طارق الثبيتي
03/04/07, (03:41 PM)
بعد أربعين عاماً من العطاء
ميادين المحاورة تودع فارسها صيّاف الحربي
http://www.alyaum.com/images/12/12341/476915_1.jpg
فجعت الساحة الشعبية وساحة شعر المحاورة تحديدا مطلع الأسبوع الماضي بوفاة الشاعر الكبير صياف بن عواد الحربي الذي انتقل الى رحمة الله صباح يوم الأحد الفائت بعد معاناة طويلة مع المرض بدأت بإصابته بفشل كلوي قبل ثمانية أعوام قام على إثرها بعملية زراعة للكلى في باكستان لم يكتب لها النجاح طويلا إضافة الى معاناته قبل ذلك مع مرض السكر , وقد صلي عليه بالمدينة المنورة ودفن بها عصر يوم الأحد بحضور جمع كبير من أبناء قبيلة حرب ومحبي الفقيد الذين حضروا لأداء الصلاة عليه من مختلف مناطق المملكة .
امضى صياف أكثر من أربعين عاماً في ميادين شعر المحاورة قارع فيها كبار الشعراء وعرف على مستوى واسع بقوة شعره وصلابته أمام خصومه وقدرته الفائقة على حبك المعاني وصياغة الأبيات بجزالة وإحكام , وجاء في سيرته الذاتية التي أوردها مؤلف ديوان صياف حمود القصيري الحربي الصادر عام 1420 أنه عاش في كنف والده ورعايته الخاصة ، حيث توفيت والدته وهو طفل صغير , وكان أبوه صاحب إبل وأغنام يتنقل بها في مراتع البادية ثم يعود أحياناً لمزرعته التي تقع في وادي النقيع ليحصد محاصيلها ويبيعها في أسواق المدينة ، حيث كانت هذه المزرعة تسقى بطريقة «البعل» أي على مياه الأمطار. وقد كان صياف يرافق والده في هذه الرحلات. ويجلس معه في مجالس القرية، ويحضر معه محافل الشعراء وتسامرهم في المناسبات الاجتماعية ، حيث كان والده يعشق الشعر ويحفظه ، لكنه لا يقرضه , وقد أثرت تلك المسامرات ومخالطة الشعراء في نفس الطفل الصغير صياف فأخذ يصغي لها ويحفظ أبياتاً يرددها مع والده بعد نهاية الحفل، ويحاول تقليد شخصيات الشعراء والقائهم للقصايد ، فكان يعجب السامعين ويطربهم ، لكنه الاعجاب المغلف بالشفقة والعطف على هذا الطفل اليتيم , فيطلبون منه ترديد بعض القصائد ويشجعونه ويصفقون له.
وعن شعره أورد القصيري أن صياف قال عن نفسه : (أحسست بالشعر قبل أن أتلفظ به حينما كنت صغيراً ، فتقليد الشعراء وحفظ أشعارهم مهـَّد لدي طريق صنع البيت ، أما المعنى فكان صعب المنال في البداية ، وقد كنت أمارس هذه الهواية بين أقراني في المساء عندما نتسامر(. وبدأ صياف اثبات ذاته الشعرية حينما امتحنه شاعـر كبير من اقربائه يدعى «مهـَيـْل بن سهو السحيمي» كان من أشهر شعراء القبيلة آنذاك ، سمع بخبر شاعرية صياف فأراد تأكيدها فوّجه إليه بيتاً على طرق المحاورة في مجلس والد صياف الذي لم يعرف أن ولده يقول الشعر، وقد كان الحاضرون من كبار السن من جماعته ، لكن صيافاً قد أحس بالحرج خصوصاً وهو صغير بين كبار ينتظرون منه رداً بحجم عقلية وخبرة شاعرهم «مهـَيـْل».
يقول صياف: (سكت خجلاً لكن الرد قد حضر مبكراً وقد انتظرت الفرصة وعندما خفـَت ضوء النار في المجلس الذي كان هو مصدر الإضاءة حينذاك فقلت للشاعر: اسمع الرد. وبعدما انتهيت نظر لوالدي بإعجاب وقال إن ابنك صياف سوف يكون شاعراً مقتدراً)
وذكر القصيري أن صياف بدأ تجربته الشعرية وبخاصة شعر المحاورة من 1382هـ ، حيث كان يحضر الحفلات التي تقام في المدينة المنورة وفي 1384هـ التحق بقطاع الحرس الوطني بالرياض، وقد أتيحت له الفرصة للإختلاط بشعراء المحاورة أمثال المعـَنـَّى البقمي الذي كان مشهوراً في المنطقة وغيره من الشعراء.
وبعد ذلك انتقل إلى منطقة نجران، وهناك تعرّف على بعض الشعراء مثل الشاعر فيصل العتيبي , وإلى جانب ذلك تعرف على شعراء المنطقة الجنوبية ليضيف لثقافته الشعرية ألواناً من الفنون الجنوبية الصعبة التي أفادته كثيراً.
بعد ذلك انتقل إلى مدينة جدة في عام 1389هـ، واستقر بها ليحل شاعراً جديداً على حلبات المحاورة في منطقة الحجاز التي تعد مهد هذا الفن وتعج مدنها وقراها بمقارعات الشعراء ومنتدياتهم أمثال : عبدالله المسعودي، ومحمد الجبرتي، ومحمد بن تويم، ومطلق الثبيتـي رحمهم الله، ومعيض العجي ومستور العصيمي وغيرهم، وقد لمع نجمه بينهم ليحتل مكانته الكبيرة بشهادتهم فأصبح يشار إليه بالبنان.
لكنه عرف على مستوى المملكة والخليج منذ عام 1397هـ بعد اشتراكه في حفل التراث الذي أقامته جامعة الرياض «الملك سعود حالياً» مع مجموعة من شعراء المحاورة ، منهم أحمد الناصر وخلف بن هذال ومستور العصيمي ومطلق الثبيتـي رحمه الله وعبدالله المسعودي رحمه الله وجار الله السواط ومحمد بن تويم رحمه الله ومحمد الجبرتي رحمه الله , وقد برز صياف الحربي في هذا الحفل بروزاً مشهوداً عـَرّفه بالجمهور بشكل جيد ومال الشعراء الكبار للعب معه.
امتاز شعر صياف – والكلام هنا لمؤلف ديوانه حمود القصيري الحربي - بسلاسة العبارة المقترنة بقوة المعنى ، ومشهود له بحسن الرد ، فلم يضعف رده أبداً منذ بدايته حتى آخر محاورة له ، ولا يتأثر بشخصية خصمه بل عرف عنه أنه يقوى إذا وقف أمامه شاعر كبير , وقد استفاد من متابعة الشعر والشعراء وحبه الاطلاع على ما يقع بين يديه من كتب مما انعكس على شخصيته فعرف عنه قوة الألفاظ ورصانة العبارة ، كلماته منتقاة وهو ذكي لماح وصاحب خاطر جريء ، ولا يتميز صياف بموهبته الشعرية فقط ، لكنه يتميز بدماثة أخلاقه وهدوئه الملحوظ أثناء المحاورة ، فلا ينفعل بسرعة ولا يميل إلى المهاترات ، فأصالة الأدب تكمن في روحه ولا يحب اللغو في القول, وهذه الصفات والمزايا لا تتوافر إلاّ في الشاعر الذي يثق في موهبته ويحترم نفسه ويحترم الآخرين. مما جعله يحظى بعلاقات طيبة مع زملائه الشعراء ومزيد من الاعجاب والتقدير من الجميع.
وعن آراء كبار شعراء المحاورة في الفقيد قال الشاعر مطلق الثبيتي رحمه الله :
( صياف الحربي شاعر كبير ارتاح للعب معه فهو أستاذ وماهر في شعر المحاورة ويتميز بالذكاء والفطنة وسرعة البديهه , إذا ضاق عليه المعنى لا يخرج من الملعبة بل يستمر إلى أن يجد مخرجأ , فهو يجاري الشاعر الخصم مهما بلغت قوته ومن الصعب إحراجه من أي شي شاعر , فهو شاعر كبير بما تعنية هذه الكلمة ).
أما مستور العصيمي فقال : ( أنا عرفت الشاعر صياف الحربي منذ وقت طويل وحاورته كثيرأ وهو شاعر ذكي جدا ومتمكن ومتطور حتى وصل إلى القمة , وشاعر خلوق لا يحب الاخطاء ولا يرضاها على نفسه , ولا يخرج عن معنى الشاعر الخصم إلا عندما يخرج الشاعر المقابل عن حدود الأدب والاخلاق أو المعنى المفيد , وقد خدم صياف شعر المحاورة خدمة جليلة , فهو تلميذ لأساتذة كبار تعلم منهم اصول هذا الشعر وأساسياته , فأخذ منهجهم حتى أصبح رمزاً من رموز شعر المحاورة )
كما قال الشاعر رشيد بن زيد الزلامي : (صياف بن عواد الحربي سطع نجمأ بين عدة نجوم من شعراء الرد واستمر يعلو ويبرز حتى اعتلى قمة شعر الرد , حلو اللفظ وسهل العبارات قوي المعنى سريع الفطنة والإدراك واقعي في المحاورة
محبوب لدى الشعراء والجمهور متجدد وعطاؤه لا حدود له , وأسهم إسهاماً عظيماً في تنشيط حركة شعر المحاورة , وأتمنى أن يستفيد منه الشعراء الشباب فهو معلم واستاذ وقدير وله منهج مرغوب لا يحب خلق المشكلات مع خصمه , فهو نموذج يحتذى في هذا المجال من الشعر الشعبي )
وعنه قال الشاعر فيصل الرياحي : ( يعتبر صياف الحربي من أعلام شعر الرد في الخليج العربي بل أبرزهم في الوقت الحاضر يمتاز بهدوء ورزانة وتروي وفطنة قلما تجدها في غيره , أقول أنه لن يتكرر وحسب اعتقادي فإن تاريخ شعر المحاورة لن يلد شاعرأ بمستوى صياف الحربي فهو مدرسة خرجت الكثير من شعراء المحاورة البارزين اليوم على الساحة , وأنا منهم ولا زلنا كل يوم نستفيد من هذا الشاعر اسلوباً جديداً ومنهجاً يحتذى به , وليت متعلمي هذا الشعر يدرسون شخصيته ويمثلون منهجه كي يصلوا لما يتمنون )
وبعد رحيل الشاعر صياف الحربي قال الشاعر فلاح القرقاح :
http://www.alyaum.com/images/12/12341/476915_3.jpg
آخر لقاء جمعني بالشاعر صياف الحربي رحمه الله كان في احتفالات المغترة بالمنطقه الجنوبية , وبصراحه فبداياتي كانت مع صياف وانطلاقتي الحقيقية معه , وله فضل كبير علي حيث أنه أول من أشاد بي أمام الجمهور ورحيله خسارة كبيرة ونحن حزينون على فراقه.
http://www.alyaum.com/images/12/12341/476915_2.jpg
وقال مشرف الشعر الشعبي بجريدة المدينة عبدالله الفارسي:
رحم الله صياف رحمة وواسعة وأسكنه فسيح جناته , آخر لقاء لي معه كان قبل ثلاث سنوات ومن المواقف التي اتذكرها له هو اعتزازه بنفسه حيث أنه أول ما تعرض للأزمة الصحية ذهبت لزيارته في منزله وعرضت عليه أن نكتب عنه موضوعاً لكي تتبرع له الشخصيات المحبة له ورفض صياف ذلك , وقال إن عنده القدرة على أن يعالج نفسه عندما يجد المكان المناسب , وفي هذا الموقف نجد شخصا عنده اعتزاز بنفسه وكرامة وهذه صفات لا توجد الا بالشاعر المبدع الذي يعتز بتجربته الشعرية.
كما قال مشرف ملف الشعر بمجلة المختلف الحميدي المريبيط: آخر لقاء كان بيني وبين الشاعر صياف الحربي رحمه الله منذ ثلاث سنوات وآخر مقابلة في المجلة كانت منذ سنتين , وصياف كان يتميز بأخلاقه وتعامله وطيبته مع جمهوره فقد كان شخصية نادرة ومحبوبة.
ونحن بدورنا نشكر جريدة اليوم متمثلة في صفحة ( في وهجير) على هذا الوفاء الغير مستغرب
من اصحابه ونخص بالشكر مشرف الصفحة الزميل سالم صليم وزميلنا الصحافي عضو بساتين الحرف عبدالله شبنان على مايقدمونه من خدمة جليلة تجاه موروثنا العريق واعلامه
هنا رابط الموضوع http://www.alyaum.com/issue/page.php?IN=12341&P=23
منقول
ميادين المحاورة تودع فارسها صيّاف الحربي
http://www.alyaum.com/images/12/12341/476915_1.jpg
فجعت الساحة الشعبية وساحة شعر المحاورة تحديدا مطلع الأسبوع الماضي بوفاة الشاعر الكبير صياف بن عواد الحربي الذي انتقل الى رحمة الله صباح يوم الأحد الفائت بعد معاناة طويلة مع المرض بدأت بإصابته بفشل كلوي قبل ثمانية أعوام قام على إثرها بعملية زراعة للكلى في باكستان لم يكتب لها النجاح طويلا إضافة الى معاناته قبل ذلك مع مرض السكر , وقد صلي عليه بالمدينة المنورة ودفن بها عصر يوم الأحد بحضور جمع كبير من أبناء قبيلة حرب ومحبي الفقيد الذين حضروا لأداء الصلاة عليه من مختلف مناطق المملكة .
امضى صياف أكثر من أربعين عاماً في ميادين شعر المحاورة قارع فيها كبار الشعراء وعرف على مستوى واسع بقوة شعره وصلابته أمام خصومه وقدرته الفائقة على حبك المعاني وصياغة الأبيات بجزالة وإحكام , وجاء في سيرته الذاتية التي أوردها مؤلف ديوان صياف حمود القصيري الحربي الصادر عام 1420 أنه عاش في كنف والده ورعايته الخاصة ، حيث توفيت والدته وهو طفل صغير , وكان أبوه صاحب إبل وأغنام يتنقل بها في مراتع البادية ثم يعود أحياناً لمزرعته التي تقع في وادي النقيع ليحصد محاصيلها ويبيعها في أسواق المدينة ، حيث كانت هذه المزرعة تسقى بطريقة «البعل» أي على مياه الأمطار. وقد كان صياف يرافق والده في هذه الرحلات. ويجلس معه في مجالس القرية، ويحضر معه محافل الشعراء وتسامرهم في المناسبات الاجتماعية ، حيث كان والده يعشق الشعر ويحفظه ، لكنه لا يقرضه , وقد أثرت تلك المسامرات ومخالطة الشعراء في نفس الطفل الصغير صياف فأخذ يصغي لها ويحفظ أبياتاً يرددها مع والده بعد نهاية الحفل، ويحاول تقليد شخصيات الشعراء والقائهم للقصايد ، فكان يعجب السامعين ويطربهم ، لكنه الاعجاب المغلف بالشفقة والعطف على هذا الطفل اليتيم , فيطلبون منه ترديد بعض القصائد ويشجعونه ويصفقون له.
وعن شعره أورد القصيري أن صياف قال عن نفسه : (أحسست بالشعر قبل أن أتلفظ به حينما كنت صغيراً ، فتقليد الشعراء وحفظ أشعارهم مهـَّد لدي طريق صنع البيت ، أما المعنى فكان صعب المنال في البداية ، وقد كنت أمارس هذه الهواية بين أقراني في المساء عندما نتسامر(. وبدأ صياف اثبات ذاته الشعرية حينما امتحنه شاعـر كبير من اقربائه يدعى «مهـَيـْل بن سهو السحيمي» كان من أشهر شعراء القبيلة آنذاك ، سمع بخبر شاعرية صياف فأراد تأكيدها فوّجه إليه بيتاً على طرق المحاورة في مجلس والد صياف الذي لم يعرف أن ولده يقول الشعر، وقد كان الحاضرون من كبار السن من جماعته ، لكن صيافاً قد أحس بالحرج خصوصاً وهو صغير بين كبار ينتظرون منه رداً بحجم عقلية وخبرة شاعرهم «مهـَيـْل».
يقول صياف: (سكت خجلاً لكن الرد قد حضر مبكراً وقد انتظرت الفرصة وعندما خفـَت ضوء النار في المجلس الذي كان هو مصدر الإضاءة حينذاك فقلت للشاعر: اسمع الرد. وبعدما انتهيت نظر لوالدي بإعجاب وقال إن ابنك صياف سوف يكون شاعراً مقتدراً)
وذكر القصيري أن صياف بدأ تجربته الشعرية وبخاصة شعر المحاورة من 1382هـ ، حيث كان يحضر الحفلات التي تقام في المدينة المنورة وفي 1384هـ التحق بقطاع الحرس الوطني بالرياض، وقد أتيحت له الفرصة للإختلاط بشعراء المحاورة أمثال المعـَنـَّى البقمي الذي كان مشهوراً في المنطقة وغيره من الشعراء.
وبعد ذلك انتقل إلى منطقة نجران، وهناك تعرّف على بعض الشعراء مثل الشاعر فيصل العتيبي , وإلى جانب ذلك تعرف على شعراء المنطقة الجنوبية ليضيف لثقافته الشعرية ألواناً من الفنون الجنوبية الصعبة التي أفادته كثيراً.
بعد ذلك انتقل إلى مدينة جدة في عام 1389هـ، واستقر بها ليحل شاعراً جديداً على حلبات المحاورة في منطقة الحجاز التي تعد مهد هذا الفن وتعج مدنها وقراها بمقارعات الشعراء ومنتدياتهم أمثال : عبدالله المسعودي، ومحمد الجبرتي، ومحمد بن تويم، ومطلق الثبيتـي رحمهم الله، ومعيض العجي ومستور العصيمي وغيرهم، وقد لمع نجمه بينهم ليحتل مكانته الكبيرة بشهادتهم فأصبح يشار إليه بالبنان.
لكنه عرف على مستوى المملكة والخليج منذ عام 1397هـ بعد اشتراكه في حفل التراث الذي أقامته جامعة الرياض «الملك سعود حالياً» مع مجموعة من شعراء المحاورة ، منهم أحمد الناصر وخلف بن هذال ومستور العصيمي ومطلق الثبيتـي رحمه الله وعبدالله المسعودي رحمه الله وجار الله السواط ومحمد بن تويم رحمه الله ومحمد الجبرتي رحمه الله , وقد برز صياف الحربي في هذا الحفل بروزاً مشهوداً عـَرّفه بالجمهور بشكل جيد ومال الشعراء الكبار للعب معه.
امتاز شعر صياف – والكلام هنا لمؤلف ديوانه حمود القصيري الحربي - بسلاسة العبارة المقترنة بقوة المعنى ، ومشهود له بحسن الرد ، فلم يضعف رده أبداً منذ بدايته حتى آخر محاورة له ، ولا يتأثر بشخصية خصمه بل عرف عنه أنه يقوى إذا وقف أمامه شاعر كبير , وقد استفاد من متابعة الشعر والشعراء وحبه الاطلاع على ما يقع بين يديه من كتب مما انعكس على شخصيته فعرف عنه قوة الألفاظ ورصانة العبارة ، كلماته منتقاة وهو ذكي لماح وصاحب خاطر جريء ، ولا يتميز صياف بموهبته الشعرية فقط ، لكنه يتميز بدماثة أخلاقه وهدوئه الملحوظ أثناء المحاورة ، فلا ينفعل بسرعة ولا يميل إلى المهاترات ، فأصالة الأدب تكمن في روحه ولا يحب اللغو في القول, وهذه الصفات والمزايا لا تتوافر إلاّ في الشاعر الذي يثق في موهبته ويحترم نفسه ويحترم الآخرين. مما جعله يحظى بعلاقات طيبة مع زملائه الشعراء ومزيد من الاعجاب والتقدير من الجميع.
وعن آراء كبار شعراء المحاورة في الفقيد قال الشاعر مطلق الثبيتي رحمه الله :
( صياف الحربي شاعر كبير ارتاح للعب معه فهو أستاذ وماهر في شعر المحاورة ويتميز بالذكاء والفطنة وسرعة البديهه , إذا ضاق عليه المعنى لا يخرج من الملعبة بل يستمر إلى أن يجد مخرجأ , فهو يجاري الشاعر الخصم مهما بلغت قوته ومن الصعب إحراجه من أي شي شاعر , فهو شاعر كبير بما تعنية هذه الكلمة ).
أما مستور العصيمي فقال : ( أنا عرفت الشاعر صياف الحربي منذ وقت طويل وحاورته كثيرأ وهو شاعر ذكي جدا ومتمكن ومتطور حتى وصل إلى القمة , وشاعر خلوق لا يحب الاخطاء ولا يرضاها على نفسه , ولا يخرج عن معنى الشاعر الخصم إلا عندما يخرج الشاعر المقابل عن حدود الأدب والاخلاق أو المعنى المفيد , وقد خدم صياف شعر المحاورة خدمة جليلة , فهو تلميذ لأساتذة كبار تعلم منهم اصول هذا الشعر وأساسياته , فأخذ منهجهم حتى أصبح رمزاً من رموز شعر المحاورة )
كما قال الشاعر رشيد بن زيد الزلامي : (صياف بن عواد الحربي سطع نجمأ بين عدة نجوم من شعراء الرد واستمر يعلو ويبرز حتى اعتلى قمة شعر الرد , حلو اللفظ وسهل العبارات قوي المعنى سريع الفطنة والإدراك واقعي في المحاورة
محبوب لدى الشعراء والجمهور متجدد وعطاؤه لا حدود له , وأسهم إسهاماً عظيماً في تنشيط حركة شعر المحاورة , وأتمنى أن يستفيد منه الشعراء الشباب فهو معلم واستاذ وقدير وله منهج مرغوب لا يحب خلق المشكلات مع خصمه , فهو نموذج يحتذى في هذا المجال من الشعر الشعبي )
وعنه قال الشاعر فيصل الرياحي : ( يعتبر صياف الحربي من أعلام شعر الرد في الخليج العربي بل أبرزهم في الوقت الحاضر يمتاز بهدوء ورزانة وتروي وفطنة قلما تجدها في غيره , أقول أنه لن يتكرر وحسب اعتقادي فإن تاريخ شعر المحاورة لن يلد شاعرأ بمستوى صياف الحربي فهو مدرسة خرجت الكثير من شعراء المحاورة البارزين اليوم على الساحة , وأنا منهم ولا زلنا كل يوم نستفيد من هذا الشاعر اسلوباً جديداً ومنهجاً يحتذى به , وليت متعلمي هذا الشعر يدرسون شخصيته ويمثلون منهجه كي يصلوا لما يتمنون )
وبعد رحيل الشاعر صياف الحربي قال الشاعر فلاح القرقاح :
http://www.alyaum.com/images/12/12341/476915_3.jpg
آخر لقاء جمعني بالشاعر صياف الحربي رحمه الله كان في احتفالات المغترة بالمنطقه الجنوبية , وبصراحه فبداياتي كانت مع صياف وانطلاقتي الحقيقية معه , وله فضل كبير علي حيث أنه أول من أشاد بي أمام الجمهور ورحيله خسارة كبيرة ونحن حزينون على فراقه.
http://www.alyaum.com/images/12/12341/476915_2.jpg
وقال مشرف الشعر الشعبي بجريدة المدينة عبدالله الفارسي:
رحم الله صياف رحمة وواسعة وأسكنه فسيح جناته , آخر لقاء لي معه كان قبل ثلاث سنوات ومن المواقف التي اتذكرها له هو اعتزازه بنفسه حيث أنه أول ما تعرض للأزمة الصحية ذهبت لزيارته في منزله وعرضت عليه أن نكتب عنه موضوعاً لكي تتبرع له الشخصيات المحبة له ورفض صياف ذلك , وقال إن عنده القدرة على أن يعالج نفسه عندما يجد المكان المناسب , وفي هذا الموقف نجد شخصا عنده اعتزاز بنفسه وكرامة وهذه صفات لا توجد الا بالشاعر المبدع الذي يعتز بتجربته الشعرية.
كما قال مشرف ملف الشعر بمجلة المختلف الحميدي المريبيط: آخر لقاء كان بيني وبين الشاعر صياف الحربي رحمه الله منذ ثلاث سنوات وآخر مقابلة في المجلة كانت منذ سنتين , وصياف كان يتميز بأخلاقه وتعامله وطيبته مع جمهوره فقد كان شخصية نادرة ومحبوبة.
ونحن بدورنا نشكر جريدة اليوم متمثلة في صفحة ( في وهجير) على هذا الوفاء الغير مستغرب
من اصحابه ونخص بالشكر مشرف الصفحة الزميل سالم صليم وزميلنا الصحافي عضو بساتين الحرف عبدالله شبنان على مايقدمونه من خدمة جليلة تجاه موروثنا العريق واعلامه
هنا رابط الموضوع http://www.alyaum.com/issue/page.php?IN=12341&P=23
منقول