الاعلان معركة فاصلة كبيرة وعنيفة استخدمت فيها مملكة المنتفق المدافع ضد العثمانيين، يذكر د. علي الوردي، في كتابه لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث، ج1، ص:177 (((في شهر آذار من عام 1787 توجه سليمان باشا على رأس جيش كبير نحو البصرة عن طريق الفرات. وفي 13 تشرين الأول وقعت المعركة الفاصلة بين الفريقين في موقع "أم الحنطة" قرب البصرة، وقد أستخدمت العشائر فيها المدافع))). يذكر المؤرخ جعفر الخياط، في كتابه صور من تاريخ العراق في العصور المظلمة، عند حديثه عن أهمية المعركة حيث كان يترتب على نتيجتها بقاء أو فناء الوجود العثماني في كل العراق كله ،ص: 217 (((فالتحم الجمعان في موقع يقال له (أم الحنطة). وهناك وقعت معركة عنيفة اشترك فيها سليمان باشا بنفسه، ونزل إلى الميدان منتضيا سيفه، فأخذ يقاتل قتال المستميت، لأن الموقعة كانت من المواقع الحاسمة التي يتقرر فيها مصير المماليك، ويحجز فيها بين بقاء حكومتهم وزوالها من الوجود نفس واحد لاغير. واستقتلت القوات العربية في النضال والطعان، وهي تعرف انها كانت تقاتل من أجل شرف أمتها وعروبتها في عقر دارها))). يذكر المؤرخ الشيخ علي الشرقي ، في كتابه ذكرى السعدون (الصادر عام 1929م) ، عند حديثه عن المخلفات الثمينة لفترة حكم آل سعدون وعن أول من سعى لإستقلال وحكم العراق بأكمله وهو الأمير الشريف ثويني بن عبدالله حاكم مملكة المنتفق ، ص: 31 ((( ايجاد الفكرة العربية وبعث القضية من مرقدها ومحاولة استرجاع الدولة العربية التي كانت معرسه في هذا القطر ، فان اول من استفز للقضية بعد ان دثرت ومزقتها اعمال المغول والتاتار والاتراك والفرس هم آل سعدون ، فأول ساع للبعث و أول دماغ حمل الفكرة الصالحة هو دماغ الشيخ ثويني العبدالله ، فسعى لعقد حلف عربي يتكون من اضلاع ثلاثة عقيل وخزاعة والمنتفق ، تكون غايته طرد الأتراك من العراق و تأسيس دولة عربية ))).
لمزيد من التفاصيل حول هذا الحدث وماسبقه وتبعه من أحداث تاريخية مهمه يمكن الرجوع للبحث التالي والذي يستند الى أكثر من سبعين مرجع تاريخي الكثير منها معاصر للأحداث:
آل سعدون الأشراف وأول إعلان تاريخي ومحاولة لإستقلال العراق بأكمله عام 1787م
ثانيا - مدينة سوق الشيوخ:
وصلنا العديد من أسماء القضاة الذي عينهم آل سعدون فيها ، وقد أسس المدينة حاكم مملكة المنتفق الأمير الشريف ثويني بن عبدالله بن محمد بن مانع آل شبيب ( ابن أخ الأمير سعدون بن محمد الذي عرفت الأسرة باسمه لاحقا ) وذلك في عام 1780م. يذكر الرحالة الفارسي محمد آغا ، عاصمة مملكة المنتفق مدينة سوق الشيوخ قبل العام 1820م ، حيث مر بها ووصف من كان يقيم في المدينة وحولها وهم عشرون ألف بيت معظمهم من قبائل اتحاد المنتفق ، يذكر السيد محمد آغا الفارسي ، كتاب رحلة المنشي البغدادي الى العراق ، رحلته عام 1820م ، ص: 146 (((ومن السماوة الى سوق الشيوخ ثمانية عشر فرسخا وفي هذه البلدة عشائر المنتفق، يسكنون السوق وفي أنحائه، وعدتهم عشرون ألف بيت وهم في جانبي الفرات ، ومذهبهم مذهب أحمد بن حنبل ، وبعضهم شيعة ))). وقد أسس الأمير ثويني بن عبدالله المدينة لتكون عاصمة لمملكة المنتفق ومركزا تجاريا يتيح لأسرته (آل سعدون) السيطرة على تجارة المنطقة ، يذكر مدينة سوق الشيوخ ، أ.د. عماد محمد العتيقي ، وذلك عند حديثه عن الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله بن سيف بن أحمد بن محمد العتيقي (في عام 1820) ، مقالة عبدالرحمن بن عبدالله بن سيف العتيقي – صاحب الختمة العتيقية (((كان المترجم كما ذكر أعلاه يمتهن التجارة ويدير نشاط أسرته من الكويت. وكان أخوه سيف يدير فرع الشركة في الهند وابن أخيهما عبدالعزيز بن منصور يدير فرع الشركة في سوق الشيوخ وهي مركز تجارة أهل الكويت ونجد في العراق))). يذكر الكسندر أداموف ، القنصل الروسي في البصرة في نهاية القرن التاسع عشر، في كتابه ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها ، وذلك عند حديثه عن مدينة سوق الشيوخ والطاعون الذي اجتاحها في القرن التاسع عشر ، ص: 55 ((( وعندما اجتاح الطاعون في 1831 العراق بأجمعه وجه أول ضربة لرفاهية هذا المركز التجاري العربي الصرف))).
وسوف يأتي الحديث عن المدينة عند الحديث عن جامعها الكبير في القسم التالي من البحث.
1-عالم الأحساء الشيخ مبارك بن علي آل مبارك التميمي:
هو عالم الأحساء الشيخ مبارك بن علي بن حمد من أسرة آل مبارك التميمي ، أرسل له حاكم مملكة المنتفق وشيخ مشائخ قبائلها الأمير الشريف حمود بن ثامر السعدون سنة 1213هـ (1798م) كتاباً يشكو فيه (فشوّ الجهل، وانتشار البدع بين البوادي في العراق، ويطلب منه الانتقال إليه لنشر العلم، والوقوف في وجه دعاة الضلال)، فقدم إليه الشيخ مبارك بصحبة أولاده، وحل محل الإجلال والتقدير ناشراً كتاب الله، وسنة نبيه، ومشتغلاً بالتأليف حتى توفي سنة 1230هـ (1815م)، ودفن في تل اللحم قرب مدينة سوق الشيوخ، وظل أبناؤه على علاقة وطيدة بمملكة المنتفق وحكامها آل سعدون الأشراف وقتاً طويلاً. يذكر ترجمة له ، الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن صالح آل بسام ، في كتابه علماء نجد خلال ثمانية قرون ، ج: 5 ، ص: 427 ((( الشيخ مبارك بن علي بن حمد بن قاسم بن سلطان بن محمد الملقب (هميلان) بن سعود من بني جندب من بني عمرو أحد بطون بني تميم ، تلك القبيلة المشهورة ... حمل معه أهله وأولاده الى العراق ، وصار في ضيافة أمير المنتفق الشيخ حمود بن ثامر السعدون ، وكان كريما جوادا شجاعا ، صاحب علم ووقار ، والشيخ المترجم من العلماء الكبار ومن الدعاة الى الله تعالى ، وقد بقي عند آل سعدون حتى وفاته سنة 1230 هـ . رحمه الله تعالى ... له تلاميذ كثيرون في كل البلدان التي أقام فيها، ولكنهم لم يدونوا ، وهؤلاء بعض من عثرنا عليهم:1- الشيخ العلامة عثمان بن سند النجدي ثم البصري.2- غالب علماء الأحساء من تلاميذه.3- غالب علماء المبرز من تلاميذه ))).
2- الشيخ عبدالرحمن بن مبارك آل مبارك التميمي:
هو الشيخ عبدالرحمن ابن عالم الأحساء الشيخ مبارك بن علي آل مبارك التميمي ، بقي لعدة سنوات بعد وفاة والده الشيخ مبارك في عاصمة مملكة المنتفق لدى آل سعدون الأشراف ، وقد شهد على وقفين للكتب العلمية أوقفهم الأمير الشريف علي بن ثامر السعدون عام 1231هـ ، سوف يأتي ذكرهم في القسم التالي من البحث ضمن أوقاف آل سعدون. يذكر ترجمة له ، الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن صالح آل بسام ، في كتابه علماء نجد خلال ثمانية قرون ، ج: 3 ، ص: 147 ((( المترجم هو ابن الشيخ (مبارك) .... وقد بلغ المترجم من العلم مبلغا كبيرا ، حتى صار يلقب بأنه (مالك الصغير) ، وقد بقي في الأحساء مفيدا نافعا في المجال العلمي حتى توفي، ووفاته حوالي سنة 1240هـ . رحمه الله تعالى))).
3- الشيخ عبدالعزيز بن حمد بن مشرف التميمي:
كان الشيخ عبدالعزيز بن مشرف قاضيا في الدرعية في عهد حاكم الدولة السعودية الأولى الامام سعود ثم ابنه عبدالله ، وبعد استيلاء ابراهيم باشا عليها ، أصبح الشيخ قاضيا في عنيزه ثم انتقل الى عاصمة مملكة المنتفق مدينة سوق الشيوخ بطلب من حاكم مملكة المنتفق الأمير الشريف حمود بن ثامر السعدون ، وأصبح قاضيا فيها حتى وفاته بعد سنة 1240هـ . يذكر ترجمة له ، الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن صالح آل بسام ، في كتابه علماء نجد خلال ثمانية قرون ، ج: 3 ، ص: 319 ((( الشيخ عبدالعزيز بن حمد بن ابراهيم بن حمد بن عبدالوهاب بن موسى بن عبدالقادر بن رشيد بن بريد بن بن مشرف بن عمر بن معضاد بن ريس بن زاخر بن محمد بن علوي بن وهيب ، فنسبه من الوهبة أحد أفخاذ بني حنظلة ، الذي هو البطن الكبير الشهير من قبيلة بني تميم المعروفة، والمترجم سبط مجدد الدعوة السلفية الشيخ محمد بن عبدالوهاب فهو ابن ابنته ... وكان مع هذا صاحب عقل راجح ، وفكر ثاقب ، ولسان بليغ ، وذكاء مفرط ، وقد تولى القضاء في الدرعية زمن الامام سعود وابنه عبدالله ، ولمكانته اختاره الامام سعود في سفارة الى امام صنعاء ، فكفى في مهمته ... وبعد هجوم ابراهيم باشا على الدرعية واستيلائه عليها ، ارتحل المترجم الى عنيزة فولي قضاءها ... ثم تحول الى سوق الشيوخ فولاه شيخ المنتفق قضاءها الى أن توفي بها بعد الأربعين والمائتين والألف ))).
4- الشيخ عبداللطيف بن محمد بن سلوم التميمي:
تولى قضاء عاصمة مملكة المنتفق مدينة سوق الشيوخ ، بعد وفاة قاضيها السابق الشيخ عبدالعزيز بن مشرف . وقد كان مكرما لدى حكام مملكة المنتفق آل سعدون الأشراف ، يذكر ترجمة له ، الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن صالح آل بسام ، في كتابه علماء نجد خلال ثمانية قرون ، ج: 3 ، ص: 574 ((( الشيخ عبداللطيف بن محمد بن علي بن سلوم بن عيسى بن سليمان بن محمد بن خميس بن سليمان الوهيبي التميمي نسبا ، الزبيري مولدا ومنشأ، النجدي أصلا . انتقل والده من العطار – احدى قرى سدير – الى الأحساء لتلقي العلم على الشيخ محمد بن فيروز ، ثم انتقل الى الزبير .... ثم تحول مع والده الى سوق الشيوخ وحكامها المنتفق فطلبوا من والده أن يشير على المذكور ليتولى قضاءها وخطابتها ، فامتنع ، فلم يزالوا به حتى حلف شيخ المنتفق: ان لم يتول لأولين فلانا – لرجل غير صالح – للقضاء ولا للامامة ، فرأى أن الأمر متعين عليه لئلا تضيع الأحكام بتولية أهل الجهل والظلم ، فرضي وباشر بعفة وديانة وصيانة وتثبت وتأن في الأحكام ، ومراجعة والده فيما أشكل عليه ... وكان محببا الى الناس الخاص والعام ، مكرما عند الحكام ، لاترد له شفاعة ولايلثم له رجاء ، حسن في أخلاقه وورعه وعفافه وعبادته وجريه على نهج السلف ... فأصيب ومات شهيدا بالطاعون عام 1247هـ ، ودفن خارج سوق الشيوخ عند والده . رحمهما الله ))).