توظيف الشباب ..
مهن بسيطة ورواتب متدنيةمسارات متعرّجة للتوظيف

أحمد العرياني- جدة، ماجد عقيلي- جازان، خالد البلاهدي- الخبر، بندر الحمر- بريدة، تصوير: فيصل مهدي
المسارات التوظيفية التي استهدفت توفير الوظائف امام الشباب والفتيات بهدف القضاء على البطالة وفتح مجالات جديدة للتوظيف في مختلف القطاعات، الى أي مدى حققت أهدافها في توجيه الموارد البشرية الوطنية الى وظائف تناسبهم بوضع الأفراد المناسبين في الوظائف المناسبة. وما درجة اقبال الشباب عليها؟ وما درجة رضاهم عنها؟ وهل تحقق لهم الأمان والاستقرار الوظيفي والعائلي الذي ينشدونه؟ وأسئلة أخرى كثيرة تطرحها هذه القضية عن مدى جدية القطاع الخاص في توظيف شبابنا، وعن الرقابة على الشركات والمؤسسات في التزامها بالسعودة وتفعيل البرامج الرامية لإحلال العمالة الوطنية محل الوافدة.وقبل الاجابة على هذه الاسئلة استطلعت «عكاظ» آراء مجموعة من الشباب حول جدوى المسارات التوظيفية في فتح مجالات الوظائف امامهم ونوعية هذه الوظائف والى أي مدى يمكن ان تنال رضاهم الوظيفي وذلك في ضوء انطلاقة المسار التوظيفي السادس عشر في مختلف المناطق في أكثر من 70 مهنة تشمل تقنية المعلومات والادارة والمبيعات وصيانة الأجهزة المنزلية والالكترونية والمكتبية والتصوير الفوتوغرافي وصيانة السيارات والمجالات الزراعية والمهنية والحرفية، علما بأن الشاب أو الفتاة اللذين سيتم تعيينهما سيحصلان على فترة تدريب مع الحصول على راتب قدره 1500 ريال خلال فترة التدريب في حين يتحمل صندوق الموارد البشرية 50% من الرواتب في المؤسسة التي سيعمل بها المعينون بعد نهاية فترة تدريبهم.
دون الطموح
يجمع الشباب الذين استطلعنا آراءهم ان الوظائف المطروحة دون طموحاتهم رغم كل الزخم الاعلامي المصاحب للمسارات التوظيفية.
واشار معظمهم الى ان غالبية هذه الوظائف غير مناسبة لهم كما ان رواتبها غير مشجعة لهم للانخراط فيها حيث لا تتجاوز 2000 ريال فضلا على المضايقات التي سيواجهونها وتأخر الرواتب وغيرها من المنغصات.
نايف السليمان مثلا يتساءل: هل يمكن لخريج حاسب آلي ان يرضى بوظيفة عامل في مركز تجاري عن طريق هذه المسارات، مشيرا الى ان أفضل الفرص التي وجدها من بين الوظائف المعلنة هي وظيفة بائع وهي دون طموحه بمراحل كبيرة!
تخصص صحة غذائية
وعبدالرحمن اليوسف خريج صحة أغذية يرى ان ما يُعلن من وظائف في مسارات التوظيف لا يتناسب أبدا مع تخصصات عدد كبير من الخريجين.. فهل يمكن لخريج صحة أغذية ان يعمل سباكا أو حدادا، ويضيف: في كل يوم نقرأ عن حالات تسمم غذائي في المطاعم والمطابخ ونحن خريجو هذا التخصص لا وظائف لنا رغم حاجة السوق لتخصصنا هذا.
لا مجال للانتقال
وقال أحمد الفهد أنه رفض أكثر من فرصة وظيفية رغم حاجته للعمل بعد ثلاث سنوات قضاها عاطلا لأن شروط مسارات التوظيف تلزم الشخص بالعمل بعد التدريب وفيما لو وجد وظيفة أفضل فإنه لا يسمح له بترك الوظيفة التي تدرب عليها إلا بدفع مقابل التدريب وقد اشترطت عليه ذلك بعض الشركات التي أجريت له مقابلات فيها.
وظيفة اضطرارية
ويقول صالح السعد: عملت من خلال هذه المسارات التوظيفية مشرف مبيعات بأحد المراكز التجارية ورغم انها وظيفة أقل بكثير من طموحي إلا اني رضيت بها مرغما نظرا لحاجتي للوظيفة من ناحية ولأنها أفضل من ان أقضي الوقت دون وظيفة والسنوات تمضي.
زخم اعلاني
أما راشد الحمر فقد عبر عن دهشته الكبيرة للزخم الاعلامي الكبير المصاحب للاعلان عن وظائف المسارات التوظيفية الى درجة ان يتصور المرء أنها نهاية البطالة وتكون المفاجأة ان وظائفها دون مستوى الرضا الوظيفي للكثيرين ورواتبها متدنية رغم دعم صندوق الموارد البشرية لها فضلا على انها لم تأت بجديد اذ لا تختلف وظائفها عما تعلنه مكاتب العمل عادةً من وظائف وكل ما في الأمر ان مسؤولي المسارات التوظيفية في قطاع السعودة والتوظيف بالغرف التجارية يرتبون لهذه الوظائف بالتعاون مع عدد من شركات القطاع الخاص المشاركة في هذه المسارات وهو أمر جيد في حد ذاته ولكن فيما لو كانت الوظائف أفضل مما هو متاح حاليا..!
صيانة الالكترونيات
ولا يرى خالد بن عايض دورا كبيرا للمسارات التوظيفية في الحد من بطالة الشباب فمن وجهة نظره ان أغلب الذين يجرون المقابلات الشخصية للمتقدمين هم من غير السعوديين ولهم فلسفاتهم ونظرياتهم غير المقبولة ولهذا يفضل عدد كبير من الشباب البقاء في منازلهم دون الالتحاق بتلك الوظائف على أمل الحصول على وظيفة حكومية حتى ولو كانت أدنى من طموحاتهم المستقبلية ومستوياتهم الدراسية، فهو على سبيل المثال سعى جاهدا للحصول على شهادة في مجال «صيانة الاليكترونيات» وعلى الرغم من حاجة القطاع الخاص لهذا التخصص إلا أنه للأسف لم يجد الفرصة للعمل وهو وان كان حديث التخرج فإن زملاءً له من دفعات سابقة لم يجدوا الفرصة ايضا للعمل في الطقاع الخاص.. فأين الخلل؟
ورواتب متدنية
وعلى صعيد مختلف تماما يرى الشاب محمد الدوسري ان كثيرا من وظائف القطاع الخاص تحتاج الى مجهود عضلي فإذا ما توقف الشاب يتوقف الراتب البسيط الذي يحصل عليه من الوظيفة فكيف والحال كهذا يتحمل الشاب المشقة في ظل مرتب ضئيل خاصة في ظل عدم وجود ادارة قادرة على تسيير دفة العمل واعطاء كل ذي حق حقه؟! وكيف لشاب يريد ان يبني مستقبله وتكوين أسرة ان يقبل على وظائف برواتب متدنية كحارس أمن أو مراسل أو معقب بينما هو يجلس في مكتب ولا دور له سوى «الوجاهة».
يعتقد الدوسري ان التوظيف الحقيقي لن يتم مالم تقم مكاتب العمل بزيارات ميدانية للشركات لتكتشف بنفسها كيف يتم التحايل على السعودة؟!
بصورة عامة يرى هؤلاء الشباب ان الوظائف المعلن عنها في المسارات التوظيفية وظائف لا ترضيهم ولاترتقي لطموحاتهم فضلا على ذلك رواتبها المتدنية وهي بهذا النحو لا تساعد كثيرا على توفير الوظائف فضلا عن ان القطاع الخاص راغب عن توظيفهم مفضلا توظيف عمالة وافدة بأجور أدنى غير آبه للمساهمة في توظيف ابناء الوطن ولا بما يترتب على توظيف عمالة وافدة من آثار اقتصادية وانعكاسات أمنية واجتماعية وضغط على مرافق الخدمات مقدما مصالحه الشخصية وأرباحه ومكاسبه على المصالح الوطنية العليا.
وفي معرض آراء المسؤولين حول هذه القضية الشائكة اعترف ممثل قسم التوظيف بمكتب العمل بجازان ان معظم الفرص الوظيفية لا يلبي احتياجات الشباب من العمل الذي يعود عليهم بالنفع المادي لسبب رئيسي هو ضعف الشركات الموجودة في المنطقة وضعف امكانياتها التي تلائم اصحاب المؤهلات العليا كالثانوية والجامعية ودبلوم الكليات التقنية والمجتمع لأن هذه الوظائف فنية صغرى ومستوياتها ضعيفة لا تتجاوز حراس أمن وبائعي كاشير وحمالين وخلافه وبمرتبات تقل عن 2000 ريال، ولكن في المقابل تم توفير بديل جيد من خلال توفير وظائف من خارج المنطقة بحوافز مادية متميزة تتوافق مع مؤهلاتهم العلمية وخبراتهم العملية والتدريبية، مشيرا الى توفير ما يقارب 450 وظيفة خارج المنطقة لطالبي الوظائف من المسار التوظيفي السادس عشر بمرتبات تتراوح من 3 الى 5 آلاف ريال وهي رواتب جيدة ومجزية وتتوافق مع مؤهلات طالبي العمل وهو اجراء يحقق الضمان الوظيفي لهم ويخفف من مستوى البطالة لدى شباب المنطقة وهو الأمر الذي لا يوجد في شركات ومؤسسات جازان.
واضاف مغبش مغفوري بقسم التوظيف بمكتب العمل بجازان ان المتوفر حاليا من الوظائف وظائف شركة البان طرحت 112 وظيفة ما بين مهندس كهربائي ومهندس ميكانيكي «صيانة» وحلاب وفني تبريد «تكييف» ومحاسب ونجار واداري موارد ومسؤول جودة وفني لحام وفني مختبر وكهربائي أول وأمين مستودع بمرتبات تتراوح من 1600 الى 5500 ريال، اضافة الى 300 وظيفة بجدة ولكن الوظائف المتوفرة حاليا يضيف هي وظائف كاشير ونسعى لأن تكون هناك وظائف كبرى وهامة ضمن وظائف المسار حتى يستفيد منها ابناء المنطقة.
وفي جدة اوضح مسؤول التوظيف بمكتب العمل سعيد القحطاني ان عدد الشركات التي شاركت في المسار نحو 50 شركة وهناك 1300 وظيفة ولكن الاقبال كان ضعيفا لم يتجاوز 400 طالب عمل.
28 ألف متدرب
ومن جانبه أوضح مدير الإدارة العامة للتدريب المشترك و أمين مجلس التنظيم الوطني للتدريب المشترك المهندس عبدالرحمن بن سعيد السريعي ان مسارات التوظيف المقدمة لطالبي العمل وأرباب العمل عن طريق برنامج التنظيم الوطني للتدريب المشترك نبعت كفكرة من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني قبل خمس سنوات وبمشاركة وزارة العمل ممثلة بمكاتب العمل وصندوق تنمية الموارد البشرية والغرف التجارية الصناعية بالمملكة بهدف مواكبة متطلبات سوق العمل من الأيدي الوطنية المدربة وكان الدافع لوجود هذا البرنامج يأتي تمشياً مع إستراتيجية تنمية القوى البشرية الوطنية كهدف استراتيجي للدولة وقد تم تحديد المهن التي يحتاجها سوق العمل عن طريق مكاتب العمل وقامت المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بإعداد المعايير المهنية لهذه المهن بحيث يكون هناك توافق بين متطلبات سوق العمل ومخرجات البرنامج وقد حققنا ولله الحمد رضاء القطاع الخاص وكذلك رفعنا معاناة الشباب في البحث عن عمل عن طريق إحضار الشركات وطالبي العمل ولمدة أسبوعين كل مسار تدريبي في مكان واحد وترك للشباب حرية الاختيار عن طريق تدريبهم تدريباً متميزاً يجعل الجاد منهم يشق طريقه ويحقق طموحاته، مشيرا الى ان برنامج التنظيم الوطني للتدريب المشترك حقق نجاحات خلال مساراته السابقة حيث بلغ عدد من تم قبولهم بالبرنامج خلال الخمس سنوات الماضية اكثر 28 الف متدرب، كما ان هناك متابعة دائمة من وزير العمل ومن محافظ المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني رئيس مجلس التنظيم الوطني للتدريب المشترك مما يدفعنا لمضاعفة جهودنا في سبيل تلبية احتياج القطاع الخاص من الكوادر الوطنية المؤهلة،ويوجد لدى التنظيم الوطني للتدريب المشترك 18 فرعاً على مستوى المملكة بدعم من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني و مكاتب العمل وصندوق تنمية الموارد البشرية والغرف التجارية الصناعية بكل منطقة وقد ساعد انتشار وحدات المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني في كل مدينة لتوفير التدريب لأي مهنة يتطلبها سوق العمل وكذلك الإشراف والمتابعة من قبل مدربين مؤهلين للقيام بهذا الدور.
وخالف السريعي ما يقال بان وظائف مسارات البرنامح اقتصرت على مهن متواضعة وقال: ان البرنامج يقدم للقطاع الخاص 89 مهنة تشمل تقنية المعلومات ومهناً إدارية ومهناً في مجال السفر والسياحة ومهناً فنية متقدمة ومهناً حرفية وفي كل مسار توظيفي يتم عرض هذه المهن وحسب الفرص المقدمة من القطاع الخاص يتم استقطاب الشباب.
وعن دور الرقابة والمتابعة الميدانية في الوقوف على سير السعودة بالقطاع الخاص بين السريعي ان هذا الدور يقع على عاتق مكاتب العمل ولكن يجب ان نعلم انه إذا لم يكن لدى أرباب العمل الرغبة في التعاون في هذا الجانب فإن ذلك يعقد سير السعودة ويعيق سير التنمية العامة ولذا يجب ان تتضافر الجهود لتحقيق الهدف السامي الذي ينعكس إيجاباً على شبابنا، مؤكدا على ضرورة غرس حب وثقافة العمل لدى طلاب المدارس في التعليم العام عن طريق تضمينها المنهج التعليمي «المنهج بمفهومه الشامل البيت والمدرسة والمسجد». لافتا الى ان هناك قبولاً بالوظائف المطروحة لدى المنشآت التي تعطي رواتب معقولة وهناك دعم للمنشآت من قبل صندوق تنمية الموارد البشرية بما قيمته 50% من راتب الموظف وهذا يفترض ان يشجع ارباب العمل لتقديم رواتب مجزية تفي بسد احتياج أبنائنا الشباب وسوف ينعكس ذلك إيجاباً على إنتاجيتهم, حيث لوحظ ان نسبة التسرب من وظائف القطاع الخاص يعود الى المردود المنخفض للرواتب .
مشددا على عدم استطاعة الشركات القيام بالتلاعب خلال مسارات التوظيف وعن القبول الفعلي للمتقدمين أشار لوجود آلية تستخدم أثناء المقابلات الوظيفية لا تسمح بمثل هذا الإجراء وجميع المنشآت التي تتسلم ملفات المتقدمين يتم متابعتها عن طريق اللجنة المكلفة من الغرفة التجارية ومكاتب العمل والتدريب المشترك.