وقفة مع بيت في القصيدة ذكر الشيخ مشعان في أحد أبياته في قصيدة الشيخة :
لابد مـا حنـا لابانـات زوار = بأسلاف عجلات تعدى المظاهير
ونجد الشيخ مشعان بن هذال قد وفى بكلامه هنا وأتى الى أبانات وانتصر في هذه المعركة على قبيلة مطير ومن معها والشاهد قوله في الابيات التالية حيث أكد ما قاله في قصيدته :
الله يا يوم جـرى عنـد ابانـات = تتشهد عليـه محَّيـوة والزبايـر
منهم خذينا غالي ذودهم بالملاقاة = وعوضتهم عقب البيوت الحظاير
شرهوا على مرتع بكار العمارات = وش عذرنا من دون شقح العشاير
من دمهم روينا السيوف الرهيفات = يوم صالت الخيلين والعج ثايـر
أبانات وهي منطقة في القصيم وان صح التعبير جبال ، وهنا الشيخ مشعان يتهول من ذلك اليوم وما حدث فيه ، وذكر أنه تشهد عليه محيوة وهي جبل في تلك المنطقة والزباير المرتفعات التي هناك تشهد أيضا ..
ثم يقول أخذنا منهم أغلى مالديهم من ذود بالملاقاة أي على ساحة المعركة وليس حيافة ، وعوضتهم أي أعدائه الذين هزمهم بالحضاير..
و البدو بعدما يخسرون كل ممتلكاتهم من ابل وبيوت يسكنون مع الحاظرة بالبيوت التي يبنونها وتسمى العشيش يعني الصنادق يبنونها من سعف وخشب وخلافه هذا اللي يقصده انهم أي أعداؤه بعد ماكانوا يسكنون بيوت الشعر صاروا يسكنون العشيش..وهذا بسبب هزيمتهم من مشعان وقبيلة عنزة..
ثم يقول أنهم طمعوا على المرتع الذي ترتع فيه بكار العمارات أي إبل قبيلة العمارات ، ثم يقول وأنه ليس لديه عذر من دون شقح العشاير وشقح العشاير هي النياق العشراء ذات اللون الاشقح وهو الابيض..
ثم ينهي قوله بأنه روى من دمهم السيوف المتعطشة عندما صالت الخيول والعج ثار اي ثار غبار المعركة من كر الخيول وفرها..
وهنا يتبين لنا وقوف الشيخ مشعان بن هذال عند كلمته ووفى ماقاله في قصيدة الشيخة..
كما يجب التنويه أن البيت الثاني يروى على هذا النحو عند منديل الفهيد:
منهم خذينا الشرف هن والزحيفات = وعوضتهم عقب البيوت الحظاير
والشرف كما ذكر هي إبل الدوشان شيوخ قبيلة مطير..
والزحيفات إبل الشيخ إبن سعيد شيخ قبيلة الدغيرات من شمر ..
وإن كنت أرى أن الرواية الاولى أصح لانها غالي ذودهم أي أذوادهم المشهورة ..
* أسباب مناخ العمار :
هو ماحصل لمطير من هزائم عند عودة مشعان بن هذال من الشمال ومن معه من قبائل عنزة وذلك في أمكان متعددة في مورد الدجاني وبالقرب من الثمامي ناحية حفر الباطن وذلك مذكور في قصيدة الشيخة والقصيدة التي تليها في أبانات فأرادت مطير أن تناوخ عنزة مرة أخرى ولكنها هزمت مرة أخرى ومن ثم في مناخ العمار وهزمت هزيمة قاسية لدرجة أن شعرائها قالوا أبياتا في ذلك ...
وبعد هذه الاحداث استقرت العمارات مدة ليست طويلة وحصل ما يسمى مناخ العمار وهو أن مطير برئاسة فيصل بن وطبان الدويش وعنزة وهم العمارات فقط برئاسة مشعان بن مغيليث بن هذال تناوخوا في العمار وكان مسلط الرعوجي مجاور لمطير ومتزوج منهم وأعطوه مطير الابل التي طلبها في قصيدته المذكورة الا أنه ساقته الحمية على ربعه ووقف بجانب مشعان بن هذال وانتصرت عنزة في هذا المناخ وقال أحد شعراء مطير عندما ذبح مسلط حصان المطيري :
لا واحصاني بجل ذودي شريتـه = عند الرعوجي رش به مرتع الذود
ليت الرعوجي يوم جاني نخيتـه = حيث الفهد له عادة يرفـع العـود
وهذه تفاصيل قصة الرعوجي في احداث مناخ العمار :
عندما كان مسلط الرعوجي عند الدويش ومجاور لمطير اتى شخص اسمه جريس المطيري وهو انسان شجاع وله زوجه حكيمة ومدركة ، ولعلم جريس أن مناخ العمار سوف يحصل بين عنزة ومطير ولعلمه أن مسلط الرعوجي سيقف بجانب مشعان لان الحمية ستسثيره ويقف مع قبيلته لانه كان على خلاف مع نسيبه مشعان بن هذال ، فقرر أن يأخذ نياق مسلط التي اعطيت له من الدويش ، فنصحته زوجته وقالت له لاتأخذ الناقة التي عليها الدلال حيث ان صاحبها يفادي دونها وكانوا البادية يضعون على الناقة الغالية من نوادر الابل ريش نعام ويسمونها أم دويك وهذا دليل على علو منزلة هذه الناقة عند صاحبها وفي أحد غزوات جريس قالت له زوجته هذه الابيات تنصحه وتحذره عن أخذ تلك الناقة المشار اليها فتقول :
يا جريس لاتغريك بالنوق الاطماع = ولا تأخذ أم دويك لو هي وحدهـا
يجيك راعيها مـن النـزل فـزّاع = حليـل بنـت تـو زمـة نهدهـا
يجيك فوق مشمرٍ وقـم الاربـاع = خطراً على غوجك تخمـه بيدهـا
بالجنب مصقول وبالكـف لمـاع = يقطع ظماك وهي بحامي جهدهـا
وقالت أيضا تنصحه من أخذ نياق مسلط الرعوجي :
يا جريس غوجك كن حدراً تتله = تراه يكبي بك الى نشف الريـق
يجيك شغمـوم يراعـي لضلـه = من صلب لابه للمراجل عشاشيق
ثم أن جريس لم ياخذ كلام زوجته على محمل الجد فذهب هو وقومه أغاروا على ابل لقبيلة عنزة في أحد الطرادات بينهم ، وساقوا بعضها ولكن جريس لفت انتباه ابل اخرى فشذ عن قومه ، واغار على الابل الاخرى فكانت هي ابل مسلط الرعوجي فساق الناقة التي وصفتها زوجته وهو لم يدري ان مسلط مجاور لابله فلحق بجريس ونصحه أن يخلي الناقة ولكنه لم يقبل نصيحته فبرز جريس لمسلط وقال يمدح حصانه ويهدد مسلط :
الغوج من در العرابا مساقيه = ولو تبين خشم صارة طمرها
نبغي عليه الذود نأخذ نواديه = مع ضف شيخ للمتلي قهرها
فرد عليه مسلط يجاوبه :
الذود دونه صاحبه سارح فيـه = شغموم يرعى فاطره عن خطرها
مستنجب مثل الوضيحي تباريـه = عريانة الساقيـن فتـر ظهرهـا
تركض على جنب وجنب أداريه = وتعطي لمذلوق العريني نحرهـا
مضرابها بالقاع تسقى الرسل فيه = وتشدا حتاتيل القصيمة حفرهـا
ثم أن الرعوجي حمل على جريس فطعن حصانه وقتله ولم يطعن جريس فتشطر الرعوجي عنه فوقف جريس عند جثة حصانه ،وعندها عرف أحد فرسان قبيلة عنزة أن هذا مسلط الرعوجي عندما ذبح حصان المطيري وقد انضم الى الشيخ مشعان بن هذال ضد مطير وهو نسيبهم وقال جريس المطيري الابيات السابقة :
لا واحصاني بجل ذودي شريتـه = عند الرعوجي رش به مرتع الذود
ليت الرعوجي يوم جاني نخيتـه = حيث الفهد له عادة يرفـع العـود
وثم منع مسلط جريس أي اسره فضحك جريس فقال له الرعوجي مايضحكك فأخبره بالابيات التي قالتها له زوجته عندما نصحته من اخذ نياق مسلط ، فتركه الرعوجي واعطاه خيل وناقة لزوجته ، وهذه من الشيم التي تحدث في المناخات ..
ملاحظة : يقول البعض أن مسلط توفى العام 1180هـ وهذا كلام خاطىء بل هو لم يمت في هذا التاريخ وعاش وعاصر مناخ العمار وعاشر الشاعر محسن الهزاني الذي كانت حياته من 1160هـ-1240هـ وجميع تواريخ تحديد الوفاة كانت اجتهاد تقريبي لذلك جرى التنويه..
وبعدها عندما اخذ الطراد والكر بين عنزة ومطير ، دارت الدائرة على مطير وهزمت في مناخ العمار وقيلت قصائد من شعار مطير هذه تفاصيلها :
وقال الشيخ سحلي بن سقيان أحد مشايخ مطير في قصيدة يرثي فيها أخوه الشيخ سحيل بن سقيان الذي قتل في المناخ :
أخوي وداه الدويش للعمـارات = يوم المناخ اقفوا ولا عودوا بـه
اخوي ليته حي يذكر ولا مـات = ليت الطروش اللي لفوا بشروا به
اخوي من كسبه عشاير وخلفات = يقضي بها يوم المصاريف نوبه
اخوي نجره يسهر الليل ما بات = قدام ربع سيروا وخضبـوا بـه
فكاك ربعه في نهـار الملاقـاة = وجلوبة اللي ماحصل له جلوبـه
الى ذكرته هلت العين عبـرات = وفقده على قلبي غدا لي عقوبـه
وقال الشاعر ونيان العواي المطيري يرثي فيها ابناء شقيقه الذين قتلوا في المناخ :
يالعين لاتبكيـن بدحـة وعمـار = إعزي عن الغالي سوات الرجالي
مار أطلبي مولاك جلاب الامطار = اللي يعوض الى غدى كل غالـي
ولا لي حسايف عقب ماشبت النار = بوضحٍ تشادي الريم تزهى الدلالي
وصفرٍ تجاذبها الحوايم على الدار = صفرٍ يشـادن الهشيـم البوالـي
وقال أيضا عندما أصيبت فرسه في المعركة :
ياسابقـي خليتهـا بالبـلادي - عيت تعانق بالمقاد المظاهيـر
غدت بيومٍ غادياً فيـه غـادي - مشعان حامي دنها والمثابيـر
ظربتها حوض المنايا عمادي - ماجوبها عندي ملاقا المشاهير
يبكي جوادي جل ذودي تلادي - شقحن يشادي سنمهن البواصير
وهنا الشاعر يرثي فرسه ويذكر أنها غدت وراحت بيوم ليس لها ، ويثني على الشيخ مشعان بن هذال بقوله حامي دنها والمثابير وهذا من الصدق والشيم اعتراف الخصم بقوة خصمه...
هذا ماحدث في مناخ العمار1239هـ ومن قبله معركة أبانات وهو مايفسر لنا مناخ الشماسية سنة 1240هـ الذي ذكره لنا الاخ الفاضل ابن ضلعان في موضوع مستقل والذي إنتصر به الشيخ مشعان بن هذال إنتصار مهول وحارب قبيلة مطير التي هزمت ومن ثم إستعانت بعساكر الاتراك والمغاربة وحامياتها التابعة للدولة العثمانية بالاضافة إلى قبيلة حرب بقيادة شيخها إبن مضيان وتم هزيمتهم وقتل سعدون بن فراج الدويش أحد مشائخ مطير وقيادي الحامية والبقيشي وهروب من إنهزم..
وسلامتكم