البحتري
15/08/07, (05:48 PM)
أبو فراس الحمداني
( 320 هـ / 932 م ـــ 357 ه / 968 م )
الحارث بن سعيد بن حمدان التغلبي : أمير شاعر فارس وهو ابن عم سيف الدولة . كان الصاحب بن عباد يقول : (( بدئ الشعر بملك وختم بملك )) يعني ( امرأ القيس و أبا فراس ) .
وله وقائع كثيرة ، قاتل بها بين يدي سيف الدولة وكان سيف الدولة يحبه ويجله ويستصحبه في غزواته ويقدمه على سائر قومه وقلده منبج وحران و أعمالهما فكان يسكن بمنبج ( بين حلب و الفرات )
ويتنقل في بلاد الشام . وجرح في معركة مع الروم فاسروه سنة 351 هــ فامتاز شعر في الأسر ( برومياته ) وبقي في القسطنطينية ثم فداه سيف الدولة بأموال عظيمة وله ديوان شعر .
أضواء على روميات أبي فراس
كما عرف العرب ( المعلقات ) عرفوا ( أعتذاريات النابغة ) و ( حوليات زهير ) و شقت طريقها إلى عالم الشهرة أيضا ( السيفيات ) وهي القصائد التي قالها المتنبي في مدح سيف الدولة
و ( الروميات ) هي القصائد التي قالها أبو فراس في أثناء أسره ببلاد الروم حيث أسرته الروم في بعض وقائعها وهو جريح ونقل الى ( خرشنة ) ثم ( القسطنطينية ) وتطاولت مدته لسبب أو لآخر
وكانت تصدر أشعاره في الأسر عن صدر حرج وقلب شج يزداد رقة ولطافة وتبكي سامعها وتعلق بالحفظ لسلاستها .
الأمير الأسير
عندما دخل أبو فراس في الأسر حجرته المظلمة الضيقة المنافذ أنشد يقول :
إن زرت خرشنة أسيرا = فلكم حللت بها مغيرا
من كان مثلي لم يبت = إلا أميرا أو أسيرا
ليست تحل سراتنا = إلا الصدور أو القبورا
رسالة إلى سيف الدولة من وراء القضبان
وطالما صاح أبو فراس بابن عمه في ظلمة الليل وهو يقول :
دعوتك للجفن القريح المسهد = لدي وللنوم القليل المشرد
وماذاك بخلا بالحياة وإنها = لأول مبذول لأول مجتد
ومازل عني أن شخصا معرضا = لنبل العدا إن لم يصب فكأن قد
هو وقومه
كثيرا مايشعر الإنسان بمرارة الغربة فلا يملك إلا الشكوى و العتاب
وإني و قومي فرقتنا مذاهب = وإن جمعتنا في الأصول المناسب
فاقصاهم أقصاهم من مساءتي = وأقربهم مما كرهت الأقارب
غريب وأهلي حيث ما كر ناظري = وحيد وحولى من رجالي عصائب
استعطاف
وكتب إلى سيف الدولة يستعطفه وهو في سجنه ويدعو له :
دع العبرات تنهمر انهمارا = ونار الشوق تستعر استعارا
اتطفا حسرتي وتقر عيني = ولم أوقد مع الغازين نارا
أقمت على الأمير وكنت ممن = تعز عليه فرقته اختيارا
الأسير و الحمامة
وعلى القرب منه كانت حمامه تنوح على شجرة فأ شجأه الصوت وذكر كل شي يخفق في قلبه وما هي إلا هنيئة حتى أنشد :
أقول وقد ناحت بقربي حمامة = أيا جارتا لو تشعرين بحالي
معاذ الهوى ما ذقت طارقة النوى = ولا خطرت منك الهموم ببال
أيا جارتا ما انصف الدهر بيننا = تعالي أقاسمك الهموم تعالي
تعالي ترى روحا لدي ضعيفة = تردد في جسم يعذب بالي
أيحمل محزون الفؤاد قوادم = على غصن نائي المسافة عالي
أيضحك مأسور وتبكي طليقة = ويسكت محزون ويندب سالي
لقد كنت أولى منك بالدمع مقلة = ولكن دمعي في الحوادث غالي
حنين إلى الأم
ويحن إلى أمه التي رعته أحسن رعاية بعد موت أبيه وأعدته ليكون فارس بني حمدان فيقول :
لولا العجوز بمنبج = ما خفت أسباب المنيه
ولكان لي عما سألـــ = ت من الفدى نفس أبيه
لكن أردت مرادها = ولو انجذبت إلى الدنية
يا أمتا لاتحزتي = وثقي بفضل الله فيه
يا أمتا لاتيأسي = لله ألطاف خفية
أوصيك بالصبر الجميــ = ل فأنه خير الوصيه
خيال المحبوبة
من أجمل قصائد اللوعة و الحنين قصيدته التي يقول فيها :
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر = أما للهوى نهي عليك ولا أمر
بلى أنا مشتاق وعندي لوعة = ولكن مثلي لايذاع له سر
إذا الليل أضواني بسطت يد الهوى = واذللت دمعا من خلائقه الكبر
تكاد تضئ النار بين جوانحي = إذا هي أذكتها الصبابة و الفكر
سلا الأمير أباكما
وكتب إلى ( أبي المعالى ) و ( أبي المكارم ) : ابني سيف الدولة يطلب منهمها أن يسألا أباهما فداءه
ياسيدي أراكما = لاتذكران أخاكما
أوجدتما بدلا به = يبنى سماء علاكما
أوجدتما بدلا به = يفري نحور عداكما
من ذا يعاب بما لقيــ = ت من الورى إلا كما
عودة الأسير
يقول المؤرخون : بعد خلاص أبي فراس من أسره ، بعام واحد توفي سيف الدولة في عام ( 356 هــ ) وخلفه ابنه
سعد الدولة أبو المعالى عند أذن سول لأبي فراس طموحه أن يقتطع (( حمص )) من المملكة ويستقل بها فأوفد
أبو المعالي إلى حمص قائده ( قرعويه ) حيث تغلب على أبي فراس وقتله وهو لم يتخطى السادسه و الثلاثين
آخر ما قاله أبو فراس
ذكر أن آخر ماقال من شعر وهو في سكرات الموت
أبنيتي لا تجزعي = كل الأنام إلى ذهاب
نوحي على بحسرة = من خلف سترك والحجاب
قولي إذا كلمتني = فعييت عن رد الجواب
زين الشباب أبوفرا = س لم يمتع بالشباب
وبعد ،........
فنحن أمام بطل من أبطال الحمدانيين ، أستيقظت فيه شاعريته منذ مطلع شبابه ، واتجه الى الغزل و الفخر بأسرته والاعتداد بشجاعته
وغنائه في الحروب هو وآله ، وقراعهم لكتائب الروم وغير الروم ، وفخره يمتلئ بالحيوية لأنه يصور واقعا لا وهما من أوهام الخيال
وخير أشعاره (( رومياته )) التي نظمها في أسره والتي كان يرسل بها إلى سيف الدولة معاتبا لتقاعسه عن فدائه وهي تمتلئ
بالحنين إلى الأهل و الشكوى من الأهل و الرفاق ومن روائعه قصيدته التي بعث بها إلى أمه وهو بارع في تصوير أحاسيسه ومشاعره .
ودمتم بخير
( 320 هـ / 932 م ـــ 357 ه / 968 م )
الحارث بن سعيد بن حمدان التغلبي : أمير شاعر فارس وهو ابن عم سيف الدولة . كان الصاحب بن عباد يقول : (( بدئ الشعر بملك وختم بملك )) يعني ( امرأ القيس و أبا فراس ) .
وله وقائع كثيرة ، قاتل بها بين يدي سيف الدولة وكان سيف الدولة يحبه ويجله ويستصحبه في غزواته ويقدمه على سائر قومه وقلده منبج وحران و أعمالهما فكان يسكن بمنبج ( بين حلب و الفرات )
ويتنقل في بلاد الشام . وجرح في معركة مع الروم فاسروه سنة 351 هــ فامتاز شعر في الأسر ( برومياته ) وبقي في القسطنطينية ثم فداه سيف الدولة بأموال عظيمة وله ديوان شعر .
أضواء على روميات أبي فراس
كما عرف العرب ( المعلقات ) عرفوا ( أعتذاريات النابغة ) و ( حوليات زهير ) و شقت طريقها إلى عالم الشهرة أيضا ( السيفيات ) وهي القصائد التي قالها المتنبي في مدح سيف الدولة
و ( الروميات ) هي القصائد التي قالها أبو فراس في أثناء أسره ببلاد الروم حيث أسرته الروم في بعض وقائعها وهو جريح ونقل الى ( خرشنة ) ثم ( القسطنطينية ) وتطاولت مدته لسبب أو لآخر
وكانت تصدر أشعاره في الأسر عن صدر حرج وقلب شج يزداد رقة ولطافة وتبكي سامعها وتعلق بالحفظ لسلاستها .
الأمير الأسير
عندما دخل أبو فراس في الأسر حجرته المظلمة الضيقة المنافذ أنشد يقول :
إن زرت خرشنة أسيرا = فلكم حللت بها مغيرا
من كان مثلي لم يبت = إلا أميرا أو أسيرا
ليست تحل سراتنا = إلا الصدور أو القبورا
رسالة إلى سيف الدولة من وراء القضبان
وطالما صاح أبو فراس بابن عمه في ظلمة الليل وهو يقول :
دعوتك للجفن القريح المسهد = لدي وللنوم القليل المشرد
وماذاك بخلا بالحياة وإنها = لأول مبذول لأول مجتد
ومازل عني أن شخصا معرضا = لنبل العدا إن لم يصب فكأن قد
هو وقومه
كثيرا مايشعر الإنسان بمرارة الغربة فلا يملك إلا الشكوى و العتاب
وإني و قومي فرقتنا مذاهب = وإن جمعتنا في الأصول المناسب
فاقصاهم أقصاهم من مساءتي = وأقربهم مما كرهت الأقارب
غريب وأهلي حيث ما كر ناظري = وحيد وحولى من رجالي عصائب
استعطاف
وكتب إلى سيف الدولة يستعطفه وهو في سجنه ويدعو له :
دع العبرات تنهمر انهمارا = ونار الشوق تستعر استعارا
اتطفا حسرتي وتقر عيني = ولم أوقد مع الغازين نارا
أقمت على الأمير وكنت ممن = تعز عليه فرقته اختيارا
الأسير و الحمامة
وعلى القرب منه كانت حمامه تنوح على شجرة فأ شجأه الصوت وذكر كل شي يخفق في قلبه وما هي إلا هنيئة حتى أنشد :
أقول وقد ناحت بقربي حمامة = أيا جارتا لو تشعرين بحالي
معاذ الهوى ما ذقت طارقة النوى = ولا خطرت منك الهموم ببال
أيا جارتا ما انصف الدهر بيننا = تعالي أقاسمك الهموم تعالي
تعالي ترى روحا لدي ضعيفة = تردد في جسم يعذب بالي
أيحمل محزون الفؤاد قوادم = على غصن نائي المسافة عالي
أيضحك مأسور وتبكي طليقة = ويسكت محزون ويندب سالي
لقد كنت أولى منك بالدمع مقلة = ولكن دمعي في الحوادث غالي
حنين إلى الأم
ويحن إلى أمه التي رعته أحسن رعاية بعد موت أبيه وأعدته ليكون فارس بني حمدان فيقول :
لولا العجوز بمنبج = ما خفت أسباب المنيه
ولكان لي عما سألـــ = ت من الفدى نفس أبيه
لكن أردت مرادها = ولو انجذبت إلى الدنية
يا أمتا لاتحزتي = وثقي بفضل الله فيه
يا أمتا لاتيأسي = لله ألطاف خفية
أوصيك بالصبر الجميــ = ل فأنه خير الوصيه
خيال المحبوبة
من أجمل قصائد اللوعة و الحنين قصيدته التي يقول فيها :
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر = أما للهوى نهي عليك ولا أمر
بلى أنا مشتاق وعندي لوعة = ولكن مثلي لايذاع له سر
إذا الليل أضواني بسطت يد الهوى = واذللت دمعا من خلائقه الكبر
تكاد تضئ النار بين جوانحي = إذا هي أذكتها الصبابة و الفكر
سلا الأمير أباكما
وكتب إلى ( أبي المعالى ) و ( أبي المكارم ) : ابني سيف الدولة يطلب منهمها أن يسألا أباهما فداءه
ياسيدي أراكما = لاتذكران أخاكما
أوجدتما بدلا به = يبنى سماء علاكما
أوجدتما بدلا به = يفري نحور عداكما
من ذا يعاب بما لقيــ = ت من الورى إلا كما
عودة الأسير
يقول المؤرخون : بعد خلاص أبي فراس من أسره ، بعام واحد توفي سيف الدولة في عام ( 356 هــ ) وخلفه ابنه
سعد الدولة أبو المعالى عند أذن سول لأبي فراس طموحه أن يقتطع (( حمص )) من المملكة ويستقل بها فأوفد
أبو المعالي إلى حمص قائده ( قرعويه ) حيث تغلب على أبي فراس وقتله وهو لم يتخطى السادسه و الثلاثين
آخر ما قاله أبو فراس
ذكر أن آخر ماقال من شعر وهو في سكرات الموت
أبنيتي لا تجزعي = كل الأنام إلى ذهاب
نوحي على بحسرة = من خلف سترك والحجاب
قولي إذا كلمتني = فعييت عن رد الجواب
زين الشباب أبوفرا = س لم يمتع بالشباب
وبعد ،........
فنحن أمام بطل من أبطال الحمدانيين ، أستيقظت فيه شاعريته منذ مطلع شبابه ، واتجه الى الغزل و الفخر بأسرته والاعتداد بشجاعته
وغنائه في الحروب هو وآله ، وقراعهم لكتائب الروم وغير الروم ، وفخره يمتلئ بالحيوية لأنه يصور واقعا لا وهما من أوهام الخيال
وخير أشعاره (( رومياته )) التي نظمها في أسره والتي كان يرسل بها إلى سيف الدولة معاتبا لتقاعسه عن فدائه وهي تمتلئ
بالحنين إلى الأهل و الشكوى من الأهل و الرفاق ومن روائعه قصيدته التي بعث بها إلى أمه وهو بارع في تصوير أحاسيسه ومشاعره .
ودمتم بخير