فضُل الحِلم والاناهـ
بسم الله الرحمان الرّحيم
فضل الحلم وذم الغضب الغضب غريزي في الإنسان فلا يُذَم ولا يُمدَح إلا من جهة آثاره، فمن غضب وكظم غضبه وغيظه مُدح، ومن غضب فثار وتصرف تصرفًا شائنًا نتيجة الغضب كان مذمومًا بقدر ما وقع منه من تصرف. فإذا أمر الشارع إنسانًا ألا يغضب، فالمراد هو ألا يتصرف نتيجة الغضب، وليجعل رائده العقل المنضبط على ميزان الشرع. فيتذكر دائمًا قوله تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)) (آل عمران:133-134). وقوله تعالى: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) (الأعراف:199) . ومعنى الآية: تقبل ما تيسر من أخلاق الناس، وأمُرهم بالمعروف شرعًا، وأعرض عمن سفه عليك وتحمق منهم. وقوله تعالى: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت:34) . ومعنى ولي حميم: صديق مخلص.. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأَشَجِّ عبد القَيْس: (إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة) (رواه مسلم) . وعن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، أو ما لا يعطي على ما سواه) (رواه مسلم) . وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رجلاً قال للنبي - صلى الله عليه وسلم: أوصني قال: (لا تغضب) فردد مرارًا، قال: (لا تغضب). (رواه البخاري) . وعنه - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (ليس الشديد بالصرعة (الصرعة: الذي يصرع الناس ويغلبهم] إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب). (متفق عليه عند البخاري ومسلم [منهل الواردين ص423]. وعن حميد بن عبد الرحمن عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قال رجل: يارسول الله أوصني. قال: (لا تغضب) قال ففكرت حين قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال، فإذا الغضب يجمع الشر كله). (رواه أحمد ورواته محتج بهم في الصحيح [الترغيب والترهيب ج3 ص455]. وعن سلمان بن صرد - رضي الله عنه - قال: (استب [تشاتم] رجلان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعل أحدهما يغضب ويحمر وجهه، وتنتفخ أوداجه. فنظر إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: (إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ذا [ذا: اسم إشارة. أي لذهب هذا الغضب]: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) فقام إلى الرجل رجل ممن سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: (هل تدري ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آنفا؟ [سابقًا] قال: لا. قال إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ذا: لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. فقال الرجل: أمجنونا تراني؟) [تراني: تظنني] . رواه البخاري ومسلم. هذه سقطة من هذا الرجل الذي اشتد غضبه حتى لم يقبل نصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم -، ولذلك قال كثير من العلماء: إن هذا الرجل كان منافقًا، أو هو نافق بهذه الكلمة… وجاء في حديث رواه الترمذي وحَسَّنه أن النبي صلى الله عليه وسلم - قال: (ألا وإن الغضب جمرة في قلب ابن آدم، أما رأيتم إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه؟ فمن أحس بشيء من ذلك فليلتصق بالأرض) [المراد فليجلس لتهدأ ثورته وتذهب حدته: أي فليغير الوضع الذي هو عليه. أ.هـ. من الترغيب والترهيب ج3 ص451]. وقال الحسن في الغضب: يا ابن آدم. كلما غضبت وثبت، ويوشك أن تثب وثبة فتقع في النار. وقال خيثمة: كأن الشيطان يقول: كيف يغلبني ابن آدم، وإذا رضي جئت حتى أكون في قلبه، وإذا غضب طرت حتى أكون في رأسه؟ وكتب عمر بن عبد العزيز إلى أحد عماله: لا تعاقب رجلاً عند غضبك عليه، بل احبسه حتى يسكن غضبك، فإذا سكن فأخرجه فعاقبه على قدر ذنبه، ولا تجاوز به خمسة عشر سوطًا.. وقال علي بن زيد (أغلظ رجل من قريش لعمر بن عبد العزيز القول، فأطرق عمر زمانًا طويلاً، ثم قال أردت أن يستفزني الشيطان بعز السلطان فأنال منك اليوم ما تناله مني غدًا) [إحياء علوم الدين ص1639]. وسب رجل ابن عباس، فلما فرغ، قال ابن عباس: يا عكرمة، هل للرجل حاجة فنقضيها، فنكس الرجل رأسه واستحى. وقال رجل لعمر بن عبد العزيز، أشهد أنك من الفاسقين، فقال عمر: ليس تقبل شهادتك. وقال محمود الوراق: سألزم نفسي الصفح عن كل مذنب **** وإن كثرت منه علي الجرائم وما الناس إلا واحد من ثلاثة **** شريف ومشروف ومثل مقاوم فأما الذي فوقي فأعرف قدره **** واتبع فيه الحق والحق لازم وأما الذي دوني فإن قال صنت عن **** إجابته عرضي وإن لام لائم وأما الذي مثلي فإن زل أو هفا **** تفضلت، إن الفضل بالحلم حاكم دمتم بخيييييييييييييييير منقول طبعا |
رد: فضُل الحِلم والاناهـ
ابو احمد الله يعطيك العافيه على الحضور الجميل والنقل الاجمل
|
رد: فضُل الحِلم والاناهـ
الله يعافيك يابو شجاع
ومرور اعتز به بلا شك |
الساعة الآن (02:31 AM) |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
شركة استضافة:
استضافة
رواد التطوير
مايكتب في هذا المنتدى لايعبر بالضروره عن وجهة نظر ادارة الموقع وانما يعبر عن وجهة نظر كاتبه