بدرفهد الجعفري
24/09/08, (03:56 AM)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من المعروف ان لكل حرب غنائم يظفر بها المنتصر عادة والغنائم تعرف بأنها ما يؤخذ من العدو عن طريق القتال؛ وقد نظم الدين الاسلامي تقسيمها وفرق بينها وبين الفيء وجعل اربعة اخماس الغنيمة توزع على المقاتلين والخمس لولي أمر المسلمين ليصرفه في مصارفه الشرعية المحددة؛ ولكن القتال في الصحراء لم يبن على مبدأ اسلامي تكون فيه كلمة الله هي العليا ولعل اهم اهداف الغزو في الصحراء هو الكسب والغنائم ذاتها يقول الدكتور محمد زهير المشارقة: "لقد كان الباعث الاساسي على الغزو عند العرب في الجاهلية وما تلاها من عصور هو حب الكسب والحصول على الغنائم التي هي قوام عيشهم او الثأر والانتقام"
ففي كثير من الحروب يكون الحصول على الغنائم نتيجة من نتائج المعارك وليس هدفا في حد ذاته ولكن في غالب معارك الصحراء تكون الغنائم هي سبب المعركة التي تتم المخاطرة لاجلها ودافعها الحاجة ورد غائلة الجوع من جهة والطمع وحب الكسب من جهة اخرى كما قالت الشاعرة:
ياما ازينه يقدم جموع الطماميع=من فوق قبا كنهـا أم الغـزال
وتقول الاخرى موجهة كلامها للاسرى من الاعداء بعد احدى المعارك:
ماذمكم ظفران وعيال ظفـران = طماعة لاشك جاكم طماميع
ولاجل تلك الغنائم تجد كثيرا منهم اذا عزموا على الغزو يحرصون على مرافقة العقيد الموفق المحظوظ تفاؤلا به حتى وان كان اصغر منهم سنا او اقل منهم مكانة.
ولتقسيم الغنائم عند ابناء الصحراء قواعد وتنظيمات خاصة يقف على قمة هرمها القائد شيخا كان او عقيدا فله من الامتيازات ما ليس لغيره ولذلك يحظى بنصيب الاسد دائما بل ان له صلاحيات واسعة في تقسيم الغنيمة؛ وهذا ليس بالامر الجيد، فقد كانت العرب قديما تطلق يد القائد في الغنائم حتى ترضيه قال الشاعر:
لك المرباع منها والصفايا = وحكمك والنشيطة والفضول
المرباع: ربع الغنيمة، والصفايا: وهي ما يستصفيه لنفسه منها، والحكم: وهو ما يقرر السيد انه له، النشيطة: وهي مالا يقبل القسمة من الغنيمة، الفضول: وهي ما يبقى بعد قسمة الغنيمة على المحاربين
أقسام الغنائم وانواعها:والغنائم في حروب الصحراء تنقسم الى ثلاثة اقسام رئيسية:
1- الابل وهي اساس الغزو والمكسب الاهم ولها يكون العزل وفيها ابيض الدفة والعايدة والخزيزة وغيرها؛ ورغم ذلك فهناك فرق في نوع الغنيمة بين الابل ذاتها من ناحية السن والشكل واللون تقول الجدعية في رثاء زوجها:
مـا احـلاه قـدام المناسـر يفـد = ضار بشلعتهن وسهيل مـا طـاح
والحق والمفـرود مـا لـه يلـد = ولا يشلع الا كل شحا ومضياح
2- الخيل التي تؤخذ في ساحة المعركة وفيها القلاعة والمارج وهي كالإبل ليست سواسية فلا بد من المفاضلة في الخيل ايضا يقول الشيخ عقاب العواجي:
وقلايعي من نقوة الخيل عشرين = قـب ولا فيهـن ثبـار ودنـا
3- السلاح او سلب القتلى من الخصم من رمح وسيف وبندقية وغيرها.
وهناك غنائم اخرى قد يتم الاستيلاء عليها في بعض الاحيان مثل، العطفة، بيت الشعر، الغنم وغيرها من الحاجيات يقول احدها في مقارنة بين نوعية الغنائم:
حنا نقايصنا هـروس وشنـي = ولا عندنا في باقي القش لومال
خذنا عوضها كل قبـا تعنـي = وعاداتنا نخلي ظهر كل مشوال
في حين ان بعضهم يأنف عن بعض الكسب كما يقول الشيخ ساجر الرفدي:
ماني معودها لكسب الشـواوي
ولا رددت فرق البقر بالزوية
وقد كان بيت القصيدة هذا سببا في اعادة اغنام كسبها ساجر في إحدى غاراته الى اهلها؛ مما يؤكد الالتزام الادبي لابناء الصحراء.
كيفية توزيع الغنائم:
بعد توضيح انواع الغنائم لابد لنا ان نتساءل ما هي كيفية توزيع الغنائم؟ ومن الذي يقسمها؟ للاجابة على هذا السؤال فسنرجع الى ما نقله ابن عقيل عن العزاوي في نصه عن السلم والحرب (ديوان الشعر العامي 97/3-115) حيث قال: "وفي المثل البدوي (من طول الغيبات جاب الغنايم) فإذا تم الحرب او الغزو بالربح والغنيمة فكيف تقسم الغنائم وتوزع بين الغانمين؟
يكون هذا تابعاً لما اتفق عليه القوم او جروا عليه والرئيس او العقيد اذا كان شجاعا وبصيرا بأمر الحروب اخذ المرباع المعروف قديما او حسب ما اتفق عليه مع الذين غزوا معه. وهؤلاء لا يشترط ان يكونوا من فخذ واحد او من قبيلة بل قد يتجمع اليه أناس مختلفون لا يجمع بينهم الا قرابة بعيدة او مجاورة وقرابة قريبة والكل على الغريب والبعيد الذي ليس بينهم وبينه عهد.. وهكذا.
والغنائم تابعة في قسمتها لاحكام عديدة ومختلفة تبعا للمقاولات او المعتاد في امثالها ولالك تابعون للعقيد المسمى (منوخاً) وهذا العقيد.. امره حاسم لا يقبل ترددا وهو في الوقت نفسه يشاور اصحابه الذين يجد في آرائهم فائدة فيمضي دون تردد ويقطع فيما يرون القطع فيه.
قواعد عامة لتوزيع الغنائم:
ويستخلص من نص العزاوي قواعد عامة يتم على ضوئها توزيع الغنائم:
* القاعدة الاولى: العقادة وتعني ان للعقيد امتيازات خاصة ونصيباً مفروضاً محفوظاً بحسب الاعراف المتبعة لديهم فلا ينازعه في ذلك منازع ويتفاوت نصيبه ونصيب الغانمين على ما سيجيء في القاعدتين الثانية والثالثة اللتين يتم الاتفاق على احداهما قبل الغزو وبالطبع لرأي عقيد الغزو الاولوية في هذا الشأن.
* القاعدة الثانية: الخشر: وذلك بان يتفق الغزو على ان تكون هذه الغنائم لجميع الغزاة ولقسمتها قواعد تابعة لنوع الغزو وماهي الغنائم.
قال الشاعر محمد الدسم حول ذلك :
وخلوا رديين العزوم الزواريـب = متبالشيـن بالحيـل والذهـانـه
وصارن خزايزهم كبار الدباديـب = تلقا بهم غيـر الكتايـف بطانـه
وعقب اخشروهم بالفذوذ العياديب = بالحشو والافاطر عيدبانـه
ورغم ان العزاوي لم يوضح قاعدة توزيع الخشر الا ان الدكتور زهير مشارقة قال: "وتقضي القواعد المتبعة في توزيع الغنائم ان يكون للفارس سهمان ولسواه سهم واحد اما القلايع اي اسلاب القتلى فهي لاصحابها اي للذين قتلوهم.
اقول: وجعل سهمين من الغنيمة للفارس وسهم واحد لسواه قاعدة اسلامية سارت عليها جيوش التوحيد منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.
* القاعدة الثالثة: كل مغيرة وفالها: ومن هذه يتفق الغزاة على ان تكون الغنيمة لغانمها ولا يشاركهم فيها احد الا ان نصيب المنوخ او العقيد محفوظ ومعترف به.
نصيب العقيد:
بعد بيان هذه القواعد العامة لتوزيع الغنائم لابد لنا من ايضاح نصيب العقيد الذي يتفاوت حسب نوع الغزو واتفاقه كما يلي:
* ذكر العزاوي انه في (الركب) يأخذ العقيد النصف اذا كان الكسب من (المرحول) او يكون نصيبه (المرحول) وحده اذا كانت الغنائم مختلطة.
والمرحول اي المخصص للركوب وهو ما يسمونه ابقع ظهر او اشهب ظهر وهو ابيض الدفة: وتعود هذه التسمية الى قطعة بيضاء في وبر دفة الراحلة تحت جانبي سفح السنام - وضلفتي المسامة والشداد هما المسببان لهذه النقطة البيضاء وذلك نتيجة لاحتكاك ضلفة الشداد او المسامة في سفوح السنام اثناء نقل الاحمال او الاسفار وكذلك تحدث نقطتين بيضاويتين على جانبي كليتي الراحلة وسببهما هو الحبل الذي يثبت مؤخرة الشداد على ظهر الذلول ويسمى الحقب وكل راحلة تحمل هذه الصفة لا تدخل بقسمة الغنائم بل هي حق مكتسب لمشيخة الوراثة المرافقة والقائدة للغزو
تقول شاعرة من الصقور في وصف النبيقي الزوين:
لحقك اخو وضحا وربع مواريـد = يبون شقح خططن بالدفوني
** القلاعة:
قال العزاوي: وعادة الركب في الغالب ان تكون الغنائم بينهم خشرا ولا يدخل الخشر ما استولى عليه الغازي بصورة القلاعة وهي ان يجندل محاربه ويستولي على فرسه وهذه تسمى قلاعة.
أقول: والقلاعة مصدر مفاخرة ودلالة شجاعة وفروسية فجندلت فرسان الخصم والاستيلاء على خيلهم وسلبهم ليس بالامر الهين خاصة في بيئة تشكل فيها الخيل قوة مؤثرة وسلعة غالية ولذلك نجد ارتباط التعبير عن الانتصار في المعركة غالبا بقلايع الخيل ثم الاشياء الاخرى بعد ذلك يقول الشاعر:
خذنا قلايعهم وخذنا حلالهم = واللاش كسبه فيه وظلال
ويقول الشيخ خلف الاذن:
كم سابق جتنا بالايدي قلاعة = وكم راس راح بسيوف الاولاد
ويقول الشيخ تركي بن حميد:
وكم مهرة قبا تجينا قلاعة = رمينا براكبها وفاخت حبالها
ويقول تركي:
كم ذود مصلاح على رعي الاقفار = ناخذ قلايعهن بـروس الرماحـي
وفي ساحة القتال قد لا يستطيع الفارس المتميز اصطحاب جميع القلايع معه فيلجأ الى اخذ عنان كل جواد جندل فارسه ويترك الجواد يمرح كما فعل الفارس نومان الحسيني في احدى المعارك
** قال العزاوي: ومن يتناول الغنائم قبل كل احد فيربح نصيبا وتكون له (طلاعة) وهي ناقة او ناقتان الى ثلاثة.
يقول حسن بن عضيب:
وليا لحقناهـم والخلايـق طفـح = قد طيروا منها عزا طلعاتها
وتسمى (حواية)
اقول: والمحوى له صورة ذكرها ابراهيم اليوسف: وهو ان القوم عند وصولها للابل يشهدون بعضهم على بعض على ان من ضرب ناقة بعصاه او ردها عن هواها وعن مسيرها فقد حواها اي ملكها وتكون له ولا ينكرون هذا في سلومهم يقول احدهم حينما شاهد احد الغزاة يضرب ناقته المسماة (ورده) بالعصا ليحويها لتكون من نصيبه:
ليتي على العودة نهـار الكـراره = واللي ضرب (روده) مكنته بحينـي
المـوت ملـزوم يجـرع مـراره = كان القدر ما حال بينه وبيني
يتبع...
من المعروف ان لكل حرب غنائم يظفر بها المنتصر عادة والغنائم تعرف بأنها ما يؤخذ من العدو عن طريق القتال؛ وقد نظم الدين الاسلامي تقسيمها وفرق بينها وبين الفيء وجعل اربعة اخماس الغنيمة توزع على المقاتلين والخمس لولي أمر المسلمين ليصرفه في مصارفه الشرعية المحددة؛ ولكن القتال في الصحراء لم يبن على مبدأ اسلامي تكون فيه كلمة الله هي العليا ولعل اهم اهداف الغزو في الصحراء هو الكسب والغنائم ذاتها يقول الدكتور محمد زهير المشارقة: "لقد كان الباعث الاساسي على الغزو عند العرب في الجاهلية وما تلاها من عصور هو حب الكسب والحصول على الغنائم التي هي قوام عيشهم او الثأر والانتقام"
ففي كثير من الحروب يكون الحصول على الغنائم نتيجة من نتائج المعارك وليس هدفا في حد ذاته ولكن في غالب معارك الصحراء تكون الغنائم هي سبب المعركة التي تتم المخاطرة لاجلها ودافعها الحاجة ورد غائلة الجوع من جهة والطمع وحب الكسب من جهة اخرى كما قالت الشاعرة:
ياما ازينه يقدم جموع الطماميع=من فوق قبا كنهـا أم الغـزال
وتقول الاخرى موجهة كلامها للاسرى من الاعداء بعد احدى المعارك:
ماذمكم ظفران وعيال ظفـران = طماعة لاشك جاكم طماميع
ولاجل تلك الغنائم تجد كثيرا منهم اذا عزموا على الغزو يحرصون على مرافقة العقيد الموفق المحظوظ تفاؤلا به حتى وان كان اصغر منهم سنا او اقل منهم مكانة.
ولتقسيم الغنائم عند ابناء الصحراء قواعد وتنظيمات خاصة يقف على قمة هرمها القائد شيخا كان او عقيدا فله من الامتيازات ما ليس لغيره ولذلك يحظى بنصيب الاسد دائما بل ان له صلاحيات واسعة في تقسيم الغنيمة؛ وهذا ليس بالامر الجيد، فقد كانت العرب قديما تطلق يد القائد في الغنائم حتى ترضيه قال الشاعر:
لك المرباع منها والصفايا = وحكمك والنشيطة والفضول
المرباع: ربع الغنيمة، والصفايا: وهي ما يستصفيه لنفسه منها، والحكم: وهو ما يقرر السيد انه له، النشيطة: وهي مالا يقبل القسمة من الغنيمة، الفضول: وهي ما يبقى بعد قسمة الغنيمة على المحاربين
أقسام الغنائم وانواعها:والغنائم في حروب الصحراء تنقسم الى ثلاثة اقسام رئيسية:
1- الابل وهي اساس الغزو والمكسب الاهم ولها يكون العزل وفيها ابيض الدفة والعايدة والخزيزة وغيرها؛ ورغم ذلك فهناك فرق في نوع الغنيمة بين الابل ذاتها من ناحية السن والشكل واللون تقول الجدعية في رثاء زوجها:
مـا احـلاه قـدام المناسـر يفـد = ضار بشلعتهن وسهيل مـا طـاح
والحق والمفـرود مـا لـه يلـد = ولا يشلع الا كل شحا ومضياح
2- الخيل التي تؤخذ في ساحة المعركة وفيها القلاعة والمارج وهي كالإبل ليست سواسية فلا بد من المفاضلة في الخيل ايضا يقول الشيخ عقاب العواجي:
وقلايعي من نقوة الخيل عشرين = قـب ولا فيهـن ثبـار ودنـا
3- السلاح او سلب القتلى من الخصم من رمح وسيف وبندقية وغيرها.
وهناك غنائم اخرى قد يتم الاستيلاء عليها في بعض الاحيان مثل، العطفة، بيت الشعر، الغنم وغيرها من الحاجيات يقول احدها في مقارنة بين نوعية الغنائم:
حنا نقايصنا هـروس وشنـي = ولا عندنا في باقي القش لومال
خذنا عوضها كل قبـا تعنـي = وعاداتنا نخلي ظهر كل مشوال
في حين ان بعضهم يأنف عن بعض الكسب كما يقول الشيخ ساجر الرفدي:
ماني معودها لكسب الشـواوي
ولا رددت فرق البقر بالزوية
وقد كان بيت القصيدة هذا سببا في اعادة اغنام كسبها ساجر في إحدى غاراته الى اهلها؛ مما يؤكد الالتزام الادبي لابناء الصحراء.
كيفية توزيع الغنائم:
بعد توضيح انواع الغنائم لابد لنا ان نتساءل ما هي كيفية توزيع الغنائم؟ ومن الذي يقسمها؟ للاجابة على هذا السؤال فسنرجع الى ما نقله ابن عقيل عن العزاوي في نصه عن السلم والحرب (ديوان الشعر العامي 97/3-115) حيث قال: "وفي المثل البدوي (من طول الغيبات جاب الغنايم) فإذا تم الحرب او الغزو بالربح والغنيمة فكيف تقسم الغنائم وتوزع بين الغانمين؟
يكون هذا تابعاً لما اتفق عليه القوم او جروا عليه والرئيس او العقيد اذا كان شجاعا وبصيرا بأمر الحروب اخذ المرباع المعروف قديما او حسب ما اتفق عليه مع الذين غزوا معه. وهؤلاء لا يشترط ان يكونوا من فخذ واحد او من قبيلة بل قد يتجمع اليه أناس مختلفون لا يجمع بينهم الا قرابة بعيدة او مجاورة وقرابة قريبة والكل على الغريب والبعيد الذي ليس بينهم وبينه عهد.. وهكذا.
والغنائم تابعة في قسمتها لاحكام عديدة ومختلفة تبعا للمقاولات او المعتاد في امثالها ولالك تابعون للعقيد المسمى (منوخاً) وهذا العقيد.. امره حاسم لا يقبل ترددا وهو في الوقت نفسه يشاور اصحابه الذين يجد في آرائهم فائدة فيمضي دون تردد ويقطع فيما يرون القطع فيه.
قواعد عامة لتوزيع الغنائم:
ويستخلص من نص العزاوي قواعد عامة يتم على ضوئها توزيع الغنائم:
* القاعدة الاولى: العقادة وتعني ان للعقيد امتيازات خاصة ونصيباً مفروضاً محفوظاً بحسب الاعراف المتبعة لديهم فلا ينازعه في ذلك منازع ويتفاوت نصيبه ونصيب الغانمين على ما سيجيء في القاعدتين الثانية والثالثة اللتين يتم الاتفاق على احداهما قبل الغزو وبالطبع لرأي عقيد الغزو الاولوية في هذا الشأن.
* القاعدة الثانية: الخشر: وذلك بان يتفق الغزو على ان تكون هذه الغنائم لجميع الغزاة ولقسمتها قواعد تابعة لنوع الغزو وماهي الغنائم.
قال الشاعر محمد الدسم حول ذلك :
وخلوا رديين العزوم الزواريـب = متبالشيـن بالحيـل والذهـانـه
وصارن خزايزهم كبار الدباديـب = تلقا بهم غيـر الكتايـف بطانـه
وعقب اخشروهم بالفذوذ العياديب = بالحشو والافاطر عيدبانـه
ورغم ان العزاوي لم يوضح قاعدة توزيع الخشر الا ان الدكتور زهير مشارقة قال: "وتقضي القواعد المتبعة في توزيع الغنائم ان يكون للفارس سهمان ولسواه سهم واحد اما القلايع اي اسلاب القتلى فهي لاصحابها اي للذين قتلوهم.
اقول: وجعل سهمين من الغنيمة للفارس وسهم واحد لسواه قاعدة اسلامية سارت عليها جيوش التوحيد منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.
* القاعدة الثالثة: كل مغيرة وفالها: ومن هذه يتفق الغزاة على ان تكون الغنيمة لغانمها ولا يشاركهم فيها احد الا ان نصيب المنوخ او العقيد محفوظ ومعترف به.
نصيب العقيد:
بعد بيان هذه القواعد العامة لتوزيع الغنائم لابد لنا من ايضاح نصيب العقيد الذي يتفاوت حسب نوع الغزو واتفاقه كما يلي:
* ذكر العزاوي انه في (الركب) يأخذ العقيد النصف اذا كان الكسب من (المرحول) او يكون نصيبه (المرحول) وحده اذا كانت الغنائم مختلطة.
والمرحول اي المخصص للركوب وهو ما يسمونه ابقع ظهر او اشهب ظهر وهو ابيض الدفة: وتعود هذه التسمية الى قطعة بيضاء في وبر دفة الراحلة تحت جانبي سفح السنام - وضلفتي المسامة والشداد هما المسببان لهذه النقطة البيضاء وذلك نتيجة لاحتكاك ضلفة الشداد او المسامة في سفوح السنام اثناء نقل الاحمال او الاسفار وكذلك تحدث نقطتين بيضاويتين على جانبي كليتي الراحلة وسببهما هو الحبل الذي يثبت مؤخرة الشداد على ظهر الذلول ويسمى الحقب وكل راحلة تحمل هذه الصفة لا تدخل بقسمة الغنائم بل هي حق مكتسب لمشيخة الوراثة المرافقة والقائدة للغزو
تقول شاعرة من الصقور في وصف النبيقي الزوين:
لحقك اخو وضحا وربع مواريـد = يبون شقح خططن بالدفوني
** القلاعة:
قال العزاوي: وعادة الركب في الغالب ان تكون الغنائم بينهم خشرا ولا يدخل الخشر ما استولى عليه الغازي بصورة القلاعة وهي ان يجندل محاربه ويستولي على فرسه وهذه تسمى قلاعة.
أقول: والقلاعة مصدر مفاخرة ودلالة شجاعة وفروسية فجندلت فرسان الخصم والاستيلاء على خيلهم وسلبهم ليس بالامر الهين خاصة في بيئة تشكل فيها الخيل قوة مؤثرة وسلعة غالية ولذلك نجد ارتباط التعبير عن الانتصار في المعركة غالبا بقلايع الخيل ثم الاشياء الاخرى بعد ذلك يقول الشاعر:
خذنا قلايعهم وخذنا حلالهم = واللاش كسبه فيه وظلال
ويقول الشيخ خلف الاذن:
كم سابق جتنا بالايدي قلاعة = وكم راس راح بسيوف الاولاد
ويقول الشيخ تركي بن حميد:
وكم مهرة قبا تجينا قلاعة = رمينا براكبها وفاخت حبالها
ويقول تركي:
كم ذود مصلاح على رعي الاقفار = ناخذ قلايعهن بـروس الرماحـي
وفي ساحة القتال قد لا يستطيع الفارس المتميز اصطحاب جميع القلايع معه فيلجأ الى اخذ عنان كل جواد جندل فارسه ويترك الجواد يمرح كما فعل الفارس نومان الحسيني في احدى المعارك
** قال العزاوي: ومن يتناول الغنائم قبل كل احد فيربح نصيبا وتكون له (طلاعة) وهي ناقة او ناقتان الى ثلاثة.
يقول حسن بن عضيب:
وليا لحقناهـم والخلايـق طفـح = قد طيروا منها عزا طلعاتها
وتسمى (حواية)
اقول: والمحوى له صورة ذكرها ابراهيم اليوسف: وهو ان القوم عند وصولها للابل يشهدون بعضهم على بعض على ان من ضرب ناقة بعصاه او ردها عن هواها وعن مسيرها فقد حواها اي ملكها وتكون له ولا ينكرون هذا في سلومهم يقول احدهم حينما شاهد احد الغزاة يضرب ناقته المسماة (ورده) بالعصا ليحويها لتكون من نصيبه:
ليتي على العودة نهـار الكـراره = واللي ضرب (روده) مكنته بحينـي
المـوت ملـزوم يجـرع مـراره = كان القدر ما حال بينه وبيني
يتبع...