
سمر المقرن
نشرت الصحف مؤخراً خبراً بعنوان "سيدة سعودية تحول التاكسي إلى غرفة نوم" مفاده أنها جاءت من الدمام إلى الرياض من أجل التقديم لإحدى بناتها على بعثة دراسية في التعليم العالي. السائق الهندي أبدى تعاطفه مع السيدة وابنتيها بعد أن رفضت الفنادق استقبالهن، وكان أكثر إنسانية من الأنظمة التي تمنع إقامة النساء السعوديات بالفنادق دون محرم.
كل هذا يحدث ومع ذلك نسمع أصواتاً تجهر بمكانة المرأة السعودية بأنها الوحيدة التي يتم الحفاظ عليها، لذا هي لا تتعلم ولا تعمل ولا تجري عملية جراحية إلا بموافقة (المحرم)، وشر البلية ما يضحك خصوصاً عندما نرى تلك اللافتات على أبواب المطاعم وهي تقول "ممنوع دخول النساء بدون محرم".
وكم من الأعباء التي يتحملها الرجل جراء ذلك، فهو مسؤول عنها من المهد إلى اللحد، ولا يهدأ باله إلا بعد أن يتأكد من إغلاق اللحد بالطوب والأسمنت، ولعله في تلك اللحظة يشعر بالسكينة.
من الأخبار المضحكة المبكية ما روته لي إحدى الصديقات عن رجل أخذ ابنته إلى المحكمة يريد أن يمنحها الولاية على نفسها، لأنه تعب من الإجراءات التي يقوم بها نيابة عن ابنته!
ضحكت كثيراً مع صديقتي عندما أخبرتني بأن القاضي طرد الرجل وابنته، فهذا الوزر هو مفروض عليه و ليس بمُخيّر ، لكن في الوقت ذاته كان تصرف الأب تعبيراً صريحاً على أن ابنته كائن مستقل بذاته.
ولعل المنادين بالتكافل الاجتماعي عليهم أن يتذكروا أن هناك نساء يتعذبن لأنهن لم يمنحن بعد الثقة. لدرجة أن إحداهن لا تجد مأوى في مدن بلادها سوى سيارات الأجرة وسائقيها من الهنود والبنجلاديشيين إن كانوا مثل صاحبنا الرؤوف، مع أنه حالة نادرة حيث تعودنا كنساء أن نجد الإهانة حتى من الجنسيات الآسيوية، وما أكثر ما ينادوننا بـ(حرمة).
الغريب أن الرجل الآسيوي تعود أن يرى المرأة في بلاده في أعلى المناصب، فهي رئيسة دولة وعضو برلمان ووزيرة وقاضية، فيحترمها في بلاده ولا يتجرأ أن يرفع صوته عليها كما هي المشاهد اليومية التي تصادف النساء خصوصاً مع السائقين.
وعلى أية حال أقترح في حال استمرار منع النساء من الإقامة بالفنادق أن يتم بناء صنادق حديدية على زوايا الشوارع والمطارات لتأجيرها للنساء دون محرم، ولا يمنع بعد أن يتم السماح لنا بقيادة السيارة بألا تتردد كل سيدة في شراء سيارة عائلية لتحويلها إلى غرفة نوم أثناء الرحلات الداخلية، وبذلك لن ندخل في إشكالية شرعية لأن المؤجرات والمستأجرات نساء ولا يوجد أي نوع من الاختلاط، وصدق من قال "هم يضحك وهم يبكي".
*نقلا عن جريدة "الوطن" السعودية