80 % زيادة في الأراضي.. وأرقام فلكية للشقق
كبح غلاء الإيجارات السكنية في الشرقية بتعدد الأدوار وتطوير مخططات المنح

خالد البلاهدي ـ الخبر
سجلت زيادة أسعار الإيجارات في المنطقة الشرقية أعلى مستوى بالمملكة وبلغت خلال الأشهر الثلاثة الماضية من العام الحالي في مدينتي الخبر والدمام نسبة مرتفعة فاقت نسبة الزيادات المقررة رسميا بـ5% وظهرت حركة الأسعار المرتفعة في مختلف الأحياء على الرغم من التوسع العمراني وظهور وإنشاء مبان سكنية وأحياء جديدة. وقد وصل إيجار الشقة الواحدة المكونة من غرفتين ومجلس إلى 25 ألف ريال فيما وصل إيجار الشقة 3 غرف ومجلس إلى 33 ألفا، وتراوحت الأسعار في الأحياء الجديدة في ضواحي مدينتي الخبر والدمام ما بين 35 و40 ألف ريال. أما أسعار إيجارات الفلل فقد سجلت قفزة كبيرة لاسيما الحديثة منها وتجاوزت 150 - 190 ألف ريال ويرغب معظم أصحاب العمائر السكنية الجديدة في تأجيرها للمؤسسات والمستثمرين ورجال الأعمال أو المستفيدين من تعويض سكن عال من جهات عملهم بمبالغ تتراوح مابين 200 - 300 ألف ريال.
ووفق عدد من أصحاب المكاتب وملاك العمائر أن زيادة الطلب تتركز على الأحياء الجديدة "الجسر، الخزامى، العليا، الجوهرة، الصفا، المريكبات، الفيصلية، الهدى" مبينين أن أسعار الشقق في الأحياء الجديدة في الوقت الحالي تتراوح بين 25و 35 ألف ريال للشقة وفي الأحياء القديمة تتراوح بين 20و 25 ألف ريال تقريبا.
إيجارات خيالية
وقال عبدالرحمن التميمي "عقاري" إن ارتفاع أسعار إيجارات الشقق يعود إلى اختلاف الأشكال الجمالية والموقع والمساحة وطريقة التصميم ودفع القيمة.. مبينا أن المبالغ التي يطرحها ملاك العمائر والفلل السكنية لدى المكاتب لا تتناسب مع الواقع وكأنهم يعيشون في خيال للوصول إلى مستويات سعريةغير واقعية، موضحا أن هناك مكاتب عقارية تعمل على رفع الأسعار لزيادة النسبة التي يحصلون عليها.
واستطرد قائلا: يجب أن تكون هناك دراسة من قبل الجهات ذات العلاقة المعنية بهذا الخصوص لمعرفة من وراء رفع الأسعار كذلك تحديد نسبة معينة سنويا مثل المعمول به في دولة الإمارات العربية المتحدة بهدف الحد من عملية الارتفاع بطريقة عشوائية وتعسفية كما ظهر مع بعض ملاك العقارات الذين بالغوا كثيرا في رفع الإيجار بنسب تتجاوز 80%.
وأرجع عبدالعزيز بدر الدويش المدير العام لإحدى المجوعات العقارية، ارتفاع قيمة تأجير الشقق السكنية في الفترة الأخيرة لزيادة الطلب وتقيد أصحاب العقارات بأسعار وضعوها في عقولهم بعيدا عن حساب التكلفة على عدد السنين حيث أن صاحب العقار يرى أنه لابد من إدخال قيمة تكلفة البناء في فترة زمنية بسيطة قد لا تتجاوز 5 سنوات وهذا أدى لرفع قيمة العقارات في الشرقية بالإضافة إلى عوامل أخرى ذات صلة مثل ارتفاع أسعار الحديد ومواد البناء والأيدي العاملة.
هيئة عقارية
وطالب الدويش بتكوين هيئة تشرف على القطاع العقاري السعودي وتسعى لتنظيمه والإسراع في وضع أنظمة وتشريعات خصوصا نظام الرهن العقاري من أجل أن لا تتحول الفجوة الكبيرة بين العرض والطلب في المساكن السعودية من فرصة استثمارية كبيرة إلى أزمة إسكانية حادة يصعب حلها، لافتا أن أسعار الشقق قفزت إلى أسعار خيالية لدرجة أن شريحة كبيرة من الشباب السعودي أصبح همه البحث عن شقة سكنية تؤويه فقط بدلا من البحث عن منزل مستقر وذلك بسبب رفع القيمة الشرائية، أضف إلى ذلك أن التسهيلات التي تطرحها البنوك المحلية لا تتطابق مع وضع السوق فالبنك يعطي سيولة عقارية (50) راتبا فهي بذلك لا تكفي حتى لشراء شقة سكنية مقارنة برواتب أغلب الشباب السعودي الراغبين في تملك منزل أو شقة سكنية.
ارتفاع الأراضي ومواد البناء
أما يوسف بن عبدالمحسن التميمي مدير إحدى المجموعات العقارية فقد أرجع أسباب الزيادة في أسعار الإيجارات بشكل غير طبيعي إلى ارتفاع أسعار الأراضي خلال سنة بنسبة 80% تقريبا، وارتفاع أسعار مواد البناء بنسبة تزيد عن 150%. وكذلك ندرة العرض أمام الطلب الكبير.
وأضاف من الصعب أن تقوم أية جهة أو هيئة من خلال التحكم في السوق العقاري بتحديد نسبة الزيادة السنوية، وذلك لاختلاف أسعار الوحدات السكنية من منطقة إلى أخرى ولاختلاف مواصفات وتشطيب الوحدات السكنية واختلاف أسعارها، وغالبا ما يكون الطلب على الإيجارات في مناطق أكثر من غيرها من المناطق الأخرى مما يؤدي إلى اختلاف في نسب الزيادة في الإيجارات، وهذا الأمر يجعل فكر تحديد نسب الزيادة في أسعار الإيجار أمرا صعبا.
وأردف قائلا: إن قلة تطوير المخططات الحكومية "المنح" ساهمت في رفع الإيجارات وأسعار العقار في المنطقة الشرقية التي لا تتوفر فيها خدمات كافية.. مبينا أنه لو تم توفير هذه الخدمات لأقبلت عليها فئة كبيرة من الناس وساهمت في زيادة العرض والحد من الزيادة في أسعار الإيجارات.
وتوقع التميمي بعد خفض أسعار الحديد تزايد حركة البناء وبدورها زيادة العرض لتلبية الطلب المتزايد.
وبين أن تطوير الوضع العقاري في المنطقة لا يتحقق إلا بتطوير المخططات الحكومية "المنح" وتوفير الخدمات اللازمة لها وزيادة القروض السكانية سواء عن طريق الصندوق العقاري أو الصناديق الأخرى لمساعدة المواطن على تملك السكن وبالتالي تخفيف نسبة الطلب على الإيجار.
السماح بتعدد الأدوار
من جانبه أكد الخبير العقاري مسفر المرزوقي أن السماح ببناء أكثر من دورين في بعض الأحياء الجديدة في الدمام والخبر والظهران سيساهم بشكل كبير في توفير المعروض وحل الأزمة الإسكانية على مستوى الشقق السكنية، وتخفيض أسعار الأراضي وبذلك يتم استيعاب الزيادة الكبيرة في الطلب.
وطالب البنوك والشركات والمؤسسات العقارية بتسهيل إجراءات طرح منتجات تمويلية طويلة الأجل وبنسب ربحية قليلة لتسهيل التملك وخفض أسعار الإيجارات الملتهبة.. مبينا أنه في الوقت الراهن يقف الحصول على منزل أو شقة سكنية عائقا أمام الراغبين فيها وذلك لضعف التسهيلات التي تقدمها البنوك مقارنة بالأسعار الخيالية للشقق السكنية حيث يحصل البنك أو الشركة العقارية على أرباح تفوق قيمة العطاء وعلى عدد سنوات لا تقل عن (20) سنة وهذا أمر غير منطقي أبدا ولا يخضع لضوابط ومتابعة من الجهات ذات العلاقة.
آلية لتنظيم العقار
ويرى عايض البلاهدي مدير إحدى المجموعات العقارية أن أهم الأسباب التي ساعدت في ارتفاع أسعار الإيجارات السكنية بصورة مبالغ فيها خلال الفترة الماضية زيادة الطلب على العرض وعدم وجود آلية لتنظيم سوق العقارات، والغلاء في قيمة الأراضي التي ارتفع بعضها، كما ساعد في ذلك الارتفاع في قيمة مواد البناء كالإسمنت والحديد والكابلات والمواد الصحية وأيضا ارتفاع أجرة العمال.
وطالب البلاهدي بتكوين هيئة عليا للعقار لتنظيم شؤون صناعته وتقنينها وضبطها.. مبينا أن عدم وجود جهة ترعى الجانب العقاري بشكل كامل ساهم في كثرة الشكاوى المنظورة في المحاكم دون أن توجد أنظمة واضحة أو عقود موحدة لتكون دليلا إرشاديا للمحاكم يساعدها في الفصل في هذه القضايا بشكل سريع، إضافة إلى عدد آخر من المشكلات.