مرحباً بالأخ ( أبو ريناد ) ،،، تحية طيبة من الأعماق لهذا الموضوع العظيم : وبعد
يعتبر أيليا أبو ماضي شاعراً من شعراء المهجر الكبار ،، فهو إنساني النزعة ،، كما بدى واضحاً فيما اخترت له من مقتطفات
فقد شهد في أمريكا الصخب والمادية الجارفة التي تفصم وشائج الإنسانية ،، فاصطخب في نفسه صراع ،،
بين هذا الواقع الجديد الذي انغمس في غماره ،، وبين التسامي والتعاطف الإنساني والسلام الذي كان يملأ نفسه ،، وهو في الشرق
وانتصرت الأصالة الذاتية في نفسه ،، لأنها كانت ألصق بأعماقه ،، وبدت واضحة في شعره ،،
الذي اختلف عن هذا الوسط الغربي الجديد المحموم .....
وبعيداً عن العقيدة التي تحدثت عنها ،،، يعتبر ايليا ابو ماضي صاحب رسالة إنسانية ،،
يدعو إليها ويعمل في سبيلها ،، ويستغل شعره ليكون أداة ً حية تعبر عن ما يجول في خاطره من معاني عظيمة ....
ولا يكون التعبير عن وجهة النظر ،، إلا باسلوب ٍ جميل ،، يجذب فيه عواطف المستمع والقارئ ويستميلها ،،
ولنطبق على ما أتيت به من جهة إثبات مانحن بصدد الحديث عنه ألا وهو رقة اسلوبه ودماثته ،، وأناقة ألفاظه وعباراته .. :
قد سألت البحر يوما هل أنا يا بحر مِنكا
هل صحيح مارواه بعضهم عنِّي وعنكا
أم ترى مازعموا زورا وبهتانا وإفكا
ضحِكَتْ أمواجُه مني وقالت
لست أدري
أيها البحر أتدي كم مضت ألفٌ عليكا
وهل الشاطيء يدري أنه جاث لديكا
وهل الأنهارُ تدري أنها منك إليكا
ماالذي الأمواج قالت حين ثارت
لست أدري!
نلاحظ هنا في هذا النص المقتطف ،، ألفاظاً رقيقة ،، واسلوب ٌ رشيق وعذب الجرس ،،
إنه اسلوب ٌ مهجري يراعي أناقة اللفظ ورشاقة وجمال الإسلوب وعذوبته ،،
فنرى العفوية موغلة في اسئلته البسيطة ،، هل الشاطئ يدري أنه جاث ٍ لديك ؟؟
وهل الأنهارُ تدري أنها منك إليكا ؟؟ ،، ماالذي الأمواج قالت حين ثارت ؟؟
تساؤلات تبين مدى توهان من أطلقها ،، ولكنها من دون شك قمة في الرقة والسلاسة ...
إن في صدري يا بحرُ لأسراراً عجابا
نزل السِّتر عليها وأنا كُنت الحِجابا
ولِذا أزدادُ بُعداً كلّما ازددتُ اقترابا
وأُراني كلمّا أوشكت أدري
لست أدري!
نرى هنا تعبيراً لا تكلف به ولا تعقيد ،، حيث يحاول ايليا ابو ماضي شرح الفكرة المحملّة بالتساؤلات
بصورة ٍ دقيقة ،، صورة معبرة ،، تفصح عن مايشعر به من متاهات وضياع دون أن يغدق عليها من عاطفته ماتستطيع
أن تؤثر به في نفوس السامعين ....وهذا دليل ٌ واضح ٌ على مرونة اللغة لديه ،، بأساليبها وألفاظها ...