دخيلك يا الحمام ..
وهنا قمة الرجاء لهذا المخلوق الجميل الذي ما فتئ يجرح الشعراء ويثير لواعجهم منذ امرئ القيس الكندي الذي يخاطب حمامة رآها وهو على فراش الموت :
اجارتنا ان الخطوب تنوب ..واني مقيم ما اقام عسيب
اجارتنا انا غريبان ها هنا .. وكل غريب للغريب نسيب
وهذا ابو فراس الحمداني يقول :
أقول وقد ناحت بقربـي حمامـة..أيا جارتا لـو تشعريـن بحالـي
معاذ الهوى ما ذقت طارقة النوى..ولا خطرت منك الهمـوم ببالـي
أيا جارتا ما أنصف الدهر بيننـا..تعالي أقاسمك الهمـوم تعالـي
أيضحك مأسور وتبكـي طليقـة..ويسكت محزون ويندب سالـي!
لقد كنت أولى منك بالدمع مقلـة..ولكن دمعي في الحوداث غالـي
وهاهو مرضي الخمعلي يقول :
دخيلك يا الحمام اللي على خضر الغصون تنوح ..تجر النوح في هونك ..ترا قلبي فقد صبره
دخيلك وانت في نوحك وحيد ولا لك المصلوح ..تهد الصوت لا تطعن قلوب حيل منشطرة
قلوب تحصد الجروح وتقطف وردة الحسرة ..وما اجمله من تصوير فني وما امره على الشاعر وعلينا
فالحصاد والقطاف عادة يكون موسم رزق وسعادة للبشر لكنه هنا تحول الى موسم حزن ودم وهذا ما منحه شكلا مغايرا لما هو مألوف وهذا ابداع لا نستغربه في حقل مرضي الخمعلي ..
دخيلك قوم شهدني وعطني شربة الذرنوح ..واذا عني سأل قل له هذاك العاشق وقبره
نهاية مأساوية جميلة لنا كمتلقين وهاهو مرضي يصدق لنا قول المتنبي رحمه الله :
وعذلت اهل العشق حتى ذقته ..فعجبت كيف يموت من لم يعشق
ولا غرابة فكم من عاشق مات بسبب هذا العشق..
باختصار هذه حديقة غناء يا مرضي سررنا بقربنا منها فسلمت يمينك ولله درك..
تحياتي وودي..