(( الــــزول زولـــه والحلايــــا حــلايــــاه ))
هذا البيت أشهر من نار على علم ! الكل يعرفه ، الكل يردده في مناسبات كثيره ، إما متمثلاً أو ساخراً ...إلا أن حقيقته بعيده عن كل ذلك ، وربما لا يعرفها إلا القليلون .
هذا البيت أطلقته زوجة الشيخ وديد بن عروج شيخ قبيلة بني لام . وقبل أن ندخل في القصة ، لا بد أن القارئ يتساءل عن أسم هذه القبيلة ( بني لام ) كان موطنها العارض ، في وسط نجد وهي كثيرة العدد ، وتفرعت منها عدة قبائل معروفه اللآن في الجزيرة العربية. وفي منها من نزح إلى العراق.
أما الشيخ وديد بن عروج فقد أشتهر بالغزو ، وعنده ذلول أصيله أصابها الهزال لكثرة غزواته ، ولم يبن الشحم على جسمها بسبب ذلك ، وبعد موته ، تقدم أخوه ( لزام ) للزواج من المرأة التي كانت زوجة أخيه ، وتم الأمر ، إلا أن الفرق بين الرجلين كبير ، فلزام لم يظهر له فعل ، وقد أكتفى في حياة أخيه أن يقوم بلوازم البيت إذا ما غاب للغزو .
وقد زاد كدر الزوجة عندما رأت الذلول وقد تغيرت أوصافها ، وركب الشحم عليها ، وفي أحد المرات عاد الراعي بعد غيبه طويلة مع الإبل ، فإذا بالذلول ( تهدر) وكأنها جمل ....فقال زوجها : اعقلي الذلول عن الإبل .. فلما عادت قالت : ذلك جمل وليست الذلول . فقال لا مبالياً بل هي ..!
هنا تذكرت زوجها الشيخ وديد وغزواته ، وذكرت محاسنه التي تفتخر بها كأي امرأة بدوية ، وفكرت بحياتها مع أخيه – زوجها الحالي – فقالت :
يالله يا عايـد علـى كـل مضمـاه
.......................... يا مخضر الأرض الهشيم المحايـل
أنت الكريم ورحمتـك مـا نسينـاه
............................. تـروف باللـي دوم عينـه تخايـل
تلطـف بمـن لكـن عينـه مـداواه
................................. اللـي بقلبـه حاميـات المـلايـل
ألوج مثل أيوب مـن عظـم بلـواه
.......................... واسهر إلى ما يصبح النجـم زايـل
على حبيـبٍ كـل ماقلـت أبنسـاه
............................ لذكره تفطنـي مـن الهجـن حايـل
إلـى نسيتـه ذكرتـنـي بطـريـاه
.......................... شيباً ظهر من عاصيـات الجلايـل
يلتاع قلبي كل مـا أذكـر سوايـاه
............................ كمـا يلـوع الطيـر شبك الحبـايـل
لا واحبيبـي سبعـة سنيـن فرقـاه
.............................. عليـه أنـا قضيـت كـل الجدايـل
لا واحبيبي يتلـف الهجـن ممشـاه
................................. إلـى بغـى لـه نيـةٍ مـا يسايـل
لا واحبيبي يسقي الربـع مـن مـاه
................................ دليلـهـن لا ضيّـعـوه الـدلايـل
لا واحبيبي يرعـب الهجـن بغنـاه
............................. من كثـر مايوحيـه ليـل وقوايـل
لا واحبيبـي كـل قـومٍ تنـصـاه
.............................. تلقـى ربوعـه طيبـيـن القبـايـل
لا واحبيبـي تدفـق السمـن يمنـاه
.............................. يا ذبـح مـن بيـن كبـشٍ وحايـل
لا واحبيبـي وافـيـاتٍ سجـايـاه
............................. عليـه غضـات الصبايـا غـلايـل
لا واحبيبـي دوم للعـفـن متـقـاه
................................ يـا مـا كلنـه مدمجـات الفتايـل
لا واحبيـبـي بـيـن ذولا وذولاه
............................... خلـي بوجـه معدلـيـن الدبـايـل
يا عارفين وديد يـا طـول هجـراه
............................... ياليتنـي بوديـد مـا أبغـى بدايـل
أخذت أخوه أبي العوض ذاك من ذاه
............................. والبيت واحد مـن كبـار الحمايـل
عنـدي مثيلـه واحـدٍ كنـه إيــاه
.............................. عليه مـن توصيـف خلـي مثايـل
الـزول زولـه والحلايـا حلايـاه
........................... والفعل ماهو فعل وافـي الخصايـل
وهذه هي قصيدتها المشهورة ، إلا أنها قالت أيضاً – في هذا الموقف نفسه :
يافاطـــري يا ما جرالك مـن العنـا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مع دربك العيرات نشت لحومهـا
غدا عنك نواس العدا مرذي النضا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ يجرها مع ما نبا مـن حزومهـا
غدا عنك وأرث في مكانه ازلابـه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ تروعـه الظلمـا تيلـي نجومهـا
يا ما حويتي جل ذود مـن العـــدا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أضحى عليها الغزو يفرق سهومها
ويا ما يثور عند عينك من الدخـن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ معـــــارك تدنـي لـلأرواح يومهـا
عليك مقـدم لابـةٍ شـاع ذكـره
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ حامي تواليهـا امقـدي يمومهـا
لسوء حظها فقد سمعها زوجها لزام ، وأضمر الشر في نفسه لكنه لم يشأ أن يعاقبها إلا بعد أن يجعلها ترى فعله وشجاعته... بالفعل قام بالغزو ، وطالت غزواته حتى أن رفاقه سئموا، وكان كلما غنم أرسل الغنيمة إلى قومه وهو ماضٍ في غزواته ...وقد أنشد هذه القصيدة :
أنا ابن عروج وهـذي سواتـي
...................................... موصل سمان الهجن شن مايجنه
خمسين يومٍ والنضـا مقفياتـي
....................................... مع مثلهن وهن علـى وجههنـه
نمشي النهار وليلنا مـا نباتـي
...................................... كم ذود مصلاح امنيـس خذنـه
من ظن فينا الطيب شافه ثباتـي
.................................... واللي هقى فينا الردى ضاع ظنه
كم من صبـيٍ عشقتـةٍ للبناتـي
................................... عقب التعجرف بدل الضحك ونه
استاخذ المذهول عاف الحياتـي
.................................... هو ما درا إن الهجن بيوصلنـه
من فوق هجنٍ من فحلهن خواتي
..................................... غيب الصبايا الخافيـة يظهرنـه
ولما رجع من غزواته كانت الذلول بالكاد تمشي من شدة الاعياء والهزال حتى أنها بركت قبل أن تصل إلى البيت ، فأمر زوجته أن تذهب لإحضارها ، وكان يمشي ورائها يريد الفتك بها ، وهي لم تراه ، فلما وجدت الذلول على تلك الحال ، قالت هذه القصيدة التي كانت سبباً في نجاتها من خطر لم تعلم عنه :
يابكرتـي وش علـم حالـك ضعيفـي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أشوف حيلـك وانـيٍ عقـب الأردام
عقب الفسـق ومهـادرك بالمصيفـي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ومصـاول القعـدان مرباعـك العـام
عقـب الاباهـر والسنـام المنيـفـي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صرتي كما المفرود مـن فعـل لـزام
قطـع عليـك ديـار قـومٍ تخيـفـي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ تسعين ليله راكـب الهجـن مـا نـام
أقفى عليـك مـن الحسـى للقطيفـي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ لحوران والحـرة إلـى نقـرة الشـام
وتدمـر وصلهـا وخمهـا مستخيفـي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ واشبيـح والضاحـك وقديـم الأقـدام
وأخـذ عليـك اذواد جـوٍ مريـفـي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وضحك كما برق الحبـاري بالأكـوام
يزفـهـا يـقـداه مشـيــــه هـــريـفـــــي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ واقفا عليهـن متلـف الهجـن لا قـام
وعادوا على العارض ركيـبٍ يهيفـي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ يتلون ابـن عـروج مقـدم بنـي لام
زهابهـم حـب القـرايــــــا النظيـفـي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وسلاحهم صنـع الفرنجـي والأروام
يا ما انقطع مع ساقتـه مـن عسيفـي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ومن فاطرٍ مشيه عـن الجيـش قـدام
عقـب الشحـم وملافخـه للرديـفـي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قامت تسندر مثـل مبخـوص الأقـدام
تـوي هنيـت وطـاب بالـي وكيفـي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ من عقب ضيمي صرت بخير وأنعام