[البحتري]

فصل ... ( المحاكاة ) ..!

كثير ما أراك تتهم بعض الشعراء او الادباء بالسرقات الادبيه .. وأراك تنفعل بشده اتجاه هذا الموضوع .. فهل تسمح لي

ان احدثك بوجهة نظري في هذا الموضوع المتكرر ..!


السرقة غاليا ما تأتي على الاشياء الحسيه المادية مثل ان نقول فلان سرقت سيارته او سرقت نقوده .

بمعنى ان هناك شئ مادي محسوس انتزع من مكانه الاصلي و ضم الى مكان غير اصلي فهل يجري هذا الشيئ في الامور

المعنويه مثل الصور الشعريه و الافكار الادبيه ؟ ..

يجوز ذلك ولكن قليل جدا .. من الصعب ان تسرق صورة ادبيه بحروفها ومعانيها

لانها مكشوفه و سهل ان يشار الى السارق بكلمة واحده هذا سارق .. فيتم القبض عليه ..

قد تقول لي أذن ماذا نفسر ظاهرة تشابه الصور الشعريه و توارد الافكار و تشابه الاساليب الأدبيه ؟

اقول لك اعتبرها فن من فنون المحاكاة ... لاتوجد عقبريه سريعه حتى في زمن السرعه لا توجد .. بل لابد للعبقري ان يمشي

خطوة خطوة .. يبدأ بالتعلم ثم ينتقل الى أسلوب المحاكاة .. ثم يخرج من السرب .. ويحط على غصن لوحده ويبدأ بالصدح والغناء

هكذا هي رويتي للعبقريه .. فلا نستعجل بالهجوم على من كانوا في اول الطريق و نتهمهم بالسرقه و نصفهم بالنشالين ..!


أمثله جميله على طريقة المحاكاة .. 1-

قال مجنون ليلى :

بكيت على سرب القطا إذ مررن بي = وقلت ومثلي بالبكاء جدير
أسرب القطا هل من يعيرني جناحه = لعلي إلى من قد هويت أطير

قال المحاكي بلهجه شعبيه :

طير يا طاير ولك جناحين = أقسم الجنحان بيني وبينك
مدني بالريش و اكتب على دين = الهوى وابن الهوى يستعينك

2- قال ابو فراس الحمداني :

اقول وقد ناحت بقربي حمامة = ألا يا جارتا لو تشعرين بحالي
معاذ الهوى ما ذقتي طارقة النوى = ولا خطرت لكي الهموم ببالي
ايضحك مأسور و تبكي طليقة = تعالي اقاسمكي الهموم تعالي

قال الحاكي :

الا ياحمامه صوتها للعرب مسموع = سلامات ما جاها من الوجد ما جاني
الا ياحمامه عليكي البكا وعلي سيل دموع = وكلن يساعد بالبكا مننا الثاني
فلاني بحزنان ولا خاطري مفجوع= ...

3-

قال ابراهيم ناجي :

أينَ من عيني حبيب ساحرٌ= فيه عزٌّ وجلالٌ وحياءْ؟
واثقُ الخطوةِ يمشي ملكاً = ظالمُ الحسنِ، شهيُّ الكبرياءْ

قال الحاكي :

يا ظالم جمالك اكشف برقعك = يا فاتن خلق الله ضيعت الجمال

لو سرنا على طريقة المحاكاة ربما تتولد الصورة الجديده و المعاني البديعه .... والعبقرية طريق طويل اوله خطوه صادقه .