التدريب المهني اعتبرها ميراثًا للأجيال.. ووزارة العمل تتمسك ببطالة الـ453 ألفًا
200 ألف وظيفة مبيعات.. مجاملة أم حقيقة شواغر

ياسمين الحمد ـ جدة
أثار إعلان محافظ المؤسسة العامة للتدريب المهني والتقني الدكتور علي الغفيص بتوفر 200 ألف وظيفة شاغرة في مجال تخصصات التسويق والمبيعات لخريجي الكليات التقنية والمعاهد المهنية.. العديد من علامات الاستفهام، وفيما اعتبر البعض وزارة العمل تحابي المؤسسة على حساب التخصصات الاخرى.. يرى البعض الاخر ان امكانية توفير هذا العدد من الخريجين يصعب في الوقت الراهن ان لم يكن مستحيلا. واذا كان الاف الخريجين مازالوا خارج قائمة العمل حتى ان معدل البطالة وصل طبقا لوزارة العمل التى اعلنته قبل اقل من اسبوعين ( 24 جمادى الاولى الماضي) الى 453.994 مواطناً في عام 1428هـ.. فما المبرر لتوفير هذا العدد من الوظائف لخريجين لن يكملوا ولا نصف العدد المطلوب، بدليل تأكيدات محافظ المؤسسة بانه لا توجد بطالة في صفوف خريجي الكليات والمعاهد الفنية والتقنية واستعداده شخصيا لتعيين اي خريج.
فهل توفير مثل هذه الوظائف بافتراض امكانية وجودها تأكيد لنجاح المؤسسة لتوفير الامان الوظيفي لخريجيها ام ان الامر يعد خللا من وزارة العمل في تقدير الحاجة الفعلية للتوظيف، وكيفية تقليص معدل البطالة.
والم تكن تلك الوظائف المتاحة من شأنها تقليص معدل البطالة العام من ( 11.2%) الى النصف اذا ما وزعت جيدا على التخصصات الاخرى علما ان نتائج بحث القوى العاملة الذي أعدته مصلحة الاحصاءات العامة والمعلومات مؤخراً تشير الى ان عدد العاطلين عن العمل بلغ 453.994 مواطناً في عام 1428هـ منهم 271.007 ذكور و 182.987إناث وبلغ معدل البطالة العام للسعوديين 11.2بينما بلغ معدل البطالة للذكور 8.0% وللإناث 26.6%
لماذا الوظائف
محافظ المؤسسة العامة للتدريب المهني والتقني الدكتور علي الغفيص اعترف بان توفير 200 ألف وظيفة لسد الاحتياج الذي تم الإعلان عنه في مجال التسويق والمبيعات لا يمكن أن يكون في يوم أو في شهر.
ملمحا الى ان خريجي المستقبل يمكنهم ملأ الشواغر .. وقال ان المؤسسة بصدد توسعة الكليات التقنية على مستوى المملكة التي تستوعب حاليا ما يقارب 500 متدرب، وأنه خلال الثلاث أو الأربع سنوات بعد الانتهاء من التوسعة سيتضاعف العدد ليصل معدل الاستيعاب الى ما يقارب 3500 متدرب.
واضاف انه بمعدل شهري يتم افتتاح ما بين كلية أو معهد، ومعظم الكليات تتوفر بها التخصصات التقنية الإدارية من ضمنها مبيعات وإدارة مكتبية ومحاسبة، وجميعها تخصصات إدارية.
واوضح ان الكليات مفتوحة وننشئ حاليا مشاريع كليات في جميع مدن ومحافظات المملكة لترتفع طاقتها الاستيعابية إلى ثلاث أضعافها عما هو عليه حاليا. مما يتيح فرصة أكبر للقبول في الكليات.
واضاف الغفيص أن تقدير 200 ألف فرصة وظيفية التي تم الإعلان عنها مسبقا تم تقديره بناء على الإحصائيات المقدمة من وزارة العمل التي قدرت حجم الطلب على المبيعات، واوضحت أن هناك ما يقارب 200 ألف وظيفة مطروحة للشباب في مجال المبيعات والتسويق وأي قطاع اجتماعي صناعي خدمي إلا ولديها قسم مبيعات وتسويق،
وابان ان الطلب على هذا التخصص متواجد بقوة لدى القطاع الخاص فلا توجد أي شركة أو مؤسسة إلا ويتطلب أن يكون لديها قسم مبيعات وتسويق.
لا احصائيات
وأشار مدير عام مكتب العمل بجدة قصي فلالي انه لاتوجد إحصائية قطاعية عن مجال معين من حيث نسبة السعودة في مجال المبيعات والتسويق التي كان الشباب يعزفون عن العمل بها ولكن مع وجود مميزات وحوافز مغرية لطالب العمل فإنهم لا يمانعون في الانخراط في هذه الوظائف ويكون الإقبال متزايدا في حالة وجود هذه الحوافز .
واضاف بدورنا في مكتب العمل نحث ونشجع جميع المنشآت على تقديم فرص جيدة في مجال البيع والتسويق نظرا لأنها مطلوبة بشكل دائم. واوضح انه خلال الفترة الماضية من 1/1/ 1429هـ فإن هناك فرصا وظيفية متوفرة في مكتب العمل بمحافظة جدة أعدادها كالأتي : 516 وظيفة مساعد بائع و271 وظيفة مندوب مبيعات و 125وظيفة اختصاص تسويق و9 وظائف مديري مبيعات و15 وظيفة مديري تسويق و18 وظيفة صراف، حيث أن هذه الوظائف متوفرة لدى المكتب خلال هذه الفترة وجار الترشيح عليها من قبل طالبي العمل الدائمين في الانخراط في هذا المجال كما أن هناك تنسيقا بشكل دائم مع شركاء التنظيم الوطني وهما المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني ومكتب العمل والغرفة التجارية الصناعية بجدة والموارد البشرية وكان آخرها العمل في المسار 15 للتدريب المنتهي بالتوظيف وعلى جميع المهن المطلوبة في القطاع الخاص ومن ضمنها مجال البيع والتسويق، حيث تم التنسيق بين جميع منشآت القطاع الخاص وطالبي العمل في أحد المسارات ويقام اللقاء التوظيفي في الغرفة التجارية، وتقوم جميع المنشآت بطرح ما لديها من وظائف وطالبي العمل يقومون باختيار ما يناسبهم من الوظائف وكذلك المنشآت ويتم التدريب عليها تدريبا ينتهي بالتوظيف واشار الى انه إذا توفرت معلومات حول وجود وظائف في مجال التسويق والمبيعات فلابد من معرفة مصدر المعلومات والإحصائيات، والتأكد عن مدى صحتها ولكن عند وجود الوظيفة الجيدة بالمميزات الجيدة التي تعود بعائد مجز لطالب العمل، فإن الشباب لا يتردد في الانخراط بها.
التدريب يحل الأزمة
واشار مدير عام التنظيم المشترك في المؤسسة العامة للتدريب التقني المهندس عبد الرحمن السريعي الى ان مسارات التدريب قادرة على تأهيل اعداد كبيرة من طالبي العمل لملء الوظائف المطلوبة.
واوضح أن ما يتعلق بعدد المتدربين التي قدمتها برامج التنظيم المشترك في مجال التسويق والمبيعات فانه تم تدريب 2700 شاب كمندوب مبيعات، و ما يتعلق ببائعي التجزئة فهناك 2500 متدرب، بالاضافة الى 731 متدربا بالمستودعات، أما محاسب مبيعات (كاشير) فيتجاوز عددهم 1249متدربا، ومساعد محاسب فيتجاوز العدد 85000 وسكرتير تنفيذي تقريبا 1580.
وقال انطلقت البرامج عامة في حدود الخمس سنوات حيث أن البرامج تعد رائدا أساسيا للمراكز التدريببة التي تقدمها المؤسسة وبشراكة من مكاتب العمل والغرف التجارية والهدف من البرامج المقدمة هو إيجاد فرص تدريب على مهن محددة لا تقدمها المؤسسة.
وأضاف أنه الآن بدأت مسارات التدريب المنتظم والتدريب المشترك وكان ما يتعلق بالتدريب عبارة عن المهن المطلوبة في سوق العمل وتم التدريب فيما يقارب 89 مهنة مطلوبة لدى مكاتب العمل وهذه المهن المقدمة على مستوى المناطق بنسب كبيرة وتم إعداد الحقائب التدريبية بهذه المهن والتدريب عليها وفق آليات التنظيم.
مسارات التوظيف
وأكد مدير فرع صندوق الموارد البشرية بمنطقة مكة المكرمة هشام لنجاوي ان مسارات التنظيم الوطني أحد برامج الصندوق، وان منطقة مكة المكرمة تحظى بأعلى أعداد توظيف في هذه المسارات وذلك بتضافر الجهود المشكورة من جميع الجهات المنظمة مع الصندوق من مكاتب العمل بمكة وجدة والطائف وكذلك إدارة التدريب المشترك، الذين لم يتهاونوا في تقديم التسهيلات لنجاح المشروع، وكذلك الغرفة التجارية بجدة التي احتضنت هذه الأعمال وتميزت في إعطاء ورش عمل متخصصة بالتعاون مع صندوق تنمية الموارد البشرية في الإرشاد المهني لطالبي العمل والمنشآت الموظفة.
واشار الى ان التضافر مستمر مع المؤسسة العامة للتعليم الفني والمهني والمعاهد الأهلية المتخصصة في المنطقة حيث يتم تدريب الشباب الذين تم توقيع العقود معهم بنسبة 25% من حجم التدريب من خلال المؤسسة أو المعاهد الأهلية وتكون باقي نسبة التدريب 75% داخل المنشأة الموظفة، وتعتبر مهنة التسويق والمبيعات من المهن المقدمة في البرنامج.
الطلب كبير
ويرى كبير مشرفي القبول للطلاب في المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني محمد العبود أن الطلب على تخصص قسم المبيعات والتسويق كبير جدا حيث ان جميع قطاعات سوق العمل تحتاج إلى ذلك من خلال الدراسات إلاشرافية والمعلومات التي ترد وجميع القطاعات الخاصة في قطاع المبيعات هناك توجه من قبل الشباب لذلك أحدثت 200 ألف وظيفة خاصة بالمبيعات يشغلها أبناؤنا وتكون السعودة فيها بإذن الله 100%.
وقال ان هناك خريجين على مستوى الكليات في تخصصات مبيعات ويوجد على مستوى برامج التدريب المشترك نفس التخصص وكذلك على مستوى المعاهد الثانوية الفنية المعاهد الأهلية التي تشرف عليها المؤسسة في تخصص التسويق والمبيعات.
ونجد أن هناك توجهات المؤسسة بشراكة مع القطاع الحكومي والأهلي، والافتتاح قريبا بإذن الله في كلية السياحة والفندقة بشراكة مع قطاع السياحة وافتتاح كلية أخرى في الرياض إضافة للكلية التقنية في المدينة فالاحتمال وارد أن يفتح كلية خاصة في هذا المجال.
واشار الى انه تم تطوير الكلية التقنيةفتحت أقسام جديدة بحيث تستقبل أكبر عدد من خريجي الثانوية العامة.
مليون فرصة مبيعات
وقال مدير مجموعة العمل ومدير برنامج الشهادة الوطنية لمهارات البيع بالتجزئة الدكتور خالد العنقري أنه بالنسبة لمجال التسويق والمبيعات لا يختلف عن أي مجال آخر بالنسبة لجانب أخلاقيات العمل والتي تفتقدها معظم مخرجات التعليم في جميع المراحل والتخصصات لارتباطها بأمرين المنهج والقدوة حيث ان القصور فيهما واضح للعيان أما من جانب المهارات العملية والخلفية العلمية فالأمر يسير في هذا المجال ويمكن تهيئة الشاب بقليل من الجهد والوقت عند توفر الرغبة لديه ولدى من يدربه.
واضاف أن هناك إقبالا كبيرا من قبل القطاع الخاص على قسم التسويق والمبيعات بشكل عام بحيث يعتبر قطاع المبيعات في المملكة من أكثر القطاعات في الفرص الوظيفية حسب الإحصائيات التي تشير الى انها تتجاوز مليون فرصة وظيفية.
واوضح أن المستهدف بالنسبة للبرنامج الذي ترعاه احدى الشركات يستهدف 300 شاب في السنة، لكنه برنامج واحد، وهناك شركات اخرى تستقطب على سبيل المثال نحو 10،000شاب للتدريب.
مضيفا أن هذه الوظائف تتركز في نقاط البيع بالتجزئة في الأسواق التجارية (أمناء الصناديق والبائعين وموظفي خدمة العملاء) وكذلك الموزعين لبضاعة الجملة أو مندوبي المبيعات والبائعين في المطاعم السريعة والمقاهي فمجالهم قريب جدا وتدريبهم العام في التعامل مع العملاء متقارب.
وشدد على ان الوظائف في هذا المجال (البيع والتسويق) كافية للقضاء على البطالة حتى لو بلغ العدد مليون عاطل ولكن الواقع يشير إلى أن مشكلة البطالة تنبع من ثلاثة أطراف وكل طرف يتحمل جزءا من المسؤولية، وتشمل أنظمة ونظم المعلومات لدى الجهات الحكومية ذات العلاقة؛ مسؤولي الموارد البشرية لدى الشركات الموظفة، الشباب أنفسهم ومستوى التزامهم وقدرتهم على الصبر والمثابرة في المراحل الأولية لسلم العمل أو الوظيفة.كما أنه يبلغ عدد العاملين في نشاط تجارة الجملة والتجزئة قرابة المليون عامل، والغالبية العظمى منهم من غير السعوديين، وأكثر من 90% منهم مؤهلهم دون الجامعة.
وقال ان كثيرا من الشباب يعتبر الوظائف المتاحة مؤقتة أو مرحلية يترك العمل فيها متى ما التحق بوظيفة حكومية أو عسكرية.
وأكد العنقري أن عدد الخريجين حاليا لا يفي باحتياج سوق العمل حيث أن الأعداد الموجودة حاليا لا تشكل احتياج سوق العمل.
نقص الكوادر
يرى مدير فرع احدى الشركات محمد الجهني أن التحاقه بكلية التقنية قسم تسويق مبني على رغبته وحبه لهذا القسم ولسماعه بوجود فرص وظيفية متاحة للشباب في هذا التخصص، وقال أن هناك نقصا في الكوادر البشرية المتدربة مقارنة بفرص العمل المتاحة إلى جانب القلة في المهارات الشخصية المتمثلة في الدورات فشهادة الكلية وحدها لا تكفي لابد من دعم شهادة الكلية بشهادة خبرة إضافة إلى الدورات العامة التي تعتبر ضرورية في دعم الشاب في كيفية التعامل مع الشركات والأفراد.
وقال مندوب أسواق في شركة دواجن ماجد السدجي انه تخرج من الثانوية وبعدها بأسبوعين التحق بالكلية التقنية بقسم التسويق، وبعد التخرج جلس فترة وجيزة وقدم على وظيفة عن طريق الإنترنت بالنظر على بعض الشركات، وبعدها بأربعة أيام تم قبوله في الشركة.
واضاف ان الشركات كثيرة والمحلات في تزايد وتزداد معها الحاجة إلى التسويق، ولكن أين الشاب الجاد الذي يرغب في العمل في هذا المجال، فالجميع يرغب في وظيفة معينة ورواتب عالية. اما سامي حمدان العمري والذي يحمل الشهادة الجامعية المتوسطة من الكلية التقنية بجدة قـــســم التقنية الإدارية تخصص تسويق فيشير الى ان معاناته تمثلت بعد تخرجه من القسم وعدم حصوله على العمل في نفس التخصص.