أحد مهندسي النظام المالي: اسألوا البنوك عن الأزمة العالمية
وزير المال الألماني: تجاوزات الرأسمالية قد تتسبب في فوضى
رويترز ـ برلين
قال وزير المالية الألماني بير شتاينبروك إنه إذا لم يتحرك المصرفيون وكبار المديرين التنفيذيين للحد من تجاوزات الرأسمالية الحديثة فإنها قد تؤدي إلى تطرف سياسي وربما تتسبب في اضطرابات اجتماعية كبرى. وقال شتاينبروك في كلمة ألقاها في برلين أمس الأول إن الخطة الألمانية التي تبلغ قيمتها 500 مليار يورو (637 مليار دولار) لإنقاذ القطاع المالي قد تتحول إلى أداة لإثارة الضغائن إذا فقد الناس العاديون إيمانهم بالنظام القائم. وأضاف: ليس هذا الرقم وحده هو ما لا يستطيع الناس فهمه بل إنهم لا يستطيعون سبر غور ما يحدث في الأسواق المالية بهذا السيل من المنتجات المبتكرة التي لا يستطيع أحد أن يفهم أسماءها. وتابع أن الناخبين سيربطون حتما انهيار مؤسسات في القطاع المالي بأمثلة أخرى من الرأسمالية المستهترة مثل الأجور المفرطة والفساد والتهرب الضريبي، وذكر عدة فضائح ألمانية طفت على السطح مؤخرا وحظيت باهتمام إعلامي واسع، وقال: في أسوأ الحالات يمكن أن يؤدي ذلك إلى أزمة شرعية.
من جانبه قال جاك بولاك وهو آخر من بقي على قيد الحياة ممن شاركوا في مؤتمر بريتون وودز العام 1944 وأحد المهندسين الأصليين للنظام المالي العالمي الذي يعود إلى 64 عاما مضت إن النظام القديم ليس هو المشكلة وأضاف أن عدم كفاية الإشراف على البنوك وليس النظام المالي نفسه هو السبب في الأزمة المالية العالمية التي تدفع بالعالم إلى هاوية الكساد.
وقال بولاك (94 عاما) الذي حضر بريتون وودز كعضو في الوفد الألماني: المهمة الآن ليست إنشاء نظام جديد تماما يتمتع بجاذبية سياسيا ولكنه ليس ما يصفه الطبيب.
واعترف بولاك بأن التحديات التي تواجه زعماء اليوم هائلة ولكن قال إنها مختلفة تمام عن تلك التي كانت تواجه زعماء العالم في عام 1944 عندما كانت بؤرة التركيز هي خلق نظام جديد بعد الحرب العالمية الثانية.
وقال بولاك إن أزمة اليوم ستتطلب التوصل إلى إجماع على اللوائح والإشراف العالمي على الأسواق المالية فضلا عن منح اقتصادات الأسواق الناشئة دورا أكبر في صندوق النقد والبنك الدولي.
وأضاف: ينبغي أن توزع القمة (قمة العشرين) مهمة التفكير بشأن الرقابة على المسائل التنظيمية التي تمثل أهمية بالغة، ثم تأتي المسألة الأخرى وهي ما الذي ينبغي أن نفعله بشأن إعطاء دولار ملائم للهند وروسيا والصين.
ومع انحسار نفوذ صندوق النقد وتحول اهتمامه إلى الدول النامية والناشئة حيث رتب صفقات إنقاذ كبيرة في الأزمة المالية الآسيوية في عامي 1997 و1998، وكرر هذا الدور في الأزمة الحالية بمد يد العون لأيسلندا والمجر وأوكرانيا.
وقال بولاك الذي كان من كبار الاقتصاديين في صندوق النقد طوال ثلاثة عقود إن الاقتصادات الناشئة يجب أن تتمتع بسلطة تصويت أكبر في مجلس الصندوق المؤلف من 24 عضوا، وذكر أنه ينبغي لدول اليورو أن تدمج مقاعدها الثمانية في مقعد واحد لإفساح مكان للآخرين.
كما قال إنه تم تحذير الحكومات بل وحتى الآن جرينسبان الرئيس السابق لمجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) بشأن الأزمة المالية المتفاقمة ولكنهم لم يصغوا. وأضاف: الاتجاه العام للإدارة الأمريكية الحالية كان الاعتقاد بأن هذه الأمور تتلاشى من تلقاء نفسها وأنه ينبغي للحكومة أن تظل بعيدة عن المسألة كلها لكن اتضح أن هذا خطأ قاتل.
ورأى أن صندوق النقد الدولي نفسه ليس منزها عن الخطأ فهو لم ينصت لكل النصائح التي قدمت له، ولا يزال بولاك يذهب لمكتبه في مقر صندوق النقد بواشنطن أربعة أيام في الأسبوع.