كان اليوم هو أول أيام الدراسة بعد العودة من الإجازة
سلمت على زملائي الأعزاء وتبادلنا الضحكات والابتسامات اللطيفة
دخلت على تلاميذي كعادتي مبتهجاً مبتسماً مغلقا ًخزانة أحزاني ورامياً
بها في الخارج
كنت ألبس ثوباً جديداً يختلف عن بقية زملائي
كان ثوباً مطرزاً بأشكالٍ جماليةٍ أنيقة وكان الجميع ينظر إلي نظرة
إعجاب كما يبدو لي من المؤكد أنهم كانوا يحسدونني
آه ليتهم كانوا يعرفون مابداخلي من المؤكد أنهم سوف ينظرون إلي نظرة
عطف وشفقة لأن هذه الثياب لاتستر عوراتنا فقط بل تستر أحزاننا أيضاً
شكرا لك ياثوبي العزيز لقد حجبت أحزاني ورفعت رأسي عاليا
فأنا لا أستسلم أبدا ففشلي هو بداية جديدة مع النجاح
إذاً ابتعدي عني أيتها الثياب المرقعة فأنا أعيش في القرن الأبدي الذي لا يعرف اليأس
كانت عيناي تحملق في أرجاء الفصل بلهفة وشوق
أحسست أني غبت عنه أعواماً عديدة وليس أسبوعاً فقط
أدخلت يدي في جيبي فأخرجت منه منديلاً لأمسح ذرات الغبار العالقة
على جنبات مكتبي كنت أمسح الغبار وأنا أطلق الدعابات اللطيفة من فمي
وأتبادلها مع أبنائي التلاميذ الأعزاء
جلست على مكتبي الذي يحمل فوقه كتاب الله الكريم ومجموعة من الكتب
المدرسية وكشف متابعة التلاميذ ودرجاتهم
رتبت كل محتويات مكتبي الجميل
نظرت هنا وهناك
فسألت تلاميذي الأعزاء قائلاً :
هناك تلميذ غائب من هو ؟
رد الجميع :
إنه ( نادر ) يا أستاذ
نظرت إلى ماسته ومقعده الفارغ فرأيت طيفاً محملاً بورود الصباح
طيفاً يلاحقني في كل مكان دائما يشعرني بامتلاء الأماكن وعدم خلوها من الأشياء
إنه طيفها الجميل الذي مازال يحلق في فضاءاتي
لم أعط تلاميذي درساً واحداً لقد تركت كل الدروس لها تشرحها كيف تشاء
إنها بحق معلمة تستحق الإعجاب فلقد تعلمنا أنا وتلاميذي منها الكثير
لقد تعلمنا كيف يعشق الندى خدود الورد ؟
وكيف يتلون الكون بألوان قوس قزح ؟
وكيف تغرد العصافير بأصوات شجية ؟ وكيف تحن الفراشات إلى الحدائق والحقول ؟
لقد تعلمنا منها الكثير
وبالتأكيد سوف نتعلم منها غداً كيف تشرق الشمس فتتفتح من
أشعتها الورود ؟
بقلمي / أحمد حسن المرحبي