فهد الخدلي الفدعاني
23/12/06, (01:47 AM)
بسم الله الرحمن الرحيم
عندما نتذكر الشاعر الكبير والفارس المعروف نمر بن عدوان، شاعر الحب والوفاء، نتذكر أحاديث الآباء والأجداد وهم يرددون أبياته المشهورة ويعدون مناقبه الطيبة في الحب والوفاء والفروسية، وهو جزء من ذاكرتنا الشعبية ورافداً من تاريخنا البدوي الأصيل، وقصائده لازالت تحفظ بالذاكرة ويتداولون الناس شعره ويحفظونه، وهو ظاهرة أدبية شعبية مهمة، ولقصائده خصوصية ثقافية متفردة في قصائد الغزل والرثاء والوجدانيات، ونمر بن عدوان نال إعجاب الكثيرين من متذوقي الشعر والباحثين في الأدب الشعبي في أوساط العواصم العربية، حيث كتب عنه الكثير من الباحثين والدراسين للأدب الشعبي حيث كتب عنه المستشرق الألماني (ويتزستين) وترجمت قصائده إلى الألمانية، وكذلك كتب عنه مستشرق أمريكي وترجم مختارات من شعره ونشرها في مجلة ألمانية، ويعد الشاعر نمر بن عدوان من أوائل من قرض الأدب الشعبي وكان له فضل في تطوير وإنتشار القصيدة البدوية في المنطقة العربية، حيث كان يتجول في بعض الدول العربية منها الجزيرة العربية والعراق والأردن والشام وفلسطين ومصر..........
وأسمه الكامل هو (نمر قبلان نمر حمدان عدوان فايز ) وقد ولد في منطقة ياجوز غربي الأردن في عام 1735م وتوفى في تاريخ 182
3م ودفن في منطقة (ياجوز) حسب ماذكر المؤلف روكس العزيزي من الأردن، ويعد نمر بن عدوان هو أول من تعلم القراءة والكتابة من بادية الأردن، على يد سيدة فرنسية أعجبت بذكائة وفطنتة وهو طفل، وواصل تعليمة في القدس والأزهر، ويذكر أنه اول من أقتنى بندقية متطورة في ذلك الوقت، وقد جاءته البندقية هدية من السائحة الفرنسية التي أهتمت بتعليمه، وقد تزوج عدة نساء بعد رحيل (وضحى) هن: ( صيته، وطفا، الجازية) ووطفا أخت وضحى، وصيتة كان يناديها (رهيفة) ولم يجمع نمر زوجتين في آن واحد، وقد عاشت (وضحى) معه عشرين عاما وانجبت منه أبنتين توفيا قبل مجيء عقاب،وسلطان وسارة، ووضحى هي بنت فلاح القضاة من عشيرة السبيلة من بني ضخر، ورزق نمر بن عدوان بعشرة أولاد هم: ( سلطان، مسلط، عقاب، فاضل، شبيب، قندي، فارس، عبدالعزيز، باكير، سليمان) وقد توفى عدد منهم قبل وفاته، ويعد الشاعر المعروف نمر بن عدوان فارس عين وفارس ذراع، أي أنه يجيد الفروسية والدقة والأصابة بإستخدام البندقية بشكل دقيق بدون خوف أووجل، ويحمل بداخل نفسه خصائل الرجولة والكرم والفروسية، وكان شعره شاهدا حيا على أفعاله، وكان شعره مؤثراً ويحمل في طياتة كثيراً من القصص الحقيقية.....
وقصائده كان لها الأثر الطيب في تطوير وانتشار القصيدة البدوية والانتباه لها في ذلك الوقت، حيث اسس مدرسة شعرية خاصة به، وهو شاعر كبير وفارس عنيد ولايرضى بانصاف الحلول، لأنه اصلا شيخ قبيلة ونزاع نحو الطموح لتبوأ المراكز الأولى سواء بقيادة القبيلة أو طلب العلا على المستوى الأدبي أو الاجتماعي.
وحياة نمر ذاخرة بالقصص والروايات واستطاع أن يوثقها بقصائده الخالدة بالذاكرة، لأنها حياة إستثنائية عاشها الشاعر وأضاءت لنا ماهية ابداعاته، وتوضح لنا الكيفية التي شكل فيها عالمه الخاص، عبر القصائد النبطية الصادقة، وقد لفت إنتباه الناس منذ صباه وأصبحت قصائده أمثالا حية وشائعة مثل( هذا بلى أبوك ياعقاب) أو كما يقولون (وضحه وابن عجلان) أو ليس كل (وضحى وضحى)..
وقد قال ذات مرة متحديا خصمه وابن خاله(مطلق السلمان) :
يامطلق السلمان يابيرق الكون=يلي يمينك مثل شط الفراتي
الله يجيبك من بعيد إليا دون=والله يحطك بالنظر من تلاتي
جمعت لك ثلاث مالون مع لون=لما لقيت اللي لضميرك تواتي
حارم عليٌا شرب بنٍ وغليون=يعاد ماعبت ضميرك هواتي
أنا اخو شيخة وأن هبا كل مجنون=اللي ضمنة بالنظر قيل ماتي
وهذا دليل قاطع على فروسيته وفراسته وتمكينه من قدرتة على الإصابة بالرماية بدقة بدون خوف أو تردد، ورغم حقده على خصمه ويود الخلاص منه ،إلا أنه يمتدح فيه كرمه وخصائله وهذه كرم الرجال وسجاياهم الأصيلة، ومطلق السلمان فارس من فرسان الخرشان، والذي هو بدوره ذات مرة أرسل قصيدة إلى نمر بن عدوان بقوله:
ياطروش ياللي صوب غربا تمدون=ياموافقين الرشد خذم وصاتي
على نمر أبن عدوان لزومٍ تمرون=ريف المقادي أو حامي التالياتي
وكذلك يرد عليه نمر قائلا:
ياطروش ياللي صوب شرقا تمدون=ياموافقين الرشد خذم وصاتي
على مطلق السلمان لزوم تمرون=عقب الغدا أيهلي بكم للمباتي
يرسل على حايل من الخور جابون=قطع عصبها أبماضي المرهفاتي
ريف المقاضي على مايعدون=اللي يمينه لون نهر الفراتي
وقد ذكر الرواة أن ابناء نمر بن عدوان الستة ماتوا إلا انه لم يرثيهم مثلما رثى (وضحى) ويقول البعض ولقد وافاهم الأجل وهم صغاراً، ولم يبك على فراقهم كما بكى عند قبر (وضحى) وهو يقول
يعقاب والله لايميني حواوين=مايفهمون أبدين محيي المماتي
صبري زرعته في( زبارات نمرين)=أضحيت مثل أجويف أجرجر عباتي
ويذكر أبن عدوان بقول الشاعر الأموي (جرير) حين رثى زوجته:
لولا الحيا لهاجني أستعبار=ولزرت قبرك والحبيبُ يزارُ
وقد ضرب شاعرنا مثالا في الوفاء والحب على عكس مايتردد أن البدوي قلبه قاس ولايلين، ولايتعاطف مع المرأة ويعتبرها مكملا من محتويات منزله، وربما يذهب البعض بعيدا ويقول أن البدوي (ناقته) اغلى من أمرأته، أو (فرسه) اغلى من زوجته أو أبنته، فقد قال نمر بن عدوان:
ماسقت بها غير خمسة وثمانين=بهن أبكار وبعض يدرج ولدها
أن جيتها زعلان قامت ترضين=مثل الشفوق اللي تلهي ولدها
مالاعب السامر بين الفريقين=أولاقط أبا العملات كبر جهدها
ولاناطقت غطريف بمنطق اللين=ولاوسوس الشيطان داخل جسدها
وإذا حلفت ياحاج بوائق الدين=ماتحلف إلا بحياتي سندها
من لامني يبلى أبجن الفراعين=يبلى بحاكمٍ ظالم في بلدها
يبقى كصيم الأيادي بلا يدين=وأخرس وأطرم مايسمع نددها
وهذه قصيدة نمر بن عدوان وتعد من أشهر قصائده وأكثرها انتشار
سار القلم ياعقاب بالحبر سارا=بزفزف القرطاس يا مهجتي سار
في غرام القلب كم شب نارا=لانارة النمرود يشبه لها نار
ياعقاب من وجدي أعيوني سهارا=تقل ذرور الشب بهن أو جنزار
على وليف راح عني توارا=خلان بالدنيا شقيا أو محتار
عليه لشق الثوب وأخور أخوارا=وأحن كني حيد ضاوي على الدار
والله لاهي كذب أولاهي أقمارا=ولازعم أني للتماثيل سطار
وهذه الأبيات التالية تثبت أن الشاعر نمر بن عدوان كان متعلماً كما هو يقول:
سر القلم بزفزف الخط سطرين=ياعقاب دن لي دواة أو زرف ساع
هات الطلاحي والقناني بحبر زين=حتى نخط على الورق كم مصراع
لأمر موالنا على الراس والعين=الواحد اللي عالم بالأوجاع
لمن اشكي وجع القلب لامين=انا شايف بوجهي الدنيا كبر باع
الله يزيح الهم والقهر والبين=ضيق مزاجي كل حين أو كل ساع
ياعقاب لوجاني بنات تبارين=لوحفلوهن بالحلي واقبلن طاع
ماننتقي يابوي غير أكحل العين=(وضحى) وحدها مهجة القلب مطواع
للكاتب: علي القحيص
عندما نتذكر الشاعر الكبير والفارس المعروف نمر بن عدوان، شاعر الحب والوفاء، نتذكر أحاديث الآباء والأجداد وهم يرددون أبياته المشهورة ويعدون مناقبه الطيبة في الحب والوفاء والفروسية، وهو جزء من ذاكرتنا الشعبية ورافداً من تاريخنا البدوي الأصيل، وقصائده لازالت تحفظ بالذاكرة ويتداولون الناس شعره ويحفظونه، وهو ظاهرة أدبية شعبية مهمة، ولقصائده خصوصية ثقافية متفردة في قصائد الغزل والرثاء والوجدانيات، ونمر بن عدوان نال إعجاب الكثيرين من متذوقي الشعر والباحثين في الأدب الشعبي في أوساط العواصم العربية، حيث كتب عنه الكثير من الباحثين والدراسين للأدب الشعبي حيث كتب عنه المستشرق الألماني (ويتزستين) وترجمت قصائده إلى الألمانية، وكذلك كتب عنه مستشرق أمريكي وترجم مختارات من شعره ونشرها في مجلة ألمانية، ويعد الشاعر نمر بن عدوان من أوائل من قرض الأدب الشعبي وكان له فضل في تطوير وإنتشار القصيدة البدوية في المنطقة العربية، حيث كان يتجول في بعض الدول العربية منها الجزيرة العربية والعراق والأردن والشام وفلسطين ومصر..........
وأسمه الكامل هو (نمر قبلان نمر حمدان عدوان فايز ) وقد ولد في منطقة ياجوز غربي الأردن في عام 1735م وتوفى في تاريخ 182
3م ودفن في منطقة (ياجوز) حسب ماذكر المؤلف روكس العزيزي من الأردن، ويعد نمر بن عدوان هو أول من تعلم القراءة والكتابة من بادية الأردن، على يد سيدة فرنسية أعجبت بذكائة وفطنتة وهو طفل، وواصل تعليمة في القدس والأزهر، ويذكر أنه اول من أقتنى بندقية متطورة في ذلك الوقت، وقد جاءته البندقية هدية من السائحة الفرنسية التي أهتمت بتعليمه، وقد تزوج عدة نساء بعد رحيل (وضحى) هن: ( صيته، وطفا، الجازية) ووطفا أخت وضحى، وصيتة كان يناديها (رهيفة) ولم يجمع نمر زوجتين في آن واحد، وقد عاشت (وضحى) معه عشرين عاما وانجبت منه أبنتين توفيا قبل مجيء عقاب،وسلطان وسارة، ووضحى هي بنت فلاح القضاة من عشيرة السبيلة من بني ضخر، ورزق نمر بن عدوان بعشرة أولاد هم: ( سلطان، مسلط، عقاب، فاضل، شبيب، قندي، فارس، عبدالعزيز، باكير، سليمان) وقد توفى عدد منهم قبل وفاته، ويعد الشاعر المعروف نمر بن عدوان فارس عين وفارس ذراع، أي أنه يجيد الفروسية والدقة والأصابة بإستخدام البندقية بشكل دقيق بدون خوف أووجل، ويحمل بداخل نفسه خصائل الرجولة والكرم والفروسية، وكان شعره شاهدا حيا على أفعاله، وكان شعره مؤثراً ويحمل في طياتة كثيراً من القصص الحقيقية.....
وقصائده كان لها الأثر الطيب في تطوير وانتشار القصيدة البدوية والانتباه لها في ذلك الوقت، حيث اسس مدرسة شعرية خاصة به، وهو شاعر كبير وفارس عنيد ولايرضى بانصاف الحلول، لأنه اصلا شيخ قبيلة ونزاع نحو الطموح لتبوأ المراكز الأولى سواء بقيادة القبيلة أو طلب العلا على المستوى الأدبي أو الاجتماعي.
وحياة نمر ذاخرة بالقصص والروايات واستطاع أن يوثقها بقصائده الخالدة بالذاكرة، لأنها حياة إستثنائية عاشها الشاعر وأضاءت لنا ماهية ابداعاته، وتوضح لنا الكيفية التي شكل فيها عالمه الخاص، عبر القصائد النبطية الصادقة، وقد لفت إنتباه الناس منذ صباه وأصبحت قصائده أمثالا حية وشائعة مثل( هذا بلى أبوك ياعقاب) أو كما يقولون (وضحه وابن عجلان) أو ليس كل (وضحى وضحى)..
وقد قال ذات مرة متحديا خصمه وابن خاله(مطلق السلمان) :
يامطلق السلمان يابيرق الكون=يلي يمينك مثل شط الفراتي
الله يجيبك من بعيد إليا دون=والله يحطك بالنظر من تلاتي
جمعت لك ثلاث مالون مع لون=لما لقيت اللي لضميرك تواتي
حارم عليٌا شرب بنٍ وغليون=يعاد ماعبت ضميرك هواتي
أنا اخو شيخة وأن هبا كل مجنون=اللي ضمنة بالنظر قيل ماتي
وهذا دليل قاطع على فروسيته وفراسته وتمكينه من قدرتة على الإصابة بالرماية بدقة بدون خوف أو تردد، ورغم حقده على خصمه ويود الخلاص منه ،إلا أنه يمتدح فيه كرمه وخصائله وهذه كرم الرجال وسجاياهم الأصيلة، ومطلق السلمان فارس من فرسان الخرشان، والذي هو بدوره ذات مرة أرسل قصيدة إلى نمر بن عدوان بقوله:
ياطروش ياللي صوب غربا تمدون=ياموافقين الرشد خذم وصاتي
على نمر أبن عدوان لزومٍ تمرون=ريف المقادي أو حامي التالياتي
وكذلك يرد عليه نمر قائلا:
ياطروش ياللي صوب شرقا تمدون=ياموافقين الرشد خذم وصاتي
على مطلق السلمان لزوم تمرون=عقب الغدا أيهلي بكم للمباتي
يرسل على حايل من الخور جابون=قطع عصبها أبماضي المرهفاتي
ريف المقاضي على مايعدون=اللي يمينه لون نهر الفراتي
وقد ذكر الرواة أن ابناء نمر بن عدوان الستة ماتوا إلا انه لم يرثيهم مثلما رثى (وضحى) ويقول البعض ولقد وافاهم الأجل وهم صغاراً، ولم يبك على فراقهم كما بكى عند قبر (وضحى) وهو يقول
يعقاب والله لايميني حواوين=مايفهمون أبدين محيي المماتي
صبري زرعته في( زبارات نمرين)=أضحيت مثل أجويف أجرجر عباتي
ويذكر أبن عدوان بقول الشاعر الأموي (جرير) حين رثى زوجته:
لولا الحيا لهاجني أستعبار=ولزرت قبرك والحبيبُ يزارُ
وقد ضرب شاعرنا مثالا في الوفاء والحب على عكس مايتردد أن البدوي قلبه قاس ولايلين، ولايتعاطف مع المرأة ويعتبرها مكملا من محتويات منزله، وربما يذهب البعض بعيدا ويقول أن البدوي (ناقته) اغلى من أمرأته، أو (فرسه) اغلى من زوجته أو أبنته، فقد قال نمر بن عدوان:
ماسقت بها غير خمسة وثمانين=بهن أبكار وبعض يدرج ولدها
أن جيتها زعلان قامت ترضين=مثل الشفوق اللي تلهي ولدها
مالاعب السامر بين الفريقين=أولاقط أبا العملات كبر جهدها
ولاناطقت غطريف بمنطق اللين=ولاوسوس الشيطان داخل جسدها
وإذا حلفت ياحاج بوائق الدين=ماتحلف إلا بحياتي سندها
من لامني يبلى أبجن الفراعين=يبلى بحاكمٍ ظالم في بلدها
يبقى كصيم الأيادي بلا يدين=وأخرس وأطرم مايسمع نددها
وهذه قصيدة نمر بن عدوان وتعد من أشهر قصائده وأكثرها انتشار
سار القلم ياعقاب بالحبر سارا=بزفزف القرطاس يا مهجتي سار
في غرام القلب كم شب نارا=لانارة النمرود يشبه لها نار
ياعقاب من وجدي أعيوني سهارا=تقل ذرور الشب بهن أو جنزار
على وليف راح عني توارا=خلان بالدنيا شقيا أو محتار
عليه لشق الثوب وأخور أخوارا=وأحن كني حيد ضاوي على الدار
والله لاهي كذب أولاهي أقمارا=ولازعم أني للتماثيل سطار
وهذه الأبيات التالية تثبت أن الشاعر نمر بن عدوان كان متعلماً كما هو يقول:
سر القلم بزفزف الخط سطرين=ياعقاب دن لي دواة أو زرف ساع
هات الطلاحي والقناني بحبر زين=حتى نخط على الورق كم مصراع
لأمر موالنا على الراس والعين=الواحد اللي عالم بالأوجاع
لمن اشكي وجع القلب لامين=انا شايف بوجهي الدنيا كبر باع
الله يزيح الهم والقهر والبين=ضيق مزاجي كل حين أو كل ساع
ياعقاب لوجاني بنات تبارين=لوحفلوهن بالحلي واقبلن طاع
ماننتقي يابوي غير أكحل العين=(وضحى) وحدها مهجة القلب مطواع
للكاتب: علي القحيص