* حكمه وإنجازاته في الفترة الثانية: بعد أن أفرجت السلطة في مصر عن فيصل بن تركي بعد معاهدة لندن عام 1840، وبعد أن تغيرت الظروف الدولية وفي مقدمتها تحجيم سيادة محمد على باشا في ولاية مصر فقط، رجع فيصل إلى حائل عند صديقه الحميم عبد الله بن رشيد ومنها بعث بالرسائل إلى أمراء البلدان والزعماء وشيوخ القبائل ولقي من معظمهم كل ود وترحيب ومساعدة، فبدأ في استعادة المناطق التي تتكون منها الدولة السعودية الأولى في المنطقة الشرقية ومنطقة الخليج بالإضافة إلى ولاء منطقة عسير وبواديها. وقد توفي الإمام فيصل بن تركي في الرياض في 1865.
* عبد الله بن فيصل ( ـ 1889): تولى عبد الله بن فيصل الحكم بعد وفاة والده الإمام فيصل بن تركي في 1865، إثر مبايعة عامة وخاصة.
نظم عبد الله بن فيصل أمور الدولة بعد وفاة والده مباشرة لكن لم يمض عام على توليه الحكم حتى خرج عليه أخوه سعود الذي كان يطمح في الوصول إلى سدة الحكم وإزاحة أخيه عبد الله الإمام الشرعي للدولة السعودية الثانية.
وعلى الرغم من التأييد الذي لقيه الإمام عبد الله من النجديين ضد أخيه فقد قام سعود بدوره بجمع الأتباع والمؤيدين ودارت بين الطرفين المتصارعين عدة وقعات لكنها لم تكن فاصلة لتحديد الأمور ووضعها في نصابها، بل ظل الصراع القائم في أخذ ورد، وقد أثر الخلاف بين الأخوين في وضع الدولة السعودية الثانية، إذ بدأت الدولة في التمزق والانحلال فطمع فيها العثمانيون فسلخوا المنطقة الشرقية عن جسم الدولة وطمع بها آل الرشيد فسيطروا في نهاية الأمر على البلاد النجدية كلها.
* عبد الرحمن بن فيصل بن تركي ( ـ 1928): الإمام عبد الرحمن هو والد الملك عبد العزيز آل سعود مؤسس الدولة السعودية الحديثة. اتصف بالتدين، والاعتدال، والعدل والشجاعة في القتال،
وقد عايش المشهد الأخير من مأساة سقوط الدولة السعودية الثانية إبان الفتنة بين أخويه عبد الله وسعود، وما نجم عنها من ضياع الدولة السعودية الثانية التي كان الإمام عبد الرحمن آخر أئمتها.
تمكن عبد الرحمن بن فيصل من تكوين قوات في المنطقة الشرقية من العجمان وآل مرة وغيرهم حارب بها العثمانيين في الأحساء، بقصد إخراجهم منها بعد أن استولوا عليها من الدولة السعودية الثانية، في أعقاب حملة مدحت باشا عام 1871، ولكنه اخفق في مسعاه. وقد تولى عبد الرحمن بن فيصل الحكم في الرياض بعد أن بايعه الأهالي فيها بالإمارة عقب وفاة أخيه سعود ابن فيصل الذي كان يحكم الرياض وقتذاك، وبذا يكون الإمام قد تسلم الحكم مبايعة في 1875، واستمر في الحكم سنتين. وكان أخوه الأكبر عبد الله بن فيصل حينذاك بعيدا عن الرياض عاصمة الدولة السعودية الثانية. ولما عاد إلى الرياض عام 1876، تنازل له عبد الرحمن بعد أن استتب له الأمر، إلا أن ذلك لم يستمر طويلا، حيث اخذ أبناء أخيه سعود يحرضون عليه القبائل ويحاربونه حتى تمكنوا من هزيمته وإلقاء القبض عليه ثم سجنه، مما فتح الباب لتدخل محمد بن عبد الله الرشيد في شؤون الرياض مباشرة، فاخرج الإمام عبد الله من سجنه وولى على الرياض من قبله سالم السبهان ثم فهاد الرخيص، واصطحب معه الإمامين عبد الله وعبد الرحمن إلى حائل. ولما اشتد المرض بالإمام عبد الله أذن لهما بالعودة إلى الرياض التي كان قد ازداد نفوذ آل رشيد فيها كثيرا عما كان عليه في أول الأمر. بايع الناس في الرياض أخاه عبد الرحمن، فاعتقل عبد الرحمن سالم السبهان حاكم آل رشيد على الرياض، لأنه كان يدبر مذبحة لآل سعود، فزحف ابن الرشيد بقواته من حائل صوب الرياض ليعالج ما حدث هناك، وحاصرها مدة شهر أو يزيد. ولما صمدت المدينة بزعامة عبد الرحمن وقواته، طلب ابن الرشيد من سكان المدينة إرسال وفد للتفاوض حول الصلح، فجاءه وفد مكون من محمد بن فيصل أخ عبد الرحمن، والشيخ عبد الله بن عبد اللطيف، ومعهما الفتى عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود، فاتفقوا على أن تكون العارض تابعة لآل سعود بزعامة عبد الرحمن بن فيصل على أن يطلق سراح سالم السبهان، فأطلق سراحه في عام 1890، ورحل إلى حائل.
ولكن الأمور لم تستقم لآل سعود على النحو المطلوب، فقرر ابن رشيد أن ينهي المقاومة السعودية فزحف بجيش قوي نحو الرياض، واشتبك ضد قوات عبد الرحمن في وقعة حريملاء عام 1891، فانهزمت قوات عبد الرحمن، فعاد ثانية إلى البادية وظل هو وابنه هناك مدة سبعة اشهر حتى أذنت لهما الدولة العثمانية بالإقامة في الكويت، وانتقل آل سعود الذين كانوا وقتها في قطر برئاسة عبد الرحمن إلى الكويت عام 1892، وعاشوا فيها. وقد شارك عبد الرحمن الشيخ مبارك الصباح في حروبه ضد آل الرشيد في وقعة الصريف في 7 مارس 1901.
* عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود (1876 ـ 1953): ولد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود في مدينة الرياض ونشأ تحت رعاية والده، ولما اشتد عوده تعلم مبادئ القراءة والكتابة على يد الشيخ القاضي عبد الله الخرجي من علماء الرياض ثم قرأ على يد الشيخ محمد بن مصيبيح، كما درس جانبا من أصول الفقه والتوحيد على يد الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ الذي أعد لعبد العزيز كراسا دينيا جمع فيه بعض مسائل الفقه والتوحيد بالإضافة إلى المعارف الثقافية الأخرى التي اكتسبها بالخبرة والاحتكاك بالآخرين خصوصا ببعض العلوم العصرية التي استقاها من خلال المتابعة والمذاكرة والمناقشات.
ولع الملك عبد العزيز بالفروسية وركوب الخيل منذ صباه وعرفت عنه حركته الكثيرة وتنقله السريع وكان حازما ذكيا متفوقا على أترابه شجاعا جريئا مقداما يجمع في طبيعته روح الحرب وروح السلم يعالج الأمور بحكمة وحنكة ودراية ويتحلى ببراعة سياسية لا يرقى الشك إليها وكان يتمتع بخلق قويم وإرادة نافذة بعيد المطامح طويل الروية وظل يعتقد أن الاستعداد للأمر ودراسته هما الوسيلتان للنجاح فهو جندي ظافر تقي ورع جواد سخي مهذب لطيف المعشر ورقيق المعاملة في المجالات الاجتماعية.
* استرداد ملك الآباء والأجداد: يأتي مشروع توحيد البلاد العربية السعودية في مقدمة أعمال الملك عبد العزيز ومنجزاته، فقد حاول دخول الرياض عام 1901 في الوقت الذي كان فيه الشيخ مبارك الصباح شيخ الكويت ومعه الإمام عبد الرحمن بن فيصل يحاربان بن الرشيد في وقعة الصريف، وقد انهزمت القوات الكويتية في تلك الوقعة وترتب على ذلك عدم تحقيق هدف الملك عبد العزيز آل سعود في استرداد الرياض من آل رشيد عاصمة آبائه وأجداده.
حاول عبد العزيز استرداد الرياض مرة أخرى في عام 1902، وكانت هذه المحاولة أكثر رسوخا وأدق تخطيطا. وقد نجح الملك عبد العزيز في هذه المرة من استرداد الرياض من عجلان أمير آل الرشيد بعد قتله واستسلام الحامية الرشيدية في 15/1/1902، ونودي بأن الملك لله ثم لعبد العزيز آل سعود. وبهذا الحدث التاريخي بدأ ظهور الدولة السعودية الحديثة وقيامها وريثة شرعية للدولتين السعوديتين الأولى والثانية ومن ثم بدأ تاريخ الملك عبد العزيز آل سعود كمؤسس أول وحقيقي لتلك الدولة.
* المبايعة وتوحيد البلاد: تسلم الملك عبد العزيز مقاليد الحكم والإمامة بعد تنازل والده الإمام عبد الرحمن بن فيصل له عن الحكم والإمامة في اجتماع كبير عقد بالمسجد الكبير بالرياض بعد صلاة الجمعة عام 1902.
شرع عبد العزيز يوحد مناطق نجد تدريجيا فبدأ بتوحيد المناطق الواقعة جنوب الرياض بعد انتصاره على بن الرشيد في بلدة الدلم القريبة من الخرج، فدانت له كل بلدان الجنوب، الخرج والحريق والحوطة والأفلاج وبلدان وادي الدواسر.
ثم توجه الى منطقة الوشم وحارب بن الرشيد وانتصر عليه ودخل بلدة شقراء ثم واصل زحفه صوب بلدة ثادق فدخلها أيضا ثم توجه الى منطقة سدير ودخل بلدة المجمعة. وبهذا الجهد العسكري تمكن الملك عبد العزيز من توحيد مناطق الوشم والمحمل وسدير وضمها إلى بوتقة الدولة السعودية الحديثة.
تابع الملك عبد العزيز مشروعه لتوحيد البلاد فتمكن من توحيد منطقة القصيم وضمها إلى الدولة السعودية الناشئة بعد أن خاض مجموعة من الوقعات الحربية ضد بن الرشيد وأنصاره العثمانيين.
استعاد الملك عبد العزيز آل سعود منطقة الأحساء بكاملها عام 1913، قبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى ورحلت الحاميات العثمانية التي كانت موجودة فيها إلى البصرة
يتـــــــــــــــــــــــــــــــــــبع