شائت الأقدار أن تحط بي الرحال إلى بلاد الضباب لندن كان هذا عندما كنتً صغيراً
مكثت في لندن قرابة الشهرين كانت كفيلة بتغيير نمط التفكير لدي بالكامل منذ الوهلة الأولى وعندما حطت بنا
الطائرة في مطار هيثرو شاهدت التنظيم الجميل ومنظر أصطفاف التكاسي بالخارج وفقاً للقوانين المعمول
فيها فلم أجد مثلاً شخصاً يستقبلك في المطار ويقول لك حياك الله أوديك أي مكان وعندما تسأله هل تملك سيارة
أجرة يقول لك نعم وما أن تخرج معاه حتى يقول أنا على باب الله وهذي سيارتي الخاصة أوديك أي مكان
تبي بالمبلغ اللي تبيه وما أن تركب معه في السياره حتى يكشر عن أنيابه ويقول لك أنه سيأخذ أكثر من
المبلغ المتفق عليه !
في الطريق إلى الفندق أناس ملتزمون بقوانين المرور فلم يأتي مجنون يقود بسرعة جنونيه
وكأنه مايكل شوماخر في حلبات السباق لضيئ علينا بالضوء العالي في أشارة إلى طلب إفساح الطريق له
وكأن الشارع ملكاً لأباه لا الجميع يقودون بهدوء بل أنه ما لفت نظري عدم أستخدام أبواق السيارات نهائياً
لأن الجميع ملتزم بالقوانين ..
وصلنا إلى الفندق مكثنا فيه صباح اليوم التالي دفعنا ما علينا من مبالغ مستحقه وغادرنا
ومن سوء الحظ ولعدم ألمامنا بمدينة لندن وقعنا بالمحظور بأن سكنا في شارع أسمه الأجورود هذا شارع
ملئ بالأخوه العرب ..
أخذني أخي بنزهه في شوارع لندن والحقيقه أنني ذهلت من منظر أشبهه بالغرابه نحن
نعلم أن لدينا متسولين منتشرين في شوارعنا لكن متسولين لندن غير المتسول هناك يضع قدح أمامه
أما أن تراه صبغ وجهه وغيره إلى شكل مهرج ويقوم بعمل حركات بهلوانيه تذهلك تريد أعطائه
تضع في القدح أن لم تريد أعطائه فهو لا يجبرك ولا يدخل في أخلاقك مثلما يحصل لدينا هكذا أما مهرج أو
رجل فضاء أو غازف كمان ..
منظر لحديقة الهايد بارك
عموماً ذهبنا إلى حديقة يطلق عليها أسم هايد بارك الهايد بارك
منتزه أستخدمه البعض بأذن الشرطه إلى ليتم تحويله إلى منبر
يتم التحدث فيه عن مواضيع شتى أدبية سياسيه ثقافيه بمنتهى
الحرية وما عليك سوى الأختيار لمن تصغي الكل وضع درج وصعد إلى الأعلى من فوق الدرج يخاطب الجماهير
الواقفه في ذلك المكان بهدوء إلا الأخوة العرب في ذلك اليوم وقعت معركة شرسة بين جمع من الكويتيين
والعراقيين لأنه كان هنالك شخص يدعى عبدالزهرة وهو عراقي كان يكيل الشتائم والأهانات للكويتيين
فما هي إلا لحظات إلا ودارت معركة شرسه أستخدمت فيها أنواع جميع أنواع الجواتي والغنادر
أعزكم الله عموماً لم يتغير رأيي في فكرة حديقة الهايد بارك رغم الأحداث المزعجه والمحرجه التي
قام بها الأخوه العرب ..
في صباح اليوم التالي ذهبنا لزيارة مكان يسمى متحف الشمع هو مكان يتم
فيه تصنيع الدمى على شكل شخصيات معروفه في الطابور وقفت لأقص التذكره الكل واقف في مكانه
بدون تخطير أو سب وشتم دخلنا وألتقى فينا شخص بريطاني أخذنا بجولة تطوعية ليشرح لنا
عن الأحداث التاريخية عن الأمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس والحقيقة أنني لم أكن ملم باللغة الأجنبية
بقدر ما كان أخي يتقنها فقد تحدث ذلك الشخص بأريحية عن كل الأحداث التي واكبت قيام مملكة أنجلترا بعدما ترجم لي أخي مال قاله ذلك البريطاني ..
بل وأطلعنا على الطريقة التي كان يعدم فيها الخصوم السياسيين للملوك وهي المقصلة بمشهد
واقعي حيث يضعون دمية على شكل أنسان ثم يسحب الحبل لتسقط المقصله على رأس الضحية وتراه يتدحرج
أمامك الحقيقه أن ذلك المشهد أزعجني كثيراً وبقيت مدة كثيرة وأنا أفكر..فيه
لندن زو هي حديقة الحيوانات أعزكم الله ذهبنا إليها كانت قمة في الترتيب
والنظافة ولا أريد أن أحلف أن الحيوانات التي كانت في الحديقة حيوانات أكابر ليسوا مشفوحين مثل الحيوانات التي في الحدائق العربية
تقف عندها معك خبز أو رقائق ذرة تريد أن ترمي بها أهلاً وسهلاً لا تريد هي حيوانات تلتزم اماكنها ولا تتحرك
عموماً صادف وجودنا وفد من مدرسة أنجليزية جاء لزيارة الحديقة أطفال ومعهم مشرفين المدّرسة تشرح للأطفال
عن نوعية الغذاء الذي يأكله الفيل وكيف يعيش كأنها تشرح لشبان بالغين وهم منصتين ويطرحون الأسئله لا أعرف
لماذا تذكرت المدرسين في وطننا العربي كم شكى منهم طفل أكل ضرب قد شعر راسه خرجنا من الحديقة
وأنا لدي ألف علامة أستفهام على ما شاهدت هم أناس يهتمون بأبسط التفاصيل ويحاولون أن يجعلونك
تخرج من الحديقة وأنت راضي عنهم عموماً أنا مبهور للتعامل الذي وجدته من أداراتها..
واكب وجودنا هناك أزمة سياسيه بسبب حدث قام به وزير المالية البريطاني الذي قام بأختلاس
مبلغ وقدره 4000 باوند وهي قرابة العشرين ألف ريال لكي يمكن زوجته من الأنجاب بمستشفى
خاص يضمن لها عدم برزو الكرش بعد الولادة كان ذلك الحدث ملقي بضلاله على الشارع البريطاني
انتهت المشكلة بعدما تأسف الوزير من الشعب وقدم أستقالته وتحول إلى النيابه !..
ذهبت إلى أحدى المكتبات المجاورة فوجدت ملايين الكتب ما أن تدخل حتى يتسقبلك موظف مسؤل
ويمشي معك تختار كتاب فيعطيك نبذه مختصرة عنه الحقيقة أنني شاهدت كتاب وضع عليه من
غلافة الخارجي صورة تسيئ إلى رئيس الوزراء في ذلك الوقت أعتقد أنه كان جون ميجور كان الكتاب بماثبة
فضائح ذكرها الكاتب في كتابه عن جون ميجور بشكل مهين سألت أخي كيف يبيعون الكتاب فقال أمش ولا تكثر كلام ..
بعدما عدت إلى بلدي تولد لدي شعور غريب وتغير فكري وأصبحت محبط جداً والحقيقة تحمست للمجتمع الغربي أنا
صدمت صدمة ثقافية لم أفيق منها إلا على أصوات القنابل التي ألقيت على أفغانستان عام 2001 وتسببت بمقتل آلاف
المدنيين الذين ليس لهم لا ناقة ولا جمل في تلك الحرب وتلى تلك الصدمة وهي القشة التي قصمت ظهر البعير وهي حرب
العراق عام 2003 التي أذيق عبرها ملايين البشر العذاب أشكال ألوان هنا تغيرت قناعاتي ولا تلوموني على هذا التغير
الكبير عندما زرت لندن كنت صغيراً وأنطلت علي فكرة الحرية المزيفة أن الدولة التي زرتها لديها القدرة على احتواء
المجتمع الذي يعيش فيها وإيهامه بأنها دولة متقدمه وتحافظ على القيمة الأنسانيه وبنفس الوقت لديها القدرة على قتل
وتدمير البشر في الجانب الآخر .. آسف على الإطاله ودمتم بود ..